خطة تقسيم فلسطين هو الاسم الذي أطلق على قرار قامت الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة بالموافقة عليه في 29 نوفمبر 1947، وقضت بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيه إلى 3 كيانات جديدة، أي تأسيس دولة عربية وأخرى يهودية على تراب فلسطين وأن تقع مدينتا القدس وبيت لحم في منطقة خاصة تحت الوصاية الدولية.
وكالة أنباء التقريب (تنا):
كان هذا القرار المسمى رسميا بقرار الجمعية العامة رقم ۱۸۱ من أول المحاولات لحل النزاع العربي/اليهودي-الصهيوني على أرض فلسطين.
تبادرت فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع تحديد منطقة دولية حول القدس في تقرير لجنة بيل من ۱۹۳۷ وتقرير لجنة وودهد من ۱۹۳۸، وصدر هذان التقريران عن لجنتين تم تعيينهما على يد الحكومة البريطانية لبحث قضية فلسطين إثر الثورة الفلسطينية الكبرى التي دارت بين السنوات ۱۹۳۳ و۱۹۳۹.
بعد الحرب العالمية الثانية وإقامة هيئة الأمم المتحدة بدلا لعصبة الأمم، طالبت الأمم المتحدة إعادة النظر في صكوك الانتداب التي منحتها عصبة الأمم للإمبراطويات الأوروبية، واعتبرت حالة الانتداب البريطاني على فلسطين من أكثر القضايا تعقيدا وأهمية.
قامت هيئة الأمم المتحدة بمحاولة لإيجاد حل للنزاع العربي/اليهودي القائم على فلسطين، وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع.
قامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثّل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلّتين، وتُدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية.
ومال معظم أفراد لجنة UNSCOP تجاه المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلّتين بإطار اقتصدي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النّقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصري). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.
تصويت الأمم المتحدة على قرار التقسيم عام ۱۹4۷، الأخضر: مع ،البني: ضد، الأصفر :امتنع عن التصويت ،الأحمر :غائب في نوفمبر ۱۹4۷ بلغ عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 5۷ دولة فقط. ما زالت الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية - ألمانيا، اليابان وحلفائها - خاضعة لسلطات الاحتلال أو ممنوعة من الانضمام إلى المنظمة الدولية. أما أغلبية دول القارة الإفريقية وآسيا الجنوبية الشرقية فما زالت خاضعة للسلطات الاستعمارية ولم تكن مستقلة. وشارك في التصويت 56 دولة، أي جميع الدول الأعضاء باستثناء دولة واحدة هي مملكة سيام (تايلند حاليا).
وافقت الدول العظمى في ذلك الحين - الاتحاد السوفييتي، الولايات المتحدة وفرنسا - على خطة التقسيم، باستثناء بريطانيا التي دارت سلطة الانتداب والتي فضلت الامتناع. ومن بين الدول المعارضة للخطة كانت جميع الدول العربية والإسلامية وكذلك اليونان، الهند وكوبا.
بذل زعماء الحركة الصهيونية جهودا كبيرة لإقناع الدول المترددة، واستعانوا بالديبلوماسيين الداعمين للخطة داخل الأمم المتحدة من أجل تأجيل التصويت، مما أعطاهم الفرصة لإقناع ليبريا والفيليبين وهايتي بالتصويت مع مؤيدي الخطة، وتأمين دعم ثلثين من الدول الأعضاء، وهي النسبة التي كانت لازمة لإقرار خطة التقسيم. حاولت الدول العربية منع هذا التأجيل فتنازل مندوبيها الخطب توفيرا للوقت، ولكن البعثة الأمريكية المؤيدة لخطة التقسيم أصرت على تأجيل جلسة التصويت إلى ما بعد عيد الشكر الأمريكي الذي حل في ذلك العام في ۲۷ نوفمبر.
مع أن الخارجية الأمريكية قررت عدم ممارسة الضغوط على الدول لزيادة الدعم، الا ان بعض السياسيين ورجال الأعمال الأمريكان مارسوا الضغوط على الدول المترددة التي كانت مرتبطة اقتصاديا بالولايات المتحدة. فالذي ضغط على ليبريا مثلا كان المليونير الأمريكي المشهور هارفي صمويل فايرستون Harvey Samuel Firestone صاحب مزارع المطاط في ليبريا وصاحب مصانع الإطارات المشهورة فايرستون .
في مساء ۲۹ نوفمبر جرى التصويت فكان ثلاثة وثلاثون صوتا إلى جانب التقسيم، وثلاثة عشر صوتا ضدّه وامتنعت عشر دول عن التصويت، وغابت دولة واحدة، وكانت الدول ال۳۳ التي وافقت على القرار هي :أستراليا، بلجيكا، بوليفيا، البرازيل، بيلوروسيا، كندا، كوستاريكا، تشيكوسلوفاكيا، الدنمارك، الدومينيكان، الايكوادور، فرنسا، غواتيمالا هاييتي، ايسلندا، ليبيريا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، نيكوراغوا، النرويج، بنما، الباراغوي، بيرو، فيليبين، بولونيا، السويد، اوكرانيا، جنوب أفريقيا، الاتحاد السوفييتي، الولايات الأمريكية المتحدة، الأوروغواي وفنزويلا، والدول ال۱۳ ضد القرار هي أفغانستان، كوبا، مصر، اليونان، الهند، إيران، العراق، لبنان، باكستان ، السعودية، سوريا، تركيا، اليمن.
اما الدول العشر التي امتنعت عن التصويت فهي :الأرجنتين، تشيلي، الصين، كولومبيا، سلفادور، أثيوبيا، هندوراس، المكسيك، المملكة المتحدة ويوغوسلافيا. وغابت تايلند عن التصويت.
اجتمعت الجامعة العربية الناشئة بعد هذا القرار وأخذت بعض القرارات كان أهمها:
*أصدار مذكرات شديدة اللهجة لأمريكا وانجلترا
*إقامة معسكر لتدريب المتطوعين في قطنة بالقرب من دمشق بسوريا لتدريب الفلسطينيين على القتال.
*تكوين جيش عربي أطلق عليه جيش الإنقاذ وجعلوا عليه فوزي القوقجي.
*رصد مليون جنيه لأغراض الدفاع عن فلسطين.
وبدأ بالفعل تنفيذ القرارات بتدريب الفلسطينيين بقطنة وتشكيل جيش الإنقاذ. اعترضت بريطانيا وأرسلت رسالة تقول فيها: "إن بريطانيا تعتبر تسليح الفلسطينيين وتدريبهم في قطنة عملا غير ودي". فاجتمعت الجامعة العربية وتشاورت واتخذت قرارا بغلق معسكر قطنة وتسريح المتطوعين وسحب أسلحة المعسكر والاكتفاء بتجهيز جيش الانقاذ مع تحديد عدده بـ ۷۷۰۰ جندي وإمداده ببعض الأسلحة. أما الأموال فلم يصل إلى فلسطين إلا شيء قليل منها. عاد بعدها المفتي أمين الحسيني إلى فلسطين - وكان قد هرب منها إلى لبنان - وبدأ يقود الجهاد المسلح ضد اليهود ومعه البطل عبد القادر الحسيني واجتمع الناس على قيادة المفتي الذي أراد الحصول على التأييد العربي فاتجه إلى الجامعة العربية يعلن رغبته في تكوين حكومة فلسطينية وطنية يكون المفتي على رأسها كما يريد الشعب هناك.
لكن الجامعة العربية رفضت الطلب دون تبرير واضح. بل إن الملك عبد الله الأول بن الحسين ملك الأردن قال لـ جولدا مائير وكانت وقتها ممثلة الوكالة اليهودية أنه يعزم أن يضم إلى الأردن الجزء المخصص للعرب في مشروع التقسيم (الضفة الغربية) كما يعزم على إقامة علاقات سلام وصداقة مع الدولة اليهودية وختم كلامه بقوله: "كلانا يواجه خصما مشتركا يقف عقبة في طريق خططنا، ذلك هو المفتي أمين الحسيني".
ثار الشعب الفلسطيني بقيادة المفتي أمين الحسيني والقائد عبد القادر الحسيني إلا أن جيش الإنقاذ الضعيف رفض التعاون مع أمين الحسيني.
تحرك الشباب المسلم في الدول الإسلامية وعلى رأسها مصر وسوريا وطلبوا حمل السلاح والجهاد في فلسطين ورفضت الحكومات في البداية ثم رضخت للضغط الشعبي فخرجت الكتائب لتدافع عن فلسطين وحققت انتصارات هائلة في البداية في مستعمرات النقب وبيت لحم والخليل وكفار ديروم وبئر السبع وحاصروا القدس حصارا شديدا بينما كانت مدن عربية أخرى تسقط الواحدة تلو الأخرى وحدثت مذبحة دير ياسين وغيرها ورفضت الدول العربية إرسال أي تعزيزات للمجاهدين ثم انقلبت الأمور حتى جاءت حرب ۱۹4۸.