الفقيد التقريبي السيّد خسرو شاهي منذ أن كان طالباً في درس الإمام الخميني والعلّامة الطبطبائي، كان همّه وديدنه وحدة الأمّة الإسلاميّة وسموّها،وبذل في هذا السبيل جهوداً جبَّارة على المستويين العملي والعلمي،وحقَّق ونشر الأعمال الكاملة للسيّد جمال الدين الأسد آبادي (الأفغاني) أثناء تولّيه منصب رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانيّة في مصر (2001-2004)، كما أسَّس "جمعية الصداقة المصرية الإيرانيّة" التي عملت على التبادل الثقافي والحوار بين مصر وإيران. ...
رحل عنا السياسي ورجل الدين التقريبي والباحث الفذ الذي اشتغل رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية الأسبق لدى مصر حجة الاسلام و المسلمين سيد هادي خسروشاهي، نتيجة إصابته بفيروس كورونا.
لقد كان الفقيد من رموز التّقريب خلال نصف القرن الأخير، أي منذ زمن دار التقريب في مصر، وكان من القلّة التي أدَّت دوراً أساسياً في لقاء النخب الشيعية والسنية والإسلامية والمسيحية خلال تلك الحقبة، من خلال الفكر والمعرفة والاعتدال، وكانت له علاقاتٌ واسعة مع الدول العربية، من مثل مصر والجزائر وشبه الجزيرة العربية، ومع تركيا وأوروبا.
كما أنَّه كان كاتباً ومترجماً للعديد من كتب وأفكار حركة الإخوان المسلمين ومفكّرين مسلمين آخرين من العصر الحديث إلى الفارسية....
وقد ولد حجة الاسلام و المسلمين خسروشاهي عام 1938 في مدينة تبريز وتلمذ على يد والده سيد مرتضي خسروشاهي ثم التحق بالحوزة العلمية في مدينة قم ودرس العلوم الإسلامية علي يد الامام الخميني مفجر الثورة الاسلامية والعلامة محمد حسين الطباطبائي.
وكان معارضا لحكم الشاه محمد رضا بهلوي وبعد إنتصار الثورة الإسلامية انتخب ممثلا للامام الخميني في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ثم انتخب سفيرا لإيران في الفاتيكان لمدة 5 سنوات وأسس في روما "مركز الثقافة الإسلامية في أوروبا".
وبعد عودته لإيران انتخب مستشارا للوزيرالخارجية انذاك الدكتور ولايتي ثم مستشارا للوزير الدكتور كمال خرازي وأستاذا في كلية الحقوق جامعة طهران.
وهو كذلك عضو في مركز الدراسات السياسية والعالمية التابع لوزارة شؤون الخارجية .وقد اشترك في كثير من المؤتمرات العالمية الإسلامية قبل الثورة وبعدها منهما مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية في القاهرة نيابة عن الوزير.
و له بالعربية كتب كثيرة منها "قصة التقريب .. محطات من أفكار الشيخ محمد تقي القمي " ، " في سبيل الوحدة و التقريب " ، " أهل البيت في مصر " ، عبد الله بن سبأ بين الواقع و لخيال وقد قام بترجمة عدد من كتب سيد قطب للغة الفارسية وقام بتحقق الآثار الكاملة للشيخ جمال الدين الأفغاني.
و هو عضو في مجمع التقريب العالمي بين المذاهب الإسلامية ومؤسس جمعية الصداقة المصرية الإيرانية.
و من سائر نشاطاته دراسات علمية لاثاركبار الشخصيات الاسلامية و تبادل الرسائل فيها و كنموذج :
رسالة الفيلسوف الاسلامي اية الله الشهيد السيد محمد الباقر الصدر (قدس سره) و هي رسالة الجوابية إلى الفقيدخسروشاهي وتواصل مع اية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، وكان يُرسل ما يصدر من مؤلفات أستاذه العلامة الطباطبائي إلى الشهيد الصدر.
وفي ما يلي نقدم لكم رسالة الشهيد السيد محمد باقر الصدر “قدس سره” إلى الأستاذ خسروشاهي حول ترجمة کتاب
” الإمام علي صوت العدالة الإنسانية” وكذلك خبر صدور الجزء الأول من كتاب إقتصادنا وإرسال نسخة منه إلى السيد خسروشاهي وإلى العلامة الطباطبائي رحمهم الله تعالى.
رسالة الفيلسوف اية الله الشهيد الصدر (رحمة الله عليه)
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة العلامة البحّاثة الحجة السيد هادي الخسروشاهي دامت ألطافه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فما كان أشوقني إلى رسالة كريمة منكم أقرأ فيها روحكم العالية وألمس ألطافكم الرفيعة وأحسّ عواطفكم الأخوية
حتى منّ الله عليّ بما أرجوه قبل بضعة أيام، فوصلني كتابكم العزيز فسررتُ به سروراً كثيراً وشكرتُ لكم ألطافكم الكثيرة
على المخلص،وساءني جدّاً عدم وصول جوابٍ لكم على رسالتكم الثانية مع العلم بأني بادرتُ في حينه إلى كتابة الجواب
على الرسالة الثانية وأرسلته بالبريد، فكان البريد هو السبب في تأخّرها وفي خجلي معكم لا كثرة أشغالي، فإن أشغالي
بالرغم من كثرتها لا تعيقني عن المبادرة إلى التشرف بالجواب على رسائل أخوية عالية عزيزة على قلبي قريبة إلى روحي كرسائلكم الكريمة.
وقد أخبرتكم في جوابي على رسالتكم الثانية أني أرحّب كل الترحاب بالترجمة [لکتاب الإمام علي صوت العدالة الإنسانية] إذا كانت مقرونة بالتعليق اللازم من وجهة النظر الإسلامية، أسأل الله أن يوفّقكم في جهادكم العلمي الشامخ وينجز على يديكم الكريمتين الترجمة بالشرط المذكور ويجعل من قلمكم أداة توجيه وهداية للمسلمين.
وقد سرّني بصورة خاصة بحثكم القيم عن تاريخ العراق الجهادي وموقف العلماء فيه، فلعمري إن من الضروري لنا اليوم إبراز هذه الجوانب التاريخية من حياتنا التي تبرهن على المواقف الجبّارة التي لعبها الإسلام ضد الاستعمار والمستعمرين متمثلًا في علمائه وقادته الفكريين.
وأما كتاب اقتصادنا فقد صدر الجزء الأول منه حديثاً، وسوف أرسل إليكم ثلاث نسخ منه: إحداها لفضيلتكم، والأخرى أرجو تقديمها إلى [مجلة] «مكتب اسلام» الذي أرجو أن يكتب رأيه في الكتاب مفصلًا تحت إشرافكم، ونسخة ثالثة لسيدنا المعظم آية الله الحجة السيد محمد حسين الطباطبائي أرجو منكم التفضل عليّ بتقديمها إليه بالنيابة عني، ويا حبذا لو ساعده وقته على أن يتفضل بكتابة بحث حول الكتاب وإرساله إليّ.
وختاماً تقبّلوا أرفع وأزكى التحيّات الأخوية والعواطف الروحية
من مخلصكم محمد باقر الصدر
كان الأستاذ الفقيد السيد هادي خسروشاهي من تلامذة العلامة الطباطبائي رحمهما الله تعالى، وقد عمل السيد خسروشاهي بعد وفاة أستاذه على جمع ونشر سلسلة آثاره العلمية ومؤلفاته.
استطاع الفقيد أن يحمل، بحكمةٍ، الأفكار الموحّدة للقادة وكبار أعلام التشيّع، من أمثال السيد جمال الدين الأسدآبادي، آية الله البروجردي، آية الله محمد تقي القمي، الإمام الخميني، والإمام الخامنئي، كما استطاع أن يكرّر ويحلّل ويفكّك فكر الباحثين والمفكرين السنّة، من مثل المرحوم حسن البنا، سيد قطب، أبو الأعلى المودودي، وإقبال اللاهوري، منشئاً بمكاتباته وعلاقاته جسر تواصلٍ محكماً بين القادة الفكريين، الدينيين والمذهبيين، من الشيعة والسنة.
اعداد وتدوين
علي اكتر بامشاد