تحت شعار "سلمية لا تخريبية" توافدت حشود العراقيين نحو ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد مركز الاحتجاجات الشعبية التي تطالب بالاصلاحات ومحاربة الفساد.
توافد الحشود الذي يستمر لليوم الثاني على التوالي جاءت من مختلف مناطق بغداد وملئت ساحة التحرير والشوارع المجاورة مرددة شعاراتٍ مؤيدةً للمرجعية الدينية واخرى مناهضةً لاميركا والكيانِ الاسرائيلي وداعية الى سلمية التظاهرات وتفويت الفرصة على المخربين الذين يحاولون حرْفَ التظاهرات عن طريقِها المشروع .
مشاركة غفيرة من ابناء محافظات البلاد المختلفة شهدتها تظاهرات ساحة التحرير الداعمة للسلمية والمستنكرة لأعمال التخريب والفوضى.
و مما جاء في نصُ الخطابِ الجماهيريِ الذي أُلقي في ساحةِ التحريرِ ببغدادَ خلالَ المسيرةِ الموحدةِ للمتظاهرين السلميين في يومِ الجمعةِ ٦ / ١٢ / ٢٠١٩
بسم الله الرحمن الرحيم
من قلبِ وطنٍ ، لن يكبلَ بالسلاسلْ ..
من عاصمةِ عراقٍ ، يعيشُ قيامةَ الحقِ على الباطلْ ..
من بغدادَ التي ما كسرتها ، قرونٌ من الزلازلْ .
أيتها الجماهيرُ المحتشدةْ .. السلامُ على أصواتكمُ الهادرةْ .. وسواعدكمُ القادرةْ .. ورحمةُ اللهِ وبركاته .
بعدَ خمسةَ عشرَ شهراً من الآن ، تمرُ مائةُ سنةٍ على تأسيسِ الدولةِ الحديثةْ ، في أقدمِ حضاراتِ العالمْ ، العراقْ .
دولةٌ عُمِّدت بالدمْ .. وقامتْ على تضحياتِ الأجدادِ الشهداءِ ، في ثورةِ العشرينْ .
دولةٌ .. فرضتها إرادةُ الأمةِ العراقيةِ على المحتلِ البريطانيْ ، ليكونَ العراقيونَ أولَ شعبٍ عربيٍ ينتزعُ حكومتهُ الوطنيةَ من الغزاةْ .
ولكنَّ مئةَ سنةٍ مرتْ ، والعراقُ يكابدُ المحنةَ بعد المحنةْ ، ويودعُ الحلمَ بالتقدمَ بعدَ الحلمْ .
مئةُ سنةْ ، وأرضُنا التي حَباها اللهُ بالكنوزِ ، تئِنُ لفقرِ أبنائِها .. الذينَ يمشونَ على ظهرِها ، والخيرُ كلهُ تحتَ أقدامِهِمْ .
مئةُ سنةْ ، ونخلُ العراقِ يشيبُ جيلاً بعدَ جيلْ .. شاهداً على طموحِ الشبابْ ، الذي شابَ بينَ الصراعاتِ والأطماعْ ، والرقصِ على حبالِ العرقِ والقوميةِ و الطائفةِ .
مئةُ سنةْ ، منْ التدخلِ الخارجيْ ، والهيمنةِ الدوليةْ ، والانقلاباتِ والمؤامراتْ ، وقضمِ الحدودِ والثرواتْ ، وفسادِ الحاكمِ وقهرِ المحكومْ ، وكأنَّ الشعبَ سليبٌ غريبْ ، لاقرارِ لهُ في أرضهْ ، ولاسيادةَ لهُ على وطنه .
حتى غارَ الجرحُ وانثلم الترابْ .. بدخولِ أعتى تنظيمٍ إرهابيْ ، لايعرفُ غيرَ سلبِ الأرواحِ وانتهاكِ الأعراضْ ، ليهددَ ماتبقى من أملٍ لهذا البلدِ الوحيدِ في الميدانْ ، كوحدةِ الحسينْ ، لاناصرَ لهُ ولامعينَ إلا اللهْ .
ولكنهُ العراقْ .. ومهما تلبدتْ الغيومُ .. وازدحمتْ الخطوبْ ، يعودُ عيناً بعدَ عينْ ، وشمساً بين الخافقين ..
عراقٌ .. للهِ فيه وعدْ .. كبرياؤُهْ لنْ يُذلْ .. ومصنعُ رجالِهِ لنْ يُقفلْ .. وسيبقى شبابُهُ أسوداً في كلِ الميادينْ .. أعزاءَ أو شهداءْ .
سننتصرُ هذهِ المرةْ ، كما انتصَرنا في كلِ المراتْ .. مؤمنينَ بما قالهُ ضميرُ العراقْ ، في خطبةِ النصرُِ على داعشَ قبلَ سنتينْ ، ومنْ صحنِ الحسينْ (( إن المعركةَ ضدَّ الفسادِ ـ التي تأخرتْ طويلاً ـ لا تقلُّ ضراوةً عن معركةِ الارهابِ إنْ لمْ تكنْ أشدَ وأقسى، والعراقيونَ الشرفاءُ الذينَ استبسلوا في معركةِ الارهابِ قادرونَ ـ بعون اللهِ ـ على خوضِ غمارِ معركةِ الفسادِ والانتصارِ فيها أيضاً إنْ أحسنوا ادارتها بشكلٍ مهنيٍ وحازمْ ))
وها نحنُ بعد سنتينْ ، وها هوَ صوتُنا .. يعيدُ صدى سنواتٍ عجافْ ، من المطالباتِ بالإصلاحْ ، على مسمعٍ من الخضراءِ القاحلةْ .. وأحزابِ المحاصصةِ الباطلةْ ..
فباسمِ شهدائِنا الذينَ لم ولنْ ننساهم .. مادامَ للعراقِ علمٌ يرفرفْ .
باسمِ أنينِ الأمهاتِ الفاقداتْ .. والزوجاتِ الصابراتْ ..
باسمِ أيتامِ اليومْ .. وقادةِ الغدْ ..
باسمِ الشابِّ الذي يبحثُ عن فرصةِ حياةٍ كريمةْ ..
باسمِ الابِ والأمِ الخائفينَ على مستقبلِ أولادهمْ ..
باسمِ الشهاداتِ العليا ، والطاقاتِ المعطلة ..
باسمِ كل موظفٍ نزيهْ ، و موجُ المالِ الحرامِ يتلاطمُ من حولهْ ..
باسمِ أسودنا الرابضينَ على أكتافِ السواترْ ..
باسمِ طلبتنا الساهرينَ لأجلِ التفوقُ والنجاحْ ..
باسمِ عشائِرنا وغيرَتها وأصالتِها
نناديكمْ يا ساسةَ العراقْ ، يا أصحابَ الامتيازاتِ الخاصةْ ، والبروجِ العاجيةْ ، إستيقظوا فقد لاحَ الفجرْ ، وافهموا كيفَ يسيرُ القَدَرْ ، هذهِ الجماهيرُ ليستْ فورةَ ساعةٍ لتقنعوها بفُتاتٍ من التعييناتْ ، ولا سحابةَ صيفٍ تتجاوزونَها بحفنةٍ من التعديلاتْ .
إنهُ السيلُ ، فلا تعترضوهْ ، ولا تراهنوا على المندسِ الذي يشوهُ تظاهراتِنا السلمية ، ولا المخربِ الذي يشوشُ مطالبَنا الأساسية ، ولا الجاهلِ الذي يعادي قواتِنا الأمنية ..
لاتنتظروا مللَ الجماهيرْ ، فالمطالبُ أصبحتْ عقيدةْ ، والعقيدةُ لاتقتلع ُولاتموتْ .
قالَ العراقُ كلمتهْ ، ولنْ يعودَ مابعدَ الاحتجاجاتِ كما كانَ قبلها في كلِ الأحوالْ ، ومهما كانَ الظرفُ والمآلْ .
واهمونْ ، إنْ ظننتمْ المندسَ سيمزقُ صفوفَنا !
واهمونْ ، إن حسبتمْ دخانَ الحرائقِ سيُعمي أبصارَنا
لقدْ بُحَّتْ الأصواتْ ، وأُغلِقتْ الأبوابْ في وجوهِكمْ قبلَ سنواتْ ، ولكنكمْ في سكرةِ السلطةْ ، لاترونَ الحقيقةْ ،
فلمْ يعدْ أمامَنا سوى تطويرِ أساليبِنا الاحتجاجيةْ ، والاستمرارِ حتى الحصولِ على حقوقنا كاملةً غيرَ منقوصة ، وبقوة السلمية .
لاتصنعوا لمشهدِ اليومِ مبرراتٍ من التسويفِ والمماطلةْ ..
لأننا سنكونُ دوماً ، الوجهَ الآخرَ.
للمشهدْ ، ولن نسمحَ بمصادرةِ الوطنْ .
ها نحنُ اليومْ ، بقوةِ الجماهيرِ العراقيةْ ، وإرادتِها الحرةِ الأبيةْ نطالبُ بمحاسبةِ الفاسدينَ والقتلةْ ، نطالبُ بحفظِ مكانةِ العراقِ التي تليقُ بهِ حراً متنعماً بثرواتهِ وسيادتهِ ومؤسساتهِ الدستورية .
ومنْ أولِ أولوياتِ مطالبِنا ، الإسراعُ بتشريعِ قانونينِ أساسيينْ ، لاتحَقُقَ للإصلاحِ إلا بهما :
الأولْ : قانونُ إنتخاباتٍ ينصفُ الكفاءاتِ المحرومةَ من خدمةِ بلدها ، قانونٌ يجعلُ المسؤولَ مديناً للجمهورِ الذي اختارهُ فيعملُ لخِدمتِهْ .
قانون لايصعدُ فيه أحدٌ على أكتافِ الآخر ، من خلالِ التمثيلِ النسبي .
أنه الخزيُ بعينِهْ ، أن تسيلَ دماءُ شعبِكُمْ بينما تفكرونَ بتقاسُمِ القانونِ معهُ نصفاً بنصفْ !
لانريدُ قانوناً يعيدُ نفسَ الوجوهِ مرةً بعدَ أخرى ، ويتيحُ لمن شغلوا مناصبَ سابقةً ( تشريعيةً أو تنفيذيةً أو قضائيةً أو أمنيةْ ) أن يعودوا من جديدْ ، والمجربُ لايجربْ .
لانريدُ قانوناً يجعلُ للمسؤولِ قدماً في المنصبْ ، وقدماً في قائمةِ المرشحينْ ، فلا هو في إدارةِ منصبِهْ ، ولا هوَ في إدارةِ حملتِهْ .
لانريدُ قانوناً يسمحُ بترشحِ مزدوجيِ الجنسيةْ ، فإنَّ أحقَ الناسِ أنْ يكونَ ربانَ السفينةِ ، منْ لايفكرُ بتركِها إذا هاجَ بها البحرْ .
الثاني : قانون المفوضية الذي تم إقراره مساء يوم الخميس .
نريدها مفوضيةً لامكانَ للأحزابِ ومحاصصاتِها في إدارةِ شؤونِها
مفوضيةٌ لايباعُ مجلسُ مفوضيها في مزادِ الصفقاتْ ، ولاتتاجرُ بأصواتِ الشعبْ ،
مفوضيةٌ تؤمنُ أنَّ حقَ الإختيارِ هو أقدسُ ما وهبهُ اللهُ للإنسانْ .
ياكبارَ الساسةِ والمسؤولينْ ، ان سنةَ اللهِ فينا ، أنَّ القلبَ مادامَ ينبضُ ، فالدماءُ تدورُ وتُجددْ ، وقلبُ العراقِ لازالَ نابضاً بالطاقاتْ ، ولابدْ أنْ تتجددَ الدماءُ ، وإلا ماتَ كلُ شيئ .
فلا تكابروا شعبَكُم ، ونفذوا مطالبهُ قبلَ فواتِ الأوانْ . حيث لايبقى مايمكنُ تداركُهْ .
حفظَ اللهُ العراقَ وشعبهُ من كل سوءْ ، وأعادَ عليه ذكراهُ المئويةَ وهوَ ينعمُ بالرفاهْ ، والهيبةِ في محيطهِ الإقليميِ والدوليْ .
وفي الختامْ ، نوجهُ كلمتنا الى ضمير العراق الذي كان أباً عطوفاً لكل العراقيين.
شكراً لكْ .. لأنكَ ساندت التظاهرات ، و رفضتَ القولَ أننا عاجزونْ ، وبقيتَ مع هذا الشعب رغمَ كل الجراحْ ، تعِدُنا بالنصرِ في كلِ مواجهة ، ولازلتَ شعلةً لمعنوياتِنا .
شكراً لكْ ..
لأنَّ قلبكَ الكبيرْ ، تحملَ جبالاً من الإساءاتِ والإشاعاتِ المغرضةْ ، ولم تردَ عليها يوماً ، ولم تكسرْ كرامةَ أحدٍ مهما قالَ أو فعلْ ، لتكون رسالتُكَ لنا ( ها أنا أتحملُ وأعفو ، فتحملُوا بعضكمْ ولاتنازعُوا فيضيعَ بلدُكمْ )
شكراً لكْ ..
لأنكَ جمعتَنا ، ولمْ تفرقْ بين طائفةٍ وأخرى ، وقوميةٍ وأخرى ، وشعرتَ بمعاناةِ الجميعْ ، يومَ كنا بأمسِ الحاجةِ لشعورِ الأبِ ، الذي يجمعُنا كعراقيينْ ، ونشعرُ بالأمانِ في وجودِهْ .
ستبقى معلماً وملهماً في قلوبِ كلِ العراقيينْ ، وصفحةً مشرقةً من تاريخِ العراقِ ، مصنعِ العظماءْ .
أجددُ الشكرَ بسمِ الإخوةِ المجتمعينَ من كافةِ المحافظاتْ ، لأهلنا الأعزاءْ ، في بغدادْ ، على حسنِ الاستقبالِ والضيافةْ ، ونقبلُ أياديكمْ فرداً فرداً لما بذلتموهُ من جهودْ ، وصبرٍ وثباتٍ في ساحة التحريرْ . وكلنا أملٌ أنْ يلتئمَ شملُنا هذا مرةً أخرى ، وقدْ طلعَ فجرُ العدلِ في ربوعِ العراقْ العزيزْ .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
اللجنةُ المنظمةُ لمسيرة العراقِ الموحدةْ تحتَ شعارْ
#سلميه_لاتخريبيه
/110