المهندس وسليماني.. غيابٌ ابلغ من الحضور!
ان احياء ذكرى الشهيدين سليماني والمهندس، اثبتت خطأ حسابات الولايات المتحدة الاميركية ومن يتبعها ويتحالف معها، لانها تصورت انه باستهدافها لهذين الرجلين، تكون قد نجحت في ضرب محور المقاومة في الصميم وبالتالي انهائه، لكنها لم تدرك ان ما صنعه القائدان الشهيدان لم يكن ممكنا ان ينتهي ويزول حتى وان غابا هما عن المشهد واختفيا من الميدان، لان العبرة في بقاء وديمومة المنهج والمبدأ.
بغداد :عادل الجبوري
شبه كبير، وكأن المشهد يتكرر بين الحشود الجماهيرية الغفيرة التي تدفقت منذ ساعات الصباح الاولى ليوم الاحد، الثالث من شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، من مختلف محافظات ومدن ومناطق العراق، صوب ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، وبين الحشود الجماهيرية المليونية التي غصت بها العاصمة العام الماضي، وتحديدا بعد ثلاثة اسابيع من جريمة اغتيال كل من نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد ابو مهدي المهندس وضيف العراق قائد فيلق القدس الايراني الشهيد قاسم سليماني، تحت شعار (جمعة طرد المحتل)، ردا على الجريمة الاميركية البشعة.
ومثلما كانت رسائل جمعة طرد المحتل العام الماضي واضحة وقوية وبليغة ومعبرة، فأإن رسائل الحشود الجماهيرية هذا اليوم واضحة وقوية وبليغة ومعبرة هي الاخرى، ان لم تكن اوضح واقوى وابلغ.
ان احياء ذكرى الشهيدين سليماني والمهندس، اثبتت خطأ حسابات الولايات المتحدة الاميركية ومن يتبعها ويتحالف معها، لانها تصورت انه باستهدافها لهذين الرجلين، تكون قد نجحت في ضرب محور المقاومة في الصميم وبالتالي انهائه، لكنها لم تدرك ان ما صنعه القائدان الشهيدان لم يكن ممكنا ان ينتهي ويزول حتى وان غابا هما عن المشهد واختفيا من الميدان، لان العبرة في بقاء وديمومة المنهج والمبدأ، وهذه هي الرسالة الاهم في مجمل فعاليات ومظاهر احياء ذكرى الشهيدين التي اتخذت عنوانا معبرا ربط بين الشهادة والسيادة.
فالحشود الجماهيرية الغفيرة، قالت وستقول ان انهاء التواجد الاجنبي الذي كان الهدف المحوري للقادئدين الشهيدين سيبقى يمثل الاولوية مهما حاولت واشنطن التهرب والمراوغة والخداع والتضليل، وان استعادة السيادة الوطنية الكاملة هي مطلب كل العراقيين الشرفاء والمخلصين والمضحين، وبالتالي فإن دماء الشهيدين المهندس وسليماني وكل الشهداء ستظل نبراسا ومنارا يعبد الطريق نحو تحقيق الاهداف الكبرى وترسيخ قيم العزة والكرامة والاباء والصمود، وافشال كل ما تخطط له وتريده وتسعى اليه واشنطن وتل ابيب وعواصم اخرى بعيدة وقريبة، ومثلما قال رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في كلمته بجموع ساحة التحرير، "ان الشعب العراقي استعاد وعيه ليدرك حجم المؤامرة بعد اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس".
هذه رسالة مهمة وعميقة وبليغة انطلقت من ساحة التحرير، كانت متممة في جوهرها ومضمونها للرسالة التي انطلقت فجر الثالث من كانون الثاني/ يناير ـ أي قبيل ساعات قلائل من رسالة التحريرـ تزامنا مع ذكرى لحظات اغتيال سليماني والمهندس من نفس موقع الجريمة قرب مطار بغداد الدولي، وهناك رسائل اخرى لا تقل عمقا واهمية ودلالة انطلقت من بيروت ودمشق وطهران وصنعاء والقدس وعواصم اخرى بعضها غربية.
ولا شك انه مثلما كانت صدمة فقدان قائد ميداني كبير في الحشد الشعبي مثل ابو مهدي المهندس، ثقيلة وشديدة الوطأة على العراقيين، فإن فقدان القائد قاسم سليماني شكل صدمة مماثلة للايرانيين، وان اختلطت وامتزجت مشاعر فقدان الاثنين بين العراقيين والايرانيين.
وبالنسبة لسليماني، فقد كان حاضرا بقوة في كل الساحات والميادين، ونظرا للمكانة المهمة التي كان يشغلها والادوار المحورية التي اضطلع بها في الدفاع عن الكيان الاسلامي ليس في ايران فحسب، بل في مختلف الدول الاسلامية، وهو يتعرض لشتى صنوف المؤامرات والحروب، هذا فضلا عن الشخصية الفذة والنادرة التي كان يتمتع بها الشهيد سليماني من حيث الشجاعة والاقدام والبساطة والتواضع، فإنه كان محط احترام وتقدير واعتزاز الجميع دون استثناء.
وازاء ذلك فإنه من الطبيعي جدا ان لا تقف الجمهورية الاسلامية الايرانية مكتوفة الايدي وهي تفقد احد اهم وابرز رموزها وقياداتها العسكرية المهمة على ايدي الاميركيين، ولم تتأخر القيادة الايرانية في ان تطلق رسائلها التي تؤكد على ان الرد على اغتيال سليماني سيكون قاصما، وسيجعل اميركا تندم كثيرا على فعلتها تلك.
وحينما استهدفت الوجود العسكري الاميركي في قاعدة عين الاسد الجوية غربي محافظة الانبار بعد اسابيع قلائل من عملية الاغتيال، فإن طهران اكدت ان هذا جزء من الرد وليس كله، بل ان قائد الثورة الاسلامية في ايران اية الله السيد علي الخامنئي، اكد بوضوح ان الثأر لدماء الشهيد سليماني سيكون بإخراج وطرد اميركا من عموم المنطقة.
واليوم، وفي ظل اجواء احياء الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد القادة، جددت طهران رسائلها عبر قيادات سياسية وعسكرية كبيرة، لتجدد التأكيد أنها سترد على جريمة اميركا في الوقت المناسب والمكان المناسب، وبالفعل فإن ايران قادرة على ذلك وهي لا تترك دماء وارواح مواطنيها تذهب سدى، لا سيما اذا كانوا رموزا وقادة كبارا من امثال الشهيد قاسم سليماني.
ولا شك ان مجمل الفعاليات والمواقف الشعبية والرسمية الايرانية، مثلت ـ او تمثل ـ الوجه الاخر او الجانب المكمل لمختلف مظاهر احياء ذكرى الشهيدين سليماني والمهندس في العراق، والتي لم يتوقع الكثيرون ان تكون بهذه السعة والشمولية وحسن الترتيب والتنظيم والتفاعل والاهتمام.
/110