الادعاء بمواد تصل عقوبتها إلى الإعدام لدى المحكمة العسكرية
أمن لبنان يعود إلى الواجهة
القبض على «عميـد العمـلاء»
تنا ـ بيروت
13 Jan 2012 ساعة 16:47
الادعاء بمواد تصل عقوبتها إلى الإعدام لدى المحكمة العسكرية
الى العمالة مجدداً تحولت أنظار اللبانيين أمس ، والتي انضم إلى شبكتها عميد العملاء الياس يونس بخبرة تفوق خمسة وثلاثين عاما.
الموظف المتقاعد من "أوجيرو" لم يتقاعد من مهنة التجسس على بلاده ومقدراتها في عالم الاتصالات والخط الرابط بين لبنان وقبرص، غير أن يونس قد جرى الادعاء عليه بمواد تصل عقوبتها إلى الإعدام لدى المحكمة العسكرية.
وليس القبض على عميد عملاء الموساد في لبنان ، سوى حلقة في سلسلة طويلة من الإنجازات الكبرى التي تحمل مزيدا من الأدلة على مدى توغل العدو في مفاصل أمن لبنان وقطاع إتصالاته منذ أيام الهاتف السلكي التقليدي في السبعينات، مرورا بكل ما طار ويطير في الأجواء من موجات لاسلكية وصولا الى شبكات الألياف البصرية ومنظوماتها المحمية والمشفرة. وإنكشاف عميد عملاء الموساد في لبنان دونه تداعيات أكيدة على هذا الجهاز الذي يشغل عملاءه.
من هو الياس يونس ؟ ما تاريخ ارتباطه بـ"إسرائيل" و ماذا قدم لها؟ "السـفير" تنشـر الروايـة كاملة اليوم بعدما بادرت قناة المنار إلى كشفها منذ أيام . و فيما يلي أحدث المعلومات :
لم يظهر إلقاء القبض على «عميد العملاء الإسرائيليين» في لبنان الياس طانيوس يونس (٧١ سنة) انكشاف قطاع الاتصالات في لبنان منذ عقود طويلة فحسب، بل ذهاب «الموساد» الإسرائيلي الى حد التدقيق في كل شاردة وواردة في قطاع الاتصالات وصولاً إلى المناقصات التي كانت تجري في هذا القطاع ولوائح الموظفين، وهو الأمر الذي اقتضى تدريب العميل يونس وتطوير قدراته، وصولاً إلى احتلال موقع متقدم في مكتب وزير الاتصالات في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، حيث كان بمقدوره الوصول إلى كل المعلومات بما في ذلك أسماء الموظفين وفرق الصيانة والفرق الفنية فضلاً عن الخرائط الفنية على أنواعها.
وفيما يواصل القضاء العسكري تحقيقاته مع الموقوف يونس الذي كانت مخابرات الجيش اللبناني قد أوقفته في منزله في الزلقا قبل عشرة ايام، فإن سيرة هذا الرجل تفيد بأنه بدأ العمل في «راديو أوريان» في العام ١٩٥٨، وانتقل في العام ١٩٧٢ الى هيئة «اوجيرو» التي حلت محل الأولى، وبعد سنتين (١٩٧٤)، عيّن رئيس منطقة بيروت الفنية، وبعد ثلاث سنوات (١٩٧٧)، وفي خضم حضور منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت واندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، انتقل الى عاصمة أوروبية، والتقى هناك بمشغليه الإسرائيليين الذين دربوه واتفقوا معه على البدل المالي لقاء «خدماته»، حيث قدم «داتا» الشبكة الثابتة وجميع الترددات والموجات مع الدول الأوروبية وخاصة تلك التي كانت جزءاً من المنظومة الشرقية في زمن الاتحاد السوفياتي السابق، بالاضافة الى كل البرقيات و«التلكسات» بين بيروت وهذه الدول.
وزود يونس الاسرائيليين عشية اجتياحي العامين ١٩٧٨ و١٩٨٢ بكل الخرائط المتعلقة بتوزيع كابلات الشبكة الهاتفية اللبنانية وخاصة بين العاصمة والجنوب.
بدءاً من العام ١٩٨٤ وحتى العام ١٩٩٠، أصبح يونس موظفا دائما في مكتب كل وزراء الاتصالات الذين تعاقبوا على هذا المنصب، وبعد هذا التاريخ تبوأ أكثر من منصب في «أوجيرو» ولكنه ظل مقرباً من وزارة الاتصالات ومن يتعاقبون عليها، وقام برحلات عدة الى عواصم أوروبية مثل باريس (١٩٩٣) وصوفيا وأمستردام وبرلين وأثينا ولارنكا وأنقرة، حيث كان يلتقي بمشغليه الاسرائيليين، وبينهم ضابط «الموساد» ليونيل الذي تبين أنه كان من الضباط المتخصصين بإدارة ورصد قطاع الاتصالات في لبنان الى درجة التحكم بكل مفاصله في مرحلة التسعينيات وحتى العام ٢٠٠٩ تاريخ بدء انهيار الشبكات الإسرائيلية في لبنان.
ومن المناصب التي احتلها يونس تمثيله وزارة الاتصالات في العام ٢٠٠٤ في اللجنة التي أنشأتها وزارة الأشغال لوضع الإجراءات التطبيقية للأمن البحري والسفن، فضلا عن توليه رئاسة مصلحة الالتقاط في منطقة الحدث ومسؤولية مركز الارسال في خلدة وصولاً الى تعيينه مستشاراً فنياً للاتصالات في سفارتي دولتين أوروبيتين تشارك احداهما بصورة فاعلة في «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني.
طلب المشغل الاسرائيلي من يونس في مطلع التسعينيات ومع بدء التحضير لانطلاق قطاع الخلوي في لبنان أن يكون على مقربة من أعمال التحضير وعقد المناقصات وأن يقوم بالتشبيك مع كل الشركات الخلوية الجديدة والحصول على ملفاتها المقدمة الى وزارة الاتصالات. وفي الوقت نفسه، طُلب منه تزويد الاسرائيليين بالخرائط الجديدة للقطاع الثابت في كل المناطق بالإضافة الى السنترالات والهوائيات والكوابل البحرية والألياف البصرية ولوائح تفصيلية للعاملين في الوزارة وهيئة «أوجيرو» (أرسل آلاف الأسماء) وكل تفاصيل الشبكة الخلوية الجديدة بما فيها نظام الراديو ونظام «المايكرويف» الخ...
وبعد تقاعده في العام ٢٠٠٥، حافظ على تواصله مع الضابط الاسرائيلي ليونيل وظل يتواصل معه على الرقم الدولي ٨١٩١١١٢٠١، وتم إخضاعه الى دورات جديدة خاصة على صعيد الكومبيوتر وأنظمة الاتصالات الحديثة، ولم يكن يلفت انتباه أقرب المقربين اليه وخاصة أفراد عائلته الذين يتنقلون بين بيروت ومسقط رأسهم في بلدة بكاسين في قضاء جزين.
في العام ٢٠٠٦ وفي خضم حرب تموز من ذلك العام، رصدت له تحركات مشبوهة استدعت وضعه قيد المراقبة من قبل مخابرات الجيش، ورصد قيامه بشراء خطوط هاتفية عدة وماكينات هاتفية جديدة دورياً، لم يكن يستخدم معظمها (بينها ثلاثة خطوط تبدأ بالرقمين ٧٠) وتبين لاحقاً أنه كان يتلف الخط والماكينة من ضمن إجراءات الأمان المتفق عليها مع الاسرائيليين.
وبرغم إصراره على أنه أوقف تعامله في العام ٢٠٠٨ بذريعة أن عمره لا يسمح له بالاستمرار، فإن التحريات التي أجرتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني أظهرت سفره بعد هذا التاريخ وخاصة بعد تهاوي الشبكات الاسرائيلية في العام ٢٠٠٩ الى بلغاريا ثم قبرص حيث التقى بمشغليه الاسرائيليين هناك وطمأنوه بأن وضعه تم فحصه أمنياً ولا يوجد ما يستوجب القلق.
وأظهرت التحريات أن يونس كان يعمل منذ العام ١٩٩٣ مع شركة «آي تي سي» (شركة اتصالات أجنبية) وتبين أنها غطاء لشركة اسرائيلية... فيما ظل مثابراً على التردد الى وزارة الاتصالات وتقديم «خبراته» لبعض أصدقائه فيها.
يشار إلى أن مخابرات الجيش اللبناني في المتن ،أوقفت «عميـد العمـلاء» الأربعاء الماضي، في منطقة الزلقا، بتهمة التعامل مع "إسرائيل" وهو كان يشغل منصب رئيس مركز الالتقاط في هيئة "أوجيرو"، متقاعد منذ اكثر من ٣ سنوات، وقد تم تفتيش منزله ومصادرة جهاز الكومبيوتر الخاص به، كما أن يونس كان يمثل "اوجيرو" في اللجنة المعنية بالشؤون البحرية في وزارة الاشغال العامة والنقل.
المصدر : السفير + وكالات
رقم: 79071