QR codeQR code

عادل الجبوري

فتوى الجهاد الكفائي.. نقطة التحول الكبرى في العراق

تنا

30 Mar 2021 ساعة 16:03

لا يختلف اثنان على حقيقة أن العامل الرئيسي في مجمل الانتصارات التي تحققت على عصابات "داعش" الإرهابية في العراق، طيلة عدة أعوام، تمثل أساسًا بفتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي السيستاني، بعد ثلاثة أيام من اجتياح عصابات ذلك التنظيم لمدينة الموصل ومدن اخرى في صيف عام 2014، وما سوى الفتوى من عوامل كانت مكملة وداعمة ومتممة.


بغداد - عادل الجبوري

   لا يختلف اثنان على حقيقة أن العامل الرئيسي في مجمل الانتصارات التي تحققت على عصابات "داعش" الإرهابية في العراق، طيلة عدة أعوام، تمثل أساسًا بفتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي السيستاني، بعد ثلاثة أيام من اجتياح عصابات ذلك التنظيم لمدينة الموصل ومدن اخرى في صيف عام 2014، وما سوى الفتوى من عوامل كانت مكملة وداعمة ومتممة.

   ولعل من بين أسباب التأثير والفعل الكبير لفتوى الجهاد الكفائي، هو أنها صدرت من أعلى وأبرز مؤسسة دينية على الصعيد العالمي، لا على صعيد العراق فحسب. والعامل الآخر للتأثير والفعل الكبير لفتوى الجهاد الكفائي تمثل بتقدير وادراك طبيعة ومستوى الخطر الداعشي التكفيري، من جانب، ومن جانب آخر، أن المرجعية الدينية كمؤسسة وشخوصا، كانت وما زالت فوق الانتماءات والاصطفافات الحزبية والفئوية الضيقة، وهي مظلة وملاذ للجميع، حتى لمن هم من غير أتباعها ومقلديها ومريديها، وهذا ما أثبتته الوقائع والأحداث، إذ إنه بفضل فتوى المرجعية تم حماية المسيحيين والايزيديين والصابئة وغيرهم من خطر "داعش"، وقد أشار زعيم الفاتيكان البابا فرانسيس الى ذلك بعد لقائه المرجع السيستاني خلال زيارته التاريخية للعراق في الخامس شهر اذار-مارس الجاري.

   واذا كان تأسيس الحشد الشعبي قد مثّل الترجمة العملية والواقعية لفتوى الجهاد الكفائي، فإن دعم واسناد الجمهورية الاسلامية الايرانية بمختلف السبل والوسائل، ساهم الى حد كبير في تفعيل وتعزيز جبهة التصدي لعصابات "داعش" والتسريع بإلحاق الهزيمة بها.  

   والأمر المهم هنا هو أن كل الفصائل التي تشكلت لمقاتلة عصابات "داعش" ضمن عنوان الحشد الشعبي، اتخذت من فتوى المرجعية الدينية منطلقا ومرتكزا للتحرك والعمل. وحينما يقال إن الفتوى حفظت العراق، وقطعت الطريق على الفتنة، فإن مثل ذلك القول صحيح ودقيق جدا، فلولا الحشد الشعبي الذي تشكل على ضوء الفتوى ما كانت مناطق جرف النصر وسبع البور والضابطية والضلوعية والعلم وسامراء وبيجي وتكريت والفلوجة والرمادي وغيرها قد تحررت، ولما بقيت المدن والعتبات المقدسة في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف وبابل والكاظمية مصانة، ولما تكاتف أبناء المكون الشيعي مع اخوتهم من أبناء المكون السني، ولما تكاتف الأكراد والتركمان والشبك وسواهم من أبناء المكونات الأخرى للدفاع عن المقدسات والحرمات والأعراض.

   ومما لا شك فيه، أن الإطار المرجعي "فتوى الجهاد الكفائي" الذي تأسس الحشد الشعبي على ضوئه، هو ذاته الذي حدد طبيعة سلوك ودور ومكانة وموقع الحشد بعد التخلص من عصابات "داعش"، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إقرار قانون الحشد الشعبي من قبل مجلس النواب العراقي في السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني-نوفمبر 2016، وضع النقاط على الحروف، وأجاب عن تساؤلات واستفهامات عديدة، وبدّد قدرًا غير قليل من المخاوف والهواجس المثارة من هنا وهناك، وقطع الطريق على الكثير من الجدل والسجال حول واقع الحشد ومستقبله.          
    
   ومنذ تأسيسه قبل سبعة أعوام حتى الآن، بينما واصل الحشد الشعبي حضوره الفاعل والمؤثر في شتى الميادين والساحات، لم تتوقف حملات التشوية والإساءات ضده من قبل بعض الدوائر السياسية والإعلامية المخابراتية الخارجية الإقليمية والدولية، مع جهات داخلية متماهية معها ومنساقة وراءها، والتي بدت أنها وجه آخر للاستهداف العسكري المسلح طيلة مرحلة الحرب ضد "داعش"، وبشكل أو بآخر لم تكن المرجعية الدينية بعيدة عن مرمى الاستهداف الممنهج والمبرمج.  

   ولعل المعادلة الواضحة والجلية، تمثلت في أنه كلما زاد حضور وتأثير الحشد الشعبي بشتى الميادين والساحات، وبمختلف المفاصل والعناوين، ارتفعت وتيرة حملات التسقيط والتشويه الموجهة ضده، وهذا أمر طبيعي ومتوقع، يعكس تقاطع الأجندات والمشاريع التخريبية الخارجية مع الإرادة الوطنية بكل أدواتها وعناصرها، وما يرفع عقيرة الأعداء والخصوم، هو أن الحشد بات يعد رقمًا صعبًا ومهمًا وثقيلًا في كل المعادلات، ضمن حدود الجغرافيا العراقية وما وراءها، وعنوانًا واسعًا وعريضًا في جبهة المقاومة الى جانب العناوين الأخرى، برسالتها الواحدة الموحدة، ومهامها وأدوارها المتعددة المتنوعة.  

   ورغم أن الحشد أصبح من المؤسسات الأمنية الرسمية للدولة العراقية الى جانب المؤسسات الأخرى، إلا أن فتوى المرجعية ومجمل توجيهاتها وإرشاداتها، بقيت تمثل الإطار الأخلاقي والسلوكي والشرعي العام له، الى جانب السياقات والآليات والأطر الحكومية، فالفتوى بأبعادها العميقة ودلالاتها الكبيرة، لم تنحصر في هدف التحشيد الجماهيري والتعبئة العسكرية لقتال عصابات "داعش"، وانما معالجة الاثار الاجتماعية والاقتصادية والحياتية التي أفرزها العدوان الداعشي، وهو ما يعني أن تعدد وتنوع أدوار ومهام الحشد تقتضي باستمراره وديمومته والمحافظة عليه.

/110


رقم: 498076

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/note/498076/فتوى-الجهاد-الكفائي-نقطة-التحول-الكبرى-في-العراق

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com