الهمروجة الاعلامية والسياسية المقرونة بمختلف انواع التسريبات والفبركات الدعائية الاسرائيلية المترافقة مع بعض الخطوات التصعيدية على الارض وان افلحت في جعل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكثر حدة وهجوميه ضد طهران واعادت التصويب على اولوية الموضوع الايراني في اجندة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الا ان هذا الحملة سرعان ما اخذت بالخمود بعد نشر تقرير الوكالة الذي روج له الاسرائيليون كثيرا بعد ان كانت الامال الاسرائيلية تصل الى حد العمل على اصدار رزمة عقوبات شديدة تتضمن حظرا نفطيا ونقديا ضد طهران.
العقبة الاولى التي برزت بعد صدور التقرير كانت صينية روسية بعد ان اعلنت الدولتان رفضهما لاي نوع من العقوبات الجديدة ضد ايران، وهذا افقد اسرائيل امكانية تسجيل موقف دولي موحد ضد ايران يجعلها في وضع صعب مع تسليط سيف العقوبات الفعالة بقرار يصدر عن مجلس الامن تلتزم بمجوبه الدول كافة بتطبيق هذه العقوبات.
هذا التطور الذي حاول الاسرائيليون تجاهله حين تحدثوا عن المعلومات التي سترد في التقرير الدولي والذي قال تلفزيون العدو ان اسرائيل اسهمت بشكل كبير في استصداره يدفع اسرائيل الى العمل على محور العقوبات من جانب واحد بمبادرة من الولايات المتحدة وحلفاءها في اوروبا، الا ان هذا الامر ليس سهلا في ظل الوضع الراهن الذي يشهده الاقتصادر الاوربي من اهتزازات اضافة الى الخبرة الواسعة التي اكتسبها الايرانيون في تجاوز العقوبات الاميركية الاوروبية بتوسيع شبكات علاقاتهم التجارية والاقتصادية مع دول لا تخضع في سياسياتها للنفوذ الغربي، وقد اكدت وسائل الاعلام الاسرائيلية ارسال واشنطن مبعوثين (٢) الى اسرائيل لتنسيق العقوبات مع حكام تل ابيب وربما يكون ذلك في سياق السياسة الاميركية لشراء الوقت في الموضوع الايراني بحثا عن حل او تسوية ما تطال ملفات اخرى في العلاقات مع طهران في طليعتها الملف العراقي عشية استكمال الانسحاب من هذا البلد، هذا الحراك الاميركي يأتي في سياق تجنب اي مغامرة اسرائيلية قد تجر الولايات المتحدة الى ورطة كبيرة في الشرق الاوسط.
يبقى امام اسرائيل في حال فشل الغرب في بلورة سلة عقوبات مؤثرة ضد طهران الذهاب الى خيارات خطيرة قد تجعل اسرائيل تواجه اسوأ خياراتها وفق الكاتب في صحيفة هآرتس تسفي برئيل الذي اعتبر ان اسرائيل ستواجه وضعا حرجا جدا اذا لم تقدم الدول العظمى على عقوبات قاسية تجبر ايران على التراجع عن برنامجها النووي وان هذا الامر سيضع مصداقة التهديدات الاسرائيلية على المحك وسيفقد اسرائيل مصداقيتها امام العالم ويجعل تهديداتها عبارة عن تهديدات جوفاء. اما اذا شنت هجوم على المنشآت النووية الايرانية بحسب برئيل فهذا سيجعل هذه القضية قضية اسرائيلية صرفة ويريح العالم من معالجة هذه الملف، وشبه برئيل الوضع بين ايران واسرائيل بلعبة البوكر التي تستطيع ايران فيها ان تكشف فيها الخدعة الاسرائيلية او التعرض للهجوم ، ورأى ان اسرائيل ستجد نفسها في الحالتين في وضع حرج وما ينقذها من هذا الوضع سوى نجاح المجتمع الدولي في فرض عقوبات على طهران
الكاتب في صحيفة هآرتس اري شابيط علق ان اسرائيل انشغلت في السنوات الاخيرة بملفات اخرى مقابل الفلسطينيين وحزب الله واجلت الملف الايراني على اعتبار ان ساعة الحسم لم تأتي بعد، واضاف شابيط ان موقف رئيس الموساد السابق مئير دغان لعب دورا مهما في تأجيل طرح هذا الملف عبر حديثه عن حاجة ايران لسنوات لتصل الى المرحلة النهائية في برنامجها النووي العسكري، كل ذلك ادى الى تأجيل ساعة الحسم في الموضوع الايراني ليصل شبيط الى استنتاج ان ما قدمه تقرير اللجنة الدولية للطاقة الذرية من ادلة على النزعة العسكرية للبرنامج النووي الايراني يشير الى ان ساعة الحسم امام اسرائيل قد آنت.
اما الخبير العسكري في صحيفة يديعوت رون بن يشاي فقد تحدث عن اهمية تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدق وفق رأيه التقديرات والمعلومات الاسرائيلية، وكشف عدة تفاصيل عن البرنامج النووي الايراني لكن بن يشاي حذر من ذهاب هذا التقرير ادراج الرياح اذا لم يتم استخدامه وتوظيفه بشكل جيد قبل فوات الاوان لمواجهة البرنامج النووي الايراني.
الكاتب في صحيفة اسرائيل اليوم بوعز بوسمط تحدث عن خيبة امل اسرائيلية من رد الفعل الدولي على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعدم الاكتراث به رغم ما قدمه برأيه من وثائق تدين ايران، وشدد على ان الولايات المتحدة واوربا منشغلون اليوم بما اسماه الربيع الاوروبي بعد سقوط رئيسي وزراء اليونان وايطاليا ليخلص الى ان اسرائيل لا يمكن ان تعتمد على احد في تصديها للبرنامج النووي الايراني.