جدير بنا في حديث التقريب لهذا اليوم أن نستعيد ذكرى مفكر وعالم ملتزم هو الدكتور المصري "عبدالوهاب المسيري"، الذي كرس حياته لدراسة حقيقة الصهيونية ونهاية الكيان الصهيوني.
المسيري رجل قاوم كل الهزائم الفكرية التي مُني بها كثير من المثقفين في عالمنا الإسلامي.. وعلى رأس تلك الهزائم، "الاعتراف بالكيان الصهيوني" باعتباره واقعًا لابدّ من الرضوخ إليه وقبوله شئنا أم أبينا.
وهذه الهزيمة لا تنحصر طبعًا في الموقف من الاحتلال الإسرائيلي، بل هي حالة نفسية تهيمن على نظرة فئة من مثقفينا تجاه الهوية والغرب والاحتلال والمستقبل الحضاري لأمتنا.
لا أزال أتذكّر صرخة الدكتورة عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ) في مؤتمر بالمغرب قالت فيه بالحرف الواحد : إن مثقفينا يعانون من «الايدز» الفكري. وتقصد بذلك أنهم فقدوا قدرة المقاومة التي اكتسبناها من تراثنا ومن ديننا وتاريخنا النضالي العريق.. وأصبحنا معرضين لفتك الغزو الجرثومي الفكري الذي يرشقنا ليل نهار نفسيًا وفكريًا من وسائل الاعلام وشبكات الاتصال وممارسات العدوّ الذكيّ والصديق الغبيّ.
عبدالوهاب المسيري نموذج يجب أن تسلّط عليه أضواء كل المهتمين بتقوية البنية الدفاعية لأمتنا، لأنه الرجل الذي وعى على خطر الهزيمة النفسية أمام العدوّ الإسرائيلي، وراح بمختلف السبل بناء النفسيّة المقاومة والفكر المقاوم.
كان يتألّم للتراجع المشهود على الساحة العربية والإسلامية تجاه القضايا المصيرية، لكنه لم يشعر يومًا باليأس، بل قاوم وعشق المقاومين والتقى مرارًا ــ كما قال في مقابلة له مع «الجزيرة» بسيّد المقاومة السيد حسن نصر الله، وقال بصراحة: إن السيد نصر الله هو الزعيم الوحيد الذي كنت أتحدّث إليه بكل جرأة عن نهاية إسرائيل.. مما يعني أن الرجل كان يواجه تشكيكًا بل رفضًا ممن التقى بهم من «الزعماء» بشأن حقيقة آمن بها بكل وجوده وهي: حتمية نهاية إسرائيل.
وقال : ألفت كتابًا في نهاية إسرائيل سأهديه إلى السيد حسن نصرالله.
إننا نرى في المسيري بأنه الرجل الذي نهض بمهمة كبرى، وهي أنه وجّه صرخة علميّة ثقافيّة بوجه اليأس والتراجع والانبطاح، وهو بذلك يندرج في قائمة الإحيائيين المعاصرين.
والإحياء كما ذكرنا مرارًا هو السبيل الوحيد للقضاء على حالة التمزّق في أمتنا، لأن الجسد الحي مترابط عضويًا.. ومن هذا المنطلق خصصنا حديثنا للراحل المسيري، وفي هذه المقدمة نقف عند بعض مقاطع حياته ومؤلفاته.
حياته /
المرحوم الأستاذ الدكتور عبدالوهاب المسيري، مفكر مصري عربي إسلامي وأستاذ غير متفرغ بكلية البنات جامعة عين شمس. وُلد في دمنهور 1938، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي فيها. التحق عام 1955 بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وعُين معيدًا فيها عند تخرجه، وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1963 حيث حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا) ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رتجز Rutgers.
وعند عودته إلى مصر قام بالتدريس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود (1983 – 1988)، كما عمل أستاذاً زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وكان عضوًا بمجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 -1975)، ومستشارًا ثقافيًا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975-1979). كما كان عضوًا في مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بليسبرج، بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
مؤلفاته المرتبطة بحديث التقريب :
الصهيونية وخيوط العنكبوت (دار الفكر، دمشق 2006)
الموسوعة الموجزة: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية في مجلدين (دار الشروق، القاهرة 2004، طبعة ثانية 2005)
التجانس اليهودي والشخصية اليهودية (دار الهلال، كتاب الهلال، 2004)
البروتوكولات واليهودية والصهيونية (دار الشروق، القاهرة يناير 2003- طبعة ثانية إبريل 2003-طبعة ثالثة مايو 2003-طبعة رابعة ينايره 2005)
الصهيونية والحضارة الغربية الحديثة (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 2003)
في الخطاب والمصطلح الصهيوني (دار الحمراء، بيروت 2005)
الإدراك الصهيوني للعرب والحوار المسلح (دار الحمراء، بيروت 2003)
من الانتفاضة إلى حرب التحرير الفلسطينية: اثر الانتفاضة على الكيان الإسرائيلي (عدة طبعات: القاهرة –دمشق – برلين – نيويورك)
انهيار إسرائيل من الداخل (دار المعارف، القاهرة 2002)
مقدمة لدراسة الصراع العربي – الإسرائيلي: جذوره ومساره ومستقبله (دار الفكر، دمشق 2002)
الصهيونية والعنف من بداية الاستيطان إلى انتفاضة الأقصى (دار الشروق، القاهرة 2001)
الجماعات الوظيفية اليهودية: نموذج تفسيري جديد (دار الشروق، القاهرة 2001-طبعة ثانية 2003)
الأكاذيب الصهيونية من بداية الاستيطان حتى انتفاضة الأقصى (دار المعارف، سلسلة اقرأ، القاهرة 2001)
موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد (ثمانية أجزاء، دار الشروق، القاهرة 1999)
اليهود في عقل هؤلاء (دار المعارف، سلسلة اقرأ، القاهرة 1998، دار العين، القاهرة 2008)
اليد الخفية: دراسة في الحركات اليهودية الهدّامة والسرية (دار الشروق، القاهرة 1998 –مكتبة الأسرة، القاهرة 2000-طبعة رابعة 2005)
من هو اليهودي؟ (دار الشروق، القاهرة 1997 –طبعة ثانية 2001-طبعة ثالثة 2002)
موسوعة تاريخ الصهيونية (ثلاثة أجزاء، دار الحسام، القاهرة 1997)
أسرار العقل الصهيوني (دار الحسام، القاهرة 1996)
الاستعمار الصهيوني وتطبيع الشخصية اليهودية: دراسات في بعض المفاهيم الصهيونية والممارسات الإسرائيلية (مركز الأبحاث العربية، بيروت 1990)
هجرة اليهود السوفييت: منهج في الرصد وتحليل المعلومات (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 1990)
هجرة اليهود السوفييت: منهج في الرصد وتحليل المعلومات (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 1990)
الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية: دراسة في الإدراك والكرامة (منظمة التحرير الفلسطينية، تونس 1987. طبعة خاصة، القاهرة 1988)
الأيديولوجية الصهيونية: دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة (جزآن، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، الكويت 1981. طبعة ثانية في جزء واحد 1988)
أرض الميعاد: دراسة نقدية للصهيونية السياسية (سلسلة كتب مترجمة رقم 247، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة 1980)
العنصرية الصهيونية (وزارة الثقافة والفنون، العراق 1979)
إسرائيل وجنوب أفريقيا، بالاشتراك (سلسلة كُتب مترجمة رقم 427، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة، بلا تاريخ)
اليهودية والصهيونية وإسرائيل: دراسة في انتشار وانحسار الرؤية الصهيونية للواقع (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1976)
الأقليات اليهودية بين التجارة والادعاء القومي (معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة 1975)
موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية: رؤية نقدية (مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة 1975)
نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني (مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة؛ المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت القاهرة 1972. بيروت 1979)
رحم الله المسيري وهدى دعاة التطبيع والمطبعين الى حقيقة قرب نهاية إسرائيل كي لا يراهنوا على هذا العدوّ الصهيوني الذي يهلك الحرث والنسل اليوم في غزّة والضفة الغربية
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية /
الشؤون الدولية