QR codeQR code

مثقفون: التسامح لم يعد واجباً أخلاقياً فقط، بل فريضة سياسية وقانونية

20 Nov 2010 ساعة 8:56


وكالة أنباء التقريب (تنا) 
أكد القس رفعت فكرى، أن التسامح لا يعنى الغفران ولا يعنى العفو عن الإساءة, ولكن المقصود بالتسامح هو أن يجود الإنسان بما عنده , وأن يقبل في نفس الوقت ما يجود به الآخرون. والتسامح يعنى تقدير التنوع والاختلاف الثقافي، و احترام حقوق الآخرين وحرياتهم.

أضاف فكرى، خلال الندوة التي نظمتها الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف بشبرا، مساء يوم الجمعة، بمناسبة اليوم العالمي للتسامح الذي يوافق ٢٦ نوفمبر من كل عام، ، تحت عنوان: "نعم للتسامح ...... لا للتعصب" إن التسامح لم يعد واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو فريضة سياسية وقانونية في الوقت نفسه، وقد أصبح حاجة ماسّة وليس ترفاً فكريا، والتسامح يعني اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخر في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية, وبهذا المعنى فهو مسؤولية قيمية وواقعية للإقرار بالحقوق والتعددية والديمقراطية وحكم القانون. 

واعتبر راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف، أن التسامح واللا تسامح ليس لصيقاً بتراث أو مجتمع، إنما يمتد عبر العصور فلا هو غربي ولا هو شرقي. ورغم أن الأديان جميعها تعلن تمسكها بالتسامح، فإن الحروب والإبادات استمرت عبر التاريخ وتمت في الكثير من الأحيان باسمها وتحت لوائها.مشيرًا الى أن الفرق بين مجتمع وآخر هو في مدى اعتبار التسامح قيمة أخلاقية وقانونية ينبغي إقرارها والالتزام بها حتى وإن كان البعض لا يحبّها، والفرق بين المجتمعات المفتوحة التي توافق على التسامح وبين المجتمعات المغلقة التي ما تزال تتمسك باللاتسامح وبتهميش أو إلغاء الآخر، فإن بعض المجتمعات تستطيع إدارة التنوّع والتعددية الثقافية والدينية واللغوية والاجتماعية وغيرها، في حين تخفق أو تعجز فيها مجتمعات أخرى، ويوجد في العالم اليوم تعدديات وتنوعات دينية وثقافية واجتماعية.....الخ، الأمر الذي يستوجب أن تكون الدولة هي الحاضن الأكبر للتسامح، وهو يتطلب إعادة صياغة العلاقة بين الأنا والآخر على أساس المواطنة والمساواة الكاملة، ومن خلال التربية والاستفادة من المخزون القيمي للأديان وللفطرة الإنسانية، وهو ما ينبغي أن ينعكس على الصعيد الدولي أيضاً.
وشدد فكرى، فى نهاية كلمته على ضرورة سن قانون يجرم التمييز الديني والنوعي، مؤكدا على أن المجتمعات الإنسانية تزدهر بقدر حرصها على مبدأ التنوع والتعدد وقبول الخلاف والاختلاف , وأن أحوالها تتدهور عندما تقاوم هذه الشروط الأساسية وتقلل من شأن التنوع والتعدد وقبول الاختلاف.
السماحية بدلا من التسامح
من جانبه، فضّل الدكتور محمد منير مجاهد-منسق مجموعة "مصريون ضد التمييز الديني، استخدام، كلمة السماحية بدلا من التسامح، باعتبار أن "التسامح" يكون مصحوباً بحالة توتر دائم، يسببه شعور الطرف "المتسامح" بالتفضل على الآخر بتسامحه، خاصة وأنه لابد وأن يعتبر "المخطئ" هنا مستمراً في خطأه، بالإصرار على الانتماء إلى المنظومة الاعتيادية المضادة لما يؤمن به الطرف المتسامح.

مضيفًا أن السماحية فضيلة معنوية لأنها تجسد القدرة على: تقدير التنوع وعلى العيش والسماح للآخرين بالعيش، وعلى التمسك بالقناعات الشخصية مع قبول تمسك الآخرين بقناعاتهم ، وعلى التمتع بالحقوق والحريات الشخصية دون التعدي على حقوق الآخرين وحرياتهم ، كما أن السماحية تشكل الدعامة الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان فإن التعصب في المجتمعات المتعددة الإثنيات أو الديانات أو الثقافات يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان ونشوب العنف بل والصراعات المسلحة في بعض الأحيان مستشهدا ببعض النماذج مثل (البوسنة – جنوب السودان – العراق)

كيف لنا أن نحقق السماحية؟
تساءل الدكتور مجاهد، عن كيفيه تحقيق السماحية، مجيبا بجملة قالها أحد زعماء البروتستانت أبان الثورة الفرنسية في الجمعية الوطنية التأسيسية (البرلمان الفرنسي) موجها كلامه إلى الأغلبية الكاثوليكية "نحن لا نريد منكم تسامحا معنا، إنما نريد الحرية". معتبرا أن السماحية لا تكون إلا في مناخ حر، وكفالة الحريات وصيانة حقوق الإنسان هما أساس مكافحة التعصب بما يجلبه من عنف وتطرف وإرهاب، لذا فمكافحة التعصب والعنف تستدعي بالضرورة قانونا.
وأكد مجاهد، على أن نصوص الدستور والقوانين المكملة له تصون الحقوق والحريات الأساسية المواطنين في مصر، لكنه استطرد قائلا : كل هذه النصوص ليس لها وجود فعلي في واقع حياة المصريين حيث تتفشي ظواهر انتهاك حقوق الإنسان في مصر وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بمدى التزام الدولة بتنفيذ القانون وبالإجراءات القانونية، كما أن حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ أكثر من ثلاثين عاما تجعل كل النصوص التي تكفل حقوق وحريات المصريين وتضمن سيادة القانون في الدستور والقوانين المكملة له معطلة ولا وجود حقيقي لها وبنص تشريعي تفرضه السلطة الحاكمة هو قانون الطوارئ.

هل يستمر التعصب وعدم السماحية؟
نفى الدكتور مجاهد، إمكانية التخلص بشكل نهائي من التمييز الديني والتعصب وما يفرزاه من عنف طائفي إلا بتغيير جذري في النظام السياسي، مشيرًا الى أن الشعب المصري بدا في التململ والتحرك وشهد المجتمع المصري في السنوات الأخيرة تحركات جماهيرية من فئات وقطاعات عديدة، مؤكدا أن روافد الثورة بدأت تتجمع وتتوحد لتحفر نهر التغيير الذي نتطلع إليه معتقدا أن في الأفق لمح من هذا الحلم الذي طال انتظار تحققه فكلما حلك الظلام كلما اقترب نور الفجر.

الرهان على المخزون الثقافي للمصريين
اتفق الدكتور عصام عبد الله، مع القس رفعت فكرى، فى كون التسامح واجباً أخلاقياً وفريضة سياسية وقانونية في الوقت نفسه، مراهنا على المخزون الثقافي للشعب المصري الذي يتجاوز كل الأديان، القائم على التأخى والتكافؤ منذ أيام فيضان النيل، برغم كل التيارات التي اخترقت مصر من كافة بلاد العالم.
وأشار عبد الله الى أن الديمقراطية، تقوم على ثلاثة مبادئ هي: التسامح ، الفصل بين السلطات، العدالة والمساواة.

المصدر :الاقباط متحدون /: عماد توماس


رقم: 31236

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/report/31236/مثقفون-التسامح-لم-يعد-واجبا-أخلاقيا-فقط-بل-فريضة-سياسية-وقانونية

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com