تاريخ النشر2016 20 December ساعة 12:08
رقم : 254323

التصعيد الارهابي في مصر ..لماذا الان؟

تنا
الهدف هو استنزاف هذه الجيوش والعبث بعقيدتها وتحويلها لمكافحة الارهاب بدلا من الاستعداد الدائم للعدو الصهيوني والاجهاز على القضية الفلسطينية وجعل قضية التحرير اشبه بالخرف والبعد عن الواقع
التصعيد الارهابي في مصر ..لماذا الان؟
إيهاب شوقي
في مناقشة وصفها معهد واشنطن بالـ"صادقة" مع المدير التنفيذي لمعهد واشنطن الدكتور روبرت ساتلوف، عبّر الجنرال (متقاعد) جون ألين، من مشاة البحرية الأمريكية، والأدميرال (متقاعد) جيمس جي. ستافريديس، من الأسطول الأمريكي، عن تقييمهما للتحديات السياسية الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب لتولي منصبه.

قال ألين أنه إذا لا تعمل الولايات المتحدة على حل القضايا المرتبطة بالشرق الأوسط، "فنحن مقبلون على أزمة استراتيجية كبيرة."

ألين، الذي شغل منصب كبير مخططي التحالف العالمي لهزيمة تنظيم "داعش"، قال هو وزميله كلاما كثيرا حول العلاقات مع روسيا وايران.

الا ان اللافت والذي لا يمرر هو ما قاله في جوابه عن سؤال يقول "كيف ينبغي على إدارة ترامب التعامل مع إيران؟"، وكان جوابه لافتا، حيث قال معهد واشنطن في عرض جوابه ما يلي نصا:

(وصف ألين إيران بـ "التهديد [الأكبر] والسبب الرئيس وراء زعزعة الاستقرار في المنطقة"، دعا الجنرال إلى إقامة شراكات مع الحكومات السنية المحلية "ليس فقط لمجابهة المتطرفين السنة بل لمواجهة الإيرانيين أيضاً". وقد التقى زعماء من السنة المحليين في الآونة الأخيرة، واشتكى هؤلاء من سحب الولايات المتحدة دعمها التقليدي، بحيث تركتهم "والشعور بالتخلي عنهم يراودهم [في كل لحظة]" . ومع ذلك، "فإنهم على استعداد للدخول في شراكة مع الولايات المتحدة بطرق تساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة".

لمصلحة من استهداف الجيوش العربية؟
وأشار إلى أن القادة العسكريين في الدول السنية أقرّوا بأن المنطقة قد تكون حتى أقل أمناً لولا قوة إسرائيل العسكرية. "[إسرائيل] هي الركن الأساس لاستقرار المنطقة وهم شاكرون جداً على ذلك".

وعندما وصف ستافريديس إيران كـ "قوة مزعزعة للاستقرار بكل معنى الكلمة"، وافق الجنرال على أن الشراكات المحلية، بما فيها مع إسرائيل، ضرورية للغاية لمكافحة الوجود الإيراني المتنامي في المنطقة. وسلط الضوء على دور الأردن كـ "قوة لصالح الخير".). –انتهى الاقتباس-

والشاهد هنا هو ان الخطة والتوجه اللذين ناقشناه طويلا ويحلو للكثيرين الاستهانة بهما او التعاطي معها من قبيل "التزيد"، محل تنفيذ على الارض ومحل لقاءات فعلية مع زعماء محليين ومع قادة عسكريين، وان هؤلاء مشتاقون للصقور الامريكيين، وان هؤلاء يرون في الكيان الصهيوني صمام امان من الخطر الايراني!

يبقى هنا التساؤل حول الحواجز والعوائق امام هذا المشروع؟

لا شك ان هناك عوائق متعلقة بالشعوب واخرى متعلقة بالجيوش الوطنية.

فالجوانب المتعلقة بالشعوب، هي جوانب حضارية ودينية  ووجدان ترسخ فيه العداء للصهاينة، وترسخت به بشكل فطري التناقضات الثانوية والرئيسية، وما هو تنافسي وما هو صراع وجودي، وبالتالي فان اقناع الشعوب باستبدال العدو الصهيوني بالايراني، لا بد وان يمر بمراحل متعددة لاستبدال الوجدان، واهم هذه المراحل، الدين، وهو المكون الاساس للوجدان العربي.

من هنا نغمة التكفير وتناميها ووصولها لحملة تكفيرية لشيطنة المذهب الرسمي لايران دون العبء بتكفير الشيعة العرب في طريق هذا السجال السياسي، وابسط تداعيات ذلك المباشرة هي تحول الشيعة العرب لعملاء وتحول العملاء من غير الشيعة لوطنيين ومناضلين، وتحول امريكا والكيان الصهيوني الى "اهل كتاب"!

كذلك تزييف القضايا والمسميات بل والعبث بمكونات الامن القومي وكل المفاهيم الجيوسياسية في سبيل تضليل الشعوب، عبر حرف مفاهيم الثورات وحرف المفاهيم الوطنية والخلط بين التناقضات الرئيسية والثانوية، لايهام الشعوب باخطار وهمية وتعميتهم عن اخطار حقيقية!

فلسفة مخطط التقسيم ليست فقط اقتصادية او عسكرية، وانما وجدانية، حيث خلق الكيانات الموازية للقوميات الجامعة، عبر ترسيخ مفهوم الاقليات لاستيعاب الكيان الصهيوني ككيان طبيعي ومستحق بعيدا عن مفهوم الاممية اللافظ لهذا الكيان.

والعائق الاخر هو الجيوش الوطنية الحديثة الرئيسية والتي شكلت دولا للطوق وتشكلت ابان المد القومي العربي والتي اعتمدت العداء للصهاينة كعقيدة عسكرية راسخة.

هذه الجيوش بطرق تجنيدها الوطنية وعقيدتها حائط صد امام هذا المشروع ومهما كان حجم الضغوط عليها او حتى الاختراقات او حتى الانحرافات، فهي بالمجمل لا تستطيع الانخراط مع العدو الصهيوني في محور واحد، حتى بمعاهدات مثل معاهدة السلام ووادي عربة واشباهها.

وبالتالي فان الهدف هو استنزاف هذه الجيوش والعبث بعقيدتها وتحويلها لمكافحة الارهاب بدلا من الاستعداد الدائم للعدو الصهيوني والاجهاز على القضية الفلسطينية وجعل قضية التحرير اشبه بالخرف والبعد عن الواقع!

من هنا فان وظيفة الارهاب هي استبدال تدريجي لعقائد الجيوش وخططه وطرق تسليحه، لان العقيدة تتحكم في التنظيم والتسليح والتدريب، وهو المطلوب حرفيا للكيان الصهيوني حتى تنسى الجيوش العربية تماما مهامها وتاريخها وتنشغل بمعارك اخرى.

من هنا يمكن حل بعض مايبدو انه الغاز، حيث يستغرب البعض وجود مؤامرة على مصر رغم انخراط رئيسها في المجتمع الدولي والنظام العولمي الاقتصادي والسلام (الدافئ) مع الصهاينة، فلماذا يستهدف النظام المصري برغم ان المشروع القطري التركي الخليجي الامريكي لايطلب من مصر اكثر مما تقدمه!

وهنا نستطيع ان نقول ان الجيش المصري مطلوب استنزافه في معركة الارهاب ومطلوب تغيير عقيدته وتسليحه كخطوة مبدئية لتغيير عقيدته، فان لم يتغير فهو مستنزف وكلاهما مطلوب!

ولا يبدو أن هناك مخرجا من هذه الحلقة المفرغة الا بالمواجهة والانخراط في المعسكر اللائق بالاستهداف، فلن يرضى الغرب ولا الاتراك ولا الذيول الخليجية للمشروع الاستعماري الا بالانخراط الكامل في المشروع الامريكي الصهيوني وهو ما اصبح الان الانخراط العلني في حلف متضمن للكيان الصهيوني مقابل حلف المقاومة، وهذا الانخراط العلني ليس مجرد مناورات دبلوماسية وتصريحات دافئة، وانما ترتيبات عملية وعسكرية وامنية تحت بند "ان لم تكن معنا تماما فانت معهم".

الحياد لم يعد مطروحا في ظل معارك وشيكة، وسيتصاعد الارهاب في مصر والعراق وسوريا والقادم ...لبنان.

 
https://taghribnews.com/vdcir5arpt1awp2.scct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز