وأسهمت حكومة الانتداب البريطاني في تحول المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة إلى أكثرية بعد أن كانوا أقلية دينية
حق العودة لا يسقط بالتقادم
(تنا) – دمشق
15 May 2011 ساعة 22:34
وأسهمت حكومة الانتداب البريطاني في تحول المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة إلى أكثرية بعد أن كانوا أقلية دينية
ثلاثة وستون عاماً مرت على النكبة.. وما زالت صورة ۵۳۱ قرية فلسطينية مغتصبة شاخصة في أعين أصحابها ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني الويلات من ظلم الاحتلال الإسرائيلي وتعسفه ويتجرع البؤس في المخيمات ومرارة القهر في الغربة ويتعرض للحصار ومصادرة أرضه وترتكب بحقه المجازر والأسر وسجن الوزراء والنواب وسحق المقاومة ويتعرض لأقسى الضغوط ليتخلى عن حقوقه المشروعة كحق العودة والمقاومة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وكان وعد بلفور الذي منحته بريطانيا لليهود قد فتح باب الهجرة للأراضي الفلسطينية وقامت بريطانيا بتمكين العصابات اليهودية من اغتصاب الأراضي الفلسطينية بالقوة كما مهدت المجازر البريطانية الطريق للعصابات اليهودية للقيام بمجازر هي الأخرى حيث بلغت تلك المجازر ۴۴ مجزرة نجم عنها ۲۵۰۰ شهيد وتشتيت الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم حيث لجأ إلى الضفة الغربية ۳۲۳ ألفا وإلى غزة ۲۱۹ ألفا وإلى سورية ۸ر۹۷ , وإلى الأردن ۸ر۸۰ وإلى العراق ۴۳۰۰ وإلى مصر ۸۵۰۰.
وقد تمثلت النكبة في نجاح الحركة الصهيونية بدعم من بريطانيا في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين وإعلان الكيان الصيوني حيث تآمرت بريطانيا والأمم المتحدة لتسليم فلسطين إلى حفنة من اليهود ووضعت الخطة لانسحاب مفاجئء بحجة إنهاء بريطانيا انتدابها للأراضي الفلسطينية وتسليم السلطة للأمم المتحدة لينقضَّ في هذا الفراغ الحاصل المستوطنون عليها وهم المجهزون لهذا اليوم منذ إطلاق وعد بلفور عام ۱۹۱۷ فكانت المداهمات للأحياء العربية وارتكاب المجازر وتهجير وتشريد أكثر من ۴۰۰ ألف فلسطيني من أكثر من ۲۰ مدينة و نحو ۴۰۰ قرية غدت أملاكها ومزارعها ملكا للكيان الصهيوني الناشئ.
وبدأت العمليات الوحشية بسلسلة هجمات إرهابية في نيسان عام ۱۹۴۸ كان أهمها معركة القسطل ثم مجزرة دير ياسين وهي قرية تبعد حوالي ۶ كيلومترات عن مدينة القدس حيث دخلتها العصابات اليهودية وارتكبت مجزرة بحق أهلها من نسوة وشيوخ وأطفال فسقط في ذاك اليوم ۲۵۴ شهيداً فمجزرة قالوينا ۱۴ شهيدا واللجون ۱۳ شهيدا وناصر الدين ۵۰ شهيدا طبرية ۱۴ شهيدا حيفا ۱۰۰ شهيد عين الزيتون ۷۰ شهيدا صفد ۷۰ شهيدا أبو شوشة ۶۰ شهيدا مذبحة بيت دراس ۲۶۰ شهيدا الطنطورة ۲۰۰ شهيد اللد ۴۲۶ شهيدا الصفصاف ۵۲ شهيدا الرملة أم الشوف المجدل مجد الكروم جمزو... وفي ۱۴ أيار ۱۹۴۸ تم إعلان قيام الكيان الصهيوني واعترف هاري ترومان رئيس الولايات المتحدة آنذاك به ليغدو في ساعات بعدها صاحب شرعية وللمستوطنين فيه الحق باستباحة حرمة المقدسات واغتصاب الأرض ومحاربة شعب هو من أعرق الشعوب في عقر داره وليتوسع على حساب الدول المحيطة مشكلاً أعظم خطر عليها.
وتشكلت العصابات الصهيونية المسلحة في فلسطين من البالماخ و الإرجون و الهاغاناه و الشتيرن والمتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني على فلسطين وبحلول كانون الثاني عام ۱۹۴۸ كانت منظمتا الأرجون و شتيرن الصهيونيتين قد لجأتا إلى استخدام السيارات المفخخة حيث فجرت مركز الحكومة في مدينة يافا في ۴ حزيران ما أسفر عن مقتل ۲۶ مدنيا فلسطينيا.
وبلغت أعداد منظمة الهاغاناه في ربيع عام ۱۹۴۷ بحسب المصادر الرسمية الإسرائيلية قرابة ۴۵۳۰۰ فرد ويدخل في هذه الأعداد أعضاء البالماخ البالغ عددهم نحو ۲۲۰۰ فرد وحينما بدأت التعبئة في أعقاب قرار التقسيم انضم إلى الهاغاناه نحو ۳۰ ألف مجند من يهود فلسطين و ۲۰ ألفا آخرين من يهود أوروبا حتى إعلان قيام ما يسمى بدولة إسرائيل في ليل ۱۵ أيار عام ۱۹۴۸.
وحينما اندلعت حرب الانقاذ في فلسطين ارتفعت أعداد الهاغاناه في الأسبوع الأول من حزيران ۱۹۴۸ إلى نحو ۱۰۷۳۰۰ نتيجة لرفع سن التجنيد إلى ۳۵ عاماً اعتباراً من ۴ أيار ما أضاف نحو ۱۲ ألف مجند زيادة على أعداد الهاغاناه في ۱۴ أيار.
وتعرض الشعب الفلسطيني منذ النكبة والزحف الاستيطاني المنظم لفرض وقائع على الأرض وانتزاع الملكيات من أراضي الفلسطينيين وتبعاً للأطماع اليهودية في فلسطين التي تركزت أساساً في المحاولات الحثيثة لخلق وجود استيطاني يهودي قسري فيها فضلاً عن محاولات إنشاء قوة عسكرية يهودية واقتصاد يلبي الطموحات الصهيونية فقد شهد التطور الديمغرافي والاجتماعي للشعب الفلسطيني اتجاهات غير طبيعية حيث كان لعامل الهجرة اليهودية إلى فلسطين وطرد العرب أصحاب الأرض الأصليين من وطنهم أثر مباشر في تلك التطورات.
وبدأ المستوطنون اليهود حملة تطهير عرقي قبل العام ۱۹۴۸ وفق مخطط مسبق وتواصلت خلال حرب ۱۹۴۸ وترافقت مع نسف للقرى والبيوت واحتلال المدن الكبرى مثل عكا وحيفا ويافا والناصرة واللد والرملة وطرد سكانها وحشر ما تبقى منهم في معسكرات الاعتقال وإجراء إعدامات جماعية في هذه المعسكرات واستمرت الحملة الإرهابية حملة الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وبيوتهم بالقوة حتى بعد توقف حرب ۱۹۴۸.
وأسهمت حكومة الانتداب البريطاني في تحول المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة إلى أكثرية بعد أن كانوا أقلية دينية حيث زاد عددهم من حوالي ۸۴ ألفاً عام ۱۹۲۲ إلى حوالي ۶۵۰ ألفاً في ۱۵ أيار عام ۱۹۴۸ وأدت تلك الزيادة إلى رفع نسبتهم إلى جملة سكان فلسطين من ۱۱ بالمئة إلى ۳۱ في المئة خلال الفترة ۱۹۲۲ ۱۹۴۸ وقد ساهمت الهجرة خلال الفترة المذكورة بنحو ۴۰۰ ألف يهودي من مجموع الزيادة الكلية لهم والبالغة ۵۶۶ ألفاً.
ومع إنشاء الكيان الصهيوني في أيار ۱۹۴۸ تكون الحركة الصهيونية قد حققت هدفها في إنشاء الدولة اليهودية بعد خمسين عاماً من المؤتمر الصهيوني الأول في بال في سويسرا و لتحقيق القسم الديمغرافي من التطلعات الصهيونية تمّ طرد نحو ۸۵۰ ألف فلسطيني من ديارهم خلال عامي ۱۹۴۷ و ۱۹۴۸ وتغير تبعاً لذلك اتجاه التطور الديمغرافي للعرب الفلسطينيين قسراً إذ كان للتهجير القسري وقع وأثر كبير في الأوضاع الديمغرافية وفي النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
ومن بين ۵۳۱ قرية وخربة فلسطينية تم تهجير أهلها في عامي ۱۹۴۷ و ۱۹۴۸ فإن هناك ۹۰ بالمئة من تلك القرى نزح أهلها عنها بسبب هجوم عسكري يهودي صهيوني و ۱۰ في المئة تحت الحرب النفسية وإيحاءات بتوقع هجوم قادم.
وإن ما تشهده فلسطين الآن هو استمرار لمشروع إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين الكاملة, ومصادرة الأرض وهدم البيوت واضطهاد الفلسطينيين لا تزال متواصلة في المناطق التي احتلت في العام ۱۹۴۸ أيضا وهناك استمرار لمشروع حرمان الفلسطينيين من مقومات العيش بكل الوسائط بدءا بالإرهاب العسكري والتشريعات الصهيونية والجدار الذي يلتهم ۶۰ بالمئة من أراضي الضفة الغربية وانتهاء بمحاصرة قطاع غزة حصاراً كاملا.. فالنكبة الفلسطينية ليست حادثا حدث وانتهى في ۱۵ أيار ۱۹۴۸ بل هي نكبة قائمة حتى هذه اللحظة.
تنا – مکتب سوریا
رقم: 49849