على مشارف ذكرى المولد النبوي الشريف اخضرت مدن الأنصار كما اخضرّت قلوبهم، استبشارًا بقدوم ميلاده (ص). لا تخلو حارة، ولا بقالة، ولا عربية بائع متجول، من زينة الاحتفال بالمولد النبوي.
شارک :
سراء جمال الشهاري
على مشارف ذكرى المولد النبوي الشريف اخضرت مدن الأنصار كما اخضرّت قلوبهم، استبشارًا بقدوم ميلاده (ص). لا تخلو حارة، ولا بقالة، ولا عربية بائع متجول، من زينة الاحتفال بالمولد النبوي.
صنعاء أسرجت صباحها بذكره ومهرجانات الاحتفال بمولده، وأشرقت ليلها بزينته الخضراء وأشرطة الأضواء التي علقها كل يمني عاشقٍ متيّم.
يشير مدير عام مكتب الإرشاد بأمانة العاصمة الدكتور قيس الطل في حديثٍ خاصٍ بموقع "العهد" الإخباري إلى زخم الاحتفالات التحضيرية للمناسبة المركزية: "الأنشطة والفعاليات كثيرة جدًا ومتنوعة، وتبدأ من الصباح الباكر، اضافة الى الفعاليات الثقافية التربوية في جميع المدارس، والمكاتب الحكومية".
وفي فترة العصر يأتي دور المجالس المجتمعية باحتفالات حاشدة، في المجالس والصالات وأماكن التجمعات. أما في المساجد فهنالك الخطب والخواطر والمحاضرات والندوات والدروس اليومية في السيرة النبوية.
وتأتي الفترة الليلية لتحيي الحارات الأمسيات الثقافية وتوزع الهدايا للأطفال.
وتتنوع البرامج بين الثقافية والأدبية، والمسرح والشعر والإنشاد، وكذا الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين والموائد الخيرية، وغيرها الكثير والكثير من البرامج التحضيرية للفعالية الختامية، التي تكون على شكل مسيرات مليونية، تتوج بخطاب للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
محمدٌ(ص) والأنصار
وفي أوج الفرح والاحتفال الأنصاري يتساءل متأمل هل مثل اليمانيين عشقًا وشوقًا وفرحًا بنبيهم؟ أو يقول قائل هل في العالم مهرجان يحييه مستضعفون بكل سخاء، وينفق فيه المجوّعون حصارًا لقمة عيشهم، كي يستبدلوها بإنارةٍ خضراء ليلية أو مناديل زينةٍ قماشية؟!
في بلد الأنصار أيضًا سمة يمانيةٌ خاصة للاحتفال النبوي تسمى المولد، وهو برنامج إنشادي تسرد فيه سيرة النبي محمدٍ(ص) منذ ولادته، وتعلو فيه الصلوات، ويطيب فيه ذكر رسول الله(ص).
ويعتبر اليمانيون هذا النوع من الاحتفال - المولد- قربة إلى الله، ينذرون نذرهم بإقامته لطلب حوائجهم أو شفاء مرضاهم من الله سبحانه.
في شهر ربيع الأول تصبح أعداد الموالد الشعبية بالملايين، ناهيك عن إحيائها الجمعي اليومي في كافة المساجد، تقربًا للنبي الأكرم محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
يلفت الدكتور قيس الطل إلى علاقة اليمانيين برسول الله: يحيي شعبنا اليمني المؤمن العديد من المناسبات الدينية المرتبطة بالهوية الإيمانية وأعلام الهدى، ولكن تعتبر مناسبة المولد النبوي الشريف، أقدس وأعظم المناسبات على الإطلاق. وهناك علاقة خاصة جدًا بين شعبنا اليمني وبين رسول الله (ص).
هي علاقة سطّرتها كتب التاريخ، منذ أول شهيد وأول شهيدة في الإسلام من أسرة عمار بن ياسر اليماني، ومنذ بيعتي العقبة الأولى والثانية، ومنذ استقبال الأنصار النبي(ص) في المدينة المنورة بـ"طلع البدر علينا.. من ثنيات الوداع"، ومنذ معارك الأوس والخزرج تحت راية رسول الله(ص).
ولذلك فما إن يقترب المولد النبوي الشريف حتى ترى شغل اليمانيين الشاغل هو ضرورة التحضير لهذه المناسبة، وإظهار البهجة والسرور، والتزيين للبيوت والمساجد والمؤسسات الحكومية، وكل هذا لإبراز التعظيم لرسول الله والتقديس له والفرح بمولده.
كذلك يهتم شعبنا اليمني المؤمن بإحياء هذه المناسبة العظيمة؛ لتكون مناسبة للعودة إلى الرسالة والرسول(ص)، والعودة إلى أخلاقه وجهاده وعزته وكرامته، خاصةً ونحن نواجه طواغيت الأرض، أمريكا و"إسرائيل"، وصهاينة العرب من الأنظمة العربية العميلة.
شعب اليمن لمس فعلاً بركات العودة الصادقة إلى رسول الله، والالتزام بمنهجه وإظهار تعظيمه وتقديسه، من خلال هذه المناسبة العظيمة. فقد عايَن بركات تفوق الخيال، ورأى العالم كله صمود شعب اليمن أمام العدوان الأمريكي السعودي لأكثر من سبع سنوات وإلى الآن، وقد شاهد العالم كله تلك العروض العسكرية العظيمة للجيش اليمني، والصناعات العسكرية اليمنية.
كذلك يحيي اليمن هذه المناسبة العظيمة، ليعيد أبناءه وشبابه إلى رسول الله، كأعظم قائد وقدوة لهم جميعًا. وهذا يحميهم ويحصنهم من الحرب الناعمة، والاستهداف اليهودي لهم، من خلال تقديم القدوات السيئة المنحطة.
يمن الإيمان.. ونفير الفرح
بعد انقضاء عدة الهدنة المخروقة منذ أيامها الأولى، والشعب مع قيادته على أتم الجهوزية والاستعداد للقادم مهما كان شكله، وهم اليوم أكثر استنفارًا وأعظم اشتياقًا لإحياء مولد خاتم النبيين وسيد المرسلين، لنصرته وتعظيمه وتوقيره(ص).
وبين تأرجح الأحداث وترقب الحسم واتخاذ القرار، انتظمت لجان الحفل النبوي، وتراصت صفوفها كأنهم بنيان مرصوص، وبلغ عدد العاملين في الساحة الآلاف، والغاية هي الاحتفال بنبي الرحمة.
يذكر مدير عام مكتب الإرشاد بأمانة العاصمة لموقع "العهد" الإخباري أن "اليمانيين بباذخ اهتمامهم بهذه الذكرى، يحاولون لفت أنظار المسلمين في العالم، إلى أهمية العودة إلى رسول الله (ص)، من خلال إحياء هذه المناسبة العظيمة؛ لأنه لا فلاح ولا نصر ولا عزة ولا كرامة لهذه الأمة، إلا بالعودة الصادقة العملية إلى الرسول والرسالة.
ويتابع "يوصل اليمنيون بهذا الاحتفال رسالتهم إلى الأمة الإسلامية التي تعاني من الفرقة المذهبية و الحزبية، أن محمدا رسول الله يجمعنا ويوحدنا، فربنا واحد، ونبينا واحد، وكتابنا واحد، وقبلتنا واحدة، وعدونا لا بد أن يكون واحدًا، وبهذا تكون أمتنا أمة واحدة".
ومدير عام مكتب الإرشاد بأمانة العاصمة "يبلغ اليمنيون أعداء الأمة وأعداء رسول الله أن جيش محمدٍ قد عاد فعلاً من جديد، وليس كما يقول البعض سوف يعود؛ ولذلك فنحن نؤكد للعدو الصهيوني أن تلك الحشود الهائلة التي ستخرج يوم المولد النبوي الشريف، ليست حشودًا للاستعراض، بل جيوش لتحرير الأقصى والمقدسات، وإذا كان البعض يراه بعيدًا فنحن نراه كما قال قائدنا قريبًا جدًا".