تاريخ النشر2016 13 February ساعة 11:21
رقم : 214820
قراءة في كتاب

ما لم يكتب عن داعش: رؤية من الداخل ... الخطر القادم

تنا-بيروت
صدر حديثًا كتاب ما لم يكتب عن داعش: رؤية من الداخل ... الخطر القادم للباحثين خليل القاضي وأحمد صلاح عثمان، وهما اقتبسا معظم المعلومات من مقابلات أجروها مع مجموعة من الأشخاص ممن عاصروا التّنظيم من الدّاخل.
ما لم يكتب عن داعش: رؤية من الداخل ... الخطر القادم
المؤلّف: خليل القاضي وأحمد صلاح عثمان                              
النّاشر:  دار أبعاد للطّباعة والنّشر والتّوزيع –لبنان: بيروت.
الطّبعة: الأولى.
سنة النّشر: 2015.
 بعد التّوطئة إحتوى  الكتاب على 13 فصلًا استعرض فيها الكاتبان كلّ ما يتعلّق بـ"داعش" وأخواتها من الحركات السّلفيّة وعلاقتها بالوهابيّة من النّاحية الفكريّة والهيكليّة والتّنظيميّة ضمن عناوين داخل كلّ فصل.

يسلّط الكتاب الضّوء على دور الولايات المتّحدة الأميركيّة في نشأة تنظيم "داعش"، ويكشف حقيقة من يقود تنظيم "داعش" من خلال شهادات مع من خبروه؛ ويكشف أيضًا حقيقة الخلاف بين قادته، لاسيّما البغدادي والجولاني ، ودور حجيّ بكر الحقيقيّ؛ والفظائع الّتي تُرتكب في السّجون الدّاعشيّة وما يجري فيها؛ ويُعرّج على الأسّس الفقهيّة الّتي يستند عليها.

في التّوطئة يعتبر كاتبها رئيس تحرير وكالة النهار الاخبارية هاني الآغا أنّ "الأمّ هي النظام القُطري العربي بتقسيماته الجغرافية القسرية والشاذة عن قوانين الطبيعة، والتي تم تلقيحها من قبل النظام الدولي يوم عقد إتفاقية سايكس بيكو السرية بين فرنسا وبريطانيا ما بين عامي 1915 و 1916م،والتي تضمنت في بنودها إقتسام أراضي الإمبراطورية العثمانية المتداعية فيما بينهما"؛ وما "داعش وأخواتها وما يدور في فلكها ومن قبلها التنظيمات الإسلامية سوى نتائج لهذا الزواج غير المتكافيء بين إتفاقية سايكس - بيكو ووعد بلفور لليهود المستقطبين من شتات الأرض بحصولهم على وطن قومي لهم في فلسطين العربية تاريخاً وهوية".
في الفصل الأوّل درس الكاتبان "المدرسة الوهابية والمدرسة السلفية، و اهل السنة والجماعة وذلك منذ نهاية القرن الثاني  هجري والتمييز بينهما كونهما مدرستان متناقضتان ومدارس مختلفة "؛ وتناولا تبلور الحركة الوهابيّة وأهل السنّة والجماعة.

وفي السّياق جرى استعراض تاريخ بروز اتّجاهين فكريّين نهاية القرن الثاني الهجريّ ضمن دائرة أهل السنّة والجماعة؛ هما: مدرسة المعتزلة ومدرسة أهل الحديث؛ ومنهما بحث المؤلّفان في فكر ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب؛ ففي القرن الثامن الهجري  تبلورت مدرسة ابن تيمية الذي اتهم من يخالفه الرأي بالضلالة استناداً إلى أحاديث ضعيفة وغير صحيحة ممن يعتقد بشفاعة الأنبياء والرسل في الحياة الدنيا وممن يعتقد باستحباب زيارة قبر الرسول الأعظم (صلى الله علية وسلم) والأولياء ويؤمن بتنزيه الله عن صفات الخلق، ولا يؤمن بالتجسيم ومشابهة الله في جسمانيته لخلقه (استناداً إلى بعض الأحاديث الإسرائيلية والموضوعة في هذا الشأن).

والحقيقة فإن ابن تيمية لا يتوانى عن الكذب لإثبات صحة آرائه المخالفة لإجماع المسلمين من غير حشوية الحنابلة كما في رواية مالك عندما سأله شخص في تفسير قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} .

ويعرض هذا الفصل لأوجه التّماثل والإختلاف "بين عقائد ابن تيمية وابن عبد الوهاب"؛ مع الإشارة إلى أنّ "الاختلافات نابعة من ظروف كلّ منهما"؛ ف"ابن عبد الوهاب لم يكتف بالقول بشرك المسلمين المعاصرين له فحسب، بل كان يهدف إلى قتالهم وسلبهم أموالهم وسبيهم لنسائهم وأطفالهم، الأمر الذي كان يتطلب توسيع دائرة من يستبيح دماءهم حتى أنه حكم بشرك وإباحة دماء أربعة أصناف من الناس، وأحد هذه الأصناف هو من يحب المسلمين ويبغض الوهابيين...".

وعن علاقة الوهابيّين بأهل السنّة والجماعة، وبالإستناد إلى كتبهم ورجالهم المعاصرين يشير الكتاب إلى أنّهم يكفّرون "أهل السنّة والجماعة لأنهم يعتقدون باستحباب زيارة قبر الرسول، وقبور الأولياء ولأنهم يؤمنون بشفاعة رسول الله  وهو في عالم البرزخ ولأنهم بنوا القبة الخضراء على قبر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ ومنعوهم "من دراسة فقه الفقهاء الأربعة"؛ وأباحوا " دماء المسلمين من غيرهم سواء كانوا من أهل السنّة أو من غيرهم من الطوائف الإسلامية الأخرى".

كما عرض الفصل الأول لفتاوى الوهّابيّة وتصوّراتها، وللعلاقة بين الوهابيّين والسّلفيّين ونشوء الدّولة السّعوديّة المعاصرة بعد "التحالف بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود في الدرعية قبل حوالى مئتين وخمسين عاماً أي بحدود عام 1766م/1180هـ حين آمن ابن سعود بعقيدة ابن عبد الوهاب فأباح له قتال المسلمين لأنهم مشركون لا يعتقدون بعقيدة ابن عبد الوهاب".

أمّا الفصل الثّاني فيسرد الكاتبان تاريخ تأسيس التّنظيم ويعرّف شخصيّاته؛ بدءًا من أسامة بن لادن"الّذي انفتح على العالم وخبر أصول التعامل بين القوى والدول والمصالح، وتعاون مع الأميركيين واستفاد من دعمهم وخبرتهم وتصميمهم على طرد السوفيات من تلك الأرض، حيث أقر الأميركيون بخطأهم الكبير الذي ارتكبوه عندما قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ (CIA) بإسناد مركز الخدمات ومعسكر الفاروق التابعين لأسامة بن لادن عام 1984"؛ وتناول السّرد شخصيّة أبو مصعب الزرقاوي "الأب الروحي ومؤسس تنظيم القاعدة في العراق.. وإنشاء تنظيم التوحيد والجهاد وشكّل معسكراً له ولجماعته أغلبهم من الأردنيين والفلسطينيين في هيرات... وأنشأ علاقة وثيقة بملا كريكار زعيم تنظيم جند الإسلام ثم أنصار الإسلام في كردستان العراق..وشكل خلايا تنظيمية وارتبط مع مجاميع موجودة على الأرض في المانيا وايطاليا وبريطانيا وفرنسا واسبانيا وروسيا والمغرب ولبنان ومناطق أخرى من العالم...ومن خلال هذه التنظيمات جند المئات من المسلمين..".

بعد ذلك عرض الكاتبان لتطور التنظيمات والتشكيلات السلفية حتى تشكيل "داعش"، ودور الولايات المتّدة والسّعوديّة والكيان الصّهيونيّ في الإسناد والتّدريب وتزويدهم بالأسلحة المتطوّرة"؛ وتطرق بشكل تفصيلي إلى دور الكيان الصّهيونيّ "في خلق القيادات الدينية الإسلامية من الفلسطينيين المسلمين المتعاونين مع الموساد خريجي جامعة تل أبيب والجامعة العبرية من أقسام الدراسات الإسلامية". لذا تولّدت لديه "قدرات غير طبيعية للنفاذ والتغلغل ضمن حركة داعش".

وفي ما يتعلّق بتأسيس التّنظيم، يشير الكتاب إلى ولادة مشروع "الخلافة الإسلامية في 15 تشرين الاول (أكتوبر) عام 2006 إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة حلف المطيبين الذي تأسس بقرار مما عرف وقتها بـ"مجلس شورى المجاهدين فى العراق"،  وتم اختيار "أبي عمر" زعيماً لها، وبعد مقتل أبو عمر البغدادي في يوم الاثنين 19/4/2010  أصبح أبو بكر البغدادي زعيماً لهذا التنظيم".

لكن لـ"داعش" نفس العقيدة الجهادية التي للقاعدة معتبرة ان انشاء دولة اسلامية في سوريا مرحلة اولى لقيام دولة الخلافة...وتعاون التنظيم مع "جبهة النصرة ومجموعات اسلامية اخرى خصوصاً احرار ألشام لمحاربة النظام السوري.
وعرّف الفصل الثّاني بشخصيّة "أبو بكر البغدادي"  الّذي "إستغل الأزمة التي اندلعت في سوريا والفوضى التي حصلت هناك ليعلن دخوله على خط المواجهات في سوريا...فدخل التنظيم الى الأراضي السورية، الى شرق سوريا بالتحديد تحت شعار"نصرة أهل السنة في سوريا" معلنًا الحرب على النظام السوري".
وعن تمويل "داعش" والمستفيد من وجودها وبقائها، يضع الكتاب "قائمة احتمالات تتضمن الدول والجهات التالية: الكويت، السعودية، الولايات المتحدة".

أمّا خريطة دولة "الخلافة الإسلامية" التي يسعى إليها "داعش" فهي "المنطقة العربية الغارقة في آتون الصراعات الطائفية والمذهبية التي تضعف العرب وتشمت أعداءهم .."؛ وذلك وفق التّقسيم التّالي: "قسمت دولة ما يسمى "الخلافة الإسلامية" التي أعلنها تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ثلاث عشرة ولاية، وهي: العراق، الشام، الحجاز، اليمن، خراسان، كردستان، بلاد القوقاز، الأناضول، أوروبا، الأندلس وأرض الكِنانة وأرض الحبشة والمغرب".

بعد عرض ما يمتلكه التّنظيم من سلاح، وقوّات ، ومصادر تمويل نفطيّة وزراعيّ وجباية الأتاوات من النّاس، ينتقل في الفصل الثّالث إلى تبيان هرم " داعش" التّنظيميّ "بتركيبته الأمنية والسياسية  والشرعية في العراق وسوريا"، وقادة القيادة المركزية: ابو بكر البغدادي، وابو عبد الرحمن البيلاوي، والعقيد حجي بكر، وأبو أيمن العراقي، وأبو علي الأنباري ودور كلّ منهم. كما استعرض أسماء قيادة التّنظيم في سوريا: أبو لقمان، وخلف الذياب الحلوس، وأبو عمر قرداش، وأبو عمر الملاكم ، محمود الخضر، وأبو عبد الرحمن الأمني، وأبو علي الشرعي، وأبو أنس العراقي؛ بالإضافة إلى أعضاء المجلس العسكري (المكتب الحربي) والوزراء والمحافظين في التنظيم.

وتطرّق الفصل الرابع إلى ظروف تشكّل تنظيم "جبهة النّصرة" بناءًا على  طرح "العقيد حجي بكر فكرة تشكيل مجموعة من غير العراقيين لتذهب الى سوريا بقيادة سوري ، ووقع الاختيار على رفيق السلاح والجهاد القيادي ابومحمد الجولاني"؛ كما استعرض علاقته بتنظيم "داعش"، وخلفيّات الصّراع بينهما وبين قياداتهما؛ واستكمل العرض في الفصل الخامس بالحديث عن طبيعة الصّراع بين البغدادي والجولاني قبل وبعد إعلان الجولاني البيعة لأيمن الظواهري.

أمّا الفصل السادس فقد تناول فيه الكاتبان لكيفيّة  تشكيل الجناح الإعلامي للتّنظيم عبر الإنترنت، كيف وضع خطته، ومن أفتى  له بالكذب من أجل التضخيم إنطلاقاً من أن الحرب خدعة"، ودور الضابط السعودي الأسبق بندر بن شعلان في تشكيل الّلجنة الإعلاميّة.
وفي الفصل السابع يستعرض الكاتبان الإنشقاقات داخل تنظيم "داعش" وإجراءاته للحيلولة دونها، من قبيل سحب جوازات السّفر من أعضاء التّنظيم وجنوده خوفًا من هروبهم، بالإضافة إلى افشال اجتماعات الرّاغبين بالإنشقاق عبر مسارين، هما:
ـ الاعلام لاحباط مشروع الاجتماع المتعلق بأحرار الشام وباقي الكتائب التي تنوي الانشقاق، وتشكيل جبهة خاصة بهم والتشهير بهم بأنهم مشروع صحوات وعملاء واستخبارات ويجب تفكيكهم بواسطة تشويههم.
ـ تضخيم حجم التّنظيم الى مشروع خلافة، وهذا المقترح طرحه ما يسمى والي حلب العبسي المسمى ابو الاثير الشامي الّذي يحظى بثقة البغدادي.

ويكمل الكاتبان في الفصل الثامن الحديث عن خلفيّات التّصدّع  ومشهد الاغتيالات في التّنظيم، وعلاقته بتنظيم "الجيش الحر"؛ ويسلّط الضّوء على اختفاء مؤسّس دولة البغدادي العقيد حجي بكر؛ وفي جزء من الفصل التّاسع يعرض للخلاف مع أيمن الظّواهري، ثمّ يعرض لموقع البيعة والذّبح في حروب التّنظيم؛ ويًكملان في الفصلين العاشر والحادي عشر عن بعض الأحكام الّتي يؤمن ويعمل بها التّنظيم، وهويّته استنادًا إلى البيانات والتصريحات الصّادرة عنه.

ويشيران في هذا السّياق إلى أنّ "الولايات المتحدة الاميركية سلّحت "داعش" لإعلان الحرب على بشار الأسد لسببين: الأول للحد من نفوذ إيران المتنامي في المنطقة والآخر لمواجهة روسيا على ارض سوريا باعتبار الأسد حليفاً رئيسياً لروسيا؛ فتنظيم داعش مجرد أداة إرهابية تستخدمها السياسة الخارجية الأميركية ليس لإسقاط حكم الأسد، بل كوسيلة تستخدم للضغط على كل من إيران وروسيا ، غير ان العفريت  خرج من قمقم الطائفية فارتعدت واشنطن من جنونه، فشهرت سكينها لإعادة الجني إلى قمقمه" كما ورد في الفصل الحادي عشر .

وقد تناولا في الفصل الثاني عشر أساليب التّعذيب والسّجون السّريّة في التّنظيم؛ بالإستناد الى شهادات حية وروايات من اشخاص عاشوا في ظل وكنف التّنظيم؛ وتحفظا على ذكر اسمائهم لضمان سلامتهم وامنهم.

وفي الفصل  الثالث عشر أورد الكتاب الرّسائل والمبايعات الّتي وردت إلى التّنظيم من مختلف البلدان، و"التي اصبحت ـ كما قال المؤلّفان ـ بحكم مبايعتها وتأييدها له  خاضعة لحكمه وحدود الدولة الاسلامية التي لاتقف عند حدودها الجغرافية الحالية؛ بل هي تطمح الى احتلال تلك البلدان الخارجة عن سيطرتها في الوقت الراهن وتكتفي بالمناصرين والمؤيدين لها في تلك البلدان لحين بسط سيطرتها ونفوذها في الخروج بفتوحات قد تصل الى اوروبا وذلك على حد قولهم". 
 
https://taghribnews.com/vdcgxt9xzak9q74.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز