القرار هو لذر الرماد في العيون، كما يقولون، ولإرضاء الرأي العام الأمريكي و"اسرائيل"، ولتطويق التداعيات السلبية لحرب الإبادة، على الحملة الانتخابية للرئيس بايدن.
د.جواد الهنداوي*
قرار مجلس الامن ”لوقف إطلاق النار في غزّة“.. للتطبيق ام للأرشيف ؟
تنـا
الحوار نيوز , 26 Mar 2024 ساعة 16:36
القرار هو لذر الرماد في العيون، كما يقولون، ولإرضاء الرأي العام الأمريكي و"اسرائيل"، ولتطويق التداعيات السلبية لحرب الإبادة، على الحملة الانتخابية للرئيس بايدن.
صدر القرار (الاثنين 25 اذار / مارس 2024م)، بعد ان طال انتظاره، وهو بكل تأكيد خطوة، ولكن في اي تجاه؟؛ صَدَرَ وبعد اكثر من خمسة شهور من حملة ابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزّة، وكما يقول المثل الدارج ”تمخّض الجبلُ فولد فأراً ”.
لم تستخدم الولايات المتحدة الامريكية حق النقض “الفيتو” ضد القرار كعادتها ومواقفها المعروفة في مجلس الامن ازاء القضية الفلسطينية، وهي التي استخدمت ثلاث مرات حق النقض للحيلولة دون صدور قرار من مجلس الامن بوقف الحرب او الابادة الجماعية في غزّة.
لم ولن تتبنى امريكا موقفاً او سياسة تجاه القضية الفلسطينية او تجاه الحرب او الابادة في غزّة ما لم تتشاور مُسبقاً مع ربيبتها "اسرائيل"؛ موقف امريكا تجاه القرار وعدم استخدامها حق النقض تّمَ حتماً بعد التشاور مع الكيان الصهيوني.
تشعرُ الادارة الأمريكية بالحرج الكبير امام الرأي العام الدولي وأمام الرأي العام الأمريكي إنْ استخدمت مرّة اخرى حق النقض، لا سيما والرئيس بايدن يواجه صعوبات وانتقادات في حملته الانتخابية، وان خصمّه ترامب بدأ يطالب "اسرائيل" بوقف الحرب في غزّة، ومن اجل مصلحتها، وحسب تصريحاته.
ادركت الادارة الأمريكية أنَّ حرب غزّة ستدخل وقوة، كعامل مؤثر في توجيه اصوات الناخبين، لذا من الصعب على الادارة الاستمرار في استخدام حق النقض.
لـ "إسرائيل" تاريخ طويل في التعامل بسلبية او بأهمال مع القرارات الصادرة من مجلس الامن او من الامم المتحدة او من المنظمات الاممية اوالدولية؛ ليس لميثاق الامم المتحدة وللقانون الدولي والقانون الإنساني ايّ اعتبارات لدى الكيان المحتل، لذلك علينا ان ننظر إلى القرار من زاويتيّن : زاوية صدور القرار و زاوية تطبيق القرار، و نتساءل هل هو قرار للتطبيق ام صدر كي يُحفظْ في الأرشيف، ولكي لا تتهم امريكا بانها المعارض لوقف إطلاق النار امام الرأي العام الدولي والأمريكي.
جاء القرار عارياً من ايّ اجراءات عقابية في حالة عدم تنفيذه من قبل "اسرائيل"، وهي الطرف المعتدي والمحتل، والذي يرتكب كل يوم عشرات المجازر و جرائم حرب وابادة، ثُمَ هل القرار يُلبي المطالب الشرعية للمقاومة الفلسطينية، في حين وردَ في القرار وجوب الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة الرهائن المحتجزين في القطاع!
ينصُ القرار على وقف إطلاق نار خلال شهر رمضان، ”على ان يؤدي إلى وقف اطلاق نار دائم”! ولكن، مَنْ ذا الذي يضمنُ وقف إطلاق نار شامل، والجميع يعلم ارداة الكيان المحتل بالاستمرار بالقتل والتجويع و أمله بتهجير سكان غزّة؟.
القرار بحق لا يُعّبرُ عن اي مطلب من مطالب المقاومة في غزّة، والتي عرَفَتها كافة الأطراف التي رعت المفاوضات غير المباشرة بين الكيان والمقاومة؛ امريكا والوسطاء في المفاوضات (قطر، مصر) يعرفون جيداً مطالب المقاومة الفلسطينية وحماس، للإفراج عن الاسرى "الاسرائيلين".
للأسف، القرار هو لذر الرماد في العيون، كما يقولون، ولإرضاء الرأي العام الأمريكي و"اسرائيل"، ولتطويق التداعيات السلبية لحرب الإبادة، على الحملة الانتخابية للرئيس بايدن. وقد صرّحَ المتحدث الرسمي للبيت الأبيض، وتعليقاً على القرار وعن موقف امريكا بالقول،"أن موقف امريكا من القرار لا يعبر عن تغيير في السياسة الأمريكية”. ومعنى ما يقوله هو الاستمرار في نهج السياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل ،وان عدم استخدام حق النقض لا يعني تغيرا في الموقف الأمريكي.
وهذا التصريح هو ايضاً توضيح للذين يأملون بقراءة ايجابية عن القرار.
انتهى
___________________________________________________________
*سفير عراقي سابق، رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات / بروكسل في ٢٠٢٤/٣/٢٥ .
رقم: 629583