عكست مواقف خطباء منبر الجمعة في لبنان الوحدة التي تتحلى بها المذاهب الإسلامية لتتناغم الاراء وتتوحد الرؤيا من الملفات المحلية والإقليمية والعالمية.
وأجمع الخطباء على ضرورة تحلي مختلف الفرق اللبنانية بأواصر العيش المشترك ونبذ التفرقة الطائفية في مواجهة قوى الإستكبار العالمي وعلى رأسهم أميركا والكيان الصهيوني الغاصب، الذي ما ينفك يبني المستوطنات ويقمع الشعب الفلسطيني لتهويد القدس الشريف.
أما مظلومية الشعب البحريني فكان لها نصيب وافرٌ في خطب منبر الجمعة إذ أدان الخطباء إنتهاكات النظام داعين الملك البحريني إلى "إتقاء الله " في عباده و عتق البحرينيين وإنصافهم.
من جهة أخرى، أكدوا على ضرورة اعتماد الحل السياسي في سوريا مرحبين بكل مبادرة من شأنها وقف النزيف الداخلي.كما هنأ الخطباء المسلمين والمسيحيين بموجة الأعياد آملين أن تكون الابعاد الايمانية ملتقاً لكل المؤمنين.
وفي ذكرى اشتشهاد السيد محمد باقر الصدر والسيدة الزهراء عليها السلام، رأى خطباء منبر الجمعة أن اغتيال الشهدي الصدر هو جريمة العصر داعين الناس الى الإستهداء بهذا الفكر التجديدي المنفتح حتى يبقى الإسلام حاضراً في كل قضايا العصر ويخترق كل الحواجز الطائفية والمذهبية ".
وفي سياق آخر، وجه الخطباء صفعة لدول الخليج مطالبينهم بالعودة الى القضية الأساس وهي القضية الفلسطينية بدلاً من الركض خلف المخططات الغربية الإستعمارية. وفي هذا الإطار، حذر رئيس حركة الاصلاح والوحدة الشيخ ماهر عبد الرزاق حكام الخليج من الامعان في إثارة الفتن والنعرات المذهية في الدول العربية متوقعا نهاية قريبة لهذه الأنظمة الفاسدة المتآمرة.
كما وصف الشيخ عبد الرزاق حكام دول الخليج بأنهم" أكثر من شيطان" وقال" إن الساكت عن الحق شيطان أخرس وأنتم أكثر من شيطان لأنكم لا تسكتون فقط بل تدعمون قتل شعب البحرين الأعزل الذي يطالب بأبسط مقومات العيش والحد الادنى من العيش بكرامة ".
بدوره، طالب نائب رئيس المجلس الشيعي الاسلامي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان حاكم البحرين حمد بن خليفة آل ثاني أن "يتقي الله في عباده ويعطي الشعب البحريني حقوقه المشروعة" مستنكراً أعمال القتل والتنكيل بحق الشعب البحريني المسالم.
كما أدان سماحته بشدة الانتهاكات الصهيونية بحق الإنسان والمقدسات في فلسطين، متسائلاً عن سبب تملص العرب من واجباتهم في المحافظة على القدس وكنيسة القيامة والمسجد الاقصى لافتاً الى المسؤولية تجاه الشعب الفلسطيني وإنقاذ مقدساته من التهويد وارضه من الاستيطان وانسانه من والاضطهاد .
وفي ذكرى استشهاد السيدة فاطة الزهراء عليها السلام ابنة الرسول الاكرم(ص) قدم نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى التعازي للمسلمين عامة داعياً الى الاقتداء بهذه الانسية الطاهرة لنعيد للمرأة مكانتها .
من جهته هنأ رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك المسيحيين بحلول عيد الفصح المجيد آملاً أن تكون الأبعاد المعنوية الايمانية ملتقى لكل المؤمنين. ودعا الشيخ يزبك للإنطلاق بالقيم الانسانية وتعميمها بما يمثل الانموذج الامثل والقدوة في إرساء قواعد العيش الواحد الكريم، متسائلاً انه " أما آن الأوان للخروج من هذا الضياع المميت والقتل المرعب والمؤامرات التي تحاك لتمكين العدو من التحكم بالمنطقة ". هل محرم الحل السياسي والجلوس على طاولة التفاهم وهل في اسطنبول الحل بالتحريض؟
كما تناول رئيس الهيئة التشريعية الملف البحريني والسوري مؤكداً أن الحل السياسي هو الحل الوحيد في سوريا والبحرين من أجل الحفاظ على وحدة الشعبين.
بدوره،أسف سماحة السيد علي فضل الله " أن يمرّ يوم الأرض مرور الكرام ، بدلاً من أن يضجّ العالم العربي والإسلامي بتحرّكات في كلّ مواقعه تأكيدا على إبقاء هذه القضية حيّة في وجدانه، إذ لم نشهد إلا بعض التحركات الخجولة من الداخل الفلسطيني وخارجه، ما يترك وراءه الكثير من علامات الإستفهام حول مستقبل هذه القضيّة".
وفي الذكرى الأليمة لاستشهاد السيد محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى، رأى السيد فضل الله "أن إغتيال الشهيد جريمة العصر، لما يمثله هذا الشهيد من قيمة فكرية وفقهية وجهادية على الواقع الإسلامي في العراق وفي كل العالم الإسلامي" وأعاد سماحته التأكيد على الأمة "بضرورة الإستهداء بهذا الفكر التجديدي الواعي المنفتح ومتابعته حتى يبقى الإسلام حاضراً في كل قضايا العصر ويخترق كل الحواجز الطائفية والمذهبية ويصل إلى كل مكان".
أما سماحة الشيخ عفيف النابلسي فتناول الشأن السوري مؤكداً دعمه " لكل مبادرة تؤدي إلى وقف النزيف الداخلي وإعادة الاعتبار إلى وحدة الشعب وسلمه الأهلي. مشيراً إلى أن هناك من لا يريد وقف القتال ولا يريد لهذا البلد الإستقرار بل يسعى بكل قوته أن تبقى الأزمة السورية مستفحلة ومتمادية لأن الهدف الأكبر هو إسقاط الخيار المقاوم في الأمة " .
بدوره، ركّز عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان الشيخ مصطفى ملص على أهمية دور العلماء في رأب الصدع وتقريب المفاهيم والقلوب وتحبيب الخلق إلى الخالق بدعوتهم لإلتزام المنهج النبوي في حسن التعامل مع الخلق . وأضاف الشيخ ملص " يخطئ الدعاة إلى التنابز و التناحر ويخالفون أوامر الدين حينما يحرضون الأخ على أخيه والجار على جاره وأبناء الأمة ضد بعضهم البعض،مشيراً إلى أن هذا السلوك لا يرضي إلا المتربصين بالأمة شراً وفي مقدمتهم أميركا و الكيان الصهيوني.
من جهته، حذر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بأن لبنان يتهاوى فيما المسؤولون يتنازعون بلا حسيب ولا رقيب. وإذ أكد سماحته أن لبنان أمام تحديات كبرى، طالب المعنيين بضرورة تغيير الذهنية التي يدار من خلالها البلد ، وإلا فإننا جميعاً في مأزق صعب قد لا تقف حدوده عند حدث هنا أو فتنة هناك!
وفي ظل انعدام السياسية الرائدة والاقتصاد التنموي، دعا الشيخ قبلان المسؤولين الى الابتعاد بصورة جذرية عن المصالح الفئوية والطائفية إذا ما كنا نريد فعلاً إدخال لبنان في عملية إصلاحية بدءاً بوضع قانون انتخابي حديث خارج الحسابات الضيقة.
إعداد: ياسمين مصطفى