وكالة رويترز رغم شهرتها العالمية ومشوارها الطويل في نقل الأخبار وتغطيتها للأحداث المختلفة ،إلا أنّها متحيزة تماماً للمحورالإستعماري الغربي، ومن يتابع المفردات والإصطلاحات التي تستخدمها، والعبارات التي تعمل على صياغتها ضد المخالفين للسياسات الغربية يفهم أنّها وكالة منحازة، وأنّها تعرف تماماً أن الكلمة هي سلاح وتستخدمها في خدمة المصالح الغربية.
لقد ذكرت وكالة رويترز نقلاً عن ثلاثة مسؤولين بارزين فــي حماس خبراً مزيفاً عن محـتوى ما دار بين السيد الخامنئي والسيد إسماعيل هنية أثناء زيارته الأخيرة لطـــهران. وسرى هذا الخبر الذي أوردته رويترز إلى باقي الإعلام المعادي لمحور المقاومة مثل : "تايمز أوف إسرائيل" و"إيران إينتر نشنال" و"صحيفة الشرق الأوسط "، وغيرها من المواقع والقنوات الإعلامية، وانتشر كالنار في الهشيم.
ما ذكرته وكالة رويترز نقلاً عن ثلاثة مسؤولين في حماس هو التالي : أن المرشد الإيراني علي خامنئي وجه رسالة واضحة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية عندما التقيا في طهران في أوائل الشهر الجاري؛ موضحاً أن حماس لم تبلغ إيران بهجوم السابع من اكتوبر على إسرائيل،وبالتالي فإنّ طهران لن تدخل الحرب نيابة عنها .
وقال السيد الخامنئي لهنية : إنّ إيران ستواصل تقديم دعمها السياسي والمعنوي للحركة، ولكن من دون التدخل المباشر.
بتصوري ان نقل الأخبار المزيفة ونسبتها إلى الآخرين لم عفوياً،فتجارب الدول تشير إلى ان هناك توظيف للأخبار في خدمة المشاريع الدولية المختلفة؛ففي سنة 1980م ألقى رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الجنرال تيريز خطاباً في مؤتمر رؤوساء تحرير الصحف الأمريكية قال فيه : لا أستطيع أن أعد بأن وكالة المخابرات سوف تتوقف في المستقبل عن إستخدام الصحفيين في سبيل تحقيق اهدافها، وكرر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر نفس أقوال الجنرال تيريز في خطاب مع محرري الصحف، وبعدها بأيام قليلة صرح رئيس وكالة المخابرات المركزية : يجب على الصحفيين أن يتجاوزوا عقدة الإستقلالية المعرفية وأن يقوموا بخدمة الحكومة، فإذا كان الرئيس نفسه ورئيس لجنة الكونغرس يرعيان وكالة المخابرات المركزية ورئيسها،فإنّ الوطنية تستدعي تنفيذ مهام سرية.
حركة حماس بإعتبارها معنية أولاً وأخيراً بما ذكرته وكالة رويترز؛سارعت إلى تكذيب الخبر،وأصدرت بياناً قالت فيه : ننفي صحة ما ورد في هذا التقرير، ويؤسفنا نشر خبر لا أصل له، وندعو الوكالة لتحري الدقة.
وفي حوار خاص مع إرنا الإيرانية، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أسامة حمدان : ماورد في الخبر الصادر عن وكالة رويترز للأنباء حول لقاء الأخ المجاهد إسماعيل هنية مع سماحة آية الله السيد علي الخامنئي هو محض كذب وافتراء والوكالة لم تقدم أي معلومات،وإنّما قدمت كذبة رخيصة.
وفي موازاة نفي حركة حماس نقلت الميادين عن "نيونيوز"، ان مسؤولاً ايرانياً كبيراً نفى صحة ما أوردته وكالة رويترز،ولم تذكر الميادين ولا نيونيوز إسم المسؤول الإيراني. تتبعت بعض وكالات الأنباء والمواقع الإعلامية الإيرانية مثل: وكالة مهر للأنباء، وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا)، وكالة فارس للأنباء، وعصر إيران، وغيرها وشاهدت أنّها نقلت خبر تكذيب حركة حماس لمحتوى ماذكرته وكالة رويترز للأنباء.
السيد الخامنئي ومنذ بداية عملية طوفان الأقصى، كانت له حوالي أربعة لقاءات مع مختلف الشرائح والأصناف، وفي جميع تلك اللقاءات كان يخصص جزءاً من حديثه لبطولات المقاومة الإسلامية وصمودها، وضرورة نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم وأن الكيان الصهيوني قد خسر المعركة مع حركة حماس بشكل لايمكن جبرانه أو ترميمه مهما فعل.
وكان يطالب الدول الإسلامية بإتخاذ موقف موحد وحازم من كيان الإحتلال الصهيوني، وكان يبعث الأمل بأن النصر معقود على نواصي الخيل والأسنة، وأن بعد العسر يسراً.
أصل الخبر الصحيح أنقله للقارئ من الموقع الإلكتروني للسيد الخامنئي، وهو مايلي : في أثناء لقاء السيد قائد الثورة الإسلامية مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد اسماعيل هنية؛ ثمّن القائد المواقف البطولية للشعب الفلسطيني وحيا فيهم الصبر والإستقامة والصمود، وأظهر أسفه الشديد على الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني تحت الحماية الأمريكية وبعض الدول الغربية ،وجدد السيد الخامنئي تأكيده على موقف الجمهورية الإسلامية الثابت في حماية قوى المقاومة الفلسطينية في مواجهة الإحتلال الصهيوني.
إنّ التقارير الإعلامية إذا لم تكن محايدة أو تختلق الكذب، فإنّ ذلك يعني في وجه من الوجوه إستخدام الإعلام كغطاء لمصالح الدول الأخرى من اجل ضرب العلاقات داخل محور المقاومة وإثارة الفتنة، وهو ما نفهمه من نشر مثل هذا الخبر الكاذب الذي لا يجد له ولو رجع صدى خافتا في محور المقاومة، لكنه قد يجد له صدى ووقعاً كبيراً عند النفوس الضعيفة المفلسة من الشهامة والكرامة والوعي.
نأمل أن تكون الوكالات الدولية للأنباء والصحف والقنوات والمواقع الإعلامية منصفة وموضوعية وصادقة في نقل الحقائق إلى النّاس، وأن تبتعد عن الأساليب الرخيصة في إختلاق الأخبار أو سرد الأخبار المزيفة وغير الموثقة.
إن موقف السيد الخامنئي ومعه الحكومة والشعب الإيرانيين في نصرة القضية الفلسطينية ودعم حركات المقاومة لم يتغير قط، ولم يتخلَ الشعب الإيراني وغيره من الشعوب الحرة عن فلسطين حتى لو اجتمع العالم كله ضدهم .
لقد تظاهر الزمان على الفلسطينيين، لكنهم صمدوا وصبروا وتجارب التاريخ والسنن الإلهية تفيد أن النصر قد يأتي في أشد الساعات عسراً أو في اللحظة الأخيرة؛ [قال أَصۡحَٰابُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ]، [وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ].
انتهى
__________________________
* باحث وداعية اسلامي