أسفرت المجاعة عن مقتل ما لا يقل عن 105 ملايين شخص منذ عام 1870 وفقاً لأبحاث أجرتها مؤسسة السلام العالمية وكانت أغلبية الضحايا جراء قرارات سياسية وحروب وليس الجفاف.
صحف غربية: النفاق والغطرسة الأمريكية البريطانية السعودية في اليمن
تنا
المرصاد نت , 29 Nov 2017 ساعة 14:32
أسفرت المجاعة عن مقتل ما لا يقل عن 105 ملايين شخص منذ عام 1870 وفقاً لأبحاث أجرتها مؤسسة السلام العالمية وكانت أغلبية الضحايا جراء قرارات سياسية وحروب وليس الجفاف.
ولكن بحلول مطلع الألفية تضاءلت الكوارث التي هي من صنع الإنسان وأضحت المجاعة شيئاً من الماضي تبعاً للكاتب الأكاديمي البريطاني ألكس دي وول.
هذا العام شهد تقدماً كبيراً في مجال استخدام التجويع كسلاح من أسلحة الحروب إن كان في نيجيريا أو في جنوب السودان أو في الصومال أو في اليمن. لكن الوضع في اليمن يعتبر الأكثر كارثية فقد دخل الصراع هناك في دائرة من الجحيم بعد أن قررت السعودية شن عملية عسكرية وتحالفها في مارس آذار 2015 حيث دمرت خلالها الرافعات في ميناء الحديدة والطرقات والجسور والأسواق والمدارس والمنازل والمستشفيات والبنية التحتية في البلاد.
وبضغط وإصرار الرياض وبدعم من بريطانيا والولايات المتحدة فرض مجلس الأمن الدولي حصارا على اليمن.
والغرض من هذا الحصار كان منع وصول الأسلحة إلى الحوثيين وليس الغذاء من الناحية النظرية إلا أنه من الناحية العملية فإن الغذاء كان يصل لأفواه الجوعى ببطء شديد وهذا قبل أن تقرر السعودية منع المساعدات الإنسانية رداً على إطلاق صاروخ على الرياض في وقت سابق من الشهر الجاري.
إن عواقب هذا الحصار مرعبة وتقول الأمم المتحدة إن ثلثي سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة يواجهون نقصاً في الغذاء والمياه النظيفة، مضيفة أن 7 ملايين شخص على حافة المجاعة ووباء الكوليرا منتشر على نحو كبير في البلاد وقد أدت الحرب علي اليمن إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص إلا أن المجاعة في البلاد ستكون القاتل الأكبر.
وقال مارك لوكوك منسق الشئون الإنسانية في الأمم المتحدة هذا الشهر إن استمرار إغلاق المنافذ أمام شحنات المساعدات سيهدد بـ"أكبر مجاعة شهدها العالم منذ عقود مع الملايين من الضحايا" ويبدو أن الحصار الذي رفعته قوي تحالف العدوان السعودي جزئيا في عطلة نهاية الأسبوع هو جريمة حرب ويجب على حلفاء الرياض الحذر من التواطؤ.
وقبل أن يضطر إلى الاستقالة الشهر الماضي بسبب مزاعم التحرش الجنسي طلب السير مايكل فالون وزير الدفاع البريطاني من النواب لوقف الانتقادات ضد السعودية بشأن الحرب على اليمن ومبيعات الأسلحة. ورغم أن السيد فالون قد رحل لكن من المؤسف أن موقفه يعكس موقف الحكومة التي أيدت ودعمت الرياض في حربها على اليمن كما أن صمت واشنطن على المأساة التي تتكشف في اليمن أمر مخجل.
كان من المفترض أن يكون التدخل في اليمن علامة على حزم السعودية وبدلا من ذلك أثبتت القوات السعودية أنها غير فعالة بقدر ما هي وحشية وفي حال لم يحدث تغيير في قلب الرياض فإن اليمنيين سيجوعون على نطاق واسع في القرن الواحد والعشرين وفي هذه الظروف ستكون بريطانيا والولايات المتحدة مشتركتين في جرائم ارتكبت باسم الغطرسة السعودية.
افتتاحية صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية
وتحت َعنوان "النفاق البريطانيّ يدين الحصار في سوريا ولكن ليس في اليمن".. كتبت صحيفةُ الإندبندنت البريطانيةُ تقريرًا ذكرت فيه أن بريطانيا تتعامل بمعاييرَ مزدوجة ففي حين تدين بشدة تكتيكَ الحصارِ عندما يتعلق الأمر بحلفاءَ لها في سوريا يختلف الأمر في ما يجري في اليمنِ و تكتفي بإبداء القلق.
وضربت الصحيفةُ مثالًا على ذلك وزيرَ الخارجيةِ بوريس جونسون في أحدِ خطاباتِه هذا العامِ عندما قال يجبُ أن نصرِّحَ باستيائِنا حولَ ما تقوم به بعض الأنظمةِ من تكتيكِ التجويعِ والإرغامِ على الاستسلامِ في حديثِه عن سوريا ولكن عندما يتعلقُ الموضوعُ بالحصارِ والمجاعةِ التي تظهر في أقوى تجليّاتِها مصحوبةً بالدعمِ العسكريِّ والدبلوماسيِ البريطانيِّ لا يتحدث بشيءٍ مضيفةً أنَّ التعاملَ يختلفُ حتى على المستوى الاعلاميّ فقضيةُ سوريا يتم تغطيتُها بشكل واسعٍ بينما اليمن لا تلاقي نفسَ الاهتمام.
واوضحت الصحيفةُ أن بريطانيا تتآمرُ وتتواطأُ في كذبتين تمكنان الحصار والحرب في اليمن الأولى هي الدفاع عن مايسمى الشرعيةِ في اليمنِ لرئيسٍ لا نعرف إن كان َيستطيع مغادرةَ الرياضِ وإن غادَرَها فلا يستطيع الاستقرارَ في بلدِه بأمان فمَن يسيطر على المناطقِ الجنوبيةِ قوى تأخذ رواتبَها وأوامرَها من الإماراتي.
وتابعت" الكذبةُ الثانيةُ هو أنَّ حصارَها شمالَ اليمنِ هو الدافع وراءَ الحاجةِ المشروعةِ لمنع ِتهريبِ الأسلحة مع أن الحوثييَن لا يعتمدونَ على الدعمِ الخارجيِّ ولم تعثر مجموعةُ خبراءِ الأممِ المتحدة في اليمن على أدلة كافية لتأكيد دخولِ أي أسلحة ٍمباشرةٍ وهم يمتلكونَ أسلحة ًمخزونةً من قبل".
ومضت إلى القول" وقد أوقف الإغلاق الكلي الأخير وصولَ حتى رحلاتِ الأممِ المتحدة؛ ما يدل أنَّ الأمر لم يكن بدافعِ تهريبِ الأسلحة ِوأنه عندما تعرقل السلطاتُ السعودية الرحلاتِ الجويةَ الإنسانيةَ والشحناتِ إلى شمالِ اليمن، فإنها تقومُ بذلك على أساسِ السلطة ِالقانونيةِ التي يمنحُها مجلسُ الأمنِ الدولي ، وبريطانيا ليست واحدةً فقط من الأعضاءِ الخمسةِ الدائمينَ ولكن لديها سلطهٌ على اليمن.
وختمت الصحيفةُ حديثَها بأنَّ ذلك َجعلَ من بريطانيا منافقة وشريكةً في التجويعِ وما هو أسوأُ من ذلك منافقةٌ بدافع الجشع لبيع الأسلحةِ بالمليارات للسعوديةِ ومصالح متعلقة بصفقات مع شركات النفط السعودية.
معهد كاتو: الدعم الأمريكي للسعودية في اليمن.. قسوة لا تطاق وأهداف واهية
تساعد الولايات المتحدة أحد أكثر الأنظمة الاستبدادية قبحاً في العالم على قصف وحصار أفقر البلدان وأكثرها عوزا في العالم ومن المؤلم والمخجل أن يسمع الأمريكيون أن جرائم الحرب هذه ترتكب بدعم أمريكي كبير.
شن النظام السعودي وتحالفه المأجور حربا وعدوانا على اليمن في عام 2015 على أسس أمنية وطنية واهية ومنذ ذلك الحين تلقي النظام السعودي وتحالفه انتقادات حادة من الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان جراء القصف العشوائي والاستهداف المتعمد في بعض الحالات للمناطق المدنية. وقد أسقطت القنابل والأسلحة المحرمة دولياً على المنازل السكنية والأسواق ومخيمات اللاجئين والمدارس والمستشفيات وقاعات العزاء... وعلى الرغم من هذه الأدلة الضخمة والواضحة على المعاناة الإنسانية الشديدة فقد دعمت الولايات المتحدة الحملة العسكرية السعودية منذ البداية بتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستي والتزود بالوقود والغطاء الدبلوماسي (ناهيك عن مبيعات الأسلحة الضخمة).
وحتى الآن تشير التقديرات المتحفظة إلى أن عدد اليمنيين الذين قتلوا بالقنابل والصواريخ السعودية يزيد على 13500 شخص (بما في ذلك أكثر من 5000 مدني مؤكد). وما جعل الوضع أسوأ من ذلك هو الحصار الفعلي الذي تفرضه قوي تحالف العدوان السعودي على موانئ ومنافذ اليمن الجوية والبحرية والبرية مما يحول دون إيصال المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها إلى السكان.
واستنفدت محطة الصرف الصحي الرئيسة في العاصمة صنعاء من الوقود ولم تستطع استيراد المزيد من الوقود بسبب الحصار مما ساعد في تفشي الأمراض والأوبئة وأصيب أكثر من 900 ألف يمني بوباء الكوليرا وهو مرض يمكن علاجه إذا سمح السعوديون بدخول المساعدات والإمدادات الطبية.
لكن هيئة الإذاعة البريطانية أفادت بأن السعوديين منعوا 29 سفينة تضم 300 ألف طن من المواد الغذائية و192 ألف طن من الوقود إضافة إلى سفينة تابعة للأمم المتحدة تنقل 1300 طن من الإمدادات الصحية والأغذية، من الدخول إلى اليمن.
ويواجه 7 ملايين يمني شبح المجاعة، وحوالي 17 مليون يمني في حاجة ماسة إلى الغذاء ويعاني حوالي 400 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد وإذا لم يحصل اليمن على الإغاثة في وقت قريب فمن المحتمل أن يموت نحو 150 ألفا من هؤلاء الأطفال في غضون بضعة أشهر.
وقد رفضت السلطات السعودية مؤخرا دخول صحافيين من شبكة "سي بي اس نيوز" الأمريكية التي تتطلع الى تسليط الضوء على ما وصفته الأمم المتحدة بـ"كارثة من صنع الإنسان". الرياض لا تريد أن يعرف العالم ما تقوم به من جرائم وحشية ضد الشعب اليمني.
وبدلاً من ذلك وجدت شبكة "سي بي اس نيوز" أن اليمنيين مستعدون لتوثيق الرعب والدمار الذي حل بهم وقامت بإنتاج برنامج "60 دقيقة" وبثته نهاية الأسبوع الماضي ويظهر البرنامج مشاهد لا تطاق.
وقال ديفيد بيسلي الذي يدير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في برنامج "60 دقيقة" إن تحالف العدوان الذي تقوده السعودية "يستخدم الغذاء كسلاح في الحرب وهو أمر مشين".
لنكن واضحين: ليس هناك مبرر استراتيجي لتواطؤ الولايات المتحدة في هذه الجرائم البغيضة ويقول السعوديون إن الحرب ضرورية لسحق المسلحين الحوثيين الذين يزعمون أنهم يتلقون دعما من إيران.
وبالمناسبة كان الدعم الإيراني ضئيلاً حتى في ظل الحملة الجوية السعودية وعلى أية حال فإن الحرب نفسها عززت موقف تنظيم القاعدة في اليمن أكثر بكثير من أن تضغط فعلياً ضد النفوذ الإيراني.
ولكن حتى لو لم تكن هذه هي الحالة فلا شيء يمكن أن يبرر هذا العقاب الجماعي الوحشي والمعاناة الإنسانية البغيضة التي يتعرض لها الملايين من الأبرياء إن وضع مئات الآلاف من الأطفال المعرضين لخطر المجاعة جريمة لا تطاق ومما يؤسف له أن هذه القضية لا تثير حتى مستوى الغضب الذي يطلقه الرئيس ترامب على الرياضيين المحترفين.
وقد تحدث عدد قليل من أعضاء الكونغرس علنا ضد الوحشية في اليمن وطالب السيناتور كريس ميرفي مرارا بتقليص الدعم العسكري الأمريكي للعمليات السعودية في اليمن ودعا الرياض إلى رفع الحصار واتهم الولايات المتحدة بالتواطؤ في جرائم الحرب.
كما دان السناتور راند بول بشدة تورط الولايات المتحدة في الجرائم السعودية وقد انضم إليهم السناتور رو خانا ووالتر جونز ومارك بوكان والأسبوع الماضي مرر مجلس النواب قرارا غير ملزم يعلن تورط الولايات المتحدة غير المصرح به وللأسف فإن السلطة التنفيذية معزولة عن هذه الجهود الضئيلة إلى حد ما للتحقق والتوازن.
وكما قال فريق السياسة الخارجية في هذا المعهد منذ البداية يجب على الولايات المتحدة أن توقف فورا كل الدعم للسعودية وأن تستخدم نفوذها للسماح لليمن بتلقي الإغاثة التي يحتاجها.
إن الطريقة التي تجري بها الحرب ستلقي بظلالها على سمعة أمريكا وتقوض مزاعم الأمريكيين بدعم حقوق الإنسان ومن المرجح أن يؤدي تمكين بعض العناصر الأكثر عنفا وأشدها تطرفاً في اليمن إلى زيادة التهديدات للأمن القومي الأمريكي.
- معهد "كاتو": معهد أبحاث سياسيات ليبرالي أمريكي. يحتل كاتو الترتيب 16 بين أفضل معاهد دراسات سياسات في العالم والترتيب 8 بين أفضل معاهد أبحاث سياسات في الولايات المتحدة - جون غلاسر: مدير دراسات السياسة الخارجية في معهد "كاتو" الأمريكي
رقم: 296347