حديث التقريب....... رفض التطبيع يجمعنا
أطلق التجمع المهزوم أنه على نفسه عنوان: «السلام» ونظّمه مركز أبحاث «السلام الامريكي»!! عن أي سلام يتحدث الصهاينة وأمريكا؟! السلام مع الذي اغتصب الأرض وشرّد الملايين في فلسطين؟! السلام مع المتآمر باستمرار على أمن المنطقة وسيادتها؟! مع من يؤجج نيران الصراعات الاقليمية والمذهبية والقومية في بلدان المسلمين؟!
حديث التقريب
رفض التطبيع يجمعنا
يشهد العراق هذه الأيام صورًا رائعة من الاهتمام بمسيرة الصمود والتصدّي، وبالإصرار على مواصلة درب أبي الأحرار الحسين بن علي(ع).
رغم جائحة كرونا وما أفرزته من حدود وقيود على التجمعات، تتجه حشود بشرية ضخمة – مراعية القواعد الصحية – نحو كربلاء مشيًا على الأقدام، قاطعة عشرات وأحيانًا مئات الكيلومترات لتجدد العهد مع مواقف الصمود والصبر والشموخ والإباء.. مع واقعة شهداء كربلاء، ومع موكب أسرى آل بيت رسول الله بعد تلك الواقعة.
في مسيرة هذه الحشود التي تسمى مسيرة مشاة أربعين الإمام الحسين يشترك فيها العربي والفارسي والتركي والافريقي.. ومن كل الأجناس البشرية رجالا ونساء وأطفالا وشيوخًا وشبابًا. كما يشترك فيها أهل السنّة إلى جانب الشيعة، بل يشارك فيها من غير المسلمين من المسيحيين والصابئة وغيرهم من أتباع الأديان والمذاهب، وكلهم يتجه نحو هدف واحد هو التأكيد على إحياء روح الصمود والصبر والتضحية في النفوس لمواجهة المعتدين.
وما تميّز به هذا العام هو توافد علماء فلسطين الذين تجمعوا في رحاب صحن الحسين عليه السلام ليعلنوا التزامهم بنهج الحسين وأصحابه وأهل بيته في مقارعة الظالمين، ولينددوا بكل محاولات الاستسلام والهزيمة أمام طغاة العصر من الصهاينة المجرمين.
ومن الصور الرائعة التي يشهدها العراق هذه الأيام هو التنديد الشامل والقاطع والحاسم بما عمدت إليه بعض الفئات في شمال العراق من تأييد التطبيع.
لقد جمعت أمريكا ثلة من المهزومين والمغرّر بهم ليعلنوا تأييدهم لإقامة علاقات مع العدوّ الصهيوني باسم ضرورة إحلال «السلام».
طبعًا كثير من المجتمعين أعلنوا ندمهم على الاشتراك في هذا التجمع، وبينوا ما تعرضوا له من ضغوط وإغراءات للاشتراك، لكن الأهم هو التنديد الشامل الرسمي والشعبي لهذا الاجتماع، مما يعبّر عن أن العراق مثل سائر بلدان العالم الإسلامي والبلدان الحرّة يرفض شعبيًا وأحيانًا رسميًا كل محاولات التنازل عن الحقوق الفلسطينية وعن المبادئ التي تقضي بالوقوف إلى جانب المظلومين ومناصرة المستضعفين، يرفض الهزيمة والاستسلام، ويرى أن الخضوع للظالمين هو الذلّ والعار والانحراف عن مسيرة الأحرار على مرّ التاريخ.
والملاحظ في ذلك التجمع المهزوم أنه أطلق على نفسه عنوان: «السلام» ونظّمه مركز أبحاث «السلام الامريكي»!!
عن أي سلام يتحدث الصهاينة وأمريكا؟! السلام مع الذي اغتصب الأرض وشرّد الملايين في فلسطين؟! السلام مع المتآمر باستمرار على أمن المنطقة وسيادتها؟! مع من يؤجج نيران الصراعات الاقليمية والمذهبية والقومية في بلدان المسلمين؟!
هل الأمريكان والصهاينة يضمرون خيرًا للعراق؟ ألا يثبت مسلسل الحوادث التي مرّت على الشعب العراقي العزيز في العقود الأخيرة أن جبهة الشرّ الأمريكية الصهيونية عاثت في العراق، وأيضًا في بلدان أخرى فسادًا في الأرض. وأهلكت الحرث والنسل بيدها مباشرة أو بيد من دفعتهم الى تحقيق مآربها العدوانية؟!
ألبس شعار السلام الأمريكي الصهيوني هو مصداق قوله سبحانه: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ )؟!
العدوّ الصهيوني استطاع أن يجرّ عددًا من بلدان المنطقة إلى إقامة علاقات رسمية، ولكن ماذا عاد على هذا البلدان؟ لم تجن من هذه العلاقات سوى المزيد من الذلّ والدمار والتخلف السياسي والتمزق الاجتماعي.
إنّ أعدى أعداء السلام في العالم هو أمريكا والصهيونية العالمية. إنهما مصدر كل ما شهدته الساحة العالمية خاصة في العقود الأخيرة من محن ودمار سواء في العراق أو سوريا أو أفغانستان. إذا قلت إن داعش وأخواتها هي من عبثت الفساد في الأرض، فاقول إن داعش صنيعة أمريكا، لا نقول هذا نحن، كبار المسؤولين الأمريكيين صرّحوا بذلك.
لقد شاهد أحد المشاة في الجيش الأمريكي بعينه دعم أمريكا والصهيونية لداعش حيث قال: «إن المغامرين في عصابة داعش يحصلون على المزيد من التقدم يومًا بعد آخر حيث اتسعت دائرة نشاطهم في شمال العراق وهذا أمر مهم بالنسبة لإسرائيل، وذلك إن المنطقة تعتبر مصدرًا للنفط الذي يذهب الى إسرائيل».
صاحب هذا التصريح هو «كان أوكيف» الذي تحوّل الآن الى أحد الوجوه البارزة في الحركة الأمريكية المعارضة للحرب.
الأمريكيون واليهود ينظمون حركات معادية للسياسة الأمريكية والصهيونية التي تثير الفتن والحروب مباشرة أو بيد صنائعها، فكيف تجرأ فئة تدعي أنها تنشد «السلام» في الدعوة إلى التطبيع مع بؤرة الفتن والحروب؟!
إنها لظاهرة مؤلمة لكن الذي يثير البهجة والأمل في النفس هو هذا الرفض القاطع الشعبي والرسمي لهذه الظاهرة الشاذة. وهذا الرفض هو الذي يجمعنا ويقينا من التمزق والتشتت الذي يعمل عليه الصهاينة والأمريكان باسم «السلام» وباسم «التطبيع» ( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) .
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية
/110