“إسرائيل”.. وإعلان النصر من جانب واحد!
بعد الفشل الميداني والعسكري بالقضاء على المقاومة في غزة، على الرغم من عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين والاسرى والدمار الكبير بعد ثمانية أشهر من الحرب العالمية عليها والتي شارك فيها “أشقاؤها العرب والترك”،
ونتيجة القناعة بعدم القدرة لتحقيق الاهداف التي وضعها التحالف الأميركي-الإسرائيلي، سواء بالقضاء على المقاومة في غزة او استرجاع الاسرى، بالقوة او التهجير الى سيناء،
وبسبب عدم القدرة على تحمّل حرب الاستنزاف على جبهتي غزة ولبنان وما تتعرض له السفن في البحر الاحمر من الأخوة اليمنيين، يبقى الخيار الأفضل للتحالف الأميركي-الاسرائيلي هو اعلان النصر الاسرائيلي من جانب واحد، للهروب من توقيع اتفاق مع المقاومة ينهي الحرب وابقاء الحالة الميدانية في غزة كما هي، لإطالة الحصار والعودة الى الحرب عند تأمين القوى اللازمة لذلك.
ان اعلان "اسرائيل" للنصر في غزة من جانب واحد مع معرفتها بعدم تحقيقه يرمي لتحقيق الاهداف الآتية:
– وقف النزيف المعنوي والمادي للجيش والجمهور الإسرائيلي.
– إعادة تنظيم الوضع السياسي على مستوى الحكومة، والعسكري على مستوى الجيش الاسرائيلي المنهك والمرتبك والفاشل.
– عدم توقيع اتفاق مع المقاومة في غزة يتضمن انهاء للحرب والقبول بوقف اطلاق نار حتى استرجاع الاسرى الإسرائيليين..
– تأجيل اعمار غزة، لإبقاء الناس في معاناتهم للتحريض على المقاومة.
– إراحة ” بايدن” وفريقه الانتخابي في فترة الانتخابات الرئاسية .
– التفرّغ لجبهة لبنان التي يتزايد تأثيرها على الكيان الإسرائيلي على المستويات السياسية والعسكرية والشعبية والتي اثبتت للمرة الثالثة انتصارها على العدو، ليس صدفة، بعد تكريسه ثلاث مرات في تحرير الجنوب عام 2000، وانتصار تموز عام 2006، وحرب الاستنزاف منذ تشرين اول عام 2023.
لقد تحوّلت الحرب ضد الكيان الاسرائيلي منذ شهر مضى، حربا بقيادتين ميدانيتين “لبنان وغزة” ضمن حرب متعددة الساحات، لكنها موّحدة القرار على مستوى محور المقاومة مع تقدم لقيادة المقاومة في لبنان على المستويين العسكري والسياسي لحماية المفاوضين عن المقاومة في غزة، وتحذيرهم في نفس الوقت من توقيع اي اتفاق يُجهض انتصارات الميدان في غزة ولبنان واليمن، ووجوب تحمّل بعض الخسائر الاضافية والصبر على الالم الذي يمكن ان يحمي الانجازات ويؤسس لإنجازات أكبر في المستقبل.
يحاول الاميركيون تشجيع "الاسرائيليين" على اعلان النصر في غزة، بالتلازم مع التحضير لتحالف دولي وعربي ضد المقاومة في لبنان، والذي بدأت إرهاصاته بالاجتماع التنسيقي بين الجيش "الاسرائيلي" وقادة بعض الجيوش العربية، والذي يمكن ان يتطوّر بعد التحذير المُوجّه لقبرص عضو الاتحاد الأوروبي، والذي يمكن ان يستدرج ايضا تدخله، بحجّة حماية احد أعضائه (قبرص) والإنخراط في التحالف الدولي-العربي ضد المقاومة في لبنان، لأن لبنان يمثل قاعدة القيادة الأمنية والسياسية الأميركية للمنطقة، والمُهدّد الرئيس على المستوى الامني والوجودي للكيان الإسرائيلي… والمشكلة انه هو المسؤول عن تهشيم الهيبة الإسرائيلية بعد تحرير ارضه بدون مفاوضات ولا اتفاقيات سلام… وهو المسؤول عن تسليح المقاومة الفلسطينية في الداخل.. وهو المسؤول ايضا بالشراكة مع الحلفاء من منع سقوط سوريا في الربيع العربي.
والسؤال هل تبدأ اميركا هجومها المضاد، بإشعال الفتنة في لبنان واستخدام بعض النازحين فيها، ام ستبدأ بالضغط الاقتصادي والعودة الى سلاح الدولار، للضغط على المقاومة داخلياً، بالتزامن مع جولة ساخنه من النار يقوم بها العدو الاسرائيلي قبل الوصول الى اتفاق او هدنة مؤقتة؟
ان تغيير اهداف المشاركة بالحرب من جبهة اسناد الى جبهة رئيسة وتوسّع الجغرافيا من لبنان الى سوريا ثم قبرص…وربما الاتحاد الأوروبي، يفترض مراجعة إدارة الحرب بنسختها الجديدة، للتمكن من الصمود وتحقيق النصر او عدم الانهزام او الاستسلام…
انتهى
_______________________
* كاتب صحفي لبناني