عقد المؤتمرات والملتقيات يمثل في جانب منه، حرصا من قادة الفكر الإسلامي على حماية هذه الفكرة من موجات الاستهداف المباشر وغير المباشر
الشيخ التسخيري في الجلسة الختامية لندوة في الأردن:
عملية التجديد هي إيجاد صيغ فكرية تعتمد المصادر الإسلامية
وكالة أنباء التقريب (تنا)
25 Dec 2010 ساعة 10:33
عقد المؤتمرات والملتقيات يمثل في جانب منه، حرصا من قادة الفكر الإسلامي على حماية هذه الفكرة من موجات الاستهداف المباشر وغير المباشر
اختتمت یوم الخمیس ندوة "اثر الاجتهاد والتجديد في التنمية الثقافية بالعالم الاسلامي" أعمالها في المركز الثقافي الاسلامي بمسجد الشهيد عبدالله بن الحسين في العاصمة الأردنية عمان موكدة أهمية استمداد عناصر القوة الثقافية من كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة، ومن الفهم الوسطي للدين، وتحديد ثوابته في التأصيل والتجديد في ثقافة العالم الإسلامي.
وفي اليوم الثاني للندوة عقدت الجلسة الثالثة للندوة التي ترأسها"عبد السلام العبادي" وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن والتی دارت حول محور " أثر اجتهادات المعاصرين في معالجة قضايا العصر الثقافية " قدم "سماحة الشيخ محمد علي التسخيري" الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بحثه بعنوان "الاجتهاد المجدد محور الثقافة التغييرية" حيث قال: إن عقد المؤتمرات والملتقيات يمثل في جانب منه، حرصا من قادة الفكر الإسلامي على حماية هذه الفكرة من موجات الاستهداف المباشر وغير المباشر، والتي ترفع ألوانا مختلفة ومتنوعة من الشعارات البراقة أحيانا وقاتمة أخرى. الأمر الذي يجعلنا حريصين على استمرار عملية التجديد بالمقدار نفسه الذي نحرص فيه على سلامة مناهج التجديد وأصالتها.
وأضاف سماحته: إن عملية التجديد التي نقصدها تتمثل في إيجاد صيغ فكرية جديدة تعتمد المصادر الإسلامية المقدسة، سواء كانت هذه الصيغ جديدة في موضوعاتها أو أنها معالجات لموضوعات قديمة أو أنها إعادة لتنظيم أفكار موروثة. والمهم هو أن تكون هذه الصيغ قادرة على الإجابة عن التساؤلات الجديدة، وقادرة أيضا على تلبية الحاجات المتغيرة التي تفرضها تحولات الزمان والمكان.
ثم عرض "الدكتور عمار الطالبي" مقالته تحت عنوان "بناء الثقافة عند مالك بن نبي".
وفي الجلسة الرابعة برئاسة "محمد كمال إمام" قدم "عبد السلام العبادي" بحثه بعنوان "الاجتهاد والتجديد ودورها في الإثراء الحياة المعاصرة" و"الدكتور سعيد شبار" بحثه بعنوان "الاجتهاد والتجديد في فكر الأمة التكويني والتربوي المطلوب لتنمية الثقافة" كما عرض "الدكتور نوح الفقير" دراسته التي عنونها بـ"أثر الاجتهاد المعاصرين في معالجة قضايا العصر الثقافية".
وفي ختام أعمال المؤتمر أصدر المشاركون البيان الختامي دعوا فيه للاستعانة بسائر العلوم الإسلامية وتطبيقاتها مثل أصول الفقه، ومقاصد الشريعة، والخلاف العلمي، للإفادة منها في تنمية الثقافة في العالم الإسلامي، وعلى الأخص من ذلك موضوعات الاجتهاد بضوابطه والمصالح المرسلة وآداب الخلاف لأهميتها في تيسير الحوار مع الذات ومع الآخر، ومعالجة القضايا المستجدة.
وأكد المشاركون تكثيف العمل الثقافي بين علماء العالم الإسلامي ومفكريه، واختيار أهل الحكمة والاختصاص من ذوي الآفاق الواسعة والثقافة الوسطية لوضع الأسس الفكرية والمنهجية الكفيلة بترسيخ مبدأ الاجتهاد والتجديد في تنمية الثقافة في العالم الإسلامي والقادرة على توجيه الناشئة والعامة إلى الاهتمام بتنمية الثقافة في مفهومها الواسع والثقافة الإسلامية على وجه الخصوص في إطار فهمٍ معتدل ووسطي لقيم الإسلام وتعاليمه ومنهجه في التحليل والفهم والاستنتاج.
ودعوا لاصدار موسوعة إسلامية تقرِّب وجهات النظر بين العلماء والمثقفين المسلمين بقصد توحيد المنظور الإسلامي للقضايا التراثية، والقضايا المعاصرة، واتخاذ ذلك سبيلا إلى تنمية ثقافة إسلامية جديدة تُعرِّف بالإسلام والعالم الإسلامي تعريفاً منصفاً، وتبرز الثوابت والأصول في ثقافته، وتقلل من شأن الخلافات الفكرية، بأن تضعها في إطارها التاريخي غير المقدس، والثانوي غير المؤثر على وحدة الأمة ووسطيتها.
وحث المشاركون المؤسسات الإعلامية على دعم الإعلام الدَّاعي للوسطية والحوار باعتبارهما السبيل إلى ترسيخ ثقافة جديدة تؤلف بين المسلمين، وتصلح ما خلفته فتنُ التعصب والإقصاء، وتبني ما خربته روح التخلف والجهل وضيق الأفق معربين عن تقديرهم للدور الكبير الذي أدته رسالة عمان ببيانها للصورة المشرقة الصحيحة لهذا الدين وتبنيها لمنهج الوسطية والاعتدال في عرض أحكام هذا الدين العظيم.
وأشادوا بالقرارات التي أصدرها المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد في عمان عام۱٤٢٦هـ – ۲۰۰٥م في ضوء رسالة عمان وما نص عليه البيان الختامي لهذا المؤتمر الموقع من علماء الأمة، من اتفاق اتباع المذاهب الإسلامية الثمانية وقرارهم بصحة إسلام أتباع كل مذهب من هذه المذاهب: المذاهب الأربعة من اهل السنة والجماعة (الحنفي، والشافعي، المالكي، والحنبلي) والمذهب الجعفري والمذهب الزيدي والمذهب الاباضي والظاهري) وخاصة فيما يتعلق بقرارهم بعدم جواز تكفير أي مسلم من أتباع هذه المذاهب، ما دام يؤمن بأركان الإيمان ويوقن بأركان الإسلام ولا ينكر معلوماً من الدين بالضرورة وإقراره أيضا بالتنديد والجرأة على التكفير والجرأة على الفتوى بعيداً عن قواعد الشريعة في ضبطها وتنظيم شؤونها.
ودعا المشاركون إلى تفعيل الاجتهاد والتجديد لترسيخ ثقافة احترام الخصوصيات والرموز الثقافية لطوائف الأمة ومذاهبها، واستبعاد تعميق الخلاف في مسائلها، أو إثارة قضاياها الشائكة في قنوات الإعلام العام والمناهج التعليمية، لتجنيب الناشئة في مدارسهم والعامة في حقول عملهم ما تركه الإخباريون والوضاعون من شوائب الخلافات بين المسلمين، وعلى الأخص منها ما يتعلق بالصفوة الأولى من الصحابة وآل البيت عليهم رضوان الله وسلامه، تلك الصفوة التي حملت لنا رسالة الإسلام وتعاليمه السمحة، وجاهدت في الله حق جهاده، وأشاد بها الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد، فأعلن رضاه عنها، وأكد طبيعة الرحمة والمودة السائدتين في جماعتها، بما لا يدع مجالا للشك والتشوية.
وطالبوا بتنمية الثقافة في العالم الإسلامي من خلال دعم الكتب والدوريات وتشجيع المؤلفين والكُتاب والأدباء، والحفاظ على حقوقهم، وتيسير تبادل الكتب والدوريات بين بلدان العالم الإسلامي، وتخصيص الجوائز القيمة للإسهامات العلمية والأدبية والفنية التي تعمل على إنعاش الثقافة وتنميتها في العالم الإسلامي.
واعربوا عن تقديرهم للجهود التي بذلتها المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة الإيسيسكو للاحتفاء بعواصم الثقافة الإسلامية، داعين الجهات ذات الاختصاص لاستغلال هذه المناسبة لإقامة التظاهرات الثقافية والعلمية الكفيلة بإبراز أثر الاجتهاد والتجديد في تنمية الثقافة، وتشجيع الإبداع في مختلف مجالات الفكر والثقافة والعلوم والفنون.
واكدوا على ضرورة تحقيق الاحترام عند الإنسان المسلم للخصوصيات الأخرى التي تختلف عن خصوصياته الثقافية، من خلال تربيته على احترام التنوع الثقافي، والتمييز بين ما هو فكر إنساني وما هو مقدس في الثقافة الإسلامية، وتوسيع آفاقه لقبول الرأي الآخر، وتعزيز ثقافة الحوار وآداب الاختلاف في المجتمعات والمدارس الإسلامية، موضحين ان الاجتهاد لا يمنع من التعددية الثقافية والتنوع الفكري شريطة أن يكون ذلك في ظل الثوابت العقدية وان ثقافة الاختلاف في الإسلام تحافظ على السلم الاجتماعي بوجود التنوع والتمتع بالظاهرة الحضارية دون أن يؤدي ذلك إلى الاضطراب والتنازع.
وناقشت الندوة على مدى يومين عددا من الموضوعات والقضايا المتعلقة بالاجتهاد والتجديد في الشريعة والفكر الإسلامي وبيان أثر الاجتهاد والتجديد في تنمية المجتمعات الإسلامية وكذلك أثر اجتهادات المعاصرين في معالجة قضايا العصر الثقافية والانفتاح على الثقافات الأخرى ورأي علم الاصول ومقاصد الشريعة في تنمية ثقافة المجتمعات الاسلامية وذلك بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين البارزين من الدول العربية والاسلامية.
رقم: 34716