هذه حقبة نادرة في تاريخ الأمة، ربما لا يوجد لها مثيل إلا في أشد عهود الظلام والاستبداد حلكة في تاريخنا الغابر، حيث يتم تجنيد كل وسائل التأثير "الرسمية" لشيطنة الإسلاميين الحركيين .
شيطنة الأسلمة وتمجيد الصهينة!
تنا
28 Jul 2022 ساعة 15:33
هذه حقبة نادرة في تاريخ الأمة، ربما لا يوجد لها مثيل إلا في أشد عهود الظلام والاستبداد حلكة في تاريخنا الغابر، حيث يتم تجنيد كل وسائل التأثير "الرسمية" لشيطنة الإسلاميين الحركيين .
حلمي الأسمر
هذه حقبة نادرة في تاريخ الأمة، ربما لا يوجد لها مثيل إلا في أشد عهود الظلام والاستبداد حلكة في تاريخنا الغابر، حيث يتم تجنيد كل وسائل التأثير "الرسمية" لشيطنة الإسلاميين الحركيين، وإخراجهم عن القانون ووصمهم بالإرهاب والتطرف والعصيان والتمرد، في الوقت الذي يتم فيه تمجيد الصهيونية الدينية ورفع دعاتها إلى درجة الرموز والملهمين.
لا تتم هذه العملية فقط في دوائر صنع الوعي في كيان العدو الصهيوني فقط، بل في حواضن الإسلام الأولى في جزيرة العرب وغيرها من قلاع الإسلام التاريخية في شمال إفريقيا والمشرق العربي، ويتجند لهذه العملية الملوثة أنظمة ورموز حكم وآلات إعلامية كبرى، وقنوات فضائية ومواقع إلكترونية ممولة بملايين الدولارات، ولو تفرغ أحدنا لإحصاء تلك المنصات والأبواق لاحتاج إلى شهر كامل من التفرغ.
المؤلم حقا لدرجة الحنق أن تلك الحملات لا تقتصر على بث الدعاية الوضيعة التي تشوه الإسلام والإسلاميين بل ترافقها حملات قمع وإجراءات ترتدي لبوس القانون، لإبادة كل صوت واع وقطع كل يد نظيفة ترفض مصافحة صهيوني (الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في البحرين مثلا) في حين يتم امتداح سلوك مشابه لمطربة صهيونية رفضت مصافحة الرئيس الأمريكي بايدن، ويتم التعبير لها عن "امتنان" الرئيس لها لأنها تصرفت وفاء لعقيدتها، فعقيدة الصهينة مقدرة أما الأسلمة فهي تدخل في دائرة الإرهاب والرفض!
من الصعب أن تفهم العملية الانقلابية في تونس بمعزل عن استهداف الغنوشي وحركة النهضة، المستهدف هنا هو آخر معاقل الربيع العربي الذي كان يضرب به المثل على مرونة الإسلاميين وقدرتهم على التعايش مع متغيرات العصر وحراكات السياسة، حتى جاء "الرئيس المنتخب" ليلغي كل مكتسبات عشرية ديمقراطية بجملة إجراءات دكتاتورية ألبسها لبوس القانون والدسترة العرجاء، انتهت بأن عكف على كتابة وريقات سماها دستور الجمهورية الجديدة ويريد فرضها على الشعب باستفتاء يذكرنا بالتفويض الذي طلبه رئيس مجاور لبلده جاء بانقلاب على رئيس منتخب، وأعاد تشكيل كل شيء في البلد على مقاس "بسطار" العسكر!
في المقابل، وليس بعيدا عنا، في كيان الاحتلال هناك عملية لإعادة صياغة مذهلة وخطيرة لكتلة بشرية تمجد التدين والتوراة وتحج قياداتها السياسية لطلب ود رموز الصهيونية المتدينة، لضمان فوز مؤزر في انتخابات وشيكة، ربما ستكون الأخطر في تاريخ الكيان الصهيوني، ولا أحد في فضاءات شيطنة الأسلمة يعيب على الكيان تدينه وتطرفه وحتى إرهابه الديني المخيف، الذي يتخذ من شعار "الموت للعرب" شعارا له!
إن إطلالة ولو سريعة على واقع تمجيد الصهينة الدينية في كيان الاحتلال، يعطيك لمحة عن المستقبل الأسود الذي سيحل بهذه البلاد، حين يجري تتويج صعلوك مجرم إرهابي، حتى في معايير قوانينهم هم، كالمدعو بن جفير، ملكا غير متوج على "إسرائيل" الجديدة.
كتبت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في مقال عن الإرهابي الكهاني بن جفير "الرمز" الذي يجتاح صيته الأوساط اليمينية لدرجة أنه هو اليوم من يتحكم بالخارطة السياسية لتكتل اليمين (حسب تعبير الكاتب والمحلل الفلسطيني سعيد بشارات)، وشروطه هي التي تقع محل دراسة، ويتسابق قادة الأحزاب اليمينية للجلوس معه، كتبت الصحيفة تقول: "الشخص الذي كان في الماضي منبوذًا من حزب الليكود ومن أصحاب القبعات المحبوكة، جعل اليوم كل الكتل اليمينية يكسرون توجههم بقوة وينحرفون أكثر نحو اليمين حتى أن أصوات من الشارع الأرثوذكسي الحريدي ذهبت هي الأخرى إلى بن جفير، الذي يعشقه الشباب اليهودي اليوم وقدم له متبرع ثري شقة فاخرة بجانب البحر في تل أبيب، لدرجة أنه يتجاهل نتنياهو ـ الأب الأكبر وعرض شراكة مع نتنياهو الأصغر ـ الإبن، هذا الكهاني الذي أدين في شبابه بدعم الانتماء لمنظمة إرهابية (منطمة كاخ ومؤسسها مثير كهانا التي تتخذ من طرد العرب شعارا لها)".
وتضيف: "اليوم يحاول إظهار أنه مختلف، فقد أزال صورة باروخ غولدشتاين مجرم مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل من غرفة معيشته عندما أدرك أن ذلك سيؤتي ثماره في صندوق الاقتراع. أصبح إيتامار بن جفير النجم الصاعد في الانتخابات القادمة وظاهرة تجلب كل الهوامش الأكثر تطرفاً في التيار اليميني الرئيسي، أعضاء الكنيست من الليكود قالوا في سبيل مواجهة هذه الظاهرة: "يجب أن نكون بن جفير أكثر من بن جفير". وهذا جعل عضو الكنيست العربي عيسوي فريج من ميرتس التي انسحب منها يقول: "هكذا سيطرت الكهانية على الكنيست"!
والكهانية لمن لا يعرف هي حركة إرهابية أخرجتها حتى قوانين الاحتلال عن القانون، وها هي اليوم تتقدم لكي تكون في قلب صنع القرار في كيان العدو!
وبالمحصلة، هناك حرب يشنها النظام العربي الرسمي على الأسلمة، فيما يتم تمجيد الصهينة، من قبل هذا النظام نفسه، حتى نال بعض رموزه جائزة "متحف أصدقاء صهيون" الذي يتخذ من القدس المحتلة مقرا له، وهو مختص بتكريم الإنجيليين المتصهينين من الديانة النصرانية من أحباء صهيون و"إسرائيل"، واليوم هو منشغل بتكريم "المسلمين المتصهينين!" ولو قيض لأحدنا أن يستمع لمؤسس هذا المتحف ـ المحفل مايك إيفانس، وهو يتحدث عن الساسة العرب الذين التقاهم وأغدق عليهم بجوائزة، لعرف أي منحدر سحيق ولغ فيه النظام الرسمي العربي الذي يعتقل الإسلاميين ويتهمهم بالإرهاب في الوقت الذي يمجد الصهاينة ويفتح لهم أرض وسماء مهد الإسلام في جزيرة العرب!
إنها باختصار بداية النهاية لهذا النظام، فليس بعد هذا القاع قاع، والمسألة هي مسألة وقت، فنظام عربي رسمي لا أطعم شعبه من جوع ولا آمنه من خوف، وأدار ظهره لشرفاء الأمة وشردهم في الآفاق وشتت أسرهم، واحتضن قتلة الأنبياء وفرش البساط الأحمر لرموزهم من الإرهابيين القتلة، لا مستقبل له، طال الزمن أم قصر.
رقم: 559368