حديث التقريب .. الدفاع عن الكرامة يجمعنا بمناسبة اسبوع الدفاع المقدس
ضرورة توجيه أنظار شعوب العالم الإسلامي إلى العدوّ الحقيقي المشترك، كي لا يخطئوا اتجاه البوصلة، ويتحول الصديق الى عدوّ، والعدوّ الى صديق. وهو ما حدث تجاه إيران بعد انتصار ثورتها الإسلامية، وبعد أن عادت للتبنى قضايا العرب والمسلمين وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهو ما يحدث الآن من تجييش إعلامي وعملي تجاه السير نحو التطبيع وإثارة التشكيك في مواقف إيران الإقليمية والعالمية.
هذا الأسبوع الذي نحن في أواخر أيامه هو ما يطلق عليه في إيران اسم «أسبوع الدفاع المقدس» ويبدأ من 22 سبتمبر وخلاله يتمّ استعراض ما مرّ على إيران جرّاء عدوان استمر ثماني سنوات، بدأ من عام 1980. ما ينبغي الإشارة هنا بداية هو:
إن هذه الحرب الظالمة شُنت على الجمهورية الإسلامية في وقت قد خرجت البلاد لتوّها من ثورة شاملة قضت على نظام الشاه الذي كان متربّعا عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا على العرش بمساندة أمريكا والصهيونية والقوى المتفرعنة في العالم. وكان يعرف بأنه شرطيّ المنطقة، وحققت الثورة بفضل الإسلام والإيمان انتصارها بعد أن قدمت تضحيات جسيمة في الأرواح وفي البنى التحتية وبعد أن انفرط فيها النظام البائد وتمزّقت أوصاله.. في مثل هذه الظروف الصعبة العسيرة واجهت إيران هذا الهجوم الغادر.
صحيح أن الثورة الإسلامية لم تُعلن عن انحلال الجيش، لكن هذا الجيش بعد الثورة كان منفرطًا، وما كان بامكانه أن يواجه لوحده جحافل الجيوش المهاجمة بسلاحها البري والبحري والجوي على جبهة تمتد اكثر من ألف كيلومتر، لذلك هبّت الجماهير برجالها ونسائها، فنظّمت نفسها في المساجد، وراحت تتدفق على جبهات القتال تحت عنوان قوات التعبئة وتحت عنوان الحرس الثوري لصدّ العدوان. فالدفاع خلال مدّة الحرب كان يقوم على اكتاف الشباب والشيوخ والنساء الذين وجدوا أنفسهم يدافعون عن كرامتهم، وعن ثورتهم الفتية.
لم يساور أحد من الإيرانيين خلال الحرب شك في أن هذه الحرب ليست بين إيران والعراق، وإنما هي بين إيران وجبهة الاستكبار التي رأت في الثورة الإسلامية خطرًا على مصالحها العدوانية في المنطقة. لذلك فإن الشعارات المرفوعة خلال الحرب هي: الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل .. كان الاعتقاد راسخًا لدى الإيرانيين بأنها حرب بين جبهة الكفر وجبهة الإسلام. الذي حدث بعد وقف الحرب أثبت صحة ذلك بشهادات المعنيين، وبالتدفق الشعبي المتبادل بين البلدين، كأن شيئًا لم يكن.
بعد ذلك لابدّ من استذكار بعض الدروس من هذه الحرب الظالمة التي فُرضت على الجمهورية الإسلامية، وزّجّ فيها العراقيون وغير العراقيين، وأهدرت فيها الأموال الطائلة العراقية وغير العراقية، وتسببت في خسائر فادحة في إيران.
إن الحزازات القومية والطائفية لعبت دورها في تلك الحرب، لذلك فإن صدامًا أعلن أن هذه الحرب هي قادسية للقضاء على «الفرس المجوس»، و واضح ما تنطوي عليه هذه المفردات من إثارة الحزازات عنصرية وطائفية. ولذلك لابد من عمل جاد وتواصل لإزالة هذه العصبيات من بلدان العالم الإسلامي، وإلاّ فإن أعداء الأمة يتربّصون بنا الدوائر لاثارة الحرب والنزاعات البينية لتحقيق مصالحهم.
ضرورة توجيه أنظار شعوب العالم الإسلامي إلى العدوّ الحقيقي المشترك، كي لا يخطئوا اتجاه البوصلة، ويتحول الصديق الى عدوّ، والعدوّ الى صديق. وهو ما حدث تجاه إيران بعد انتصار ثورتها الإسلامية، وبعد أن عادت للتبنى قضايا العرب والمسلمين وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهو ما يحدث الآن من تجييش إعلامي وعملي تجاه السير نحو التطبيع وإثارة التشكيك في مواقف إيران الإقليمية والعالمية.
ضرورة تصعيد روح المقاومة لدى الشعوب لمواجهة أي خطر يهدد كرامتها، وإذا ضعفت روح المقاومة في الجسد فإنه سيكون عرضة لجراثيم فتاكة قائمة على الساحة الدولية والإقليمية يتمثل في قواعد عسكرية وأساطيل عائمة تابعة لقوى الهيمنة العالمية.
والمقاومة تتجلى في الدفاع، وهذا الاسبوع أسبوع الدفاع المقدس ميسّر للذكر فهل من مُدّكر؟!
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية