QR codeQR code

قراءة في كتاب

كتاب مشروع الفكر الإسلامی في القرآن

تنا

2 Feb 2019 ساعة 12:15

يضمُّ هذا الكتاب بين دفتيه دروساً قرآنية ألقاها قائد الثورة الإسلامية من على منبر مسجد الإمام الحسن المجتبى (ع) في مدينة مشهد المقدسة في شهر رمضان المبارك عام 1974م.


يلقي الكتاب الضوء على النتاج المبكر للإمام الخامنئي قبل انتصار الثورة الإسلامية يمكننا من خلاله التعرف على نصٍ شكل رافداً من روافد النهوض الإسلامي.

اسم الكتاب: مشروع الفكر الإسلامي في القرآن
 
تأليف:الامام الخامنئي
 
المترجم: الدكتور محمد علي آذرشب
 
دار النشر: صهبا
 
مشروع الفكر الإسلامي في القرآن



 
 
لمحة قصيرة:
 
يقدم الكتاب مجموعة من الدروس القرآنية التي ألقاها الإمام الخامنئي من على منبر مسجد الإمام الحسن المجتبى (ع) في مدينة مشهد في شهر رمضان المبارك من العام ۱٣٥٣ ه.ش الموافق للعام ۱۹٧٤م. وتتجلى أهمية هذا الكتاب بلحاظ الخصائص التي يتوافر عليها وهي: إلقاء الضوء على النتاج المبكر للإمام الخامنئي دام ظله قبل انتصار الثورة الإسلامية المباركة، فيمكننا بالتالي من خلاله التعرف على نصٍ شكل رافدًا من روافد النهوض الإسلاميّ، ويمكن اعتباره بحدِّ ذاته دعامةً من أجل بناء وعيٍ إسلاميّ أصيل، يندمج مع متطلبات الواقع ليؤكد على قدرة الإسلام في إنتاج رؤية متكاملة للحياة.


كتاب «مشروع الفكر الإسلامی في القرآن» كتاب نفيس من إصدار مؤسسة صهبا يحتوي على ثمانية وعشرين محاضرة ألقاها الإمام الخامنئي (دام ظله) في مشهد في شهر رمضان المبارك عام 1974 (1353 ه. ش.) تناول فيها مواضيعَ الإيمان، التوحيد، النبوة والولاية من منظور أنّها تعيش في قلب المجتمع الإيماني وتديره وتوصل الفرد والمجتمع إلى الأهداف العليا وليست مباحث عقلية محضة تختصّ بالحوزات وحلقات التدريس والكتب الكلامية. ويضيء الكتاب على النتاج الفكري المبكر للإمام الخامنئي، ويشكل رافداً من روافد الفكر الإسلامي الأصيل الذي ابتنت عليه النهضة والثورة الإسلامية في إيران.


الكتاب يحتوي على ثماني وعشرين محاضرة ألقاها الامام الخامنئي في شهر رمضان عام 1394هـ، أي قبل أكثر من أربعين عامًا، تناول فيها أهمّ ما تحتاجه الساحة الإسلامية من أفكار ومفاهيم من منطلق قرآني.

كان الامام الخامنئي المحاضر يلقي محاضراته في مسجد «الإمام الحسن» بمدينة مشهد. وبعد المحاضرة يتلو أحد القرّاء ما دارت حوله المحاضرة من آيات. لم يكن يجلس على منبر كما هو المعتاد في دروس المساجد، بل كان يقف أمام المجتمعين. ولم تكن المحاضرات جديدة في طريق إلقائها فحسب، بل كانت تحمل مفاهيم، وتتجه نحو مقاصد جديدة كل الجدّة عن الساحة الإيرانية آنذاك. والذين حضروا تلك المحاضرات يتحدثون بإعجاب واستغراب عن انشداد أهالي مدينة مشهد، وخاصة فئة الشباب، إلى مسجد الإمام الحسن أثناء الإلقاء، فالمسجد يغصّ بهم بل ويغصّ المرآب الموجود خلف المسجد بمستمعين من الرجال والنساء ومن فصائل مختلفة.

ويتحدث الناشر (صهـبا) عن الجهود المبذولة من أجل الحصول على أشرطة تسجيل تلك المحاضرات، وطباعتها في كتاب يحمل عنوان: «مشروع الفكر الإسلامي في القرآن»، وعن مزايا الكتاب، وعن قدرة الامام الخامنئي على إلقاء مفاهيم القرآن الحضارية الاستنهاضية بأسلوب ذكي يبعد عنه شرّ جلاوزة نظام الشاه الاستبدادي المعادي لكل وعي إسلامي. لكن النظام تفطّن بعد ذلك، فألقى القبض عليه وساقه نحو أفظع مراكز التعذيب آنذاك المسمى «اللجنة المشتركة ضد التخريب».

جدير بالذكر أن هذه المحاضرات قد ترجمت بحذافيرها جملة بجملة في بيروت. وتولى الترجمة الأستاذ القدير عباس نور الدين ونشرت تحت عنوان «الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم» بواسطة دار المعارف الحكمية.

لأسباب عديدة وجدنا من الضروري إعادة الترجمة بواسطة الدكتور اذر شب ،‌ مراعين فيها عدم التكرار الذي يصاحب عادة المحاضرة الارتجالية العامّة، ومراعين فيها أيضًا أنَّ مخاطبنا عربي، وكذلك الوضوح في العبارة، ومجتنبين ــ فيما نظن ــ بعض الهفوات في الترجمة السابقة، ويبقى الفضل لمن سبق.

نرجو أن يلقي هذا التعريب الضوء على جانب من تاريخ الفكر النهضوي في إيران، وأن يكون إثراء لمشروعنا المستقبلي في بناء «الحضارة الإسلامية الحديثة» وبالله التوفيق.

القراءة الإحيائية للقرآن الكريم

دعوةالله ورسوله إلى المؤمنين تدور حول الإحياء: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اسْتَجِیبُوا لِله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا یُحْیِیكُمْ). وما جاء في القرآن الكريم من تعبير الخروج من الظلمات إلى النور إنما يأتي في سياق الإحياء: (یُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ). ومن أهم مظاهر الحياة هو الحركة التكاملية، ومن نتائج الحركة التكاملية القائمة على أساس الدين: «الحضارة الإسلامية».
الإحيائيون الإسلاميون دعوا الأمة على مرّ التاريخ إلى البناء الحضاري على مستوى متطلبات عصرهم. وها هو صوت الإمام السيد علي الخامنئي يرتفع في العقد الأخير خاصّة للدعوة إلى بناء «الحضارة الإسلامية الحديثة».
وإذا كانت هذه الدعوة قد ارتفعت اليوم عاليًا على لسان هذا العبد الصالح، فإنها كانت ترافقه منذ بدايات تصديه للعمل الإسلامي، فقد كان في خطابه ومواقفه ينطلق من وعي حضاري وحسّ تغييري.
هذه المحاضرات التي نقدمها بالعربيّة تبيّن منطلقاته وهو يخاطب عامة الناس في رمضان 1394هـ (1974م). ونقف عند أهم المحاور الإحيائية في تلك المحاضرات.

التنظير؛

المسلم الذي يواجه ما يموج به عالمنا المعاصر من تيارات فكرية ويريد أن يعرف مكانته بينها، وأن يجيب عن الأسئلة المطروحة على الساحة، يحتاج إلى تنظير يبلور المدرسة الإسلامية في مجالاتها العقائدية والحياتية، وهذا ما فعله الإحيائيون في العصور الأخيرة وقدموا أعمالهم في كتب مستقلة أو محاضرات نخبوية وعامة. والأستاذ المحاضر يشير إلى ضرورة عملية «بلورة المشروع الإسلامي بصورة مدرسة اجتماعية ذات مبادئ منسجمة ومتناسقة، وذات رؤية للحياة الاجتماعية البشرية»(المقدمة).

فالضرورة تتطلب بلورة المشروع الإسلامي، وأيضًا برؤية اجتماعية لا فردية. ثم تقديم ذلك في منظومة فكرية وعملية واحدة، ولذلك يدعو إلى دراسة المسائل الفكرية في الإسلام بصورة مترابطة وبشكل أجزاء من منظومة واحدة» (المقدمة).
ويرى أن أغلب الدراسات لم يعمد أصحابها إلى هذه البلورة في منظومة عملية حياتية إذ إنّ «ما قدّموه لا يتجاوز أن يكون معرفة ذهنية، لأن أبحاثهم بصورة عامة تدور حول قضايا هي بمعزل عن العطاء العملي وخاصة الاجتماعي» (المقدمة).

في عملية التنظير لابد أن يتجه العطاء إلى الخروج من الإطار الذهني والتركيز على مقاصد الإسلام وأهدافه الفردية والاجتماعية، والسبيل إلى تحقيق هذه الأهداف. فالأولوية هي: «الخروج من الإطار الذهني المحض، والتوجه إلى المنظومة الإسلامية باعتبارها مدرسة احتماعية يتعين فيها المسير العملي للأفراد، وخاصة في حياتهم الاجتماعية، والتأكيد في الدراسات النظرية على مشروع الإسلام لحياة البشر وعلى أهداف الإنسان والمجتمع في الحياة، والطريق الذي يحقق هذه الأهداف» (المقدمة).

الفهم الإحيائي للتوحيد؛

لاشك أن التوحيد أول أصول الدين، ‌لكنه بسبب غياب الذهنية الإحيائية الحضارية دخلت فكرة التوحيد في مباحث كلامية جافّة، أو منحرفة بدويّة متخلّفة. من هنا يتصدى الإحيائيون إلى تقديم هذا الأصل الديني المهم على قاعدة عملية تغييرية تتناسب مع هذا الأصل القرآني الهام يقول:
«كل تعبير في القرآن الكريم عن صفات الله سبحانه في سياق التوحيد يتضمن نفي هذه الصفات عن الآلهة المزيفة، كما يتضمن ما ينبغي أن يتحلّى به الموحّدون في حياتهم، فقوله تعالى: (لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) يعني أن الآلهة المزيفة في غفلة عن أمرها، كما يعني ما يجب أن يتحلّى به الموحدون من وعي وصحوة وبصيرة» (المحاضرة الثامنة).

وبنظرة تغييرية قرآنية للتوحيد يقول: «لو كانت النظرة الكونية التوحيدية هي المهيمنة لما كان طواغيت العالم والمتجبرون يسيطرون على الثروات الطائلة ويسخّرون عباد الله لطاعتهم، ويَدَعون الناسَ يتسابقون لتقبيل أقدامهم، ويرون أنهم خُلقوا ليكونوا سادة والآخرين عبيدًا، خُلقوا ليكونوا سعداء، وغيرهم مخلوقون للبؤس والشقاء» (المحاضرة الثامنة).

ويرى أن التوحيد في إطار الشعور بالمسؤولية هو غير التوحيد في الأذهان الجامدة الخامدة يقول: «أولئك الذين يعيشون على مستوى المسؤولية والالتزام يجب أن يفهموا التوحيد بصورة غير الصورة المرتسمة في أذهان الذين يعيشون حياة البطر وعدم الالتزام. قد يُخيل إلينا أن التوحيد مسألة تعيش في الأذهان دون أن يكون لها أثر في الخارج، ودون أن تكون عامل تأثير في الحياة. بينما التوحيد الذي يدعو إليه الإسلام هو أسمى من أن يكون جوابًا نظريًا على سؤال.

التوحيد الإسلامي يعمل على صياغة نظام الحكم والعلاقات الاجتماعية ويوجّه حركة التاريخ، ويرسم الهدف من هذه الحركة، ويقرر مسؤوليات الناس تجاه الله وتجاه بعضهم الآخر، وتجاه سائر مظاهر الطبيعة. ليس التوحيد بالأمر الذي تقول فيه إن الله واحد وليس اثنين وكفى.. إنه يعني أن الحقّ لله وحده في أن يكون مهيمنًا على حياتنا الفردية والاجتماعية» (المحاضرة التاسعة).

ويقول: «حين يسود التوحيد بهذه النظرة في مجتمع من المجتمعات فإنه يقيم ذلك المجتمع في بُناه التحتية والفوقية وفق أصول وقيم محددة. وما أبعد هذا الفهم للتوحيد عن حصر معنى التوحيد بعبارة إن الله واحد وليس اثنين!!» (المحاضرة الحادية عشرة).

الإيمان الواعي؛

الغزو الثقافي للعالم الإسلامي يسعى فيما يسعى إلى زلزلة الإيمان الديني في ساحة معينة من الشعوب المسلمة، أو إلى إثارة التعصّب والتحجّر في ساحات أخرى. آثار هذا الغزو مشهودة في كلا الساحتين ومن الطبيعي أن يتجه الإحيائيون إلى التأكيد على ضرورة الإيمان الواعي القائم على أساس امتلاء الوجدان وتطهير القلب، وأيضًا على أساس من العقلانية والتفكير والبعد عن التحجّر والعصبية العمياء.

يقول المام الخامنئي: «الإيمان لا معنى له إذا كان مثل ماء راكد لا حراك فيه. الإيمان المتزعزع.. الإيمان الذي يتزلزل ويتناقص على أثر هزّة أو نَزَق مراهقة أو غيرها يمكن أن يُقتلع في يوم من الأيام. المؤمن الصادق الحقّ ليس كذلك، إذ إن قلبه يتلقى الكلمة الصادقة، والموعظة الصائبة بتفكّر وتدبّر فيزداد إيمانًا» (المحاضرة الثانية).

ويقول: «لابد من إيمان راسخ قائم على أساس وعي وشعور وإدراك كي يصمد أمام الإغراءات والشبهات». (المحاضرة الثالثة).
ويقول عن القرآن إنه: «يرى أولي الألباب من خلال القيم الكبرى التي تميّز الإنسان، وهي الارتباط بالله سبحانه. في تعريف أولي الألباب يقول سبحانه: (الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللهَ قِیَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ)، وليس ذكر الله هنا على طريقة الدراويش، وليس الاكتفاء بلقلقة اللسان، بل هو الذكر الذي يستتبعه الشعور بالمسؤولية في الحياة، ويدفع إلى العمل بهذه المسؤولية»

و مماجاء في (المحاضرة الثالثة)

ويقول: «وفي سياق الآيات التي تذكر الإيمان القائم على الوعي، ورفض ذلك الإيمان المقرون بالتقليد والتعصب، يذم القرآن أولئك الذين يلغون قدرة تفكيرهم ويرفضون ترك ما ألفوه من نهج حتى ولو كان ذلك النهج لا يقوم على علم ولا على هدى: (وَإِذَا قِیلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَیْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ یَعْلَمُونَ شَیْئًا وَلاَ یَهْتَدُونَ). هؤلاء هم الرجعيون والمتحجّرون الجامدون القابعون على ما ألفوه من عادات وتقاليد موروثة حتى لو كانت متعارضة مع العلم ومع هداية ربّ العالمين. وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا في زمرة المؤمنين»

ويقول: «الدين الذي جاء به رسول الله(ص) هو دين التعليم والتزكية وتنمية العقول والنفوس: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِینَ إِذْ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ یَتْلُو عَلَیْهِمْ آیَاتِهِ وَیُزَكِّیهِمْ وَیُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) إنه الدين الذي يكافح ما كان عَقَبةً أمام العقل والفهم والوعي. هذا هو الدين.. إنه الصحوة والوعي والفهم والتعقّل لا كما قال بعضهم: «الدين أفيون الشعوب». تخدير الناس وإبعادهم عن قواهم العقلية وعن وعيهم ليس من الدين بشيء»

و كذالك مما جاء في (المحاضرة الرابعة)

ويقول: «خطاب الأنبياء يتجه إلى فكر الناس وعقولهم، وكلّما كان فكر المخاطبين وعقلهم أدقّ كان قبولهم لهذا الخطاب أكثر. ومهمة الأنبياء رفع المستوى الفكري والعقلي للناس، وكل ما يحول دون أداء هذه المهمة فهو يتعارض مع الدين. وأولئك الذين يريدون أن يسيروا في خط متعارض مع الدين يعمدون إلى تجهيل الناس وتحميقهم، وإبعادهم عن مصادر معرفتهم ووعيهم»

ويقول: «ومعنى (اللهُ وَلِیُّ الَّذِینَ آمَنُوا) أي إنه حليفهم وفي جبهتهم. (یُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُر) أي ينقذهم من ظلمات الجهل، والخرافة، والغرور، والأنظمة المتجبّرة المعادية للإنسان، ومن كل ما يعتبر طامورة معتمة لجوهر وعي الإنسان. ويأخذهم إلى النور.. نور المعرفة والعلم والقيم الإنسانية، وهذا الانتقال من الظلمات إلى النور خاص بالمؤمنين ولا يشمل الكفار الجاحدين وفاقدي الإيمان. لذلك كان المشرك في قلق دائم، وفي اضطراب مستمر، ليس في حياته نور، ولا معرفة حقيقية»

و كذالك مما جاء في (المحاضرة السادسة)

الانفتاح على القرآن ولغة القرآن

الابتعاد عن القرآن الكريم لا يقتصر على الذين أداروا ظهورهم للدين، بل يشمل كثيرًا من القطاعات الدينية التي ابتعدت عن القرآن لأسباب أهمها: إشاعة فكرة أن الإنسان لا يحقّ له أن يفهم القرآن، بل إن هذا الفهم خاص بالمعصوم، وهذا ما شاع في إيران على الأقل،‌ ومن هذه الأسباب الابتعاد عن لغة القرآن، ومن هذه الأسباب أيضًا الانشغال في دراسات دينية جافّة كلامية وفلسفية لا علاقة لها بالواقع المعاش. ومن هنا تأتي دعوة الامام الخامنئي إلى الانفتاح على القرآن وعلى اللغة العربية.

يقول: «دعونا نَعُدْ إلى القرآن الكريم، لنملأ قلوبنا بنداء التوحيد، ولقد ابتعدنا عن القرآن الكريم وانشغلنا بأوهام واهية فارغة لا أساس لها مقرونة بخرافات، ولذلك فإن هذا الفراغ لم يقاوم أمام التيارات المادية. ومن جانب آخر انشغلنا بأبحاث فلسفية جافّة لا روح فيها ولا تأثير ولا مسؤولية في حقل التوحيد. المتكلّمون خاضوا بحوثًا كثيرة في التوحيد لكنها لم تُجدِ نفعًا في إقامة مجتمع توحيدي. ‌مئات السنين انشغلوا بدراسات جافّة لها ظاهر جذّاب دون أن يكون لها محتوى وتأثير.. بِمعزل عن الواقع الخارجي»

ويقول: «قبل أن أدخل في استعراض آيات في التوحيد، أقف عند توصية ذكرتها مرارًا، وأرى ضرورة تكرارها لأهميتها ولشعوري بالمسؤولية إن لم أعد ذكرها، وهي ضرورة الرجوع إلى القرآن الكريم. ذلك البحر من أيّ النواحي أتيته. اجلسوا على مائدة القرآن، ففيه زاد التوعية والكمال كما يقول أمير المؤمنين في عبارة نهج البلاغة: «ما جالس أحد هذا القرآن إلاّ قام بزيادة أو نقصانٍ، زيادةٍ في هدى أو نقصان في عمىً». أهمية هذه التوصية هي وجود مكائد لإبعاد الناس عن القرآن. ومن تلك هذه التي تقول لا يمكن أن يفهم القرآن إلاّ الأئمة المعصومون (عليهم السلام). هذه «كلمة حقّ يُراد بها باطل» كما قال الإمام امير المؤمنين(ع) في حقّ خوارج نهروان. نعم إن المعصوم بما يتحلّى به من سموّ وارتفاع هو النموذج الأسمى لفهم القرآن، بل إنه قرآن حيّ يمشي على الأرض. ‌ولكن ذلك لا يعني أنني أنا وأنت لا نفهم شيئًا من القرآن، وأن نكون بعيدين عن كتاب الله العزيز. أصحاب هذه المقولة محرومون من فهم القرآن، فلماذا يسعون إلى إبعاد الناس عن فهم القرآن؟! لماذا تمنعون الناس أن ينهلوا من هذا النبع الفيّاض؟!

اعلموا أيها الإخوة والأخوات نحن اليوم بحاجة أمسّ إلى القرآن. كما قال رسول الله(ص): «فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن»، عليكم بالقرآن حين تخيّم الفتن وتلقي بظلامها على المجتمع، حينما نفتقد الرؤية لمعرفة الجادّة الصحيحة.. حينما لا ترى الأعين ما تكيده لنا عصابات النهب وقطاع الطرق. في هذه الحالة نحو أحوج ما نكون إلى مراجعة القرآن. وذلك لا يتحقق إلاّ بفهمه»

و مما جاء في(المحاضرة الحادية عشرة)

ويقول سماحته : «تعلّموا لغة القرآن.. تعلموا اللغة العربية، وإن تعذّر عليكم فهم العربية فتوسلوا بترجمة معاني القرآن. كونوا بالقرآن مأنوسين ومعه أصدقاء مرافقين. وكل ساعة تمرّ دون أنس بالقرآن هي خسارة في العمر وحسرة» (المحاضرة الحادية عشرة).
الإسلام المحمدي
الإحيائيون يواجهون نظرة سلبية عند فصائل من المجتمع تجاه الإسلام. وحين طغى الفكر المادي بين شباب العالم الإسلامي في الستينات والسبعينات كانت التهمة الموجهة إلى الإسلام هي إنه أفيون الشعوب، وإنه غير قادر على أن يكون مشروعًا للحياة، وإنه يقرّ ظلم الظالمين، وليس بإمكانه أن ينتصر للمظلومين. ‌في زمن إلقاء هذه المحاضرات كان الفكر المادي قد تسرّب حتى إلى بعض الفصائل الإسلامية، فراج الالتقاط بين الماركسية والإسلام. ومن هنا راح الامام الخامنئي يدافع عن الإسلام، ويبين وجهه المحمدي الصحيح، وطبيعته المناهضة للظلم والداعية إلى العدالة ورفض التمييز.
يقول: «إن أنصار المدرسة المادية في عصرنا يخالون أن المدرسة المادية أقدر على إدارة العالم وإنقاذه من الظلم والجشع والتمييز. والدين لا يستطيع أن يفعل ذلك. لماذا يصدرون حكمًا كهذا على الدين؟ لأنهم يفهمون الدين بمعناه التقليدي الشائع الموروث من عصر التخلّف، الدين الذي يكتفي بالعادات والتقاليد والطقوس ولا يحرّك ساكنًا في المجتمع، لذلك يقولون عنه إنه أفيون الشعوب. واضح أننا حين نواجه هذا المنطق ليس لنا إلا أن نقول: لو رأيتم دينًا يقرّ على ظلم الظالمين ويساند المستبدين، ولا يهتم بأمر المظلومين ولا يجدي نفعًا للـمسحوقين فارفضوه إنا معكم رافضون. الدين الإلهي له خصائص معينة ومواصفات خاصة، إن توفرت نقبله وإن لم تتوفر نرفضه»

هذه بعض المحاور الإحيائية في محاضرات السيد الأستاذ، أردنا بها أن نسلّط الضوء على المقصد الإحيائي الحضاري للمـحاضرات، وأن نفتح أمام القارئ الكريم نافذة يطل من خلالها على سائر المحاور. فهي إضافة إلى قيمتها التاريخية في مسيرة الفكر الإسلامي بإيران تقدم دروسًا نحن بأمس الحاجة إليها اليوم.

اعداد و تدوين
علي اكبر بامشاد


رقم: 398699

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/report/398699/كتاب-مشروع-الفكر-الإسلامی-في-القرآن

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com