على النقيض من التصريحات التي تعلو بين الحين والآخر من المسؤولين والنخب مناهضة للتطبيع مع الاحتلال "الإسرائيلي"، تبدو في قلب رام الله هذه الكلمة خفيفة في وصف ما يجرى من تطويع العقول الفلسطينية في خدمة الاحتلال "الإسرائيلي" ومنظومته الأمنية.
"مركز روابي تك".. حاضنة تكنولوجية في رام الله لخدمة "إسرائيل"
تنا
المركز الفلسطيني للاعلام , 4 Jul 2018 ساعة 13:29
على النقيض من التصريحات التي تعلو بين الحين والآخر من المسؤولين والنخب مناهضة للتطبيع مع الاحتلال "الإسرائيلي"، تبدو في قلب رام الله هذه الكلمة خفيفة في وصف ما يجرى من تطويع العقول الفلسطينية في خدمة الاحتلال "الإسرائيلي" ومنظومته الأمنية.
صحيفة "هآرتس" العبرية، التي تناولت الموضوع عبر مقاربة مرّة مع المشهد في غزة حيث الكلمة لفتيانها الذين يحرقون ببالوناتهم وطائراتهم الورقية، قلوب الصهاينة، بما يشعلونه من حرائق، فيما هناك في روابي يجرى "التعايش المتطور".
تحت عنوان "تكنولوجيا فائقة وليس الحرب.. إسرائيل والفلسطينيون نحو التعايش المتطور"، نشرت الصحيفة العبرية مقالا للكاتب إليران روبين، يسلط قسم الترجمة والرصد في "المركز الفلسطيني للإعلام" الضوء على ما ورد فيه.
بعبارات منمقة، يحاول الكاتب أن يضع القارئ أمام عالم افتراضي يحوي كل مقومات الحياة الرغيدة، دون التطرق للاحتلال وتبعاته، هذا العالم الافتراضي تحت مفهوم "التواصل التكنولوجي بين الخبراء الفلسطينيين والإسرائيليين في مركز "روابي تك" والذي يقع في مدينة روابي برام الله".
تعاون كبير
واستهلّ الكاتب بالقول: دعونا من الصواريخ والقوارب النارية والقناصة، لنرى هنا في مركز روابي تك التكنولوجي التعاون بين التقنيين الفلسطينيين ورجال الأعمال الإسرائيليين الذي ازدهر في الآونة الأخيرة، فهل هذا سيكون مقدمة لتعاون عربي مماثل؟
الكاتب الذي وصف مدينة روابي بالمدينة الشابة، قال: إنها لا تبعد عن مستوطنة مودعين كثيراً؛ ويتعاون فيها كل يوم أكثر من 100 مطور برمجيات في مركز "روابي تك"، والذي افتُتح العام الفائت، حيث يضم مساحة عمل مشتركة مشابهة تماماً للتي في "تل أبيب".
وأضاف الكاتب أن الكثير من الناس لا يعلمون حجم التعاون الكبير بين مهندسي البرمجيات الفلسطينيين، بما فيها غزة وشركات التكنولوجيا الإسرائيلية، والتي بدورها تستغل القوى العاملة الماهرة وغير المكلفة من الفلسطينيين؛ الأمر الذي أدى إلى التخفيف من النقص الذي تعاني منه "إسرائيل" في الأيدي العاملة، هذه الشركات توظف أكثر من 20 ألف شخص من دول أخرى مثل: أوكرانيا والهند.
إمكانيات خفية
وكشف الكاتب عن أسماء بعض الشركات التي تدعم هذا التعاون منها شركة "ميلانوكس تكنولوجيز"، وهي إحدى الشركات الإسرائيلية -والتي على حد وصف الكاتب- اكتشفت تلك الإمكانيات الفلسطينية الخفية.
وكما قال المدير التنفيذي للشركة "إيال ولد مان": إنه قرر في عام 2010 بناء جسر مستقل للتعاون مع الفلسطينيين، وأنشأ فريقا من مهندسين لتطوير البرمجيات في رام الله، وفي البداية كان يتكون الفريق من 10 موظفين، وهو آخذ في التوسع التدريجي، مع أن العمل كانت تحيطه المحاذير والمخاوف من عمليات المقاومة الفدائية.
وأشار الكاتب أن إيال مدير شركة "ميلانوكس" التقى عام 2014 بوزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري ورجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري مؤسس مدينة روابي، وقال: "إن هذا التطور في العلاقات والانتقال للعمل في مدينة روابي شيئ مهم بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين".
وبحسب الكاتب؛ فإن قرابة 100 موظف يعملون في الشركة المذكورة 20 منهم من قطاع غزة، وإن هذا التعاون مدعوم من الجيش "الإسرائيلي" لتسهيل عملية المرور من إلى "إسرائيل" (فلسطين المحتلة منذ عام 1948)، دون خشية الفلسطينيين من المجيء، وباتوا مقتنعين الآن أن العلاقات جيدة، ولا شيء يدعو إلى الخوف.
سد العجز
مراد طهبوب، مدير شركة "اسال" الفلسطينية، التي تعد من كبريات شركات البرمجيات في فلسطين قال: إن الوضع مربح للجانبين، وإنه من الممكن توفير أيدٍ عاملة فلسطينية إذا كانت هنالك حاجة لدى الشركات "الإسرائيلية"، وإنه يطمح إلى إنشاء صناعة فلسطينية تكنولوجية عالية التقنية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكاتب كان قد التقى برجل الأعمال "الإسرائيلي" "يوسي فاردي"، والذي يلقب بـالأب الروحي للتكنولوجيا في "إسرائيل"، الذي قال: إن أحد أهدافه ترمي إلى تعزيز حل الدولتين وتوظيف الفلسطينيين في مجال التكنولوجيا "الإسرائيلية"، وفق ادعائه.
وأضاف فاردي أن هذا "التعاون الرائع" يوظف عددا من الفلسطينيين، حيث إن ما نسبته 34% من خريجي كليات علوم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات في الجامعات الفلسطينية دون وظائف.
تطبيع علني
وينقل الكاتب عن مدير مركز "روابي تك" ساري طه الحاصل على شهادة الهندسة من جامعة بيرزيت وشهادة الماجستير من معهد التخنيون "معهد إسرائيل للتكنولوجيا" قوله: إن المهمة الأولى لشركته مساعدة الشبان في تطوير أفكارهم وربطهم مع المستثمرين مباشرة، متغافلا عن كون ذلك تطبيعا مع الاحتلال، وخدمة لأجنداته.
وأضاف "ما تزال الفرصة سانحة لإنشاء شركات ناشئة ستجذب العالم العربي، وإن الحل السياسي ضروري، وفي الوقت ذاته يمكن للفلسطينيين أن يكونوا سفراء للتكنولوجيا الإسرائيلية في العالم، بما أن إسرائيل لا تستطيع الوصول إلى السوق العربي"؛ في إقرار خطير بالدور الخطير الذي يؤدونه في تسويق منتجات الاحتلال في العالم العربي في الوقت الذي تشتد في المقاطعة الدولية للاحتلال وبضائعه.!
ويعترف طه بأن هنالك أحياناً اتهامات لمثل هذه المشاريع أنها نوع من أنواع التطبيع.
بدوره يقول زئيفي شرايبر، مدير شركة "فرايترز" "الإسرائيلية"، الشركة العاملة في تطوير أنظمة الإمداد والنقل الآلي: "من الجيد أن نرى الموظفين الإسرائيليين والفلسطينيين يعملون معاً، برغم المخاوف والمحاذير إلا أن ساعات العمل قادرة على تناسي الصراع لكلا الجانبين"؛ وفق زعمه.
رقم: 340860