في ذكرى(7تير) تفجير مقر الحزب الجمهوري.. 28 حزيران/ يونيو 1981
ووقع التفجير الارهابي في( 7 تير )حسب التقويم الايراني المصادف 28 حزيران/ يونيو 1981 ما أسفر عن استشهاد أمين الحزب الجمهوري آية الله بهشتي، وكان الاجتماع قد ضم الكثير من مسؤولي البلاد حيث استشهد ايضا أربعة وزراء (هم وزراء الصحة، والنقل، والاتصالات، والطاقة)، بالاضافة الى سبعة عشر نائبا في مجلس الشورى الاسلامي، والعديد من المسؤولين الحكوميين الآخرين.
واستهدف الاعتداء الارهابي المقر الرئيسي للحزب الجمهوري الإسلامي (IRP) في طهران، أثناء انعقاد اجتماع لقادة الحزب. وادى الاعتداء الى استشهاد ثلاثة وسبعون مسؤولاً بالحزب الجمهوري الإسلامي ونفذ الهجوم عناصر من منظمة "خلق" الارهابية.
حادثة تفجير مقر الحزب الجمهوري الاسلامي بطهران في 28 يونيو / حزيران 1981 من قبل زمرة المنافقين الارهابية (منظمة مجاهدي خلق) والتي راح ضحيتها استشهاد رئيس المحكمة العليا آية الله سيد محمد حسين بهشتي و72 من رفاقه من بينهم عدد من نواب مجلس الشورى الاسلامي والوزراء وشخصيات سياسية ودينية.
وبعد انتصار الثورة الاسلامية اصاب نظام الهيمنة والاستكبار العالمي الهلع والذعر، وبذل قصارى جهده من اجل اخماد نور الثورة الاسلامية ، وعلى هذ الاساس شكل نظام الهيمنة بزعامة اميركا وبالتعاون مع الصهيونية الدولية وعملائها من الانظمة الرجعية في المنطقة ،جبهة في مواجهة الشعب الايراني، وكانت اول اجراءاتهم الحيلولة دون انتصار الثورة الاسلامية، ولكن نهضة الامام الخميني (قدس) والشعب الايراني انتصرت بشكل اعجازي، ولان القوى المعادية فشلت في اجراءاتها، فقد حاولت بكل قواها الحيلولة دون قيام الثورة الاسلامية بتأسيس نظام سياسي في ايران، وعلى هذا الاساس واجهت الثورة الاسلامیة في بداية العديد من الاضطرابات والقلاقل لزعزعة استقرار البلاد، حيث كان المحرك الرئيس لها الكيان الصهيوني وامريكا والدول الرجعية في المنطقة حيث جندوا عملائهم كي لا تنجح الثورة في بناء الدولة، لكنهم بعد ان فشلوا في هذه المرحلة وتم اجراء اول انتخابات في ابريل عام 1979 حيث اختار الشعب نظامه السياسي (الجمهورية الاسلامية) ومن ثم الاستفتاء على الدستور واقامة الانتخابات اللاحقة في اجواء سليمة ونزيهة.
و ان نظام الهيمنة لم يتخل عن عدائه للجمهورية الاسلامية، بل حشد جميع طاقاته وعملائه للاطاحة بالنظام الاسلامي، وعندما فشل في ذلك شن الحرب المفروضة على ايران، وحرض على فتنة الدعوات الانفصالية في مناطق مثل كردستان وخوزستان، وقام في خطوة موازية بدعم تيار الارهاب في ايران من خلال اغتيال الشخصيات الثورية والبارزة والنخب.
ومن هذا المنطلق فان حادثة 28 يونيو 1981 (تفجير مقر الحزب الجمهوري) كانت احدى مخططات المرحلة الثالثة لنظام الهيمنة باتباع نهج الارهاب مع فتنة الانفصال والحرب المفروضة ضد الجمهورية الاسلامية ، لان نظام الهيمنة كان يعتقد انه اذا تم اغتيال القادة الرئيسيين للثورة واخراجهم من المشهد السياسي، فان الشعب سيحبط ويتراجع وعندها يمكنه اعادة الوضع الى ما قبل الثورة، حيث ان هدف العدو في تلك المرحلة كانت ترتكز على اجهاض الثورة والاطاحة بالنظام الاسلامي.
اما الروح الاستشهادية وتضحيات الشعب وتواجده في الساحة كانت من اهم العوامل التي احبطت نظام الهيمنة في تحقيق مآربه المشؤومة.
اكشف حادث تفجير مقر الحزب الجمهورية اللثام عن التيارات التي كانت تزعم انها تقف مع الشعب، حيث انعزلت وهربت خارج البلاد بعد ارتكابها هذه الجريمة، وبالتالي فان اولئك الذين كانوا يتشدقون بالدفاع الشعب وقفوا علانية الى جانب صدام عدو ايران، ومن هذا المنطلق فان من اهم النتائج الكبيرة لحادثة 28 يونيو عام 1981 كان فضح تيار النفاق.
و الاعداء كانوا يتصورون ان بامكانهم من خلال هذه الممارسات مثل تفجير مقر الحزب الجمهوري الاسلامي، اسقاط نظام الجمهورية الاسلامية، لكن ما نفذه نظام الهيمنة وعملائه جاء بنتائج عكسية، فالبرغم من ان الشعب الايراني فقد في تلك الحادثة شخصيات عزيزة، لكن دمائهم كشفت الوجه الحقيقي لتيار النفاق، وضمنت وخلدت الثورة الاسلامية.
وبالتالي استمرت الاغتيالات التي استهدفت كبار المسؤولين الايرانيين والداعمين والناشطين في النظام الثوري الناشئ على يد عناصر "خلق" وباقي اعداء الثورة الآخرين على مدار عام أو عامين ، الا انها فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي الذي تمثل بالإطاحة بالنظام الجديد كما كان مخططا لها.
ولم يمض سوى شهرين على حادثة( 7 تير)، حتى استهدف تفجير آخر المقر الرئاسي في آب / 30 أغسطس مااسفر عن استشهاد الرئيس الجمهورية المنتخب حديثا محمد علي رجائي ورئيس الوزراء محمد جواد باهنر . وتم التعرف على هوية مرتكب التفجير، وهو أحد الأعضاء الناشطين في زمرة "خلق" ويدعى مسعود كشميري، وتخليدًا لذكرى الحادث، أُطلِق على العديد من الأماكن العامة في إيران، بما في ذلك كبرى ميادين طهران وغيرها من المدن الأخرى اسم "هفت تير".
نبذة عن حياة الشهيد السيد محمّد حسين بهشتي (رض)
ولد السيّد البهشتي عام 1346 هـ بمدينة إصفهان في إيران ، وتعلَّم في إحدى الكتاتيب القراءة والكتابة بسرعة فائقة ، وبالخصوص قراءة القرآن الكريم ، وعرف بين أقرانه بالذكاء ، وأنهى مرحلة الدراسة الابتدائية المتوسطة في إصفهان ، وفي عام 1360 هـ ترك الدراسة الأكاديمية ، وانخرط في سلك طلاّب العلوم الدينية ، والتحق بمدرسة الصدر في مدينة إصفهان ، بسبب شغفه للعلوم الإسلامية .
وفي عام 1364 هـ سافر إلى مدينة قم المقدّسة لمواصلة دراسته الحوزوية ، وفي عام 1366 هـ حصلت له رغبة بالعودة إلى مواصلة الدراسة الأكاديمية ، فتمكّن من الحصول على شهادة الإعدادية ، ثمّ دخل كلّية الإلهيَّات في العاصمة طهران ، وحاز على شهادة البكالوريوس منها ، وخلال دراسته في الجامعة أتقن التحدّث باللغة الإنجليزية ، التي كان قد تعلَّمها في مدينة إصفهان .
وبعد ذلك عاد إلى مدينة قم المقدّسة لمواصلة دراسته الحوزوية ، وفيما بين عام ( 1369 هـ ـ 1374هـ ) أخذ يكرِّس جزءً من وقته لدراسة الفلسفة ، وفي عام 1384 هـ حاز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة طهران .
أساتذته : نذكر منهم ما يلي :1ـ السيّد محمّد اليزدي ، المعروف بالمحقق الداماد. 2ـ الإمام الخميني . 3ـ السيّد حسين الطباطبائي البروجردي .4ـ السيّد الخونساري .5ـ السيّد محمّد حجّت الكوهكمري .6ـ الشيخ مرتضى الحائري اليزدي .7ـ السيّد محمّد حسين الطباطبائي .
كان الشهيد بهشتي ، يتسم باستقلالية الإرادة ، واستباق الزمن دائماً ، محبّاً للتجديد ، مناهضاً للتقاليد البالية والموروثات السقيمة، شجاعاً لا يخشى المجابهة .
ومن صفاته ايضا عدم التواكل ، فحيثما كان يرى ضرورة عمل ما كان يؤدِّيه بلا تخوّف ، فلو كان - على سبيل المثال - يرى ضرورة أن يكون إماماً لأحد المساجد لكان يسارع إليه ، ويقوم بأداء جميع المهامّ المتعلّقة به ، ولم تكن همَّته تقتصر على يومه ، فالسيّد بهشتي كانت لديه على الدوام أفكار على المدى البعيد .
واتصف ايضا بالتعبُّد ، فقد كان يؤدِّي صلاته بإخلاص تام ، ومن خلال سلوكه يتّضح أنّه كان يرمي إلى تطبيق الأحكام الشرعية بشكل دقيق ، ومن سجاياه الأُخرى هي ترغيبه وتشجيعه لجميع الأصدقاء على ممارسة النشاطات الجماعية ، فكان يتميَّز بحرية التفكير ، والتزام أُصول الحرية في التعامل مع آراء وانتقادات الآخرين .
وكذلك كان حليماً بكل معنى الكلمة ، فلا يطفح كيلَه بسرعة ، وكان واثقاً من نفسه ، لا يشعر بالوهن في مجابهة المهامّ الكبرى ، وكان أيضاً متأهِّباً لمواجهة أيّة مشكلة والتغلّب عليها ، ومن البديهي أنّ مثل هذا الإنسان قادر على أن يكون مديراً ناجحاً .
و من اهم نشاطاته ومواقفه :
الأوّل : قام بتأسيس مدرسة في قم اسمها ( الدين والعلم ) ، بالتعاون مع زملائه لغرض تثقيف الشباب بالثقافة الإسلامية الأصيلة ، وإيجاد حركة ثقافية لإعداد الكوادر اللازمة ، والتزم مسؤولية إدارة هذه المدرسة .
الثاني : أوجد حركة ثورية طُلاَّبية عن طريق توثيق الاواصر بين الحوزة العلمية والجامعة ، لأنّه كان يعتقد بأنّ الطلاّب الجامعين وطلبة الحوزة يمكنهم التكاتف والتضامن التام على العمل وفق الأُسُس التي دعا إليها الإسلام .
الثالث : تأليف الكتب الإسلامية باسلوب حديث ، وفق أُسس العقيدة الإسلامية ، تنسجم مع طبائع الجيل الجديد .
الرابع : قام بالتنسيق مع العلماء الأعلام في الحوزة العلمية بمدينة قم المقدّسة ، لغرض إعداد برنامج خاص لدراسة العلوم الإسلامية ، وكان ثمرة ذلك تأسيس مدرسة (حقّاني ) ، أو ( المُنتظرية ) نسبة إلى الإمام المنتظر ( عليه السلام ) كنموذج لهذا المشروع .
الخامس : ايفاده إلى مدينة هامبورغ في ألمانيا لادارة شؤون مسجدها ، الذي أسَّسه المرجع الديني آية الله حسين الطباطبائي البروجردي ، حيث قام بتأسيس الاتحاد الإسلامي للطلبة الإيرانيين هناك ، وبدأ بنشر الإسلام الثوري في أوروبا وأميركا .
السادس : المساهمة الفعَّالة بتشكيل رابطة العلماء المجاهدين في إيران ، التي قادت الثورة الإسلامية ضد نظام الشاه ، حيث قامت هذه الرابطة بالتظاهرات والنشاطات السياسية ضدَّ الحكم الشاهنشاهي حتّى تحقّق النصر الإلهي .
السابع : سافر إلى باريس والتقى بالإمام الخميني عندما كان هناك ، وقام بوضع اللَّبنة الأولى لمجلس قيادة الثورة الإسلامية في إيران ، وكان ذلك قبل سقوط الشاه .
الثامن : قام في عام 1370 هـ - أيّام الحركة الوطنية التي قادها السيّد الكاشاني والدكتور محمّد مصدّق - بإلقاء خطاب في مدينة إصفهان ، تحدَّث فيه حول عدم قدرة الشعب الإيراني على تحمّل المطامع الاستعمارية التي كانت تستهدف نهب ثرواته .
التاسع : دعمه لانتفاضة ( 15 ) خرداد ، التي قادها الإمام الخميني ضد الشاه سنة ( 1381 هـ ) ، وقيامه بالتنسيق مع العلماء بتأسيس ( جمعية الطلبة ) في مدينة قم المقدّسة ، وعلى أثرها تمَّ إبعاده من قبل النظام إلى العاصمة طهران .
شهادته :
استشهد السيّد البهشتي ( قدس سره ) في حادث انفجار مقر الحزب الجمهوري الإسلامي بالعاصمة طهران في الخامس والعشرين من شعبان 1401 هـ ، وعلى أثر ذلك أعلن الإمام الخميني الحداد العام في إيران ، وأصدر بياناً تأبينيّاً جاء فيه : فقد الشعب الإيراني في هذه الفاجعة الكبرى ( 72 ) بريئاً ، ويعتز الشعب الإيراني بأن يقدّم هؤلاء أنفسهم نذوراً لخدمة الإسلام والمسلمين .
وشيع السيّد بهشتي ( قدس سره ) تشييعاً مهيباً في طهران مع باقي شهداء حادثة (7 تير ) الأليمة ، ثمّ ووري الثرى مع صحبه الشهداء بمقبرة جنّة الزهراء جنوب العاصمة.
يذكر : الحزب الجمهوري الإسلامي، حزب سياسي في إيران، تشكل في 18 من شباط منتصف عام 1979 من قِبل أتباع مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية روح الله الخميني و بمساندة منه، لأجل مساعدة الثورة الإسلامية و إقامة حكومة دينية في إيران.
اعداد و تدوين علي اكبر بامشاد