حديث التقريب.. الإمام الرضا (عليه السلام) داعية الحوار والتقريب
شاع على بعض الألسن أن الأئمة الاثني عشر ابتداء من الإمام علي(ع) وانتهاء بمحمد المهدي(ع) هم أئمة الشيعة الاثنى عشرية. والواقع هم أئمة المسلمين جميعًا باجماع أهل العلم من المسلمين وأسماؤهم مدوّنه في كتب أهل السنّة وبالمناسبة فأسماؤهم مدونة أيضًا بأجمعهم في المسجد النبوي الشريف.
ومرقد الامام الرضا (ع) في مدينة مشهد بخراسان (شرق ايران) يزوره المسلمون على اختلاف مذاهبهم.
والإمام الرضا قلّده الخليفة المأمون العباسي ولاية العهد، ولكن يقال إنه بضغط من العباسيين انصرف عن قراره، وقرر التخلّص منه، فاستشهد ودفن في مرقده القائم اليوم.
بقي الإمام الرضا (ع) يحاور أصحاب الملل والنحل مدة 20 عامًا، ومحاوراته مدونة في كتب التراث، وتشكل وثيقة هامة من الحوار التقريبي الحضاري في القرن الثاني الهجري.
الإمام الرضا (ع) عرف باملائه الحديث النبوي الشريف على علماء خراسان، واشتهر منها حديث سلسلة الذهب الذي قيل عنه أنه لو قُرءه على مجنون لأفاق.
وحين كان في خراسان قصده كبار شعراء العربية فأنشدوا أمامه دُرَرَ قصائدهم، ومنهم دعبل الخزاعي الذي أنشَد أمامه تأئيته المشهورة التي مانزل بآل البيت من ظلم الظالمين.
مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات
وفيها يقول:
همُ أهل ميراث النبي إذا اعتزوا وهم خير قادات وخير حماة
وفيها أيضًا بيت ألهب عواطف الـمتذوقين للأدب على مرّ العصور، يقول مصورًا سبايا آل البيت بعد موقعة كربلاء:
بنات زياد في القصور مصونة وآل رسول الله في الفلـــــــــــــــــوات
وهذه التائية اشتهرت فشرُحت مرارًا وترجمت الى اللغات الأخرى ولا تزال موضع اهتمام الدارسين للأدب العربي.
وروي، أن أبا نؤاس لاموه على عدم مدحه الإمام الرضا (ع)، فقال :
قيل لي أنت أو حد الناس طُرًا
فـــــي فنــــــون الــــــــــــمقال النبيـــــــــــــــه
لك في جوهر الكـــــــــــــــلام نظام
يثمر الدر فــــــــــــــــي يدي مجــــــتنيه
فلماذا تركت مدح ابن موسى
والخصال الـــــــــــــــــذي تجمعن فيه
قلت لا أهــــــــتدي لـــــمدح امام
كان جبريل خـــــــــــادمًا لأبيـــــــــــــه
إنّ في مدينة مشهد بخراسان راية تنادي المسلمين أن تحاوروا ولا تخاصموا، واتحدوا ولا تتفرقوا، وهو نداء القرآن الكريم في آياته الكريمة حيث يدعو إلى مقابلة الآخر الذي يبدي العداوة بالتي هي أحسن :
﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾
هذا هو الخلق الإنساني الإسلامي في التعامل مع الآخر، خلافًا لأولئك الذين إذا استشعروا القوة راحوا يهلكون الحرث والنسل كما نشاهد اليوم في تصرف الصهاينة مع الفلسطينيين عامة وأهل غزّة بشكل خاص، والقرآن الكريم يقول عن هؤلاء :
﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾.
سيبقى نداء القرآن ونداء الإمام الرضا (ع) عاليًا يدعو إلى كلمة سواء.
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾.
والإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) سجّل ذلك عمليًا في جلسات حواره خلال مدة إقامته في خراسان.
سلام عليه يوم ولد ويوم التحق بالرفيق الأعلى ويوم يبعث حيًا.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية
انتهى