لبنان والعالم الاسلامي ودع رائد الحوار والتجديد والتقريب
كما كان المرجع التنويري الكبير السيد محمد حسين فضل الله شخصية استثنائية مترامية الاطراف، عابرة للطوائف والمذاهب والحدود.. هكذا كانت رحلة الوداع الحاشدة التي ضاقت بها شوارع الضاحية الجنوبية أمس .
شارک :
وكالة انباء التقريب : كما كان المرجع التنويري الكبير السيد محمد حسين فضل الله شخصية استثنائية مترامية الاطراف، عابرة للطوائف والمذاهب والحدود.. هكذا كانت رحلة الوداع الحاشدة التي ضاقت بها شوارع الضاحية الجنوبية أمس . في مأتم مهيب، مبلل بالدمع والحزن، تواكبه مظاهر الحداد الوطني والإقفال العام، مضى العلامة السيد فضل الله الى مثواه الاخير، حيث دفن في صحن مسجد الإمامين الحسنين الذي كان يؤمه للصلاة وملاقاة الناس ورفع الصوت في وجه الظلم. لقد كان وداعا يليق بالراحل الكبير. وسط بحر من الناس، سار النعش مرفوعا على أيدي المحظوظين الذين تمكنوا من بلوغه، ومحاطا بمحبيه الكثر الذين تقاطروا من كل المناطق اللبنانية ومن دول عربية واسلامية. بصعوبة، وصل النعش الى مسجد الإمامين الحسنين، بعد انطلاقه من أمام منزل السيد فضل الله في حارة حريك سالكا للمرة الاخيرة دروب الضاحية الجنوبية التي ستفتقده كثيرا، ومتوقفا لبعض الوقت امام الامكنة التي تربطها به ذكريات حميمة، يمتزج فيها الجهادي بالوجداني. بدت الجموع الكثيفة كأنها تقاوم رحيل المرجع الكبير، مع تسليمها بقضاء الله. حاولت ان تؤخر قدر الامكان سفره الاخير. اهتز النعش أكثر من مرة، تحت وطأة الامواج البشرية وجراء التدافع للمسه، قبل ان يقرر المنظمون نقله إلى المسجد بواسطة سيارة إسعاف. لبنان كله ـ كما العالم العربي والاسلامي ـ كان حاضرا في وداع المرجع الاستثنائي. ابناء الطائفة الشيعية جاؤوا بكل ألوانهم وتمايزاتهم الى الموعد مع «السيد» بمعزل عن التباينات الفقهية والسياسية التي كانت قائمة بينه وبين بعضهم . المتدينون وغير المتدينين، المسلمون والمسيحيون، السنة والشيعة والدروز... جميعهم مشوا معا خلف النعش في خط سير واحد. كما شاركت في التشييع وفود من سوريا وإيران والامارات والاردن والعراق وفلسطين والسعودية والكويت والبحرين وغيرها، في تعبير عن مدى اتساع العمق الحيوي للحالة او المدرسة التي يمثلها السيد فضل الله. ومساء أمس، تلقى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله اتصال تعزية من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عبر خلاله عن مواساته ومشاعره متمنيا نقل تعازيه الى عائلة الراحل الكبير وأبناء الشعب اللبناني قاطبة، ورد نصر الله شاكرا أردوغان على اتصاله وتعزيته كما على مواقفه ومواقف الشعب التركي تجاه القضية الفلسطينية «التي أحيت الكثير من الآمال في العالمين العربي والاسلامي». بدوره، تلقى النائب وليد جنبلاط اتصال استفسار من أردوغان حول سبب قطع زيارته لتركيا فأجابه بأنه أراد المشاركة في تشييع فضل الله وقال له أردوغان «أنا اشاركك وأشارك كل الشعب اللبناني الحزن على هذا الرجل العظيم». واتفقا على لقاء لاحق، علما بأن جنبلاط انتقد خرق مؤسسات رسمية قرار الحداد الوطني وتنكيس الأعلام.
ومن ثم ورى الثرى في مثواه الاخير في قاعة الزهراء في المسجد بعد ان ام الصلاة على جثمانه الطاهر شقيقه السيد محمد علي فضل الله. تشييع اية الله فضل الله جرى وسط تلاوة آيات من الذكر الحكيم من المساجد وقرع اجراس كنيسة مار يوسف في حارة حريك . موكب التشييع سلك شارع الشهيد احمد قصير وسط نثر الارز والبكاء على فراقه، وصولاً الى محطته الاولى أمام مسجد الامام الرضا عليه السلام في بئر العبد، حيث تزامن مرور الجثمان مع عرض مقتظفات صوتية من خطب الراحل في المسجد ابان الثمانينيات. واكمل الموكب طريقه الى منطقة الصنوبرة حيث كانت اعنف محاولات الاغتيال التي تعرض لها السيد الراحل في العام خمسة وثمانين على ايدي المخابرات الاميركية واتباعها. هذا وقدم رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط واجب التعزية بالراحل الكبير اية الله السيد محمد حسين فضل الله في مسجد الامامين الحسنيين عليهما السلام على راس وفد ضم وزراء اللقاء الديمقراطي غازي العريضي اكرم شهيب ، وائل ابو فاعور، إضافة الى وفد كبير من المشايخ الموحدين الدروز. كما وتقاطرت وفود عربية واسلامية وأجنبية لتشييع الراحل الكبير الى مثواه الاخير ابرزها وفد ايراني تقدمه امين مجلس صيانة الدستور اية الله احمد جنتي وممثل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مسعود زريبافان كما حضر نجل امير قطر جوعان بن حمد آل ثاني ممثلاً أمير دولة قطر. كما شارك وفد عراقي كبير ضم وزراء ونوابا ورجال دين في تشييع آية الله فضل الله . وبالسورة المباركة الفاتحة والصلوات وقف الوفد الايراني الرفيع المشارك في تشييع الراحل الكبير امام جثمانه ، وفد تقدمه امين مجلس صيانة الدستور حجة الاسلام احمد جنتي ونائب الرئيس الايراني مسعود زريبافان اضافة الى اية الله التسخيري الامين العام للمجمع العالمي للتقريب والسفيرين الايرانيين في لبنان وسوريا. كما كانت مشاركة لافتة لوفد من وزارة الاوقاف السورية اضافة الى معزين من مختلف الدول العربية والاسلامية. و اعلنت سفارة الامارات العربية المتحدة في لبنان ان رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان اوفد وزير التعليم العالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، "لنقل تعازي رئيس الدولة وحكومة وشعب الامارات الى حكومة لبنان وشعب لبنان والى عائلة الراحل الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله". وفي سياق ذي صلة أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الحِدادَ الرسميَّ يوم (الثلاثاء)، على فقيدِ لبنانَ المغفور له سماحةُ العلامة السيد محمد حسين فضل الله،بحيثُ تُقفَلُ الاداراتُ والمؤسساتُ العامةُ والبلدياتُ وكذلك الجامعاتُ والمدارسُ الرسميةُ والخاصةُ كافةً في يومَ التشييعِ الرسميِّ للفقيدِ الكبير.كما نكست الاعلامُ على الاداراتِ والمؤسساتِ العامةِ والبلدياتِ لمدةِ ثلاثةٍ أيامٍ.وعدلت البرامجُ العاديةُ في محطاتِ الاذاعةِ والتلفزيون، بما يتوافَقُ مع هذهِ المناسبةِ الاليمة .