لقد بدأت غارات أوربا على بلاد المسلمين من أيام الحروب الصليبية، واستمرت قرونًا متمادية وقيل إن آخرها كان يوم 11 ديسمبر 1917 حين دخلت القوات البريطانية القدس بقيادة الجنرال اللمبي، وقال كلمته المشهورة «الآن انتهت الحروب الصليبية».
حديث التقريب .. الغارة مستمرة على العالم الإسلامي
تنـا - حصري
22 Jan 2023 ساعة 15:09
لقد بدأت غارات أوربا على بلاد المسلمين من أيام الحروب الصليبية، واستمرت قرونًا متمادية وقيل إن آخرها كان يوم 11 ديسمبر 1917 حين دخلت القوات البريطانية القدس بقيادة الجنرال اللمبي، وقال كلمته المشهورة «الآن انتهت الحروب الصليبية».
فرانسوا شاتليه الفيلسوف ومؤرخ الفلسفة والمفكر في التاريخ الفرنسي المتوفي سنة 1985 في كتابه بعنوان «الغارة على العالم الإسلامي»، ذكر دور الاستعمار الأوربي في غزوه الفكري والثقافي للعالم الإسلامي تمهيدًا للسيطرة على مقدرات المسلمين. ما وثّقه صاحب الكتاب إنّما يرتبط بمساحة محدودة تتركز على نشاط الارساليات التبشيرية ودخولها في أجهزة التعليم بغية زعزعة أفكار الناشئة والشباب من أبناء المسلمين، لكن الغارة على العالم الإسلامي أوسع من ذلك بكثير.
لقد بدأت غارات أوربا على بلاد المسلمين من أيام الحروب الصليبية، واستمرت قرونًا متمادية وقيل إن آخرها كان يوم 11 ديسمبر 1917 حين دخلت القوات البريطانية القدس بقيادة الجنرال اللمبي، وقال كلمته المشهورة «الآن انتهت الحروب الصليبية».
لكنها لم تنته فهي مستمرة بدافع الحقد وروح الاستعلاء تجاه أمتنا الإسلامية. والشواهد على ذلك كثيرة وكثيرة جدًا، ومن آخر هذه الشواهد نذكر موقفين من المواقف الأوربية الحاقدة تجاه العالم الإسلامي.
الأول: حرق المصحف الشريف أمام الانظار في شوارع ستوكهولم بموافقة الحكومة السويدية.
هذا العمل المشين الاستفزازي يتنافى مع أبسط المعايير الإنسانية الداعية إلى احترام الأديان السماوية وعدم المساس بالمقدسات، لكنه حَدَثَ وتناقلته وكالات الأنباء وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
والغريب أن المؤيدين لهذه الجريمة يقولون إن الدافع لها هو ما يحمله القرآن من «كراهية» للآخر، ورفضه أصحاب الأديان الأخرى!!
لا نعتقد أن من له أدنى اطلاع على القرآن الكريم يجهل دعوة كتاب الله إلى التبادل المعرفي بين البشر ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، ودعوة البشرية جمعاء لأن ترى نفسها منتمية إلى أمة واحدة ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ وعشرات الآيات الداعية إلى «كلمة سواء» بين المسلمين وأصحاب الأديان السماوية الأخرى ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ...﴾.
نظرة – لو عاجلة – على أدبيات العالم الإسلامي على مرّ التاريخ تؤكد أن الخطاب البارز في الأدب العربي والفارسي والأوردي والتركي والكوردي المستلهم من القرآن الكريم هو خطاب الحبّ. ولو أراد أحد أن يكتب عن الحبّ في خطاب أدبيات المسلمين لاستغرق مجلدات.
كانت المجابهة على مرّ التاريخ بين جبهتين جبهة الحبّ وجبهة الكراهية. جبهة الحبّ يمثلها المنتمون حقيقة الى الدين الإلهي والمتحررون من الجشع المادي، وجبهة الكراهية المتمثلة في القوى التي تستهدف الهيمنة والتسلط ولو كلّف ذلك إزهاق أرواح الملايين من البشر والاعتداء على المقدسات واستباحة الحرمات.
ويأتي على رأس الجبهة الثانية أوربا الغارقة تاريخيًا في ماديتها والمتأصلة في صراعها المصلحي.
أوربا هي التي أفرزت الصليبية والنازية والفاشية والصهيونية، بل هي التي أفرزت داعش وأخواتها في بلاد المسلمين. وهي التي أججت نيران الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وحرب البوسنة والهرسك، ولا تزال الحروب في داخلها مستمرة وإن سعت إلى تصديرها إلى خارج أوربا.
أوربا هي التي ارتكبت المجازر في الجزائر وفي غيرها من بلاد المسلمين ولا تزال ترتكب المجازر في فلسطين عن طريق وكلائها الصهاينة.
ومع كل هذا نرى المسلمين يرفعون باستمرار حتى يومنا هذا شعار حوار الأديان وحوار المذاهب وحوار الحضارات معارضين بذلك دعوات صراع الحضارات في أوربا وأمريكا. نعم، تأتي عملية إحراق المصحف الشريف بشوارع السويد في هذا السياق.
الثانية: من مظاهر الحقد الأوربي على العالم الإسلامي، المصادقة في البرلمان الأوربي على إدخال حرس الثورة الإيراني في قائمة المنظمات الارهابية.
إذا أردنا أن نذكر أبرز نشاطات حرس الثورة الإيراني فهو مكافحة الإرهاب في المنطقة – لقد حاول الإرهاب أن يقيم له دولة تتمدد على أرض سوريا والعراق، لتنطلق منها في نشر الإرهاب بكل أرجاء العالم.
غير أن حرس الثورة الإيرانية بقيادة الفريق الحاج قاسم سليماني وبالتعاون مع كتائب الحشد الشعبي العراقية بقيادة أبي مهدي المهندس وبتقديم مئات الشهداء قد استطاع أن يقضي على هذه الدولة المزعومة ويخلّص العالم بأجمعه من شرّ مستطير أوشك أن يأتي على الأخضر واليابس.
صحيح أن داعش صناعة أوربية أمريكية اسرائيلية، لكنه فلت مع يد صانعية وتحوّل إلى خطر على العالم كله، فهل جزاء كل هذه التضحيات أن تتخذ أوروبا منه هذا الموقف ا لمخزي اللئيم؟!
إلى متى تبقى أوربا في هذا الموقف الاستعلائي.. تحسب أن لها الحق في التدخل حتى في شؤون القوات النظامية للبلدان.. طبعًا هذا الموقف لا يزيد الجمهورية الإسلامية وحرس الثورة الإسلامية إلا إيمانا بعدالة القضية التي يؤمنون بها، ويزيدهم يقظه بأن العدوّ غدّار لئيم، لا يقيم وزنًا لأية معايير دولية وإنسانية.
وهذا ما يجب أن تعرفه شعوب المنطقة أيضًا وهذا ما يجب أن ينتبه إليه أصحاب المذاهب الإسلامية في بلاد المسلمين كي يفهموا ما وراء خطاب التفرقة الموجّه إليهم من الاعلام الغربي من أهداف خبيثة.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية
رقم: 581395