بين رحيمي و فيلتمان جالت خطابات منبر الجمعة لهذا اليوم، فالحضور الدبلوماسي الأميركي والإيراني في بيروت فرض وجوده على المنبر الديني اللبناني. إجماع مفاده تأكيدٌ على ضرورة التمييز بين الأصدقاء والأعداء إنطلاقاً من معادلة " أينما حل الأميركيون حلت الفوضى وأينما حل الإيرانيون حلّت البركة".
أولى بوادر فوضى فيلتمان تحذير من مفاجأة غير سارة تخطط لها واشنطن لإدخال لبنان مجدداً في المستنقع الإقليمي وبالتحديد في سوريا. أما أولى بوادر رحمة رحيمي تمثلت بإعلانه استعداد إيران حل أزمة الكهرباء المستعصية في لبنان حلاً جذرياً.
ومن الكهرباء في لبنان إلى الوضع الذي لا زال متكهرباً في البحرين والنيل توجه الخطباء للسلطات أن لا تتعامل مع الأزمة فيها من موقع المنتصر على شعبها، بل من موقع الحريص عليه، و المصريين إعادة توحيد صفوفهم لتعود مصر إلى دورها الريادي الفاعل الذي ينتظره العالم العربي والإسلامي.
وفي هذا الإطار سأل رئيس جمعيّة "قولنا والعمل" الشيخ أحمد القطان : "هل الشعب البحريني يختلف عن سائر الشعوب التي يدعمها المجتمع الدولي ومناصري الحرية ". من جهة أخرى تأسف على عدد الضحايا التي سقطت في ميدان العباسين في القاهرة متسائلاً هل هذا هو الربيع العربي المنشود لمصر الكنانة؟
وعن زيارة فيلتمان للبنان سأل هل من مصلحة لبنان أولاً أن يتدخل هذا الأجنبي بسياسته الداخلية والخارجية؟
كما سأل الشيخ القطّان علماء المنطقة الخليجية عن موقفهم من حرق القرآن الكريم وعن الرسائل التي وجههوها للإدارة الأمريكية، داعياً جميع الشعوب الإسلامية إلى مظاهرات مستنكرة لمثل هذه التصرفات التي يريدون من خلالها الإنتقاص من قدر دستورنا الخالد.
سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، حذّر بدوره من إستغلال العدو الصهيوني ما يجري في المنطقة حيث يتابع سياسة فرض الأمر الواقع، "فيشرع في تثبيت احتلاله لفلسطين من خلال بناء جدار فاصل عند بوابة فاطمة على الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية المحتلة، وزيادة الوحدات الاستيطانية ويواصل سياسة الاعتقال فضلاً عن اقتلاع مئات الأشجار من الزيتون، وفي الوقت نفسه يبعث برسائل تهديد، مرة إلى إيران في ملفها النووي وأخرى إلى السلطات المصرية بأن عليها أن تضبط الأوضاع في سيناء لحماية أمنه".
من ناحية أخرى، أعاد التأكيد على الشعب المصري، بضرورة العمل لتوحيد صفوفه في مواجهة كل الذين يريدون أن يفرملوا هذه الثورة كي لا تحقق نتائجها في الاستقرار السياسي والأمني. وفي إطار الحديث عن لبنان، دعا سماحته "اللبنانيين إلى أن يميزوا بين الذين يريدون أن يساعدوا هذا البلد، وبين الذين يريدون أن يكون ساحة يصوّبون من خلاله على الآخرين"، قائلاً : ننظر بكل إيجابية إلى ما استمعنا إليه من الوفد الإيراني حول استعداد إيران لحل أزمة الكهرباء المستعصية حلاً جذرياً.
من جهته، دعا رئيس حركة الإصلاح والوحدة الشيخ ماهر عبد الرزاق المسؤولين اللبنانيين إلى "الإستفادة من الإتفاقيات المعقودة مع الجمهورية الإسلاميّة وتنفيذها بسرعة دون الإنصياع لأوامر فيلتمان التي ترغب بلاده بإيجاد حالة عدائية بين لبنان وإيران.
وحول نشر طائرات أميريكية متطورة في دولة الإمارات قال الشيخ عبد الرزاق: كنا نأمل أن تقتدي كل الدول العربية بالجمهورية الإسلاميّة وتفاجئنا بإنتاجها للطائرات و الصواريخ والطاقة النووية بدل الإستعانة بالعدو من أجل الظهور بمظر القوي". من جهة أخرى لفت رئيس حركة الإصلاح والوحدة إلى أن زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان إلى لبنان تأكيد على أنه يخطط لهذا البلد أن يكون في ظل الوصاية الأميركية.
من جانبه، لفت نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان "إن إلقاء القبض على سفينة محملة باطنان السلاح انجاز وطني سجله الجيش أللبناني، فتهريب السلاح عمل باطل وبعد عن الواقع وعلينا إن نعمل لنشر العدالة والخير فنكون أوفياء لديننا وامتنا وأرضنا وشعبنا ونبتعد عن كل ضرر وظلم وكيدية فنتنبه لما يجري حولنا من فتن ومكائد وظلم وشر".
الشيخ ماهر حمّود أشار بدوره إلى أن " مجيء الصهيوني المخضرم (جوزيف ليبرمان عضو المجلس الكونغرس الأميركي) ليزور المهجرين السوريين في وادي خالد، ويدعم "الثورة السورية"، لم نسمع صوتا استنكر أو تبرأ... هل أصبحت زيارته إنسانية ولمصلحة (الثورة) أم ماذا؟ أين ألسنتهم وأين مواقفهم وأين صدقهم؟ ". مؤكداً من جهة أخرى أن "العمليات الانتحارية وتفجير السيارات في الشوارع وما يقتل فيها من مدنيين وعسكريين.. أين دليلهم الشرعي؟ وهل يخفى أن نكذب على الرأي العام (ونريح ضمائرنا) بأن نقول هذه أيضا من صنع النظام؟" .
كما رأى العلامة الشيخ عفيف النابلسي أن "التدخل الأميركي في سوريا هو الأساس في استمرار الصراع الدموي الذي لا يبدو أن له أفقا واضحا. وهو الأساس في منع الحل وعدم الوصول إلى اتفاق نهائي بشأن معالجة آثار الأزمة القاسية على الشعب السوري. محذراً "من تحول لبنان إلى ساحة أزمة وإلى موقع فتنة، لأن ذلك سينعكس عليه بدرجة خطيرة وقاسية. في وقت يستعد فيه العدو الإسرائيلي لدفع وتيرة استعداداته وبناء التحصينات العسكرية وإعداد الخطط لضرب المقاومة في لبنان".
أما المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ناشد اللبنانيين ودعاهم إلى "طي صفحات الماضي ووقف المنازلات والسجالات غير المسؤولة، وعدم تأزيم الأمور وتعقيدها أكثر مما هي عليه، فلبنان واللبنانيون يكفيهم من المشاكل ما هم فيه من فقر وبطالة وخوف على المصير، وبخاصة بعد كل زيارة يقوم بها المبعوث الأميركي فيلتمان، الذي يعلن دائما عن تجديد دعم الإدارة الأميركية لسيادة لبنان واستقلاله".
إعداد : بتول زين الدين