د. محمد أبو بكر*
لا يدخل الجنّة مؤمن وجاره جائع.. صمتنا وتخاذلنا تجاه غزة سيقودنا حتما إلى جهنم
أمّة عاجزة عن إيصال الطعام والدواء والماء الصالح للشرب، أمّة وصلت إلى حالة من الخنوع والإستسلام، وهي ترى ما يجري هناك من حرب إبادة، باتت هي مشاركة فيها بصورة فعلية، بسبب عجزها وتواطؤها، أمّة كانت في غابر الزمان خير أمّة، فأصبحت اليوم مدعاة لضحك العالم عليها والإستخفاف بها.
قال أحد كفّار قريش : يا أهل مكّة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى؟ حينها جرى إنهاء حصار رسول الله (ص) وقومه، فالكافر كان حريصا على أن لا يجوع بنو هاشم، في حين يشهد كل حكّام العالم العربي والإسلامي ما يجري في القطاع هذه الأيام ولا يحرّكون ساكنا، وأقصى ما يقومون به بيانات مخجلة لا تسمن ولا تغني.
وأتساءل اليوم في ظل هذه الحالة المترديّة للأمّة .. أين نحن من مروءة وشهامة ونخوة كفّار قريش؟ أين نحن من رجولتهم وحرصهم على أن لا يجوع إنسان في الجزيرة العربية في ذلك الوقت؟ هل يعقل بأنّ هذه الأمّة قد وصلت إلى مثل هذه الحالة المزرية التي لا تستطيع فيها اتخاذ موقف، على الأقل كما البرازيل وفنزويلا ونيكاراغوا وجنوب إفريقيا؟
ماذا سيكون مصير هذه الأمّة حين وقوفها بين يديّ الخالق؟ أجزم بأن المصير واضح، وهو الزجّ بنا في جهنم، لقد رضينا بما يحدث لأهلنا في القطاع من جوع وإبادة وقتل وتشريد وتهجير، وإغلاق المتنفّس الوحيد لهم والمتمثل بمعبر رفح، فالأشقاء اليوم مشاركون في الجريمة بصورة واضحة لا لبس فيها.
إلى من ينوي أداء مناسك الحج هذا العام .. استحلفكم بالله تأجيل هذه الفريضة للعام القادم، تبرّعوا بالتكاليف لأهل غزة، ونحن نعلم بأنّ تكاليف الحاج الواحد تفوق الخمسة آلاف دولار، أهل غزة أولى بها أيها المسلمون، فإغاثة الملهوف والمحتاج في هذا الظرف هي جهاد في سبيل الله، وهل هناك ما هو أسمى من الجهاد في سبيل فلسطين وشعبها ضد الصهاينة والمتصهينين والمتخاذلين؟
اللهمّ ياذا الجلال والإكرام؛ عليك بالخونة الأذلّاء شركاء القتلة والمجرمين، وكلّ من صمت وتخاذل ورضي بقتل أهلنا في فلسطين، أو عاونهم وأيّدهم وحاصرهم، خذهم يارب أخذ عزيز مقتدر، فلم نعد نطيق وجودهم بيننا، فهم أخطر علينا من الصهاينة أنفسهم.
أكتفي بذلك، أللهم اشهد إنّي قد بلّغت، فأنا لا أتصوّر أبدا موسم حج يترافق مع موسم ترفيه ورقص عار وغناء هابط يجري في أرض الأنبياء والرسل!
____________________________
* كاتب فلسطيني