الكتاب.. عامل التواصل في دائرتنا الحضارية
لقد شرّف الله اسم الكتاب إذ أطلقه على كتابه المنزل الحكيم فقال سبحانه: ﴿الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ وحين اهتمّ المسلمون بما ألّفه سيبويه من قواعد لصيانة لغة القرآن سموه «الكتاب». وبعد انتصار الثورة الإسلامية وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بادرت الجمهورية إلى اقامة المعرض الدولي للكتاب سنويًا وها هو الآن في دورته الخامسة والثلاثين.
الاهتمام بالكتاب يعني الاهتمام بالعلم والثقافة والآداب، وهو اهتمام ينطلق من أهداف الحضارة الإسلامية التي تتجه نحو رفع مستوى شعوب الدائرة الحضارية الإسلامية والارتباط بينهم عن طريق الكتاب.
واللافت للنظر في معرض الكتاب الدولي بطهران أنه مفتوح لجميع الاتجاهات البناءة ولكل الافكار والآراء حتى وإن كانت متعارضة شريطة أن تتجه إلى حوار فكري يُثري الساحة الفكرية، كما بلفت النظر أنه يلبّي حاجة القراء من مختلف الفئات السنية والفكرية والعلمية، فهناك اهتمام بكتاب الفلاسفة إلى جانب الاهتمام بكتاب الأطفال والناشئة. والمعرض أيضا يضم صالات حوار ومناقشة يشارك فيها المؤلفون والمترجمون والعاملون في حقل الطباعة والنشر.
وتتواصل أعمال المعرض صباح مساء لمدة عشرة أيام ويزوره خلالها العلماء والكتاب والطلبة والمسؤولون، وعلى رأس هؤلاء المسؤولين السيد القائد الخامنئي. وتفقُّدُ سماحته لغرف المعرض يثير الدهشة إذ إنه يبحث عن آخر مستجدات النشر، ويناقش الناشرين في مشاكلهم ويسألهم عن كل كتاب يلفت نظره، ويشجع على نشر ما يرفع مستوى الفكر والمعرفة والأدب .. يطالع الفكر المعاصر باتجاهاته المختلفة وخاصة ماكان منه باللغة الفارسية والعربية، ويطالع الانتاج الأدبي الفاخر باللغة العربية وماهو مؤلّف بالفارسية أو المترجم اليها من اللغات المختلفة.. ولقد قال مرّة إنه طالع كل ما تُرجم من روايات الفرنسيين والأمريكيين والاوربيين عامة وأمريكا اللاتينية الى اللغة الفارسية.
لقد استغرب شاعر العرب الأكبر "محمد مهدي الجواهري"، حين زار السيد القائد وأهداه مجلدين من كتاب ذكرياتي، فوجد أن السيد القائد قد قرأ الكتاب من قبل وهمّش على صفحاته وعلّق على بعض آرائه.
هذا هو شأن رجال الحضارة الإسلامية في القديم في عصرنا الحديث، يجدون في الكتاب الوسيلة الفضلى في شدّ أواصر دائرتنا الحضارية وتحقيق «التعارف» أو التبادل المعرفي بين أبنائها.
بعد ذلك لا بدّ أن نقول، "إن الكتاب على مكانته الحضارية الكبيرة يمكن أن يعتدي عليه المعتدون فيلوثوا طُهره ويدنّسوا كرامته وهذا هو شأن الكتاب و وسائل الاعلام في العالم، ولذلك لابد أن ينهض أصحاب الأقلام الشريفة، وذوو الافكار السامية الى تقديم ما ينفع الناس، كي لا يغطّي الزَبَد على النافع من الفكر والثقافة والفنّ.
بهذا يكون الانتاج الذي يحمله الكتاب يقرّب بين الشعوب والمذاهب والأديان ويدفع نحو حياة ملؤها التفاهم والحوار و«التعارف» بين البشر.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية