تاريخ النشر2017 22 May ساعة 15:31
رقم : 268853

ديمقراطية ايران ...وماذا عن الاخرين !

تنا - خاص
ايران الاسلامية مثال للديمقراطية الحقيقية والنزيهة والغرب يريد حكومات ديمقراطية تابعة لمعسكره والا انقض عليها واسقطها .
ديمقراطية ايران ...وماذا عن الاخرين !
بقلم : محمد إبراهيم رياضي

اعتاد الغرب خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ان يتبجح ويتفاخر بنظامه الديموقراطي كافضل نظام وسلوك سياسي واجتماعي في العالم يتحدى كل انواع الانظمة والمدارس الوضعية وحتى الاديان السماوية لكي تنجو الشعوب من الانظمة الديكتاتورية والشمولية .
 
الشعوب المضطهدة في العالم الثالث وخاصة في الدول العربية والاسلامية استقبلت هذه النظرية للخلاص من ديكتاتورية انظمتهم القائمة على اساس حكم الفرد الواحد او العائلة المالكة او الحزب الواحد دون ادنى دور للشعوب في انتخاب هذا الحاكم وحتى البرلمانات في هذه الدول كانت تشكل على اساس انتخابات صورية يعين نوابه الملك او الامير او القائد المفدى .

ولقد شاهدنا في منطقتنا العربية وخلال العقود الاربعة الماضية ولكي تتخلص الحكومات من ضغط الشعوب التي كانت تطالب بدورهم في تعيين رئيس بلدهم ونوابه ، قاموا بتمثيلة انتخابات صورية لكي يبقى الحكم بيد الحاكم او الحزب الحالي ، فكانت النتائج دائما 98% او 99% من الاصوات لصالح الحاكم كما شاهدناه في العراق ومصر وتونس وليبيا والجزائر وكثير من الدول العربية والاسلامية الى قبل اندلاع ثورات الربيع العربي .

واما في ايران وبعد ولادة الجمهورية الاسلامية والقضاء على الحكم الملكي شاهدنا انظف وارقى واسلم انتخابات في التاريخ المعاصر لم تشهده اي حكومة عربية اواسلامية وحتى غربية .

فقد مارس الشعب الايراني المسلم وبكل حرية وبدون اي ضغوط حزبية او مخابراتية وبدون اي خداع اعلامي ووعود فارغة وفقط من اجل اداء الواجب الديني اولا والوطني ثانيا ، مارس العملیة السياسية بكل وثوق من خلال مشاركته الواسعة في كافة الانتخابات الرئاسية والتشريعية ومجالس البلدية وكذلك مجلس خبراء قيادة الثورة .

فاول انتخابات جرت في ايران حول تعيين نوع النظام فقد انتخب الشعب باغلبية اصواته قدرت بـ 98% الجمهورية الاسلامية بكامل الحرية والشفافية .

ومن الامور التي ميزت الجمهورية الاسلامية عن باقي الدول انها سمحت لبعض الاحزاب العلمانية واليسارية الشيوعية المخالفين للنظام الاسلامي المدعومة من قبل بعض الدول الاقليمية والغربية ، سمحت لها ان تنشط على المستوى الاعلامي والسياسي دون تجاوز الدستور الذي ايده غالبية الشعب المسلم والمساس بمصالح النظام وامنه .

هذه الاحزاب التي لم تكن فقط تعادي النظام الاسلامي بل كانت تعادي وتتحدى الشريعة الاسلامية وتعتبرها غير مؤهلة وصالحة لبناء الحكومة على اساسها في عصرنا الحاضر ، هذه الاحزاب استغلت ظروف الحرية والديمقراطية وانتهجت اسلوب التحريض والعمليات الارهابية ضد المصالح الحكومية ومن يؤيد الجمهورية الاسلامية ان كان من منتسبي الحكومة او المواطنين العزل الابرياء .

وكان واضحا انذاك مصدر تمويل هذه الجماعات خاصة تلك التي كانت في كردستان ايران حيث النظام البعثي كان وراء دعمهم وتمويلهم لاسقاط الجمهورية الاسلامية الفتية باوامر من الغرب الذي شعر بان مصالحه في هذا البلد والمنطقة قد تعرض للخطر .

وخلال العقود الاربعة الماضية شارك الشعب الايراني لاكثر من ثلاثين عملية انتخابية توزعت بين الرئاسية والتشريعية ومجلس خبراء القيادة حيث كانت المشاركة في كل هذه الانتخابات لا تقل عن 60% من المؤهلين في المشاركة . وقد شاهدنا في الانتخابات الاخيرة مشاركة اكثر من 73% من المؤهلين في المشاركة في الانتخابات الرئاسية اي اكثر من 40 مليون ناخب من اصل 56 مليون مؤهل للتصويت .

وفي خصوص نسبة اعداد المشاركين في ايران ، يجدر بنا الى ان نشير الى حقيقة بان نسبة المشاركة في الدول الغربية في كافة الانتخابات في تراجع ملحوظ حتى انه تصل نسبة المشاركة للمؤهلين في الاقتراع الى 30% اي اقل بكثير من نصف المؤهلين للتصويت . وقد لوحظت هذه النسبة في كثير من الدول الغربية وحتى الولايات المتحدة .

الامر الاخر في الانتخابات الايرانية انها كانت تجري بين تيارين مختلفين في الاراء والاسلوب في القضايا الثقافية وكيفية التعامل مع العالم اي التيار الاصلاحي والتيار الاصولي ، ولكل منهم مناصريه ، ولهذا كانت تجري الانتخابات في اجواء من الحرية والشفافية الكاملة دون اي صدام ونزاع محتدم لربما يحدث في كثير من دول العالم وذلك لالتزام الشعب الايراني بالقيم الاخلاقية الاسلامية واتباعهم لتوصيات مراجع الدين وقائد الثورة الاسلامية .

ولهذا نرى ان الجمهورية الاسلامية قد حققت وبكل سلمية احدى اسس النظام الديمقراطي اي انتقال وتداول السلطة  بين كبرى التيارين الحاكمين في ايران . ومع ان الانتخابات في ايران كانت تجري كل سنتين مرة الا ان الشعب لن يمل ولا مرة من المشاركة الكثيفة في الانتخابات مما يدل على ايمان الشعب بنظامه الاسلامي وولائه لقيادته الحكيمة وكذلك تدل هذه المشاركة المتكررة على نزاهة الانتخابات .
 
واما عن الغرب فمن الأمور المهمة والتي تلتبس على الكثيرين هي ضرورة التفريق بين الليبرالية والديمقراطية، فالمذهب الليبرالي الذي ينادي بحرية الفرد والإصلاح الاجتماعيّ، لا يطابق الديمقراطية بمعنى حكم الأغلبية والتصويت المباشر والمساواة أمام القانون.

لقد ساند التيار الليبرالي الديمقراطية، باعتبارها الشكل المرغوب للحكومات الإنسانية، عندما دفعته مصالحه المادية، أو عندما أجبر على ذلك، ولكنه لم يمانع من وضع ضوابط متعسفة وقيود ثقيلة على التطبيق الديمقراطي متسترا بمفهوم غامض مثل المصلحة العامة.

يقول (نعوم تشومسكي) المفكر الأمريكي اليهودي الشهير والملقب بـ "ضمير أمريكا" في هذا الصدد:
"إن مُثلا من قبيل الديمقراطية والسوق مُثل جيدة، طالما أن ميل الملعب يضمن فوز الناس الذين يجب أن يفوزوا، أما إن حاولت جموع الرعاع رفع رؤوسها، فيجب أن يضربوا إلى أن يخضعوا بشكل أو بآخر".

الغرب استغل موضوع الديمقراطية لفرض هيمنته السياسية والاقتصادية على دول العالم الثالث وخاصة الدول الاسلامية التي شعر بخطر تنامي الاسلام السياسي فيها والذي كان ولا يزال ينادي باستقلال الحكومات الاسلامية وعدم تبعيتها للغرب ، اي بعبارة اخرى فهو كان يريد من تحقيق الديمقراطية في هذه البلدان ان تكون الحكومات تابعة للمعسكر الغربي وبهذا فهو لا يعترف باراء هذه الشعوب الا فيما اذا امنت مصالحه .

وفي هذا السياق يقول المفكر الامريكي الشهير"نعوم تشومسكي" إن الولايات المتحدة تخشى قيام أي ديمقراطية حقيقية تعكس الرأي العام للشعوب في منطقة الربيع العربي خاصة مع تداعي قوى هيمنتها على العالم.

و يعتبر تشومسكي بان "اسرائيل" تشارك الولايات المتحدة في معارضتها لنشوء ديمقراطيات حقيقية بالقرب منها و كذلك تشاركها في معنى الاستقرار الذي لا يعني الا الانصياع لهيمنة الولايات المتحدة ، و ياخذ نموذج اجهاض الثورة المصرية كمثال واضح لا لبس فيه في هذا المجال رغم ان مصر لا تحتوي على مخزونات هائلة من الطاقة و لكنها الجسر الثقافي و التاريخي بين جناحي الشرق الاوسط و الجار الخطير لـ "اسرائيل".

فعندما نزل الاخوان المسلمون للانتخابات لم تتوقع الولايات المتحدة فوزهم، حيث ان اعدادهم ليست كبيرة جدا، و لكن ما لم تدركه الولايات المتحدة بان اعداد المتعاطفين معهم كبيرة جدا ! و انهم اكبر مجموعة منظمة تنظيما جيدا و بافكار تواكب العصر مع الاسلام.
 
يدّعي الغرب دائماً أنه "رسول الديمقراطية" والمبشّر بها في بلاد العرب قاطبة، ولطالما ضغط على دول بعينها من أجل ممارسة هذه الديمقراطية، ولكن من خلال تجارب حيّة أمامنا، نرى أنه بمجرد أن تتحقّق ديمقراطية في بلد عربي ينقلب عليها الغرب ويدعم العسكر في الانقلاب على خيارات الشعوب .

الغرب دعّم جنرالات الجزائر في انقلابهم على انتخابات عام 1992 التي أشادت بنزاهتها منظمات وهيئات دولية مرموقة، وأدى هذا الانقلاب إلى حرب أهلية قذرة سقط فيها حوالي ربع مليون مواطن، وقتل وعذّب وخطف الجيش والمخابرات والجماعات المتطرفة عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء والعزّل لا لسبب الا لان الاسلاميين كانوا قد فازوا في هذه الانتخابات .

 في فلسطين، جرت عام 2004 انتخابات ديمقراطية نزيهة باعتراف دولي، غير أن العالم وقف ضدها ودعم "إسرائيل" في الحرب على هذه الانتخابات الشفافة والحكومة المنبثقة عنها، ومنذ ذلك الحين لم تتكرر انتخابات أخرى، بل إن محمود عباس انتهت ولايته منذ سنوات ولا يزال يمارس مهامه في منصبه كرئيس للسلطة الفلسطينية ، وكان المتفوق في تلك الانتخابات الحركة الاسلامية الفلسطينية اي "حماس" .
 
لو تأملنا بعض الشيء في الأمثلة التي قدمناها، فسنجد أن القاسم المشترك بين الجزائر وفلسطين ومصر، هو اختيار هذه الشعوب للإسلاميين، وهذا مفتاح السر في كيد الغرب لديمقراطية العرب إن مارسوها برقي يفوق ما يجري في مسقط رأسها بالديار الغربية.
الغرب يضغط على الدول العربية من أجل الديمقراطية، ولكن حين تختار الشعوب الإسلامية الإسلاميين كي يحكموهم، فهذه الديمقراطية لا يريدونها وتصير حراماً ومن الموبقات، ويجوز الانقلاب عليها ودفنها في أقبية الثكنات العسكرية.

وحتى العراق وبعد سقوط صدام ومشاركة الناس في العملية السياسية بكل حرية ونزاهة نستطيع ان نقول ان الديمقراطية تحققت في هذا البلد باصرار من الاسلاميين والمرجعية الدينية لان الامريكان كانوا يعارضون اجراء اي انتخابات في العراق بحجة ان الشعب لم يصل الى درجة من الوعي السياسي لكي يمارس العملية السياسية .

ومنذ ذلك الوقت بدء الامريكا وبعض الدول الخليجية خاصة السعودية بزعزعة امن العراق من خلال دعمهم للارهابيين للقيام بعمليات التفجير والقتل واثارة الصراعات المذهبية لاسقاط العملية السياسية الناجحة هناك .

اذن نستنتج بان الغرب يحارب الديمقراطية الحقيقة في الدول الاسلامية ويدعم الانظمة الديكتاتورية خاصة الخليجية ذات انظمة حكم ملكية وعائلية لم تمارس في حياتها اي عملية انتخابية وفي نفس الوقت نرى الغرب الذي يدعم هذه الانظمة الديكتاتورية والشمولية يستشكل على ايران الاسلامية بانها لا تطبق الديمقراطية ، والتی تحولت الى نموذج اسلامي ديمقراطي تأثرت بها شعوب المنطقة حيث احيت من جديد الصحوة الاسلامية ، ومن هنا نفهم دليل معاداة الغرب لايران ومحاولته هو وبعض دول الخليج الفارسي تحجيم نفوذها ودورها البناء في المنطقة والعالم الاسلامي .
 
https://taghribnews.com/vdcbswb5frhb0wp.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز