تاريخ النشر2010 30 October ساعة 19:19
رقم : 29766
بقلم: فهمي هويدي

لغز الجفاء مع دمشق


هل يعقل أن تكون علاقات سوريا ممتازة مع كل من تركيا وإيران، في حين يخيم الفتور على علاقات دمشق والقاهرة؟
الرئيسان بشار الأسد وحسني مبارك
الرئيسان بشار الأسد وحسني مبارك
كان ذلك مضمون أحد الأسئلة التي ألقاها على الرئيس بشار الأسد رئيس تحرير صحيفة «الحياة» اللندنية.وقد تطرق الحوار إلى علاقات مصر وسوريا، مستدعيا مجموعة من الأسئلة الحائرة التي تشغل بال المراقبين لعلاقات البلدين والقلقين إزاء ما آلت إليه. 

في رده على السؤال أعلاه قال الرئيس الأسد: هذا غير طبيعي. وهذا هو الفرق. وهذه هي السهولة التي تحدثت عنها. فالعلاقات العربية ــ العربية فيما يبدو (أصبحت) أكثر صعوبة من العلاقة العربية مع غير العرب. 

بقية الأسئلة توالت على الشكل التالي:
س: هل العلاقات السورية ــ المصرية على المستوى الرئاسي تعاني حساسية شخصية؟
جـ: بالنسبة إلي، لا. أنا لم أطلب شيئا من مصر، لا أريد شيئا من مصر. إذا كنا نختلف سياسيا فهذا ليس جديدا، نحن في الأساس وقفنا مثلا ضد كامب ديفيد، ولم يتغير موقفنا في أي لحظة. ونحن في سوريا نقول لنفصل العلاقة الشخصية أولا عن علاقة البلدين. لنفصل العلاقة السياسية عن العلاقة الاقتصادية، وكان لدينا وزراء سوريون في مصر أخيرا وسيزورنا الآن وفد مصري ونعمل لانعقاد اللجنة المشتركة، أما على المستوى السياسي، فهناك اختلاف كبير في الآراء. بالنسبة إلينا في سوريا ليس مشكلة، ربما يكون لدى بعض المسؤولين في
مصر مشكلة، ولا استطيع أن أعطي الإجابة نيابة عنهم. 

س: هل هناك جهود سعودية لتحسين العلاقات السورية ــ المصرية؟
جـ: كانت هناك محاولة واضحة عندما التقينا في القمة الرباعية مع أمير الكويت والرئيس مبارك والملك عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض، بعدها لم تكن هناك أية محاولة أخرى. 

س: هل كانت العقدة لبنان، أم المصالحة الفلسطينية أيضا؟
جـ: ولا واحدة. لا نعرف، الغريب أننا في سوريا لا نعرف ما هي المشكلة، لذلك قلت لك أنا لا أريد شيئا من مصر، وكي تكتمل الصورة لابد أن تسأل الإخوة فيها ماذا تريدون من سوريا عندها تحصل على الجواب. 

س: قلتم في تصريح لم أتلق دعوة لزيارة مصر هل المشكلة في الدعوة؟
جـ: لا. قالوا هل تحتاج زيارة مصر إلى دعوة؟ قلت: نعم تحتاج إلى دعوة، هكذا كان الجواب: طبعا تحتاج إلى دعوة، لان هناك انقطاعا في العلاقات، أنا لم استقبل مسؤولا مصريا منذ نحو خمس سنوات كما أظن، فإطلاق العلاقة بحاجة إلى بعض المبادرات، أحيانا قد تبدو شكلية لكنها ضرورية في العلاقات السياسية والدبلوماسية. 

حين سئل الرئيس بشار الأسد عن العلاقات السورية- السعودية، بعد ذلك، كان رده: إنها: جيدة ومستقرة. وكانت قد مرت بظروف صعبة لكنها على المستوى الثنائي لم تتأثر في شكل كبير. وسئل بعد ذلك عما إذا كان هناك جانب شخصي أيضا في هذه العلاقة، فكان رده ان العلاقة المباشرة بينه وبين الملك عبدالله هي الضمانة الأساسية لها. 

يستخلص المرء عدة أمور من هذا الكلام منها ما يلي:
إن ثمة مشكلة في العلاقات المصرية- السورية، وان تلك المشكلة مازالت مستعصية على الحل منذ خمس سنوات على الأقل.
إن الرئيس الأسد يعتبر ان هناك شيئا ما في القاهرة يعطل مسار العلاقات السياسية بين البلدين، مستبعدا ان يكون اختلاف الرؤى
في الشأن اللبناني أو الفلسطيني جوهر المشكلة. 

ان ثمة شيئا ما لا يعرف كنهه في علاقة الرئيسين المصري والسوري يحول دون اعادة الحيوية والعافية بين البلدين. يشتم المرء هذه الرائحة حين يلاحظ أن الرئيس الأسد اعتبر أن علاقته الشخصية مع العاهل السعودي كانت الضمانة الأساسية للحفاظ على ايجابية العلاقة بين سوريا والمملكة. وكان رد الرئيس السوري مغايرا حين طرح عليه ذات السؤال فيما خص مصر، إذ ذكر أنه لا يوجد شيء من جانبه لكن «ربما يكون لدى بعض المسؤولين في مصر مشكلة». وكان المراقبون والصحفيون الذين حضروا قمة سرت الأخيرة في ليبيا قد لاحظوا أن الرئيس المصري والسوري احتفظا بمسافة بينهما، ولم يتبادلا اللقاءات أو الكلمات. الأمر الذي أعطى انطباعا بأن العلاقات ليست طبيعية بينهما. 

لابد أن يكون لمصر رأيها في الموضوع وقراءتها لخلفياته، لكننا إذا صرفنا النظر عما إذا كانت المسؤولية عن الفتور المخيم يتحملها هذا الطرف أو ذاك، فلا مفر من الاعتراف بأن ذلك الفتور هو المصدر الأساسي لشق الصف العربي ومن ثم تصدع النظام العربي. ومن المفارقات ان تنعقد القمة العربية في سرت لإصلاح ذلك النظام، وينشغل المشاركون بالشكل فيه والمسميات، في حين لم يستقم أمر الركيزة الأساسية له، المتمثلة في العلاقة بين القاهرة ودمشق، أما الغريب والمحزن في الأمر فأن يستعصي حل المشكلة بين القاهرة ودمشق، في حين يغدو الطريق سالكا ومفتوحا بين القاهرة وتل أبيب.
https://taghribnews.com/vdcb0zb5.rhb90pukur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز