تاريخ النشر2013 12 January ساعة 12:08
رقم : 97190
الناشطة السياسية التونسيّة لـ"تنا"

المشكلة في عدم توافر الأرضية للمرأة لخوض المضمار الثقافي قبل السياسي

خاص "تنا" - بيروت
المرأة التونسية بين حقوقها الكاملة وبين احجامها عن المشاركة السياسية
المشكلة في عدم توافر الأرضية للمرأة لخوض المضمار الثقافي قبل السياسي
تعتبر تونس من الدول العربية المتقدمة في مجال حقوق المرأة، ففي العام ١٩٥٩ أقر الدستور التونسي المساواة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق والواجبات ، كما حظيت المرأة التونسية بحقوقها السياسية فكان لها حق الترشح وتبوأ مناصب عالية في الدولة. الاّ أنها ما زالت تواجه تحديات عدة ذاتية واجتماعية أبرزها بعد ثورة يناير الماضي مع افساح المجال لإقامة الجمعيات والتنظيمات الحزبية والنهوض بالوضع "النسوي". 

في هذا الإطار تتحدث الناشطة السياسية أمينة الزويري لـ"تنا"، عن المفارقة التي وقعت في تونس بين الحقوق المكتسبة للمرأة التي لا مثيل لها وبين احجامها عن المشاركة في الحقل السياسي كما تناولت كيفية السير بعملية التنمية وصولاً الى مساهمة المرأة بشكل كبير في ثورة "الياسمين" وهذا نص المقابلة:

١- بداية كيف بدأت مسيرتك في المجالات الإجتماعية والسياسية ؟
أنا ناشطة سياسية لأكثر من ١٢ سنة ، ساهمت في المجال السياسي وعضو في حزب "الإصلاح والتنمية" الذي تأسس بعد الثورة . بعد هذه المرحلة اصبح المجال متاحاً امام العمل الاجتماعي
والثقافي ، واعطي دور للمجتمع المدني بشكل كبير . وتم تكوين جمعية نسائية لاني أؤمن بأن هناك ما زال أمامنا الكثير للعمل على قضايا المرأة والنساء ، بالرغم ان تونس تعتبر من الدول التي فيها المرأة متقدمة على مستوى القوانين والتعليم لكن هناك مفارقة عند المرأة التونسية انها في المجال السياسي والمشاركة في المجتمع المدني ما زالت بعيدة .

٢- ما هي ابرز مبادىء هذا الحزب الذي تنتمين اليه ؟
تأسس هذا الحزب على الحرية المواطنة والعدالة ، فالحرية اساس العمل وحتى الخلق ، وكذلك المواطنة . نحن حزب اسلامي والدين يؤسس له ، ويستوعب جميع الاتجاهات . مع الاسف بعد الثورة كان الانقسام الاساسي بين كافر ومسلم وهذا لا يطور الامة ، المطلوب العمل على المواطنة وانتخاب على اساس التنمية والعلم .

٣- ماذا عن الدراسة و الخوض في الحقل السياسي؟
بداية انخرطت في الحقل الثقافي في مقتبل العمر ، عبر الخوض في الحلقات المسجدية وفي نفس الوقت كنت اذهب الى الماركسيين ولم اكن اخاف على نفسي لأنني بطبيعة الحال محصنة اسلامياً ،واعتبر ان هذا الدين الاسلامي صالح لكل زمان ومكان ، فهو يتطور ، وانا أؤمن بأن الله وزع الحكمة والحقيقة على كل البشر لذلك يجب ان اتواصل مع كل الناس واخذ منهم ما هو خير . وهذا ما دفعني لاحقاً للدخول الى عالم السياسة وانا مرتاحة . قبل الثورة
اضطررنا الى الدخول مع حزب ذي ميول ماركسية لمنعنا من تاسيس اي حزب اسلامي، وهذه الاحزاب فتحت المجال امامنا لهذه الغاية وتعلمنا التنوع والاختلاف مع الآخر .
أنا منذ الأساس كنت حاضرة للخوض في عالم السياسة مع مساندة زوجي لي بالطبع الذي يعمل في هذا الغمار ايضاً، وحتى اولادي انخرطوا لأن السياسة والثقافة وغيرهما كل يتفاعل مع بعضه البعض .

٤- كيف تقيمين وضع المرأة التونسية اليوم؟
المرأة التونسية متقدمة في مجال القوانين والحقوق ، غير الموجودة في باقي البلدان العربية حيث تعاني النساء ، لدينا مستوى تعليم هام ونسبة مشاركة في الانتخابات .لكن، هناك نقص في وصول المرأة الى مراكز القرار . المعوقات كثيرة وبعد الثورة تمت دراسة هذه العوائق . اولها الذهنية ان كان لدى المرأة او الرجل : مثلاً المرأة عندما تخرج للعمل من الصباح وتعود في المساء الرجل يقبل ذلك وكل الاسرة لأنها تأتي بالعائدات المالية وتساهم بالدورة الاقتصادية في المنزل ، لكن لو خرجت هذه المرأة لحضور اجتماع او للمشاركة في جمعية اجتماعية مثلاً هنا تبدأ المشكلة في اعتبارها مضيعة للوقت وان هذه المهام منوطة بالرجال فقط . هذا ما جعل دور المرأة منكفئاً قليلاً . ثم هناك عقلية الرجل في مستوى القرارات والمراتب
المعطاة للمرأة فيتم اقصائها ، وهي في غالب الوقت تستسلم لأنها مكبلة في البيت والعمل وكذلك انخراطها في الشأن العام . المرأة زادت على نفسها اعباء والرجل ارتاح . وهناك عائق داخل المرأة بأنها تحب أن تركن الى الراحة واكثرهن مثقفات فتكتفي بدورها الاقتصادي والتربوي ، ليس هناك شعور لديها بضرورة خوض السياسة . 

٥- ما هو حجم مشاركة المرأة التونسية في السياسة؟
ضئيل جداً، وبالدليل أنه عندما أقر القانون بالمناصفة ما بين الرجل والمرأة في البرلمان، تبين أن لا وجود ملحوظ لها هناك. المشكلة ان المرأة لم يكن لديها الحظ قبل الثورة في خوض المضمار الثقافي والاجتماعي لم يكن هناك ارضية تحضيرية لذلك. لا وجود لكمّ كاف للنساء لخوض الانتخابات فكانت اي امرأة تترشح وتصعد الى البرلمان ، كمن "تخرج من المطبخ الى المجلس"، هناك حلقة مفقودة ، فالمرأة بحاجة الى التوعية ، ونسأل اين هن النساء اللواتي نجحن في الانتخابات؟ والإجابة تكون : رجعن الى بيوتهن ، مع تكريس فكرة ان السياسة للرجال فقط. من هنا ، اقول ان دور الجمعيات يجب ان يكون قبل السياسة ، لتحضير المرأة للعمل السياسي وتمكنها وليس من البيت الى السياسة.

٦- كيف تتحقق عملية التنمية للمرأة على كافة الاصعدة؟
ان تطور المرأة في اي بلد من البلدان له انعكساته على باقي الدول العربية ، التنمية تبدأ من اعادة قراءة ديننا بفكر تجديدي ، فالدين
واضح في كثير من الامور والمشكلة في التشريعات ، وفي الاجحاف بحق المرأة . والتحرر يجب أن يكون من التخلف بداية .التنمية تبدأ من التجديد ومع فتح باب الاجتهاد والدخول في الاعماق ، والمرأة يجب ان تتحرر من العهود المظلمة ، فهي كانت في عهد الرسول (ص) تعمل داخل وخارج البيت وهي مجاهدة ومساندة ومتكلمة . فان لم تتحرر هذه المرأة المسلمة من القيود فستبقى هناك معوقات. وكذلك لا نستطيع التحدث عن تنمية دون مشاركة هذا النصف بشكل محترم . المرأة وحدها تجعل الآخر او لا ينظر اليها نظرة دونية ، دورنا ان نعمل لدفع المرأة للخروج الى الشأن العام بحشمتها ولباسها واحترام الآخر والاهم ان تكون انساناً . وانا ارى أن هناك استفاقة ملفتة للمرأة ونحتاج الى المزيد للنهوض بهذه الامة والى جانب جنب مع الرجل . 

٧- بعد الانتخابات الى اين تتجه تونس بعد صعود الاسلاميين الى البرلمان ؟
الوضع السياسي في تونس: الثورة ما زالت في عامها الاول لكن بدأت مشاكل تطفو الى السطح وهناك خوف على الحريات ، لاننا لم نقم بنقد لفكرنا ولا لمرحلتنا السابقة . الثورة باغتتنا ورأينا تحولاً حقيقياً. لقد حُكمنا خمسين عاماً بفكر ليبرالي متحرر ، توجه علماني موجود وكان الدين في تونس غير متاح ولا مجال حتى للحوار داخل مجتماعتنا .و الحركة الاسلامية ليس لها برنامج واضح اقوالهم
جميلة نعم وهناك ملاحظات على بعض الممارسات . ونعاني اليوم من انقسام بين ابناء الشعب الواحد بين كافر ومسلم. نحن عشنا الكبت والقهر ولا نريد اعادة هذه المرحلة . مشكلتنا في التنمية والفقر والجهل الموجود في بلادنا ، نسبة الامية تتزايد في تونس بسبب البعد عن العاصمة والغلاء وصعوبة المواصلات . دورنا كمجتمع مدني بالدخول الى هذه الفئات والمناطق البعيدة وايجاد الحلول بمساعدة وزارة المرأة.

٨- ماذا عن مساهمة المرأة التونسية بانجاح ثورة "الياسمين" في تونس؟
كان لها دور كبير ، فالثورة بدأت في المناطق الداخلية والمرأة كانت حاضرة في الاحتجاجات والاعتصامات . وكذلك المرأة الأم التي تشجع ولدها على المشاركة في الاحتجاجات ، الثورة كانت مفاجئة لم يكن لها قيادة الشعب خرج بكل اطيافه لان شعارها كان الكرامة والحرية اللتان جمعتا كل الطبقات الاجتماعية في تونس . الكل آمن بالتغيير وخرج الى الشارع وكانت الثورة نصفها افتراضي والاخر واقعي . المرأة عندما تجد المجال مفتوحاً تدخل فيه فتراها فاعلة وناجحة في الدراسة والعمل واليوم يعمل على ادخالها الشأن العام لتفعيله من اجل الوصول الى مراكز القرار التي لا تهدى بل تؤخذ بجهد. وفي النهاية اقول يجب كسر الصورة النمطية للمرأة عند الرجل بأنها فقط لمتعته.

حوار: زينب حاوي
https://taghribnews.com/vdchvznw.23nqwdt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز