في ظل احتدام التوتّر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يتوقع الكثير من المراقبين بأن اندلاع الحرب الشاملة على مرمى حجر بين حزب الله و"الجيش" الإسرائيلي، الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، وتعمل على تقويض فرص وقف الحرب على قطاع غزة، من خلال عمليات عسكرية جديدة ضد لبنان وشعبه.
فالتطلع نحو لبنان لا يظهر سوى المزيد من تطور الأحداث والتصعيد الكبير بين "إسرائيل" وحزب الله، حيث يحاول الاحتلال تحقيق بعض الإنجازات من خلال انشغال العالم بالانتخابات الأمريكية واستغلال الظروف الحالية والتأييد الدولي له في حربه على غزة لإغلاق الملف مع حزب الله الذي فتح جبهة محدودة في الشمال وأجبر عشرات الآلاف من المستوطنين على مغادرة المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة.
وبالتالي يريد نتنياهو فرض معادلة جديدة تتمثل في إبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني واغتيال قياداته الكبيرة وإعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم بالشمال حتى يعمل على إغلاق الملفات والجهات المعادية له ليعزز حضوره داخل إسرائيل وتنفيذ أجندة اليمين المتطرف بحسم الصراع على كافة الجبهات.
في الواقع، بات واضحاً أن قوات الاحتلال تمكنت من ارتكاب المجازر والجرائم بحق الشعب اللبناني من خلال الدعم المالي والعسكري والسياسي اللامحدود للولايات المتحدة، كجزء من مساعيها لإخضاع الشرق الأوسط والهيمنة عليه.
وفي ظل التطورات الجارية في المنطقة يتابع الأمين العام للحزب مجريات المواجهة بين المقاومة وقوات الاحتلال، وهو يشرف على إدارة هذه المعركة في تواصله المباشر مع القيادات الميدانية للمقاومة، ويشرف على كل المجريات الميدانية والعسكرية والسياسية، فهناك أخبار مؤكّدة عن تكبّد القوات الإسرائيلية لخسائر مهولة في الأرواح والعتاد، وقد تمّت إبادتهم في مناطق متعددة من شمال اسرائيل؛ الأمر الذي أصبح يمثل تهديداً أقلق جنرالات الحرب في تل أبيب.
مع ذلك، إن القوة النارية الرئيسية لحزب الله هي صواريخه وقذائفه التي تغطي جميع مناطق "إسرائيل" وقدرته على إطلاق النار بدقة، في حين أن الجزء الأكبر من هذه القوة سيهدد المنطقة الشمالية بأكملها، وهذا يعني أنه خلال الأيام الاولى من الحرب، سيكون من المستحيل الاستمرارية الوظيفية للبنى التحتية للاتصالات والكهرباء والمياه، وسيكون الحزب قادراً على تجديد مخزونه من الصواريخ حتى خلال الحرب، عبر الممر الإيراني والسوري.
في الإتجاه الآخر، يعرف نتنياهو أنه في ورطة كبيرة لا يستطيع أن يمنع المقاومة من تحرير المنطقة من قوات الاحتلال وفي نفس الوقت يدرك عواقب فشله في مغامرة غزو لبنان، ويعرف العواقب الوخيمة التي سترتد على قواته المتواجدة في غزة التي تعددت فيها مغامراته اللامسؤولة.
في السياق ذاته ، ترشح المعطيات أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مثيرة بين حزب الله والكيان الصهيوني، التي يبدو أنها دخلت مساراً جديداً بعد تصريحات السيد نصرالله عن أن المقاومة أعدت مخططاً دقيقا لشن هجوم عسكري محتمل على الكيان الصهيوني.
في خطوة من شأنها إعادة ترتيب الأوراق من جديد في المنطقة. هذا مما دفع الإسرائيليين إلى العيش في حالة خوف ورعب وتوترٍ، كونهم يخشون من أن تؤدّي هذه العملية إلى حرب شاملة ومفتوحة تندلع مع حزب الله وسورية والمقاومة العراقية واليمنية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية.
مجملاً.. يجب على نتنياهو أن يحترس من التورط في مستنقع لبنان الذي لا يستطيع تطويق حدوده ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وسورية واليمن والعراق و…و…، وهي حرب سوف تكون مكلفة لإسرائيل عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت على المنطقة.
ويبقى السؤال : هل نعيش نهايات إسرائيل الآن، أم يتأخر الاحتراق لسنوات أخرى؟!
الأيام القادمات تجيبنا عن ذلك.
انتهى
_____________________
*كاتب سوري