کتب موقع "سوریانیوز" الالکترونی السوری انه قرابة قرن من الزمان يفصلنا عن أول بيان وزاري صدر في سورية، حيث أصدرته الحكومة المنبثقة عن المؤتمر السوري العام والذي كان بمثابة مجلس نيابي، وقد اختار الملك فيصل (علي رضا الركابي) لرئاستها.
1920 أول وزارة وطنية دستورية في سوريا تصدر بيانها
وکالة انباء التقریب (تنا) – دمشق 1/4/2011
1 Apr 2011 ساعة 17:00
کتب موقع "سوریانیوز" الالکترونی السوری انه قرابة قرن من الزمان يفصلنا عن أول بيان وزاري صدر في سورية، حيث أصدرته الحكومة المنبثقة عن المؤتمر السوري العام والذي كان بمثابة مجلس نيابي، وقد اختار الملك فيصل (علي رضا الركابي) لرئاستها.
وافاد مراسل وکالة انباء التقریب فی سوریا نقلا عن الموقع انه كان المؤتمر السوري العام قد قرر استقلال سوريا بحدودها الطبيعية التي تشمل سوريا ولبنان وفلسطين، الأمر الذي يشير إليه البيان الحكومي المذكور.
والمعروف عن حكومة الركابي ميلها إلى تصديق وعود الحلفاء، الأمر الذي يتضح من المبالغة في مديح كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية ما أدى إلى تصادم الحكومة (الركابي) مع أعضاء المؤتمر السوري العام المعبر عن سخط الشعب السوري خاصة عند موافقتها على مقررات مؤتمر سان ريمو القاضية بالانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان والانتداب البريطاني على فلسطين وشرق الأردن والذي نتج عنه إقالة الحكومة بعد شهرين من تشكيلها، وانتخاب (هاشم الأتاسي) لتشكيل حكومة جديدة.
وما يجب التنويه به هنا أن المؤتمر السوري العام كان قد قرر قيام ملكية دستورية تحد من صلاحيات الملك وتمنح الصلاحيات الأوسع للبرلمان والحكومة، بناء على إرادة الشعب العربي في التمتع بالحرية وحق التمثيل والمشاركة السياسية، هذه الإرادة التي لم تتزعزع بعد قرن من الزمن، كما أنها لم تتحقق أيضاً..
السلام مع الولاء مع الاهتمام بالشأن الداخلي، هذه هي المطالب التي طالبت بها الحكومة بعد تضحيات شعبية كبيرة كان فيها الكثير من السوريين والعرب وقوداً لمعارك الكبار( الحلفاء) في الحرب العامة ( العالمية الأولى )، ومع ذلك لم يقبل الحلفاء الذين خرجوا منتصرين من الحرب، فأخذوا يتقاسمون غنائم أوطاننا تعويضاً لهم عما خسروه، ليقدموه رشوة إلى شعوبهم التي دمرتها ويلات الحروب الفظيعة.
بيان الوزارة السورية الذي ننشره ـ على علاته ـ هنا، يعيد التذكير بنضالات الشعب السوري، وبعراقة تقاليده الدستورية وبمدى كفاءة وجدارة وحزم وشجاعة ممثلي الشعب السوري في المؤتمر العام والتي أجبرت الحكومة على احترامه واحترام قراراته...علماً بأنه يمكن التماس العذر لرئيس الحكومة في ثقته بوعود الحلفاء التي تؤكد المصادر التاريخية أن تلك الوعود كانت قد أقرت في اتفاقيات وبرلمانات وتصريحات كبار السياسيين والعسكريين الأوربيين.
كما أن نشر بيان أول وزارة سورية، يؤكد على أن بيانات الوزارات هي واحدة من الوثائق الهامة والمصادر التاريخية التي تؤرخ لمراحل حياة الشعوب والأمم، بما يحمل الوزارات مسؤولية إضافية في تضمين بياناتها كل ما يعبر عن مصالح وتطلعات الشعب وتوخي الصدق والموضوعية في تحليل الظروف التي يمر بها البلد لمواكبة متطلبات كل مرحلة ولتعلم الوزارات أن بياناتها ستعيش أطول منها بكثير، وستكون تحت مجهر الأبناء والأحفاد.
من مجلة العاصمة*، اخترنا نشر البيان كاملاً، باعتباره وثيقة تاريخية، فضلنا عدم الاقتطاع منها خشية الإساءة إليها أو تحسينها بما يبعدنا عن الموضوعية التي نحرص عليها في التعامل مع الوثائق وغيرها.
" أيها السادة المحترمون:
هيئة الوزارة سعيدة جداً بكونها أول وزارة وطنية دستورية في تاريخ سوريا ظهرت أمام أول مجلس ممثل الأمة تقرأ بيانها وتبسط لخطتها فهي إذن تفتخر بتحية هذا المجلس الوطني الجليل الذي سيكون له الذكر الخالد في الأمة جيلاً بعد جيل لأنه كان المعرب الصادق عن رغائبها والمؤيد الحازم لحقوقها والمؤسس لحكومتها الجديدة في تاريخها الجديد.
تعلمون أيها السادة أنه عندما نشبت الحرب العامة واقتحمتها دول الأرض الواحدة تلو الأخرى قامت الأمة العربية بزعامة رئيسها وأميرها جلالة الملك حسين المعظم وانضمت إلى جانب الحلفاء تقاتل معهم جنباً إلى جنب وترخص الضحايا الغالية في الدفاع عن القضية المشتركة أملاً بنيل استقلالها والتملص من الاستعباد الذي أناخ عليها مدة طويلة ضاعت فيها مدنيتها القديمة وتقوضت دعائم عزها وكان قيامها وانضمامها للحلفاء في أيامهم الحرجة عندما كانت كفة الحرب غير راجحة ضربة شديدة على الآمال الواسعة التي توقعنها ألمانيا من التحاق الدولة العثمانية بهم وذلك لما للأمة العربية من المقام التاريخي والاجتماعي وجنى الحلفاء من جراء ذلك فوائد عظيمة اشتد بها أزرهم وفت في سواعد خصومهم وانتهت الحرب باندحار الألمان وانتصار الحق على القوة وتحررت الأمة العربية بفضل ما قام به جلالة الملك حسين المعظم وأنجاله البواسل من الأعمال العظيمة التي قلدوا بها أعناق أمتهم أطواقاً من الشكر والفخر. فهو إذاً المؤسس الأول لتاريخ العرب الجديد الذي افتتحت به هذه الأمة عصرها الذهبي الثاني فنحن نرفع لسدته الملكية فروض التبجيل والشكران ونسجل لجلالته في تاريخنا فصول الإجلال والامتنان.
كما أن نجله النابغ فيصل الأول ملك سوريا المعظم الذي أقام الدعوى السورية وأخذ على نفسه الدفاع عنها إلى الدرجة الأخيرة واصل الجهاد في تحرير هذا القطر هو المؤسس الأول للملكة السورية وصاحب الفضل الأكبر في استخلاصها وإنشائها على قواعد الحرية والتجدد فاجتمعت عليه قلوب أبنائها وانعقدت آمالهم واتفقت كلمتهم على أنه مليك هذا القطر الذي لا يدافع وسيده الذي لا ينازع فنرفع لسدته الملكية عهود الطاعة ونهنئ عرش سوريا بالوطني الباسل والملك العادل.
ولا ننسى أن نذكر بلسان الشكر والتبجيل دول الحلفاء المعظمة التي أثبتت أقدامها الراسخة في مآزق الروع فأيدت مبادئ الحق ودكت صروح الباطل ونادت بعهد جديد وعصر مجيد هو عهد حرمة الحقوق وحرية الشعوب وإنكار سياسة الفتح والاستعمار وإبطال المعاهدات المكتومة المجحفة بحقوق الأمم وإعطاء الشعوب المحررة حق تعيين مصيرها وقد نالنا من فضل معونتهم ما لا تنساه هذه الأمة.
على هذه المبادئ النبيلة والأساسات الراسخة انتخبت الأمة السورية أعضاء مجلسكم الموقر لأجل تعيين مصيرها على شكل يوافق أمانيها ويؤيد حقوقها التي منحتها إياها الطبيعة ودعمتها مفاداتها وضحاياها الجسيمة في الحرب العامة وأقرتها الحلفاء في عهودهم ووعودهم واعترفوا باشتراكها معهم بالفخر بهذا النصر واتفقت كلمتهم على إعلان استقلال سوريا بحدودها المعروفة ضمن المناطق الثلاث التي قضى الاحتلال العسكري المؤقت بقسمتها إليها وعلى المناداة برجل الأمة ومحررها الأمير فيصل الحسين ملكاً عليها وعلى إنشاء حكومة دستورية مسؤولة أمام مجلس الأمة ونشرتم بذلك قراركم التاريخي الناطق بالحزم والحق في الثامن من شهر جمادى الثانية والثامن من شهر آذار الحاضر فكان ذلك اليوم مبدأ لحياتنا الجديدة الحرة وقد قابلت الأمة بأجمعها عملكم المجيد بالاستحسان والابتهاج وأقامت المهرجانات والأفراح في جميع أنحاء البلاد فجاء عملها هذا دليلاً آخر يثبت بالفعل إجماع الشعب على تأييد هذه الغاية وتفانيه في سبيل تحقيق أمانيه القومية الشريفة فنحن نطرئ (نطري) عملكم هذا ونقدم لكم شكراً وثناء يسجل لكم في تاريخ الأمة.
استناداً على هذا القرار الذي خرجت به رغائب الأمة السورية من القول إلى الفعل وظهر فيه الحزم وصدق العزيمة عهد إلينا جلالة مولانا الملك المعظم بإدارة المملكة على المبادئ المدنية الدستورية التي اختارها مجلسكم الموقر وباشرنا العمل واستلمنا أزًمة (جمع زمام) الأمور مستعينين بالله ومعتمدين على مؤازرة الأمة وموطنين العزم على أن نبذل أقصى الجهد في سبيل المحافظة على الاستقلال التام ضمن الوحدة السورية لنتمكن أمتنا من الوصول إلى المقام الذي يليق بها بين الأمم الراقية من المدنية والعمران على نسبة نجابة أبنائها وتاريخها المجيد.
ولنا الأمل الوطيد بحسن نيات الحلفاء العظام وأن يقابلوا حياتنا الجديدة بالسرور والارتياح ويعاضدونا في إزالة جميع العراقيل التي تحول دون رقينا ونجاحنا خصوصاً الدولتين العظيمتين بريطانيا وفرنسا اللتين عرفتا بمحبتهما للعرب وشملتهم معونتهما الثمينة في حرب حريتهم وكانتا أول من وافق على القواعد الصحيحة والغايات النبيلة التي على موجبها جاءت الأمة الأمريكية الشريفة لنجدتهم من عبر الأتلانتيك ولدينا من وعدهما ما يضمن لنا استمرار ولائهما وبقاء محبتهما المفيدة لنا في أيام السلم كما كانت في أيام الحرب فلا يكون منهما اليوم إلا ما يأتلف مع مبادئهما الشريفة ويسهل لنا طريق الفلاح والعمران.
وفوق ذلك فهما تعلمان علم اليقين أننا لا نرغب إلا الحياة المطمئنة الهادئة في ظل سلم عام ولا يمكن أن يستقر ذلك في سوريا مع تجزئتها وحرمانها من الحكم الذاتي وتثقان أننا نصون مصالح جميع الأمم في بلادنا خصوصاً هاتين الحليفتين العظيمتين بحيث نفيد ونستفيد وعملنا هذا منطبق على الغاية الشريفة التي خاضوا وخضنا معهم لأجلها غمار هذه الحرب الضروس وشهد لنا بالفضل فيها أعظم رجالهم مرات عديدة مؤيد ومحقق لوعودهم بحق هذه الأمة.
فسياستنا الخارجية إذن هي سياسة السلم والولاء مع جميع الدول الأجنبية وخصوصاً مع دول الحلفاء الذين آزرونا في الحرب وسيؤازرونا في السلم أيضاً وصيانة حقوق رعاياهم والاستفادة بما نحتاج إليهم من مدنيتهم مما يساعد على رقينا ولا يمس باستقلالنا.
اما إدارتنا الداخلية فتبقى على الأساسات الحاضرة إلى أن يصدر القانون الأساسي الذي يضمن لسكان كل مقاطعة من أبناء الوطن حسن السعي في سبيل عمران بلادهم وتزييد ثروتهم وترفيه حالهم وسنبذل الجهد في توطيد الأمن والنظام والدفاع عن الاستقلال التام ونحن نرى بملء السرور أن هذه الخطة منطبقة على رغائب الأمة التي تلبي دعوة الجندية بالحمية والرغبة للقيام بخدمة الوطن المقدسة وسنعنى بصورة مخصوصة بنشر المعارف وجعل المدارس في حالة يمكنها أن تخرج للبلاد رجالاً مشبعين بحب الوطن وسلامة الفكر وقوة البنية ومتانة الأخلاق وسنهتم بإغناء خزائن علومنا بترجمة كتب العلوم والفنون الحديثة وتأليفها والاستفادة من المعارف الغربية وسنسعى تحسين حالة البلاد الاقتصادية وإنماء زراعتها وتجارتها وصناعتها والاستفادة من خزائنها الأرضية ليكثر الإنتاج وتزداد الثروة العامة فتخف عنا بذلك وبمراعاة قاعدة الاقتصاد وطأة الغلاء الثقيلة التي شملت العالم وأصبحت شغل كبارها وساستها الشاغل ولما كانت هذه الأعمال لا تقوم إلا بالمال والحكومة لا يمكنها إيفاء هذه الوظائف دون أن يكون لديها المقدار الكافي منه وكانت الواردات الحاضرة لا تقابل النفقات المبرمة التي يقتضيها تطورنا الجديد وإنفاذ خطتنا المذكورة فإننا نسعى لإيجاد التوازن بين الواردات والنفقات وسنفرغ قصارى الجهد في سبيل انفاق أموال الخزينة في وجوهها النافعة بحيث لا يصرف مال جزافاً وبدون عمل يقابله ونحتاج في ذلك إلى حمية الأمة وإسراعها في تأدية التكليف وإلى سخاء نحن إليه الآن أحوج منه إلى أي شيء كان
وسيكون عملنا الآن بالقوانين والأنظمة المدنية العثمانية وما جرى تعديله أو وضعه منها بعد عهدهم إلى أن يتيسر لنا تبديلها وتعديلها بصورة تدريجية على شكل يوافق حالة البلاد وأخلاقها ورقيها وبلائم المدنية الحاضرة ويصون حقوق الأفراد والجماعات ويساعد على رقينا الحقيقي
والحكومة ترجو من المجلس الموقر أن يسرع بوضع القانون الأساسي وقانون انتخاب نواب الأمة لتباشر بإجراء الانتخابات وجمع المجلس التشريعي بأقرب ما يمكن
وفي الختام نؤمل (نأمل) من الأمة وممثليها الكرام أن يعاضدونا في مهمتنا الوطنية وتحييكم باحترام "
المؤتمر السوري العام، هو تجمع سياسي أقيم في دمشق بمشاركة ممثلين عن كافة مناطق سوريا الكبرى.
أبرز مقرراته: إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية (لبنان، فلسطين، الأردن، الأقاليم السورية الشمالية التي أعطيت لتركيا ولواء اسكندرون) والمناداة بالأمير فيصل ملكاً عليها
وقد منع الاحتلال الفرنسي الكثير من أبناء الساحل السوري (ومن ضمنه لبنان) من المشاركة بالمؤتمر.
تلا هذا القرار ـ محمد عزة دروزة ـ ممثل عن مدينة نابلس، على الجماهير المحتشدة أمام مبنى بلدية دمشق
شارك في المؤتمر ممثلون عن كل من: دمشق، حلب، نابلس، القدس، يافا، حيفا، الخليل، الساحل السوري، طرابلس، صيدا، شرق الأردن
وقد ضم المؤتمر ۹۰ عضواً يمثلون مختلف شرائح وفئات الشعب السوري بكل طوائفه ومذاهبه وقومياته.
جريدة "العاصمة" وهي الجريدة الرسمية للحكومة العربية آنذاك ، تصدر مرتين في الأسبوع ، تأسست في بداية العام ۱۹۱۹ أي بعد تشكيل الحكومة العربية في دمشق بحوالي الشهرين.
رقم: 44275