المفتي الجعفريّ الشّيخ قبلان ل"تنا": الإمام الخميني كرَّسَ يوم القدس كعنوان لوحدة قضايا الأمَّة
تنا – بيروت
دعا المفتي الجعفريّ الممتاز الشّيخ أحمد قبلان إلى تكريس صوت الإمام الخمينيّ كعنوان لثقافة تحرير القدس وبداية انتصار فلسطين, إلاَّ أنَّ هذا يحتاج إلى حماية دمشق، ونصرة بغداد، وكبح اليد الخبيثة للبترو دولار .
شارک :
كلماته تخرج من القلب لتسقط فيه؛ واثق هو بقدرات الأمّة ومقوّمات وحدتها وحضورها على مستوى العالم أجمع؛ وهو يؤكّد "حاجتنا لـ"طهران الخميني بقيادة الإمام الخَامنئي، وشراكة مصر كأساس مركزيّ للنّهضة الجديدة الّتي يجب أن تُلاقي "يوم القدس" كظاهرة تَعبَويَّة ومشروع أمَّة، عَلَّنا نعيد بناء الأمَّة القرآنيَّة ذات المشروع العالميّ الّذي سيُطهِّر القُدس مِن دنس الصّهيونيَّة، ويُكوِّنُ نظاماً إقليميَّاً دوليَّاً تكون أخلاقيّتُهُ ممسوكةً بروحِ السَّماء الّتي يَتَوَسَّمُها مفهوم الأمَّة القرآنيّة الواحدة".
ومِن هنا، دعا المفتي الجعفريّ الممتاز الشّيخ أحمد قبلان إلى تكريس صوت الإمام الخمينيّ كعنوان لثقافة تحرير القدس وبداية انتصار فلسطين, إلاَّ أنَّ هذا يحتاج إلى حماية دمشق، ونصرة بغداد، وكبح اليد الخبيثة للبترو دولار، وتكريس القاهرة كأساس وَازِن للعقل الدّيني المُقرِّب، والإستفادة مِن بركة وجود الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة كعنوان لرُشدِ الأمَّة ومركز عظمتِها الإقليميَّة والعالميَّة. وليس ذلك ببعيد, إن شاء الله تعالى.
شهر الوحدة ومظاهره، وامكانيّة الإستفادة من شهر رمضان المبارك شهرًا للوحدة، وأسئلة أخرى حملناها إلى المفتي الجعفريّ الممتاز الشّيخ أحمد قبلان، وكان هذا الحوار بينه ووكالة "تنا" – مكتب بيروت.
س: أين تكمن مظاهِر الوحدة في الشَّهر الكريم؟ ج: تَكمُنُ مظاهرُ الوحدة في شهرِ الله، بِوَاحِدِيَّة الله، ووحدة قرآنِهِ، ونَبِيِّهِ والجامع السَّماوي الذي قَنَّن أمَّتنا على منطقِ: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا)، وبخلفيَّة أنّ "التَّفرُّقَ" يعني تحويل الخلافات الجزئيَّة إلى أصل مَانِع من "الوحدة العامَّة" التي قرَّرها اللهُ على هذهِ الأمَّة، فقال: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون).
ويلزم مِن ذلك، أنَّ ما يُخَالف الإعتصام بحبل الله، أو يكسر رابط الأمَّة الواحدة، يُشكِّل خصومةً عنيدةً مع الله وفارقاً مخالفاً لغايةِ اللهِ مِن شهر أمَّتِه التي تعبَّدها بصوم الوحدة وفريضة الإعتصام به كجامعِ لأمَّتِه، وهو عين مُرَادِهِ من التَّقوى التي افترضها على مَن يصوم فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
وكان النَّبيُّ(ص) وقف في أمَّتِهِ فخطبهم بشهر الله الذي استفاضَ أنَّ الله سَمَّاهُ بشهرِ أمّتِه، فَحَرَّضهم على فعل الخير اتجاه بعضهم، ومنع الإثم والعدوان، مُصَرَّحاً أنَّ الله دعا أمّتَهُ فيه إلى ضيافته، ثُمَّ دَلَّهم على معانِيه الوَصْلِيَّة مع الله، فذكَّرهم بضرورة التضامن وإطعام الفقير، والتفريج عن المكروب، وإغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وتمكين فريضة الأمَّة الواحدة" مِن أعناقهم، بما يعني ذلك مِن حرمة الدّم والعرض والمال، بخلفيَّة وحدتهم بالدور والمشروع والأهداف، لا أن يَتَحَوَّلوا وُحُوشَاً ضارية يَقتُلُ بعضُهم بعضاً، ويسطو بعضهُم على بعض.
لذا، حَذَّرهم مِن ذلك، مُصرِّحَاً، إنَّ هؤلاء ليسوا من الله ولا مِن رسولِهِ، وفيهم قال رسولُ الله أنا منهم براء, بهذا المعنى تتجلَّى وحدةُ هذهِ الأمَّة القرآنيَّة: أمَّة واحدة بشهرٍ رَبِّها الواحد، وإلاَّ فإنْ تَفَرَّقت، حَقَّ عليها قولُه تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
وقد أكَّدت التَّجارُب الطويلة أنَّ "التَّفرُّق" أساس هزيمة الأمم، وسبب خسارة رضا السَّماء في شهرِ السّماء.
لذا، كان النَّبيُّ(ص) يقوم في أصحابِهِ المواطنَ الكثيرة، فيناشدهم حرمةَ دمائهم وأعراضهم وأموالهم ويقول: إنَّ المسلم من المسلم حرامٌ دمُهُ ومالهُ وعرضه, وليس عند الله شيئٌ أعظم مِن حرمة دمائكم, ولقد كرَّسَ هذا العنوان الوحدوي بتأكيده لإطارِها المرتبط بنبيِّ وربٍِّ وقرآنِ وشريعة ووصيَّة واحدة، مُصَرِّحَاً أنَّ مَن تخلَّف عن شرطِهِ تخلَّف عن شرطِ الله، ومَن تخلَّف عن شرطِ الله لا حظَّ له يوم القيامة,
وبهذا مَكَّنَ الأمَّةَ مِن إطارها الفكري والتَّشريعي وأدواتِها الكفيلة بتأكيد وحدتِها، إنْ هي تَمَكَّنت مِن طاعة الله.
س: كيف يمكن لنا كمسلمين أن نستغلّ شهر رمضان ليكون شهر الوحدة بين المسلمين؟ ج: تتوقَّف على التَّعبئة الفكريَّة اتّجاه قضايا الأمَّة وأزماتِها، لذا، فإنَّ أخطر الأزمات التي تنتاب أمَّتَنَا اليوم تكمن بـ"أزمتِها الفكريَّة, خَاصَّةً أنَّ قوماً لا حَظَّ لهم مِن فهم الدِّين وروحيَّة السَّماء استطاعوا تلقين النَّاس أنَّ رضا الله يكمن بالخصومة والفرقة والقتل وسفك الدماء واستحلال الأعراض والأموال، وذلك بخلفيَّة إسرائيليَّات عَمِلَتْ على اختراق هذه الأمَّة مِن خلالِ بعض التُّراث المسموم، عَلَّها تَتَمَكَّن من توجيه طاقاتِها وإمكاناتِها إلى ساحة خصومتِها المذهبيَّة والفكريَّة، وهذا ما حصل للأسف .
وما نَرَاهُ اليوم مِن نماذج تكفيريَّة، تَغَذَّت بالأصل على العسل السياسي والفكري التَّكفيري لبعض المدارس، بهدف تجيِيرِه لخدمة مشروعات السُّلطة المذهبيَّة، رغم خصومتِه الصريحة مع منطق القرآن والسنَّة النَّبويّة, لذلك، يجب الرَّجوع إلى القرآن لتمكين ميزانِهِ الوحدوي، خاصَّةً أنَّ مخاطِر ابتلاع الإسلام مِن الدّاخل تكاد تتحوَّل إلى كارثة، فيما عدوُّنا الخارجي تحوَّلَ إلى "قيصر مركزي" يدير غالب الأنظمة السياسيَّة في البلاد الإسلاميَّة على طريقة تأكيد الصّراعات المذهبيَّة والفروقات الفكريَّة وتغذية المدارس التكفيريَّة بالمال والإعلام والمادَّة المؤثِّرة بصناعة الموت والإبادة المُمنهَجَة.
مِن هنا، فإنَّنا مُلْزَمُون بالتَّضامن القرآني وبناء علاقات عُلمَائِيَّة تعبويَّة ومناهج تَربِويَة تُعيد بناء وحدَتِنا وفق المشروع النَّبوي، وبذلك تُصبح قضيَّتُنا واحدة، ومشروعنا واحداً، وحضورنا العالمي واحداً، فلا تقصف الطَّائراتُ الإسرائيليَّة غزَّة بنفط تركي، ولا تُجَيَّر عائدات النفط الخليجيَّة لسحق دمشق وبغداد وليبيا واليمن وتفتيت مصر، ولا يَذبح الدَّواعش أهلَ الإسلام في سوريا والعراق واليمن بفتاوى التَّكفير التي جيَّرها "البترودولار" لتكون خادماً للسُّلطة والحلف الأطلسي بوجه المسلمين، رغم إصرار اللهِ على ضمان دماء وأعراض وأموال وحقوق أهل الإسلام.
والأكيد المحتوم، أنَّنا نعيش لحظة مؤامرة كبيرة جدَّاً، لدرجة أنَّ دولاً مثل مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن وافغانستان تعيش الآن لحظة إبادة، بخلفيَّة آلة أمريكيَّة إعلاميَّة ولوجستيّة قياديَّة تعمل ليلاً نهاراً لتأكيد نظريَّة "نحر الأمَّة الإسلاميَّة" وتحويلها إلى "أشلاء متناثرة" في عالم الخلافات التَّكفيريَّة.
لذا، المطلوب إعادة تكوين خطاب وحدوي متماسك ومُمَنهَج وعابِر، يقف بوجه أساطيل البترو دولار التَّكفيريَّة، لمنع أدوارها الخبيثة في تمزيق هذه الأمَّة، خاصَّةً أنَّ أنظمة البترودولار تلعب أدوارها الشيطانيَّة بخلفيَّة "أمر أمريكي" هدفه "إعادة تكوين المنطقة" على أساس "مذهبي عرقي, يعيشُ عقليَّة قتل الآخر واجتثاثه، بعيداً عن مربّع مصالح واشنطن وتل أبيب وباقي الأحلاف؛ قد تَكُون الآليَّات والبرامِج مُتعِبَة لهذا الطّموح، إلاَّ أنّها ضرورةٌ مُلِحَّة لتكوين أمَّة واحدة على مساحة هذا العالم.
ولأنَّنا نعيشُ روحيَّة السَّماء في شهر رمضان، يمكننا استغلال القِيَم التي تُؤكَّد وحدة عبادتنا الأزليَّة، وشراكة أُمَّتِنَا، وحرمة الدماء والأعراض، وتذمُّ التَّكفِير، وتُصرُّ على إعادة تكوين وحدتنا كأمَّةٍ تَعيشُ جَامِعِيَّة الهدف باللهِ وقرآنِه ونبيِّه في شهر الله، لنمنَع شيطانَ التَّفريق مِن "لعبة التَّكفِير" الذي حَوَّلَ أهدافَ أمّتِنا مِن مقارعة الباطل، والوقوف بوجه واشنطن وتل أبيب ومخالب الأطلسي إلى أمَّةٍ يَقتُل بعضُهَا بعضاً، ويذبحُ بعضُها بعضاً دون نكير.
س: الملاحظ أنّ معظم المناسبات الإسلاميّة الوحدويّة ـ إن لم نقل كلّها ـ لم تعد محطّة لتوظيفها في عمليّة التّقريب بين المسلمين وتعزيز روابط الوحدة فيما بينهم، لماذا؟ ج: وَصَلت الأمَّةُ إلى هذه الحالة مِن الفرقة حين تحوَّلت الفرقةُ إلى دِيْنٍ مُبتَدَع على حساب دِين الله: لذا، فقد انتهى خطاب الوحدة كمشروع صانِع لهيكل وحدتِنا ووظائفها الفاعلة, رغم أنَّ خطاب الوحدة لا يمكنُهُ بناء "الأمَّة الواحدة" إلاَّ إذا تحوَّلَ إلى تربية فرديَّة إجتماعيَّة ومشروع فكري سياسي.
وهذا ممنوعٌ عند غالب الأنظمة السياسيَّة في بلاد المسلمين، لأنَّها تعاني من "أزمة شرعيَّة .
لذلك، فإنَّ هذه الأنظمة السياسيَّة شكَّلت "رأس حربة" في معركة "إجهاض فكرة الوحدة"، لأنَّها تُهدِّد عقليَّة الإستبداد السياسي الذي مَيَّزَ ظاهرة الحكومات التي تَوَالَت في العالم الإسلامي منذ زمنٍ بعيد.
والأخطر أنَّ "علماء البلاط" انخرطوا بقوَّة في هذا المشروع، وبذلك اغتالوا روح الإسلام الوحدويَّة, لذا، المطلوب اليوم، إعادة تكوين عقل دِيْنِي سياسي يُعيد "تكريس الأمَّة" كعنوان جَامِع في الفرائض العباديَّة، ومركز أساس لمعالجة قضاياها الدَّاخليَّة والخارجيَّة, ولا يبدو أنَّ مركز الثّقل السياسي الدّيني في عالمنا الإسلامي يَتَّجه لإعادة صيغة "معنى الأمّة" وفق الميزان القرآني، لأنَّ نَارَ الفرقة ومنافع السُّلطة تحوَّلت إلى "إلهٍ حَاكِم" دونَ الله, ومع ذلك يجب علينا استغلال شهر رمضان -بما يَعنيه مِن قِيمَةٍ رَبَّانيَّة خاصَّة- لإعادة تكوين خطاب روحي وأخلاقي وفكري وتواصلي، يُساعِد في بناء "فقه اجتماعي" يُؤكّد حُرمَة المسلم على المسلم"، و"وحدة المسلم مِن المسلم"، لأنَّنا إذا تمكَّنا مِن ذلك، فإنَّنا نضبط الأساس الأوَّل لمشروع الأمَّة الواحدة الذي يهدم مملكة التَّكْفِير وباقي أصناف الفرقةِ ومدارس الإختلاف التَّنازُعِي؛ إلا أنَّ هذا يحتاجُ إلى عملٍ دَؤُوب، وفكرٍ عَابِر للحدود، وهو برأيي دون الطُّموح المُنتِجِ، ومع ذلك لا يُمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي، وسط جنون التَّكفِير والعقليَّات التَّنَازُعِيَّة, بتعبير آخر: لا يكفي الوعظ والتَّوَاصُل المحدود، لإعادة تكوين الأمَّة الواحدة، بل لا بُدَّ مِن مشروع سياسي دِيْنِي تَربَوِي، يمنع المشروعات السياسيَّة الدِّينيّة التي تَعتَاشُ على الفرقة والتَّكفير والتَّنازُع، وتملك مِن "البترودولار" مَا يُمَكِّنُهَا من إحراق مشروعات الوحدة وهياكلها.
س: ونحن نعيش أجواء شهر رمضان المبارك، وامكانيّة توظيف ومناسباته في التّقريب بين المذاهب الإسلاميّة، ورصّ وحدة المسلمين، نستحضر مناسبة يوم القدس العالميّ الّتي حدّدها الإمام الخمينيّ (قده) في أخر يوم جمعة من شهر رمضان؛ فإلى أيّ مدى يمكن القول بأنّها محطّة من المحطّات الّتي تنظم علاقة المسلمين فيما بينهم، وتربطهم بقضايا الأمّة؟
ج: يوم القدس العالمي عبارة عن صرخة تَعبَويَّة فكريَّة حَوَّلها الإمام الخميني إلى هيكل نَاظِم لإعادة تكوين قضايا الأمَّة ومشروعاتِها الخارجيَّة باتّجاه القدس كعنوان لعدالة السماء ووحدة الأمّة .
وقد اختار الإمام الخميني "شهر رمضان" لِيُعلِنَ يوم القدس منبراً لهذه الصَّيحة السَّمَاويَّة، لأنَّه شهرُ أمَّةِ الله الواحدة، فضلاً عن كونِهِ شهر مناهضة الظُّلم والإستبداد، وعنوان انتصار بَدر ووحدة "سيف الحقّ, بِوجه الطّغاة والفراعنة ببعد النَّظر عن هويّتهم الإلحاديَّة أو الأطلسيَّة..بخلفيَّة أنَّ الإنتصار للهِ يَفتَرِضُ وحدة السّيف بوجهِ الفراعنة الذين حوَّلوا قبَّة السماء التي استودعها اللهُ في القدس إلى مركز لتكوين الطغيان العالمي والإقليمي، ونسف بقيَّة صوت السَّماء مِن بلاد المسلمين، ولو عبر اختراق بلاد الإسلام مِن الدَّاخل.
وبذلك كرَّسَ "الإمام الخميني" يوم القدس كعنوان لوحدة قضايا الأمَّة الخارجيَّة، وأساس لمشروع الإنتصار على الإستكبار الذي يَعتَاشُ على الفرقة والجثث والخلافات البينيَّة بين أهل الإسلام. فضلاً عن لفت الأمَّة إلى ضرورة وحدتها الدَّاخليَّة، والمساهمة بإعادة تأسيس خطابها الوحدوي بما يوافق ميزان الله.
أراد الإمام الخميني مِن "يوم القدس" أن يَتَحَوَّل منبراً لحشد الطَّاقَات والألوان الفكريَّة والسياسيَّة والمذهبيَّة وراء قول الله: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
وقد استطاع أن يُحَوِّل يوم القدس إلى منبر وحدوي بخلفيَّةٍ أخلاقيَّة، ومنطق إنساني، وبنية تَعبَويَّة تتّفق مع غاية السّماء التي أكَّدت حقيقة القدس مِن عنوان مسيرتِها، وبذلك تحوَّلَ يوم القُدُس إلى كلمةٍ جَامِعَةٍ بِوجهِ الظُّلم العالمي، ومحرَّك فَاعِل في عمليَّة تكوين "فكرة الوحدة" كأساس للعقل الشَّعبي والدّيني والأخلاقي، فضلاً عَمَّا يُفْتَرَض أن يكون عليهِ المشروع السّياسي والميزان الخارجي لقضايا الأمَّة كأمَّة واحدة.
وها هو اليوم، يُكرِّس "قضيَّةَ القدس" كعنوان أخلاقي وفريضة سماويَّة لنصرة فلسطين والشّعوب المستضعفة، كجزءٍ مِن هويَّة الشّعوب والأنظمة وما يجب أن تكون عليهِ حال ُ المظلوميَّة في الأرض.
ولأنَّ العدوان على غزَّة اليوم يُشكّل "فَاحِصَ أمّتِنا" التي تَتَمَزَّقُهَا الفرقة والتّنازُع، فإنَّ يوم القدس يجب أن يتحوَّل إلى خطاب جامع يُؤكِّد حماية دمشق، وبغداد، وتكريس طَهرَان ومصر كأساس نهضَوِي في قضايا الأمَّة الدَّاخليَّة والخارجيَّة.
وبصراحة أكثر، حين انهارت "مصر عبد النَّاصر" تَحَوَّلَ البترودولار إلى عَدُوٍّ عنيد لوحدة الأمّة وخصم عنيف بوجه مشروعات التَّقريب.
لذا، فإنَّ حاجتنا لـ"طهران الخميني" بقيادة الإمام الخَامنئي، وشراكة مصر" بعقل عبد النَّاصر، هي الأساس المركزي للنهضة الجديدة التي يجب أن تُلاقي "يوم القدس" كظاهرة تَعبَويَّة ومشروع أمَّة، عَلَّنا نعيد بناء الأمَّة القرآنيَّة ذات المشروع العالمي الذي سيُطهِّر القُدس مِن دنس الصهيونيَّة، ويُكوِّنُ نظاماً إقليميَّاً دوليَّاً تكون أخلاقيّتُهُ ممسوكةً بروحِ السَّماء التي يَتَوَسَّمُها مفهوم الأمَّة القرآنيّة الواحدة.
مِن هنا، فإنَّنا ندعو إلى تكريس صوت الإمام الخميني كعنوان لثقافة تحرير القدس وبداية انتصار فلسطين, إلاَّ أنَّ هذا يحتاج إلى حماية دمشق، ونصرة بغداد، وكبح اليد الخبيثة للبترو دولار، وتكريس القاهرة كأساس وَازِن للعقل الدّيني المُقرِّب، والإستفادة مِن بركة وجود الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة كعنوان لرُشدِ الأمَّة ومركز عظمتِها الإقليميَّة والعالميَّة. وليس ذلك ببعيد, إن شاء الله تعالى.