تاريخ النشر2016 29 March ساعة 10:05
رقم : 226093
«الإيكونوميست» البريطانية :

الأزمة النفطية و شراء الاسلحة ترهرق الدول الخليجية

تنا
رصد تقرير نشرته صحيفة «الإيكونوميست» البريطانية ، التبعات الإقتصادية التي خلفها انخفاض أسعار النفط على الدول الخليجية ، والسياسات الإرجائية التي بات على هذه الدول اعتمادها ، لعلها تُخفِّف من أزمتها ، و تستطيع الإستمرار لا سيما اقتصادياً .
الأزمة النفطية و شراء الاسلحة ترهرق الدول الخليجية
 و ذلك في مقالٍ تحت عنوان "Oil and the Gulf states After the Party"، أي "النفط وحال دول الخليج الفارسي ، بعد الحفلة (مصطلح المقصود به حفلة انخفاض الأسعار)" ، سلط الضوء على الأزمة النفطية التي ترهق الدول الخليجية بشدة .

و أشار التقریر إلى أن الانخفاضات التی طالت أسعار النفط العالمیة ، و التی انخفضت إلى أقل من 40 دولاراً للبرمیل الواحد، تأتی فی وقت تشهد فیه الدول الخلیجیة والتی اعتادت على الرفاهیة تراجعاً فی مستوى النمو، وارتفاعاً فی مؤشرات البطالة. ووصل الحال بصناع القرار إلى التفکیر وبجرأة فی فرض ضرائب على المواطنین، وهو أمر لم تعتده الدول الخلیجیة الغنیة .

و بحسب التقریر، یعد النفط رکیزة أساسیة لدول مجلس التعاون الست، والتی استخدمت مواردها الکبیرة فی السنوات القلیلة الماضیة للإنفاق ببذخ، دون احتساب المخاطر.

وعلى عکس العدید من الدول المصدرة للنفط، مثل نیجیریا وفنزویلا ، لدى هذه الدول الست احتیاطات عالیة للنقد الأجنبی، ودیون منخفضة، ما یمکنها من تغطیة الثغرات على المدى القصیر فقط. ولکن الإعتیاد على الإنفاق العام الکبیر، والترکیز على القطاع الخاص، یعتمدان على قطاع النفط للبقاء على قید الحیاة. وهو ما یعنی أنه یجب على الحکام والمسؤولین تغییر سیاساتهم وهیکلیاتهم الإقتصادیة فی عصر انخفاض الأسعار .

ووفقًا لصندوق النقد الدولی، تتابع المجلة، فإن انخفاض أسعار النفط قلَّص من الإیرادات الحکومیة للحکومات العربیة المصدرة للنفط بنحو 340 ملیار دولار فی عام 2015. ویبدو أن العام الجاری 2016 سیکون أسوأ بکثیر.

وکانت وکالة "مودیز" العالمیة للتصنیف قد خفضت هذا الشهر تصنیف البحرین وسلطنة عمان، ووضعت تحت المراقبة أربعة من دول مجلس التعاون، وهی السعودیة، الکویت، الإمارات وقطر . ونقل التقریر عن مسؤولٍ فی بنک "HSBC" فی دبی، قوله : "إنها نهایة حقبة فی منطقة الخلیج الفارسي" .

و بحسب التقریر، تشکل عائدات النفط عادة أکثر من 80٪ من الإیرادات الحکومیة لدول مجلس التعاون، وکانت قد ارتفعت إلى أکثر من 90٪ من المیزانیة السعودیة قبل الأزمة . فیما تعتبر إمارة دبی، إحدى الإمارات المکونة لدولة الإمارات العربیة المتحدة، استثناءاً حیث تمثل عائدات النفط 5٪ فقط من الإیرادات.

ویأتی ذلک لقیام الإمارة بتنویع استثماراتها بین السیاحة والخدمات التی تمثل معظم عائدات الحکومة .

وأضاف التقریر أن ردود فعل الحکومات إزاء الأزمة الحالیة تنوعت بین مزیج من الإستراتیجیات غیر المعهودة، بما فی ذلک سحب الإحتیاطیات والإستدانة، وفرض تخفیضات الإنفاق ، مشیرا إلى أن العام الماضی شهد قدراً من الحد من المزایا الممنوحة للموظفین العمومیین. وسیکون هذا العام أکثر صرامة، وهو ما لم تعتد علیه هذه الدول. فبینما سحبت عمان السیارات الخاصة من موظفی الدولة، فقد قلصت مؤسسات قطریة، بما فیها قناة الجزیرة الفضائیة، ومؤسسة قطر الخیریة أعداد موظفیها.

ویشیر التقریر إلى أنه مع هذه الإجراءات، یمکن للکویت والإمارات وقطر، حیث توجد جالیات صغیرة، واحتیاطیات عالیة من العملات الأجنبیة، الصمود لمدة عشر سنوات.

لکن الدول الثلاث الأخرى هی فی وضع أصعب. فوفقًا للتقریر، إن سلطنة عمان والبحرین لدیهما احتیاطات منخفضة نسبیاً. وسجلت عمان عجزاً أکبر من عجز الموازنة المتوقع فی عام 2015، فی ما یقرب 16٪ من الناتج المحلی الإجمالی. وبحلول نهایة عام 2017، من المتوقع أن یصل إجمالی الدین فی البحرین إلى 65٪ من الناتج المحلی الإجمالی. وستکون الدولتان بحاجة إلى أن ترتفع أسعار النفط إلى 120 دولار للبرمیل، حتى تستعیدا توازنهما. ولدى الدولتین مخاوف أخرى سیاسیة تتعلق بالحکم.

أما فیما یخص السعودیة، یُبدی المراقبون قلقاً بشأن الریاض والتی تمتلک احتیاطات ضخمة من النقد الأجنبی بلغ حوالی 740 ملیار دولار تقریباً فی نهایة عام 2014، حیث تم سحب حوالی 115 ملیار دولار فی عام 2015. ولدى السعودیة التعداد السکانی الأکبر فی منطقة الخلیج الفارسي بتعداد بلغ 30 ملیون نسمة . وذکر التقریر أنه ولحسن الحظ، ترکز التنبؤات التی تشیر إلى أن أسعار النفط لن ترتفع بسرعة على الإصلاحات الهیکلیة. الأمر الذی یدفع لأن تکون المرحلة وفیرة لصنع السیاسات والقدرة على إدارة الأزمة. وهنا على سبیل المثال تشیر المجلة الى أن الإمارات خفضت دعم الوقود فی العام الماضی، والدول الأخرى تحذو حذوها . وألغت البحرین الدعم عن بعض المواد الغذائیة. ورفعت السعودیة تکلفة الکهرباء والماء. لکن المشکلة أن المصاریف فی تلک الدول تظل مرتفعة . فالدول الخلیجیة ملتزمة بمشاریع البنیة التحتیة الکبیرة، کمترو الأنفاق، والمراکز المالیة، والموانئ، والسکک الحدیدیة. کما ینفقون ملیارات الدولارات على الأجور والمنح للسکان الذین تتزاید أعدادهم سریعاً. أما الدول حدیثة العهد نسبیاً تحتاج إلى إنفاق النقود على التعلیم، فیما المشکلة الکبرى أنهم متورطون فی حروب مکلفة فی المنطقة .

ویشیر التقریر إلى أن ما یجعل الأمور أسوأ، أن التخفیضات فی الإنفاق قد تؤثر على القطاع الخاص المبتدئ، حیث أنه، بصرف النظر عن دولتی الإمارات والبحرین، ترتبط معظم النشاطات بالنفط، مثل الخدمات والصناعة، والإنفاق العام، وحتى البناء. وهنا فإن عدم وجود تدابیر لمواجهة التقلبات الدوریة یضاعف التبعات. فصحیحٌ أن المصارف تتبنى إجراءات أکثر صرامة على القروض عندما ترید الدولة تشجیع المزید من الشرکات الصغیرة. وتفید بعض التقدیرات بأن القطاع الخاص فی الدول الخلیجیة یساهم بشکل أقل فی الناتج المحلی الإجمالی الآن مما کانت علیه الأمور فی العقود السابقة.

و شدد التقریر على أن دول مجلس التعاون بحاجة إلى أن تفعل أکثر بکثیر، إذا کانت تسعى لتحقیق التوازن فی المستقبل. فالتنویع، یجب أن یحدث الآن، على الرغم من أنه من الصعب أن تفعل ذلک فی الأوقات العصیبة .
https://taghribnews.com/vdcb90b5frhb5gp.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز