في 14 فبراير عام 1989 أي قبل اثنتين وثلاثين سنة صدرت فتوى الإمام الراحل الخميني(رض) باهدار دم المرتد سلمان رشدي. الحديث عن خلفيات هذه الفتوى طويل....
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
اجتماع الأمة في مواجهة التحديات المشتركة
تنا- خاص
14 Feb 2021 ساعة 10:15
في 14 فبراير عام 1989 أي قبل اثنتين وثلاثين سنة صدرت فتوى الإمام الراحل الخميني(رض) باهدار دم المرتد سلمان رشدي. الحديث عن خلفيات هذه الفتوى طويل....
في 14 فبراير عام 1989 أي قبل اثنتين وثلاثين سنة صدرت فتوى الإمام الراحل الخميني(رض) باهدار دم المرتد سلمان رشدي. الحديث عن خلفيات هذه الفتوى طويل تختصره بما يلي: لقد أحست القوى الاستكبارية في أواخر الثمانينيات بسبب عوامل كثيرة بأن العالم الإسلامي قد أصابته انتكاسة في المعنويات وانهيار في مشاعر العزّة، فأوعزت إلى أحد رجالها من الراوئيين أن يكتب آيات شيطانية، يطعن فيها برسول الله وحُرمه وأزواجه.
إن الكتاب جاء ضمن خطة استكبارية للطعن في جسد الأمة الإسلامية والدليل على ذلك أن أجهزة الاستكبار الإعلامية راحت تطبل ليل نهار لهذا الكتاب، وتعلن عن مؤلفه ومحتواه، مما أنزل بمعنويات الأمة وكرامتها الجرحَ البليغ.
إذن نحن لسنا أمام كتاب ولسنا أمام مؤلف، وإنما نحن أمام تيار عالمي يستهدف إذلال المسلمين والاستهانة بكرامتهم، والادلة على ذلك غير ماذكرنا كثيرة.
من هنا ما كان من الإمام الخميني(رض)، وهو الرجل الذي نذر نفسه من أجل صيانة كرامة الأمة وعزّتها، وقدّم الغالي والنفيس بل قدّم أعزّ شباب لأمة من أجل تبقى راية العزّة مرفوعة.. ما كان من هذا الرجل العظيم إلا أن أصدر فتواه بإهدار دم هذا المرتد، وكانت في الواقع فتوى باهدار دم مشروع استكباري لاذلال هذه الأمة.
المهم في المسألة أن المسلمين بجميع مذاهبهم من سنة وشيعة خرجوا في مظاهرات صاخبة في العواصم والمدن الإسلامية مؤيدة للفتوى ومنددة بالمؤامرة الاستكبارية التي تطاولت على رسول الله وحُرَمه وزوجاته.
هذه الظاهرة العظيمة دلت على أن العالم الإسلامي مهما تكالبت عليه المحن القاسية، فإنه يصحو وينتفض ويتضامن حين يواجه تحديات مشتركة.
فتوى قتل المرتد لم تنفذ حتى اليوم، لكن المؤامرة قُبرت في مهدها آنذاك، وارتد أصحابها على أعقابهم خاسئين.
ولكن هل انتهت مؤامرات إذلال المسلمين، لا بل كان من الطبيعي أن تتواصل بصور أخرى، فالطبيعة الاستكبارية الاستعلائية باقية لدى طغاة الأرض.
وتجلت آخر مشاريع الاذلال بشكل بارز في احتواء ثورات ماسمي بالربيع العربي، أو سمّته الجمهورية الإسلامية بالصحوة الإسلامية، فقد كانت الثورات في بداياتها حقًا صحوة ضد الحكام الطغاة، وضد الوجود الصهيوني في البلاد العربية، وضدّ مصادرة حق الشعوب في الحرية والاستقلال والكرامة لكن قوى الاستكبار تجهّرت بكل قواها العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية لتحول تلك الثورات إلى فوضى عارمة، وإلى تشتت وتمزق وسفك دماء في بعض البلدان، وإلى عدم استقرار مستمر في بلدان أخرى. وبذلك انتقموا من الشعوب التي أرادت أن تمساك زمام أمورها بيدها، وأرادت أن تحقق عزتها المسلوبة وكرامتها المنتهكة.
ثم تجلت أيضًا في أرض فلسطين عبر مؤامرات متواصلة ومشاريع إذلال واسعة تضمنت المزيد من التعنت الصهيوني والصلف الاستكباري تجاه أرض فلسطين المقدسة وشعبها المظلوم المشرّد. الاصرار المستمر على توسيع المستوطنات وتشريد الفلسطينيين من دورهم ومزارعهم، وعلى تنفيذ صفقة القرن، وتهويد فلسطين واعلان القدس عاصمة للصهاينة ونقل السفارات إليها و..و.. كل ذلك يأتي ضمن خطة الاذلال التي يمارسها الاستكبار والصهيونية.
ويبقى السؤال الأهم لماذا انتفض الشارع الإسلامي أمام مؤامرة كتاب الآيات الشيطانية، ولم نَرَ مثل ذلك أمام هذه التحديات المتوالية أمام المسلمين؟! السبب في اعتقادنا هو الزيف الاعلامي الذي يحجب البصيرة ويشوّه الحقائق ويخلق حالة الإحباط في النفوس.
إن المهتمين بمصير أمتنا الإسلامية يتحملون اليوم مسؤولية كبرى في التوعية والتبصير وبثّ روح العزيمة والعزّة في النفوس.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية يمدّ يده نحو كل الاتحادات والمؤسسات والجمعيات العالمية المقاومة أمام مؤامرات الإذلال، من أجل بلورة مشروع كامل لمستقبل أمتنا، مستقبل نستعيد فيه وجودنا وهويتنا ووحدتنا، ونقيم فيه الحضارة الإسلامية الحديثة ونغتنم الفرصة لنستعيد ذكرى موقف العزّة والكرامة الذي اتخذه الإمام الخميني(رض) أمام مؤامرة الإذلال، وعسى أن يكون ذلك موقف كل المهتمين بعزّة الأمة وكرامتها.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
/110
رقم: 492972