جمال الدین الاسد آبادی من أعظم رواد اليقظة الإسلاميّة الحديثة، وأبو الصحوة الإسلاميّة المعاصرة، وأبرز قادة الحركة الإصلاحية الإسلاميّة، ومن طلائع المجددين للفكر الإسلامي في العصر الحديث…
مما قالو فیه :
الامام الخمینی (قدس سره): "کان رجلاً حاذقاً إلا أنه كان يعاني من نقاط ضعف أيضاً، فبما أنه لم يكن يتمتع بمكانة بين الجماهير لا على المستوى الديني ولا الشعبي، لم تؤدي جهوده المبذولة إلى النتائج المطلوبة..."
وقال الامام الخامنئی فی كلمته خلال المؤتمر العالمي لعلماء الدين والصحوة الإسلامية بتاریخ 24/ 9/ 2013 :
إنني في هذا الاجتماع الهامّ لعلماء الأمّة بمختلف أقطارهم ومذاهبهم أرى من المناسب أن أبيّن بضع نقاط ضرورية حول قضايا الصحوة الإسلامية:
إن الأمواج الأولى للصحوة في بلدان هذه المنطقة، والتي اقترنت مع بدايات دخول الغزو الاستعماري، قد انطلقت غالباً على يد علماء الدين والمصلحين الدينيين. لقد خلَّدت صفحات التاريخ وللأبد أسماء قادة وشخصيات بارزة من أمثال السيد جمال الدين الأسد آبادي، ومحمد عبده، والميرزا الشيرازي، والآخوند الخراساني، ومحمود الحسن، ومحمد علي، والشيخ فضل الله النوري، والحاج آقا نور الله، وأبي الأعلى المودودي، وعشرات من كبار علماء الدين المعروفين والمجاهدين وذوي النفوذ، من إيران ومصر والهند والعراق. ويبرز في عصرنا الراهن اسم الإمام الخميني العظيم مثل كوكب ساطع على جبين الثورة الإسلامية في إيران. وكان لمئات العلماء المعروفين وآلاف العلماء غير المعروفين في الحاضر والماضي دورٌ في المشاريع الإصلاحية الكبيرة والصغيرة في ساحات مختلف البلدان. وقائمة المصلحين الدينيين من غير علماء الدين كحسن البنا وإقبال اللاهوري هي طويلة أيضاً ومثيرة للإعجاب.
وقد كانت المرجعيّة الفكريّة لعلماء الدين ورجال الفكر الديني بدرجة وأخرى، وفي كل مكان. لقد كانوا سنداً روحياً قوياً للجماهير، وحيثما قامت قيامة التحولات الكبرى ظهروا في دور المرشد والهادي، وتقدموا لمواجهة الخطر في مقدمة صفوف الحراك الشعبي، وازداد الارتباط الفكري بينهم وبين الناس، وغدوا أكثر تأثيراً في دفع الناس نحو الطريق الصحيح. وهذا له من الفائدة والبركة لنهضة الصحوة الإسلامية بمقدار ما يجرّ من انزعاج وامتعاض على أعداء الأمة والحاقدين على الإسلام والمعارضين لسيادة القيم الإسلامية ما يدفعهم إلى محاولة إلغاء هذه المرجعية الفكرية للمؤسسات الدينية واستحداث أقطاب جديدة عرفوا بالتجربة أنه بالإمكان المساومة معها بسهولة على حساب المبادئ والقيم الدينية. وهذا ما لا يحدث إطلاقاً مع العلماء الأتقياء ورجال الدين الملتزمين.
هذا ما يضاعف ثقل مسؤولية علماء الدين. فعليهم أن يسدّوا الطريق أمام الاختراق بفطنة ودقّة متناهية وبمعرفة أساليب العدوّ الخادعة وحيله، وأن يحبطوا مكائده. إن الجلوس على الموائد الملوّنة بمتاع الدنيا هو من أكبر الآفات، وإنّ التلوّث بهبات أصحاب المال والسلطة وعطاياهم، والارتباط المادي بطواغيت الشّهوة والقوة من أخطر عوامل الانفصال عن الناس والتفريط بثقتهم ومحبتهم. فالأنانية وحبّ الجاه الذي يجرّ الضعفاء إلى أقطاب القوة يشكّلان أرضيّة خصبة للتلوّث بالفساد والانحراف. لا بدّ أن نضع نصب أعيننا قوله سبحانه "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ ولَا فَسَادًا والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ".
وفی خطاباٌ اخر قال سماحة الامام الخامنئی :
السيد جمال الدين الأسدآبادي أكبر شخص دعا المسلمين في تاريخنا الماضي إلی الوحدة. كان السيد جمال الدين يعتقد أن العالم الإسلامي إذا أراد تجديد حياته المعنوية و السياسية فلا مفرّ أمامه من الاتحاد، و قد كانت أسفار السيد جمال الدين و كلماته و مفاوضاته تصب كلها في هذا السبيل و من أجله. السنة يقولون إن السيد جمال الدين سني، و الشيعة يقولون إنه شيعي. إذن فهو مقبول لدی الفريقين. كان السيد جمال الدين سيداً شيعياً إيرانياً تعاون مع الشيخ محمد عبده و هو عالم مفتنٍ سني شافعي، و ضمّا صوتيهما إلی بعض فملأ هتافهما العالم كله. السيد جمال الدين شخص رفع راية إحياء الإسلام و بالتالي فراية إحياء الإسلام لا تعرف شيعة و سنة.
و کذالك مما قاله الاستاذ محمد عبده : "في سنة 1286 هـ أقبل رجل غريب وذو نظرة صائبة وبصير بحقائق أمور الدين والبلاد، إنه کان عالماً بدقائق الأوضاع لدى الشعوب، کما كان يتمتّع بمعلومات وسيعة وقلب يفيض من المعرفة. كان يحمل قلبه على كفه، إنه يدعى جمال الدين الأفغاني الذي قام بتعليم جزءٍ من العلوم العقلية...فبالنتيجة أنهضت البصائر والعقول وخفّت عتمة الظلام والغفلة."
و کذالك قال إقبال اللاهوري : "...على المسلمين المعاصرين بأن يعيدوا النظر في الأسس الدينية للإسلام بتفاصيلها مع الحفظ على التماسك بين الحاضر والماضي واستمراريته...أما الذي استوفى خطورة هذا الأمر تماماً، هو السيد جمال الدين الذي جعلته نظرته العميقة في تاريخ الفكر الإسلامي، بالإضافة إلى ما كان يتمتع بها من التجربة والحنكة الملمّة بما يتعلق بفئات المجتمع من آدابها وطقوسها، جعلته كحلقة وصل تربط بين الماضي والمستقبل...
ومن اقوال السيد جمال الدين الاسدابادي:
السیرة الذاتية جمال الدين الاسد آبادي: هو جمال الدين بن صفدر بن علي بن مير رضي الدين محمد الحسيني.هاشمي النسب، يرتفع نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).
واختلف الباحثون في مولد السيد جمال الدين ونشأته وأصل أسرته. ونعتقد أن التركيز على هذه المسألة لا جدوى فيه، خاصة وأن حياته ارتبطت بكل العالم الإسلامي من شرقه في الهند إلى غربه في الشمال الأفريقي. كثير من الأوراق استدلت على أنّه إيراني من أسرة إيرانية سكنت في مدينة «أسد آباد» بمحافظة همدان، ولا يزال أفراد هذه العائلة موجودين في هذه المدينة.
تضمنت الوثائق التاريخية شواهد وقرائن تدل على جنسيته الإيرانية، إضافة إلى امتلاكه جوازين إيرانيين للسفر. يرى البعض بأن نضال السيد جمال الدين في سبيل الدعوة إلى نبذ الطائفية والفرقة ما بين أبناء الأمة الإسلامية کان السبب الرئيسي بأن لا يُفصح لا عن جنسيته ولا مذهبه الواقعيين، كما ألزمه ألا يكتسي بزيّ يدل على انتمائه العرقي أو الطائفي أحياناً، فكان يعتبر نفسه مسلماً وحسب، ليمكنه من بناء أواصر الصداقة مع الشخصيات العلمية وعلماء أهل الجماعة إلى جانب الشيعة منهم، وأن يتعامل معهم دون قيود.
فقد صرّح - على سبيل المثال - في مقابلة مع صحيفة بال مال: "أنا أفغاني من أنقح عرقٍ ايراني".
مع ذلك ينسبه البعض إلى أسد آباد أو أسعد آباد الأفغانية، ويروون بأن جمال الدين همّ بالدراسة في كابل، ثم غادرها نحو الهند لإكمالها. والدليل على ذلك أنه أعرب عن هويته في عباراة تضمنتها رسائله، قائلاً: أن البريطانيين يعتبرونه روسياً والسنة رافضياً والشيعة ناصبياً. "لا ينتسب بي الكافر ولا يتخذني المسلم أخاً. أُقصيت من المسجد وأُحجبت من الدير، فقد حِرت بمن أتشبث ومن أُجادل".
في «كابل» أشرف والده على تعليمه. وعندما بلغ الثامنة عشرة من عمره كان قد درس مباديء العلوم العربية والتاريخ وعلوم الشريعة من تفسير وحديث وفقه وأصول وكلام وتصوف، والعلوم العقلية، من منطق وحكمة عملية سياسية ومنزلية وتهذيبية، وحكمة نظرية طبيعية والهية، والعلوم الرياضية من حساب وهندسة وجبر وهيئة أفلاك، وأيضا نظريات الطب والتشريح!».
وبحكم الشتات الذي فرض على أسرته، أتيحت له فرص الدراسة في «الحوزات العلمية» بالعراق، والسياحة في الهند والإقامة حيناً من الدهر في إيران - مع الأسرة المهاجرة في «أسد آباد».
ولقد أجاد من اللغات، غير العربية والفارسية والأفغانية: التركية والفرنسية، مع إلمام بالإنجليزية والروسية.
وفي ظل حكم الأمير الأفغاني الوطني «محمد أعظم خان» تولى جمال الدين منصب «الوزير الأول» - رئيس الوزراء - وقاد معارك حربية ضد الغزو الإنجليزي لبلاد الأفغان… فلما هزم «محمد اعظم خان»، وحكم خصمه، الموالي للإنجليز، «شير علي» بدأت سياحة جمال الدين في عالم الإسلام… فتنقل من الهند إلى مصر إلى الآستانة إلى الحجاز إلى العراق إلى إيران إلى روسيا إلى باريس ولندن، داعيا إلى الإحياء والتجديد للفكر الإسلامي، والى إيقاظ الأُمة الإسلاميّة من سباتها و وحدة كلمة المسلمين ، وفك قيود الجمود والتقليد، والإقلاع من التخلف الموروث إلى النهوض الإسلامي، لمواجهة الإعصار الاستعماري الغربي الزاحف على ديار الإسلام… وكان - في سبيل ذلك - مذكيا لمنهاج الشورى والحرية في إدارة شؤون الأُمة وتدبير سياسات حكوماتها، وموقداً للثورات في وجه الاستبداد الداخلي والاستعمار الغربي الزاحف على الشرق الإسلامي…
ومع إيمانه بدور العامة والجماهير في الثورة والإصلاح، فلقد كان أبرز صناع النخبة والصفوة الإسلاميّة، التي قادت حركة الجامعة الإسلاميّة على امتداد وطن العروبة وعالم الإسلام لعدة قرون، مجدداً للفكر، وقائداً لحركات التحرر الوطني، وداعية إلى الإصلاح الاجتماعي، ومفجرا للعديد من الثورات… حتّى لقد كانت صناعته الأولى هي صناعة الرجل .
ولقد كانت السنوات التي عاشها اسد آبادي بمصر هي أخصب السنوات في تاريخ إنجازاته الفكرية والسياسية…ففيها ربي نخبة من العقول التي جددت فكر الإسلام وحياة المسلمين - وفي مقدمتهم الإمام محمد عبده وشرح من كتب الفلسفة والكلام والمنطق ما أعاد للحياة الفكرية قسمة العقلانية الإسلاميّة، التي غابت عنها منذ عصر التراجع الحضاري للمسلمين… ونشأت على يده مدرسة في الصحافة الأهلية الحرة - غير الحكومية - وتيار شعبي لمعارضة الاستبداد الداخلي، وللثورة على النفوذ الأجنبي - الاقتصادي والسياسي والعسكري - الزاحف على ديار الإسلام… بل لقد عرفت مصر - على يديه وبقيادته - طلائع التنظيمات السياسية ـ (الحزب الوطني الحر) - في تلك الفترة المبكرة من نشأة الأحزاب….
وبضغوط من الدول الاستعمارية - وخاصة إنجلترا، التي كانت تحضر لاحتلال مصر - خضع الخديو توفيق فنفى جمال الدين من مصر زاعماً أن اسد آبادي يقود جماعة من ذوي الطيش، مجتمعة على فساد الدين والدنيا …. فذهب جمال الدين - منفيا - إلى الهند - وهي مستعمرة إنجليزية - فمكث فيها، حتّى تمت هزيمة الثورة العرابية، واحتلال الإنجليز لمصر … وعندئذ سمح له الإنجليز بمغادرة الهند، فسافر إلى باريس - العاصمة المنافسة لإنجلترا - وهناك لحق به الشيخ محمد عبده - وكان منفيا بيروت، بعد هزيمة العرابيين ومحاكمتهم…
ومن باريس أصدرا مجلة (العروة الوثقى) لتعبر عن فكر وسياسة التنظيم السري الذي أقامه اسد آبادي، لمواجهة الاستعمار الإنجليزي، وإنهاض المسلمين… وهو التنظيم الذي امتدت عقوده و خلاياه إلى أغلب بلاد المسلمين - وخاصة مصر والهند - والذي استقطب صفوة العلماء المجددين والأمراء والساسة المجاهدين - تنظيم (جمعية العروة الوثقى) - فكان هذا التنظيم ومجلته أهم مدارس الوطنية الإسلاميّة والبحث الحضاري الإسلامي، التي تربى فيها وتعلم منها واستضاء بمنهاجها دعاة اليقظة والتجديد والإصلاح والثورة على امتداد عالم الإسلام…
على بعض الأقوال شدّ الرحال إلى الهند بإيعاز من المرجع الشيعي عندئذ الشيخ الأنصاري ليتحرّى أوضاع المسلمين هناك عن كثب ويعمل على حشدهم ضد الاستعمار البريطاني. ذهب إلى مكة وزار الحجاز بعد أن أمضى مدة في الهند، فإتجه نحو افغانستان في ايام حكم الأمير دوست محمد خان فأصبح من خواص أصحابه وخاض معه في حرب هرات. ثم سافر إلى مصر وعاشر علماءها فأشتهر وبدأ يدرّس في الجامعات، المنطق والفلسفة. حضر دروسه الشيخ محمد عبده وثلة من فضلاء البلد.
أخذت أفكار جمال الدين تنتشر بين سنة 1288 و1290 هـ بين الشبان المصريين، ورسخت في نفوسهم. فبعض المصادر تدعي بأنه إلى جانب نشاطاته الثقافية والصحفية، إستغلّ الجمعية الماسونية في سبيل بثّ عقائده السياسية المستقبلية. فقيل بعد ذلك التحق بالفرع المصري للجمعية، في سنة 1292 ه متطوعاً، واستناداً لما جاء في رسالة أحد أعضاء الفرع الشرقي للمؤسسة (أوريان) - التي هي في حوزة وثائق لأمين الضرب- قام جمع بترشيحه لتصدي منصب الرئاسة للفرع المصري.
اختلفت المصادر في انتماءات المترجم وميوله، خاصة وأن عضويته في الجمعية الماسونية تكتنفها غموض شديد، حيث اعتبرته الأطراف المختلفة عميلاً يعمل لصالح الطرف الآخر. فالبعض نسبه إلى الروس واعتقد بأنّ عمله ضد مصالح بريطانيا والآخر نسبه إلى بريطانيا واعتبر بأنّ عمله ضد مصالح الدولة الروسية.
لکن لم تدم عضويته، وفقاً للمصادر، فاعتراضاً لوفود الملك البريطاني، ولما قاموا به الأعضاء الإيطاليين للفرع من استقبال رسمي له، قدم استقالته للجمعية.
تأسيس الجرائد والمجلات
الشفيق: ذهب جمال الدين إلى مدينة حيدر آباد الهندية – منفى المبعّدين في الشبه القارة الهندية - في الجمادي الآخرة سنة 1296 هـ، وأصدر مجلة تحت عنوان المعلم الشفيق باللغتين الأردية والفارسية في هذه المنطقة.
العروة الوثقى: سافر المترجم إلى مدينة باريس في 1301 هـ، وأسس الجريدة التي لم ينشر منها إلا 18 عدداً.
تأسيس الحزب الوطني فی مصر :
ومن ضمن ما قام به في مصر، تأسيس الحزب الوطني الذي اكتسب شهرة وصيتاً بفضل مثابرة جمال الدين وتلاميذه. أقرّ المستشار البريطاني في مصر يدعى "لرد كرومير" في تقرير له، بأنه تقلّص النفوذ البريطاني في البلاد، إلى نسبة 45 والعمل التجاري إلى نسبة 35 بفعاليّات هذا الحزب. إلى ذلك أعلن مركز "دعاة نصارا" بعد مقارنة أجراها بين عمل هذا الحزب والنشاط الذي صرفته كافة المبشّرين المسيحيين طوال مدة 35 سنة على الصعيد القارة الأفريقية.
بلغ تأثير وشعبية هذا الحزب إلى حد وصفه كرومير في تقرير بعثه إلى لندن: "إذا استمرّت فعاليات تنظيم الحزب الوطني ولو لمدة سنة على هذا المنوال، وظلّ السيد جمال الهمداني، المحرّك الرئيسي في آسيا الوسطى والغربية، وأفريقيا الشرقية والشمالية، يعيش هكذا مرتاح وخالي البال في مصر(حسب قوله)، بهيمنة هذا التنظيم الغريب، سيتمّ القضاء على جلّ المشاريع التجارية والخطط السياسة البريطانية لأفريقيا بالمرّة، ثمّ لا يبعد أن تتعرّض السيادة على القارة الأوروبية إلى الزوال من دون رجعة، وتمحى من على الوجه الكرة الأرضية نهائياً" وفي تقرير آخر، طلب (مرعوباً) القضاء على الحزب الوطني.
وقد جاء في تقرير أحد دعاة نصارى القاهرة، معرباً عن استغرابه من انتشار أفكار الأسد آبادي ورسوخها في الأذهان وبشكل متسارع، بواسطة الحزب الوطني، التالي: "لم يخطر ببال أحد أغرب من أنّ 70 مليون من أولاد الإنجيل، بفضل كل ما يتمتّعون من العَلَمية والمُكنتة والغيرة التي هي من الطبائع البشرية، ينهزمون أمام 40 نفراً هم ليسوا إلا الروح الحقيقية لسيد إيراني متقشفٍ.( حسب زعمهم)
وفقاً لبعض المصادر، قد أرعب مدى تأثير آراء جمال الدين في مصر، الحكومة البريطانية، مما أدى إلى حرمان المترجم وتلامذته من العمل الفكري والسياسي، ومنع تنظيم "الحزب الوطني" أو (مفتاح سعادة مصر) من العمل، بعد ما يقارب من 9 أشهر وبضعة أيام.
ولقد انتهى المطاف باسد آبادي - بعد أن زرع التجديد والإحياء والثورة في أرجاء العالم الإسلامي… وبعد أن صنع على عينه جيلا من القادة والعلماء والثوار والمجددين - انتهى به المطاف إلى «الآستانة» … لكنه، وهو النسر المستعصي على قيود السلاطين، وأسوار المدن، وجغرافية الأوطان، حاول تحرير إرادة السلطان عبد الحميد من قبضة حاشيته الغارقة في الرجعية والفساد… وسعى إلى بعث الروح في الحركة الجامعة الإسلاميّة، لمناهضة الزحف الاستعماري على ولايات الدولة العثمانية… وتطلع إلى سد ثغرة الشقاق المذهبي والسياسي بين إيران ودولة الخلافة الإسلاميّة، لقطع الطريق على الاستعمار، الذي يخترق الوجود الإسلامي من مثل هذه الثغرات ….وظل اسد آبادي قائما بفريضة الجهاد على هذه الجبهات - التجديد الفكري… واليقظة العلمية…. والتصدي للاستعمار…. وكسر قيود الاستبداد - حتّى وافاه الأجل، فلقى ربه في صبيحة يوم الثلاثاء ٥ شوال ١٣١٤ هـ ودفن في الآستانة ونقل جثمانه - بعد سنوات - إلى بلاده الأفغان.
اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد