هل تتحضّر "إسرائيل" لاحتلال تركيا وهل عينها على إسطنبول وأنقرة؟
تنـا
هل تتحضّر "إسرائيل" لاحتلال تركيا وهل عينها على إسطنبول وأنقرة؟. تدابير بأنقرة لحماية أمنها القومي فما هي؟ ولماذا التحذيرات من جر المنطقة الجنوبية لاضطرابات كبيرة؟ هل يستطيع الأتراك مُواجهة تل أبيب عسكريّا؟ وأين المُعارضة التركية من كُل هذا؟
شارک :
لا يقتصر الخطر الإسرائيلي على دُول خط محور المُقاومة فيما يبدو، فحتّى دول التطبيع والسلام، لم تسلم هي الأخرى من تهديد بالاحتلال لأراضيها، وذلك على لسان وزير المالية "الإسرائيلي" بتسلئيل سموتريتش، والذي قال أنه يطمح بدولة تشمل الأردن، والسعودية، ومصر، ولبنان، والعراق، وتمتد حتى دمشق، وهو أمر يطرح تساؤلات حول من يتنبّه له، ويتصرّف على أساسه فعليًّا على أرض الواقع.
تركيا واحدة من الدول، ورغم علاقاتها الوطيدة مع دولة الاحتلال، تتخوّف على أمنها القومي منها، وتسعى كما يبدو إلى اتخاذ تدابير، في ظل ما يجري الحديث عنه مع نوايا إسرائيلية للتمدّد، ورغبة أمريكية في توسيع مساحة إسرائيل الجغرافية جاءت على لسان المرشح الأمريكي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قدّم بالفعل إحاطة إلى مجلس النواب إلى جانب وزير دفاع تركيا ياشار غولر، بخصوص تدابير أنقرة لحماية الأمن القومي التركي، في ظل احتمال توسّع دائرة الحرب في المنطقة، ولافت أنها كانت جلسة مُغلقة نُوقش فيها ما لا يُراد بثّه إعلاميًّا، ما يطرح تساؤلات حول نوعية وشكل تلك التدابير، وما إذا كانت أنقرة تتخوّف من مطامع إسرائيلية تصل لعدوان إسرائيلي على الأراضي التركية، وهل تستطيع مُواجهتها عسكريًّا؟
وقال رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، إن بلاده ترى السياسات التوسعية لإسرائيل تهديدا لأمنها القومي.
ثمّة خشية تركية فعلية إذًا، من مطامع إسرائيلية، عبّر عنها أيضًا حليف الرئيس التركي دولت بهتشلي، والذي قال إن هدف إسرائيل هو أنقرة وإسطنبول وليس بيروت وبغداد، ويضيف أن تركيا مسجلة في أجندة الإرهاب الإسرائيلي الخفية. ودعا بهتشلي في كلمته أمام نواب حزبه، إلى استخدام القوة لوقف العدوان الإسرائيلي.
تتكرّر في تركيا، نغمة الدعوة إلى ضرورة استخدام القوة ضد إسرائيل، هذه النغمة لم تأت فقط على لسان حليف أردوغان، بل على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه، حين قال إن على بلاده أن تكون “قوية جداً، حتى لا تستطيع إسرائيل أن تفعل ما تفعله بالفلسطينيين”، مضيفاً أنها تدخّلت في كل من إقليم ناغورنو قره باخ (الإقليم المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان) وليبيا و”قد تفعل الشيء نفسه مع إسرائيل”، إذ ليس ثمة ما يمنع ذلك “يكفي فقط أن نكون أقوياء”، وهو الأمر الذي دفع وزير خارجية يسرائيل كاتس للقول إن أردوغان بتهديده للكيان “يسير على خطى صدام حسين”.
تستبعد المُعارضة التركية من جهتها المخاوف التي يُعبّر عنها الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” من إسرائيل، بل إنها تذهب بعيدًا بالقول إن الكيان لا يشكل خطرًا على تركيا، جاء ذلك الموقف على لسان رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزل، ويجد الأخير بأن السلطة تريد أبعاد الأتراك عن مشاكلهم الاقتصادية، وتوجيه البوصلة نحو “الخطر الإسرائيلي”.
تقليل المعارضة التركية من مخاوف الحزب الحاكم، قد لا يتّفق مع فئة عريضة من الأتراك، حيث نتائج استطلاع رأي جديد أجري في عموم البلاد، خلص إلى أن 89,4 في المائة من الأتراك يعتقدون بأن إسرائيل تريد أن تحتل جُزءًا من الأراضي التركية.
الرئيس التركي مُقتنع من جهته تمامًا بأن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، تتحرّك من مُنطلق “هذيان الأرض الموعودة”، وتضع الأراضي التركية نصب عينيها بعد فلسطين ولبنان، وتأتي هذه القناعة لعلّها من تصريحات الكيان برغبة “إعادة ترتيب الشرق الأوسط”.
ماذا عن القوات المسلحة التركية، وهل تتّفق مع مواقف الرئيس التركي حول المخاوف من المطامع الإسرائيلية؟، قد تكون الإجابة بالإيجاب، فوزارة الدفاع التركية أكدت أن القوات المسلحة التركية تتابع عن كثب جميع التطورات التي تشهدها المنطقة، وتقوم بتقييمها في إطار إستراتيجية أمنية ذات أبعاد متعددة، وتتخذ كافة التدابير اللازمة، كما أنها مستعدة لتحييد أي خطر أو تهديد يوجّه أو يمكن أن يوجّه إلى تركيا، كما شدّدت في ذات البيان على أن الهجمات الإسرائيلية غير الإنسانية تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط وتهدد الأمن الدولي والاستقرار العالمي والإقليمي.
ولا تقتصر المخاوف التركية على مُهاجمة إسرائيل للأراضي التركية عسكريًّا، بل قد يتجلّى ذلك بإحداث القلاقل وصناعة الإرهاب، وهو ما حذّر منه وزير الدفاع التركي يشار غولر الخميس من تصاعد خطر جر المنطقة الجنوبية من تركيا إلى اضطرابات وصفها بالكبيرة، وقال غولر إن “جهود إسرائيل لنشر إرهاب الدولة والاضطهاد في لبنان بعد فلسطين وقطاع غزة، زادت من خطر جر المنطقة الجنوبية (لتركيا) إلى اضطرابات كبيرة”.
وشدّد وزير الدفاع التركي، على أن “الصراعات الخارجية لا سيما في المنطقة القريبة، وتهديد الإرهاب والصراعات الجيوسياسية تُحتّم على الجيش التركي زيادة جاهزيّته القتالية”.
وبينما التزمت حكومة نتنياهو الصمت، ولم تعلق تطمينًا، سارع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ للقول إن تل أبيب “لا تعد أي خطط عسكرية ضد أنقرة”، وأضاف: “أريد أن أوضح أن إسرائيل لم يكن لديها قط أي خطط عسكرية ضد تركيا”. وتابع: “على العكس من ذلك، لدينا احترام كبير لشعب تركيا، وهُم يحترمون شعب إسرائيل كثيرًا”.
وفيما تُعبّر تركيا عن مخاوفها هذه من إسرائيل، وتُطالب بإيقاف الكيان بالقوة، تصمت دول عربية جرى ذِكرها بالاسم كجزء من إسرائيل الكبرى، الأمر الذي يطرح تساؤلات إذا كانت تلك الدول تملك من الخطوات العملية التي ستمنع تحقيق ما وصفه الرئيس أردوغان بهذيان أرض الميعاد!