كما لكل مناسبة عاداتها وتقاليدها، فلشهر رمضان المبارك أيضاً عادات وتقاليد خاصة به ترتبط بالثقافة الدينية والاجتماعية لكل بلد، رغم أن بعض هذه العادات بدأت بالتلاشي، وحلت مكانها ظواهر تواكب تطور المجتمع، ولا صلة لها بشهر الله لا من قريب ولا من بعيد.
عادات رمضانیة قديمة وجديدة في لبنان
28 Aug 2010 ساعة 15:12
كما لكل مناسبة عاداتها وتقاليدها، فلشهر رمضان المبارك أيضاً عادات وتقاليد خاصة به ترتبط بالثقافة الدينية والاجتماعية لكل بلد، رغم أن بعض هذه العادات بدأت بالتلاشي، وحلت مكانها ظواهر تواكب تطور المجتمع، ولا صلة لها بشهر الله لا من قريب ولا من بعيد.
کالة أنباط التقریب (تنا )
كما لكل مناسبة عاداتها وتقاليدها، فلشهر رمضان المبارك أيضاً عادات وتقاليد خاصة به ترتبط بالثقافة الدينية والاجتماعية لكل بلد، رغم أن بعض هذه العادات بدأت بالتلاشي، وحلت مكانها ظواهر تواكب تطور المجتمع، ولا صلة لها بشهر الله لا من قريب ولا من بعيد.
ومن التقاليد الرمضانية السابقة في لبنان ممكن أن نشير الى الآتي:
طقوس استقبال شهر رمضان
عن طقوس استقبال شهر رمضان إلى أنه فور اعلان بدء الشهر الفضيل بعد التماس الهلال، كانت الفرق الدينية تملأ الشوارع، حيث تنطلق المسيرات المزينة بالبيارق في كل المناطق الإسلامية، مستقبلة شهر الله، من خلال الأناشيد الدينية التي تصدح في كل الأرجاء.
كما كان يتم التباهي في تزيين المناطق، حيث تلبس كل منطقة حلّة خاصة برمضان، فتشعر وكأن المناطق دخلت في مسابقة أفضل زينة.
هذه كانت أجواء التحضير للشهر الفضيل في السابق والتي استمرت إلى خمسينات القرن الماضي، أما الآن فقد تلاشت هذه العادات شيئاً فشيئاً، واقتصرت على مسيرات محدودة النطاق تقوم بها دار الأيتام الإسلامية، وبطرق عصرية تواكب الزمن، حيث نرى الأطفال الأيتام يجولون في مواكب سيارة، بأزياء تواكب الشهر الفضيل وعلى وقع الأناشيد الدينية.
المسحراتي
المسحّراتي بحسب حلاق صورة لا يكتمل شهر رمضان بدونها، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بتقاليدنا الشّعبية الرّمضانيّة، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحّراتي جولته الّليلية في الأحياء الشّعبية موقظاً أهاليها للقيام عبر ضرب طبلته وصوته الجميل يصدع بأجمل الكلمات مما يضفي سحرا خاصّا على المكان، ومن العبارات المشهورة للمسحّرين قولهم: يا نايم وحّد الدّايم يا غافي وحّد الله، يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك، قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم، إضافة إلى بعض التواشيح، ويجول في الشوارع، وكان الناس عند سماعهم صوت المسحراتي، يضيئون غرفهم وتشعشع كل البيوت، عندها يعلم المسحراتي أن عمله قد انجز، وأن الناس استيقظت على السحور.
وقديماً كان المسحّراتي لا يأخذ أجره، وكان ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل منزلاً منزلاً ومعه طبلته المعهودة، فيوالي الضّرب على طبلته نهار العيد لعهده بالأمس في ليالي رمضان، فيهب له النّاس بالمال والهدايا والحلويات ويبادلونه عبارات التّهنئة بالعيد السّعيد.
إلا أنه مع تقدم الزمن وتطور المجتمع تكنولوجيا أصبحت هذه المهنة شبه منقرضة بعدما كانت مشهورة ومتزاولة بقوة وخصوصاً في بلدان الخليج الفارسي وبعض بلدان شمال أفريقيا العربية.
مدفع رمضان
ويشير حلاق إلى أن من المظاهر التي ارتبطت بشهر رمضان في العهد العثماني، وفي عهد الإنتداب وعهود الإستقلال ظاهرة مدفع رمضان، حيث كان الجيش العثماني يتولى هذه المهمة من اعلى ربوة في بيروت العثمانية قرب منطقة الثكنات أو السرايا، وكان المدفع يعلق باتجاه البحر، عند آذان المغرب معلناً وقت الإفطار كما يطلق عند السحور معلناُ وقت الإمساك عن الطعام.
إلى ذلك تشير الدراسات التاريخية إلى أن تقليد مدفع الإفطار يعود إلى عام ۱۸۱۱ في زمن والي مصر محمد علي باشا، حيث كان جيشه قد امتلك مدافع حديثة الصنع فأمر بإحالة المدافع القديمة إلى المستودعات، وقد وضع أحدها في القلعة إستذكاراً لإنتصاراته، وفي احد أيام شهر رمضان أطلق جيش محمد علي طلقة من المدفع القديم مع آذان المغرب، فظن المصريون أن هذا العمل بات تقليداً، وابتهجوا لهذا الأمر، ومن حينها أمر محمد علي بإطلاق المدافع مع آذان المغرب ومع الإمساك وفي الأعياد، وانتشر ذلك في بلاد الشام، ومن يومها أصبحت هذه عادة نفتقدها في أيامنا هذه، حيث لم نعد نسمع لا مدفع الإمساك ولا حتى مدفع الإفطار.
استقدام المنشدين
ومما كان سائداً أيضاً في شهر رمضان، استقدام المنشدين الدينيين المشهورين بأصواتهم الشجية وأناشيدهم المبدعة من مصر ودمشق، وذلك لاحياء السهرات الدينية.
فانوس رمضان
كان شهر رمضان بالنسبة للأطفال عبارة عن شمعة مشتعلة داخل فانوس، فانوس رمضان احد المظاهر الشّعبيّة الأصلية في مجتمعنا. وهو أيضا واحد من الفنون الفلكلورية الّتي نالت اهتمام الفنّانين والدّارسين حتّى أن البعض قام بدراسة أكاديميّة لظهوره وتطوره وارتباطه بشهر الصّوم ثمّ تحويله إلى قطعة جميلة من الدّيكور العربي في الكثير من البيوت المصريّة الحديثة.
و هناك العديد من القصص عن أصل الفانوس. أحد هذه القصص أن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق. كان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معاً بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان.
وهناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها.
وتروى قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا. بهذا الشكل كانت النساء يستمتعن بالخروج وفى نفس الوقت لا يراهنّ الرجال.
ويظل الفانوس رمزا خاصا بشهر رمضان خاصةً في مصر، حيث انتقل هذا التقليد من جيل إلى جيل ويقوم الأطفال بحمل الفوانيس في شهر رمضان والخروج إلى الشوارع وهم يغنون ويؤرجحون الفوانيس.
وقبل رمضان ببضعة أيام، يبدأ كل طفل في التطلع لشراء فانوسه، كما أن كثيرا من الناس يعلقون فوانيس كبيرة ملونة في الشوارع وأمام البيوت والشقق وحتى على الشجر.
اسواق رمضان
الأسواق قديماً كانت تعج بالحركة التي لا تهدأ والتي تبدأ منذ منتصف شهر شعبان وهو الشهر الذي يسبق رمضان، وتزداد ازدهاراً قبيل أيام قليلة من الشهر المبارك فبالإضافة إلى الأسواق الموجودة طيلة أيام السنة، هناك أسواق أخرى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بشهر رمضان، كأسواق الحلويات والمشروبات الرمضانية.
مأكولات رمضان
وعن المأكولات الرمضانية إلى ما كان يُعرف منذ العهد العثماني بالزغلولية، أي ما يُعرف اليوم بالبقلاوة أو الحدف، والتي كان المسلمون ينهمكون في "صنعها" من اليوم الأول لشهر الصيام، أما اليوم فأصبحت متوفرة بشكل دائم ولم تعد من الماكولات الخاصة بشهر رمضان، ألا أنه لا تزال هناك الحلويات الخاصة بالشهر الفضيل، كزنود الست والكلاج والقطايف وما إلى ذلك.
السهرات الرمضانية
أما الزيارات التي كانت تقوم بها العائلات في السابق، ووصل الأرحام، والسهرات الدينية في المساجد والزوايا حيث تتلى آيات قرآنية وتنشد المدائح، والسهرات في المقاهي الشعبية حيث تُروى القصص والحكايات الشعبية، باتت جميعها من الامور التي لا يفكر بها المرء في هذه الأيام، بل على العكس فهم يفضلون التوجه إلى الخيم الرمضانية، التي لا صلة لها بإسمها، فكيف يكون الرقص، وإحياء الليالي الرمضانية على الأنغام وتمايل الراقصات شبه العاريات من مظاهر شهر الصوم والتقرب إلى الله؟ّ! ان شهر الله شهر التقوى والإيمان، شهر المحبة والغفران، بالتالي يجب العودة إلى مبادئ هذا الشهر الفضيل، وإلباسه ثوبه الحقيقي الذي يعكس عادات الشهر مع مراعاة النواحي الدينية التي يجب ان تكون اساس افعال شهر الله.
بيروت - تنا - محمد الحسيني
رقم: 24568