قال عدد من علماء الأزهر الشريف أن الوقت قد حان لوقف الصراع الفكري المتوارث بين الشيعة والسنة والعودة إلى ما أكده القرآن الكريم من ان الإسلام دين جاء ليجمع الشمل وليس ليفرقه مؤكدين أن فتوى السيد مرشد الثورة الإيرانية بخصوص تحريم سب الصحابة والشكر الذي وجهه شيخ الأزهر لخامنائي بعد فتواه بادرة خير من الطرفين لابد أن يستغلها عقلاء الأمة من اجل بعث الأمة من ثباتها وتوحيدها .
وكالة أنباء التقريب (تنا )
وطالب علماء الأزهريون الطرفين السني والشيعي التوقف عن الاستماع لأصوات المتشددين والمتطرفين من كلا الجانبين والذين لا هم لهم سوى إثارة الفتن والقلاقل بين المسلمين .
كانت شبكة التوافق قد طرحت على العلماء سؤال حول دلالة فتوى مرشد الثورة الإيرانية(الاسلامية) وما المطلوب من المسلمين كي يفتحون صفحة جديدة وناصعة في العلاقات السنية الشيعية ونحن في السطور التالية نرصد أراء وإجابات العلماء:
الشيعة والسنة لم يقتتلا
بداية يقول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن السنة والشيعة هما جناحا الأمة الإسلامية، وانه عبر أربعة عشر قرنا هي عمر الإسلام لم يحدث ان اقتتل السنة والشيعة، لافتا إلى ان ما يحدث بينهما الآن هو محاولة للنيل من المسلمين عبر سلاح التقاتل المذهبي.
وأكد شيخ الأزهر، ان التقريب بين المذاهب الإسلامية احد أهم اهتمامات الأزهر الشريف خلال الفترة المقبلة مشيرا إلى ان الاختلاف بين السنة والشيعة في الفروع فقط وليس في الأسس والثوابت التي يقوم عليها الدين.
وقال احمد الطيب: ان الأزهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما ان الجميع يقر بالشهادتين فذلك يأتي ضمن منهج الأزهر الشريف في نشر مفاهيم الاعتدال الفكري والعقائدي.
بدون الوحدة
ويقول الدكتور جعفر عبدالسلام أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية أن الأمة الإسلامية بدون الوحدة لن تقوم لها قائمة وبما أنني عالم دين سني فأنا أؤكد على أن المذهب الشيعي له أتباع أقوياء ودول قوية ولا يجوز إجبارهم على التخلي عن مذهبهم بأي شكل من الأشكال بل لابد من الاستفادة من قوة الإخوة المسلمين الشيعة بما يحقق مصلحة الإسلام والأمة الإسلامية وقد أن الأوان للتخلص من الخلافات المذهبية ولابد ان يدرك الكل أن رصاة العدو لا تفرق بين مسلم شيعي ومسلم سني ولكن تنطلق في قلب المسلم ين على اختلاف مذاهبهم .
وأضاف د. عبد السلام :لابد أن نعي إن مسألة شتم الصحابة ما هي إلا فتنة ابتدعها الأعداء، ومارسها السفهاء وتفرَّق وتعادَى على أساسها العلماء وغدت في النهاية معيارًا فريدًا يُعنْوِن بها السني رفضه للشيعي، ويحتسبها الشيعي تعبيرًا وحيدًا عن الولاء لأهل البيت - عليهم السلام - وكلنا يعلم أن المسلم لا يشتم، وليس من عادته الشتم، حتى لمن يستحقه، فكيف بشتم ثلة مصطفاة بالإجمال وقد اختارهم الله - إجمالاً - أصحاباً لخير خلقه محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
الأمة بخير
أما الدكتور محمد سليم العوا المفكر الإسلامي المعروف فيقول : ما قاله مرشد الثورة الإيرانية السيد الخامنئي وأيده فيها عدد كبير من علماء الشيعة وصفوتهم في كل مكان يؤكد ما أنادى به منذ زمن طويل أن الأمة الإسلامية بخير وأنه مهما فعل الأعداء فإن الخير في هذه الأمة إلى يوم الدين كما قال المصطفى صلى الله عليه وأله وسلم .
ويضيف العوا قائلا : ان ما حدث من تطاول أحد المتطرفين الشيعة ومسارعة عقلاء الأمة للم شمل الأمة يؤكد شيئا مهما للغاية وهو أن الفرقة سياسية وليست دينية والحمد لله و من هذا المنطلق يجب أن نؤمن بأن التعددية مع الاحترام لكل رأي وفكر، وهذا هو أساس قوتنا وحيويتنا، وعكس ذلك هو الذي يهدمنا ويجب في ذلك أن نرفع شعار الوحدة الإسلامية، لذا يجب أن تتوحد المذاهب كلها من أجل مواجهة الصهيونية والاستعمار؛ حيث اجتمع أعداؤنا جميعا على قلب رجل واحد من أجل هدف واحد وهو القضاء على الإسلام، لذا يسعون إلى البحث عن كل ما يضعفنا ويفرق شملنا وهو مخطط كبير يجب أن نلتفت له، والدليل أن حروب أمريكا كلها موجهة إلى دول إسلامية، والدور القادم على إيران ومن بعدها سوريا فالسعودية ومصر، لذا فوحدتنا هي الحل لمواجهة أطماع أعدائنا، ونحن في ذلك ضد أي فتنة تطالب السنة بالتشيع أو الشيعة بالتسنن، ودعوة كل مذهب إلى ترك مذهبه هي فتنة عظيمة وقانا الله منها، ونحن ضد هذه الفتنة، ويجب أن تتكاتف جهودنا جميعا من أجل التصدي لها.
ويلات التعذيب
أما الشيخ محمود عاشور فيكشف جانبا مهما في مسألة الخلافات المذهبية حيث يقول أن المتشددين من علماء السنة في مسألة التقريب المذهبي يتحدثون دوما عن إساءة بعض الشيعة للصحابة ولأمهات المؤمنين حتى جاءت فتوى السيد خامنئى لتؤكد أن المسلمين جميعا في مركب واحد وأنا أود أن أهمس في أذان علمائنا وشبابنا كلهم انه حتى في حالة وجود قلة من الشيعة الذين يسيئون لأمهات المؤمنين فأنا أعتبر ذلك تأثرا بكتب قديمة كتبت غالبا في العصور التي تعرض فيها الشيعة للقمع والتعذيب وكان طبيعيا ان تصدر كتبهم بها بعض التنفيس النفسي عما أصابهم من ويلات التعذيب والدليل على ذلك أن الواقع الحالي و الفعلي للشيعة الآن بعيد عن مثل هذه الأمور.
فالشيعة الإيرانيون مثلاً وقد أصبحت السلطة بيد علمائهم منذ ربع قرن، ودولتهم من أقوى دول المنطقة، إلا أن وسائل إعلامهم، وخطب جمعهم التي تبث على الهواء، وأحاديث قياداتهم، لم يحصل فيها شيء من هذا القبيل، حتى أيام الحرب العراقية الإيرانية. وكذلك الحال بالنسبة للشيعة في لبنان، وهم القوة الأبرز هناك إلا أن وسائل إعلامهم، مثل فضائية "المنار"، لم يرصد عليها شيء من الإساءة إلى الخلفاء، وأجلاء الصحابة، وأمهات المؤمنين وفي ذلك دلالة واضحة على تجاوز واقع الشيعة المعاصر لمؤاخذات كانت تحسب على بعضهم في أزمنة غابرة. وقد يكون هناك أفراد منهم متأثرين ببعض الآراء والمواقف السابقة، لكنهم لا يشكلون حالة عامة.
المصدر : التوافق، حسام وهبة