فوضى ضربت ليبيا بسبب زوال القوة القاهرة للجميع المتمثلة بنظام القذافي الشمولي وبسبب تدافع مصالح دول غربية وعربية واقليمية ارادت لها موطئ قدم في بلد يمتد على ساحل طويل ونفط خفيف تطمح اليه عيون الاوربيين وتطمع فيه دول عربية لديها فائض مال ونقص حجم لكنها عطشى نفوذ ربما يعوض عن صغرها.
التدخلات العربية والاقليمية وخاصة دول مثل الامارات وقطر حسب اعترافات رئيس الوزراء القطري السابق لوسائل الاعلام، غذت بالمال والسلاح وزرع الاختلافات بين المجموعات الليبية المختلفة وجعلتها تتقاتل في المدن والموانئ والحارات مما زاد في النزف الليبي بعد ان خرجت البلاد من نزف من نوع آخر وهي كانت ترزح تحت حكم القذافي ومزاجياته وتقلباته واوهامه على مدى اكثر من اربعين عاما.
هذه التدخلات الخارجية والتشرذمات والمعارك الداخلية اضعفت ليبيا الثائرة وجعلتها تعيش في دوامة عنف وتذهب نحو المجهول حتى ظهر الجنرال حفتر خليفة المقيم في الولايات المتحدة ليعلن نفسه الجنرال المنقذ للبلاد من الفوضى والعنف والتشظي القبلي والمناطقي لكنه سرعان ما اصبح طرفا ضمن الاطراف المتحاربة واصبح مدعوما خارجيا وفق حرب الاجندات الأجنبية ومصالحها المتعارضة وبقيت دوامة العنف تضرب البلاد دون رادع او وازع.
فاردات الامم المتحدة ودول اوربية -ربما افزعها قوارب المهاجرين اليها عبر البحر قادمين من ليبيا- الحل السياسي عبر توافق وطني فكان اتفاق الصخيرات الذي افرز حكومة برئاسة فايز السراج وسرعان ما اصبح رقما جديدا يضاف الى حكومتين وبرلمانيين منقسمين بين طبرق وطرابلس وتعقدت الاوضاع اكثر ولم يعترف بالسراج لا حفتر ولا برلمان طبرق في الشرق ونفس الموقف كان لحكومة وبرلمان طرابلس في الغرب.
وخفت من جديد ضوء الحل في نهاية نفق الازمة الليبية فانطلقت مبادرات غربية وعربية للحل في ليبيا غايتها الجمع بين حفتر والسراج فافلحت في جمع الرجلين لكنها اخفقت في صنع اتفاق ينهي الازمة ويوحد البلاد سياسيا تحت مظلة حكومة واحدة بعد انقسامها لغرب وشرق علاوة على نشاطات واضحة لجماعات متطرفة ابرزها الجماعة الإرهابية.
وبعد كل هذا، اتت المبادرة الفرنسية برعاية الرئيس ايمانويل ماكرون لتجمع بين السراج وحفتر من جديد لتصنع اتفاقا جديدا بتنظيم إنتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية عام ٢٠١٨ واتخاذ كل الاجراءات الدستورية اللازمة لذلك وتوحيد البنك المركزي.
و قد أعلنت الأطراف الرئيسية في النزاع الليبي الذين عقدوا إجتماعاً مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس اليوم الثلاثاء إلتزامهم العمل معاً لتنظيم إنتخابات تشريعية ورئاسية، بحسب إعلان تمت تلاوته في نهاية اللقاء.
و من جانب اخر أعلنت الأطراف الأربعة الرئيسية في النزاع الليبي الذين عقدوا إجتماعاً مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس الثلاثاء إلتزامهم العمل معاً لتنظيم إنتخابات تشريعية ورئاسية في اليوم العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2018، بحسب إعلان تمت تلاوته في نهاية اللقاء.
وجاء في "الإعلان السياسي بشأن ليبيا" الذي وقّعه رئيس حكومة الوحدة الوطنية فايز السراج ومنافسه في شرق البلاد المشير خليفة حفتر ورئيس برلمان طبرق (شرق) عقيلة صالح عيسى ورئيس مجلس الدولة (العاصمة طرابلس) خالد المشري: إن القادة الليبيين يلتزمون العمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة لتنظيم إنتخابات سليمة وذات مصداقية وقبول نتائج الإنتخابات.
/110