تاريخ النشر2024 23 March ساعة 16:29
رقم : 629262
اسيا العتروس*

رمضان غزة خبيزة وماء محلى

تنـا
المأساة الانسانية في غزة، يجب ان تكون مدخلا للتذكير بان "كل ما يحدث، هو بسبب الاحتلال الجاثم على الصدور الذي يتعمد سياسة الارض المحروقة منذ عقود والذي ينهش الارض والعرض ويقتل ويدمر كل اسباب الحياة هناك".
رمضان غزة خبيزة وماء محلى
باتت الخبيزة و بعض ما توفر من الاعشاب و ماء البحر المحلى  اكثر ما يمكن ان يقتات  عليه اهالي غزة في شهر رمضان ..والمحظوظون من يتمكنون من اضافة بعض الخبز من اعلاف الحيوانات الى طعام الافطار …  لا ولائم و لا موائد للصائمين و من لم يمت قصفا مات جوعا.

ما يجري في غزة وصمة عار ستلاحق المجتمع الدولي الى ان يتحرك لانهاء المأساة او يقبل باستمرار جريمة الابادة الى حين تحقيق كيان الاحتلال اهدافه والتي وجب الاعتراف انها لا ترتبط بالقضاء على غزة، فـ "ناتنياهو" اكثر من يدرك ان القضاء على المقاومة يعني القضاء على الشعب الفلسطيني عن بكرة ابيه وهذا امر يستحيل تحقيقه وسيظهر اجلا او عاجلا جيل جديد اكثر شراسة واصرارا على مواصلة المعركة، 
هذا اذا تم استئصال كل قيادات الحركة وعناصرها ...

وصمة العار ستلاحق الجميع دون استثناء و لن يكون بلامكان أي طرف التعلل بعدم  معرفة او متابعة ما يجري ..فالعالم باسره يعيش على وقع ما يحدث في غزة التي باتت عاصمة عالمية تهتز لوقعها العواصم الدولية ويتابع ما يقترفه فرعون العصر من جرائم ابادة وجرائم حرب وقتل للنساء و الاطفال واستهداف للبيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد وكل مظاهر الحياة في غزة التي تعيش على وقع محرقة غير مسبوقة لا تتوقف.

كل العالم يدرك ان كل يوم يمر دون توقف الحرب يعني ببساطة مزيد الخراب و الدمار و مزيد الضحايا و الجرحى و المعوقين و الايتام و الثكالى والارامل ومزيد المعاناة ..وكل العالم يدرك ان قرار ايقاف الحرب كان يمكن التوصل اليه لو ان الادارة الامريكية تراجعت ولو بحسب عن انحيازها الاعمى الذي يجعلها شريكا في العدوان.

اليوم تدخل جريمة الابادة الجماعية المستمرة على اهالي غزة يومها السادس و الستين بعد المائة وتدخل يومها العاشر من شهر رمضان في ظل تفاقم خطر المجاعة الذي يهدد الجميع دون استثناء كل ذلك مع انعدام فرص التهدئة او ما يؤشر الى انفراج وشيك وايقاف للحرب الهمجية التي يصح القول بانها حرب امريكا بالدرجة الاولى وانه لولا الدعم الامريكي الامحدود و لولا تدفق السلاح على حكومة ناتنياهو لما وصل الامر في غزة الى ارتكاب هذه المحرقة التي يتابع العالم اطوارها لحظة بلحظة ويرصد تطوراتها في ذل وعجز وقهر ..

وربما صح القول ايضا، بان منع سلطات الاحتلال للمسؤول الاول عن الاونروا لازاريني أمس من دخول غزة لم يكن بهدف منعه من معاينة ما يجري على ارض الواقع و نقل شهادته للعالم  فهذه مسأل تتجاوز الاحتلال و لن يتمكن من اخفاء جرائمه او التعتيم عليها و الحال ان صحفي غزة يواجهون كل المخاطر لفضح ممارساته و نقلها الى العالم تماما كما ان كل اهالي القطاع تحلوا الى جيش من الاعلاميين متى استوجب الامر و هم يحاولون حسب الامكان المشاركة في نقل شهاداتهم للعالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفضح ما خفي من فظاعات الاحتلال.

والارجح ان هدف الاحتلال من منع المسؤول الاممي من الدخول الى غزة  يتمثل أساسا في اهانة  المسؤول الاممي  على الملاء و توجيه رسالة الى مختلف الهيات الاممية بان  الكيان الذي انبعث من رحم الامم المتحدة فوق قراراتها واكبر من قوانينها التي تدوس عليها يوميا دون ادنى اكتراث من أي تداعيات.

محاصرة و اقتحام المستشفيات وسيارات الاسعاف والاطقم الطبية جرائم حرب مرفوضة ومدانة في كل القوانين الدولية الانسانية و اتفاقيات جنيف و مع ذلك فان ما يحدث في مستشفى الشفا و ما حدث من قبل في مستشفى كمال عدوان و ابو يوسف النجار و المشفى الاندونيسي وما حدث ايضا في مستشفى جنين بالضفة الغربية عندما اقدمت مجموعة من المستعربين على اقتحام المسشفى واقتراف الجريمة البشعة التي سجلتها الات الكاميرا تشهد على ان العالم ازاء كيان بلغ من الغطرسة ما جعله يستهين بالجميع ويدفعه الى استغلال هذا العجز المفضوح للمضي قدما في ارتكاب الابشع والاسوأ الذي وجب الاعتراف أنه ليس وراءنا.

نعم انهاء حالة الجوع اولوية، ولكن التوقف عند حدود المأساة الانسانية الحاصلة في غزة و اختزال الامر في اطعام الافواه الجائعة وادخال المساعدات سيكون فيه اجحاف في حق الفلسطينيين وفي حق التضحيات الجسام التي يقدمونها ..المأساة الانسانية (في غزة)، يجب ان تكون مدخلا للتذكير بان "كل ما يحدث، (هو) بسبب الاحتلال الجاثم على الصدور الذي يتعمد سياسة الارض المحروقة منذ عقود والذي ينهش الارض والعرض ويقتل ويدمر كل اسباب الحياة (هناك)".
_______________________
* كاتبة تونسية
https://taghribnews.com/vdcg3y93xak9xx4.,rra.html
المصدر : راي اليوم
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز