تاريخ النشر2012 1 August ساعة 20:20
رقم : 97181
غوبا لـ"تنا" حب الله و رغبة الوصول اليه هو ما حثني على البحث

رحلة البحث عن الحقيقة: بريتا ايتيان غوبا

خاص "تنا" - مكتب بيروت
كانت تترد على مسامع بريتا خلال نشأتها عبارة "اليهود شعب الله المختار" و كانت تلك الكلمات تستفذ مشاعرها، فقد رأت انه من غير العدل ان يكون لله شعب يفضله عن باقي الشعوب و رأت بذلك تعارض مع مفهوم العدالة الإلهية.
رحلة البحث عن الحقيقة: بريتا ايتيان غوبا
رحلة البحث عن الحقيقة، هي رحلة مفروضة على كل انسان لمعرفة الصراط المستقيم، علّه بذلك يصل الى جنان الخلد. فالله خلق البشر ليعبدوه حتى يرتقوا بعبادته الى كمال الإنسانية و يذوبوا في الأنوار الربانية.
فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز "يهدي الله من يشاء بغير حساب" ومن نعمه علينا ان نهتدي بفضله الى الاسلام حتى نخرج من الظلام الى النور و هذه البركات و الفرص لا بد للانسان ان يستغلها للوصول الى دار الخلاص. و الهداية هو باب من ابواب الرحمة الالهية اللامنتاهية فهنيئا لمن يدخل هذا الباب. 

نفحة ربانية الهمت بريتا ذات ليلة و كان من نتاجها كفاح دام خمس سنوات في رحلة البحث عن الحقيقة، تعرفت من خلالها الى الله و الى كتابه و رسله و ايقنت ان الاسلام المحمدي الأصيل سرّ و جودها و ضمان الفوز بالجنة. كيف تعرفت بريتا على الإسلام؟ ما الذي أقنعها بإعتناقه؟ وكالة أنباء التقریب تكشف قصّة بريتا السويسرية.

نبذة عن حياتها:
ولدت بريتا ايتيان غوبا في ١٠ آذار/مارس ١٩٦٤،في سويسرا و تربت في كنف اسرة مسيحية بروتستانتية، جدها قس في الكنيسة ووالدها احد افراد الكنيسة الدائمين. 

حظيت بريتا بتربية دينية محافظة، و كانت تدرس تعاليم الدين منذ الصغر في الكنيسة. كانت تترد على مسامع بريتا خلال نشأتها عبارة "اليهود شعب الله المختار" و كانت تلك الكلمات تستفذ مشاعرها، فقد رأت انه من غير العدل ان يكون لله شعب يفضله عن باقي الشعوب و رأت بذلك تعارض مع مفهوم العدالة الإلهية. فكانت كلما حاولت بريتا ان تبدي امتعاضها من تلك العبارة او ان تطلب تفسيراً لها كان تجابه بالصدّ. فالمجتمع الذي تربت فيه مؤيد للصهيونية ويعتبر ان لليهود الحق باستباحة
فلسطين كونها حسب قناعاتهم "ارض المعاد". 

النزعة الثورية لدى بريتا بانت منذ صغرها، فكانت فتاة لا ترضى بالاستسلام و اكثر ما كان يزعجها، الاجابات اللامنطقية، و كانت في اغلب مناقشاتها الدينية تصل الى حائط مسدود و يقال لها "ليس المطلوب ان تفهمي بل المطلوب ان تؤمني"، "الايمان بالقلب لا بالعقل". 

التعرف الى الإسلام:
عام ١٩٨٠، كانت بريتا في سن السادسة عشر، و كانت كعادتها ترتاد الكنيسة لتأخذ الدروس الدينية. سمعت من استاذ التيولوجيا (علم الإلهيات ) ولاول مرة مقدمة عن الدين الاسلامي شرح من خلالها الاستاذ الاسلام من المنظور الغربي. تطرق الاستاذ خلال الشرح الى مسائل عدة كالتوحيد و القرآن الكريم. أثار موضوع الاسلام اهتمام بريتا و تحديدا التوحيد و القرآن كونه كتاب منزل لم يمسسه بشر، ورأت في ذلك الكتاب خصوصية كبرى حيث ان الانجيل الذي كان يدرّس له ٢٣ نسخة مختلفة اختير من بينهم ٤ نسخ. 

بدأت بريتا تستفسر اكثر عن الاسلام و القرآن بمساعدة استاذ التيولوجيا. اول خطواتها كانت القراءة فاهتمت بكتب المستشرقين الذين تحدثوا عن الاسلام منهم كتاب "الانجيل و القرآن و العلم" للكاتب الفرنسي موريس بوكاي حيث قام الكاتب بمقارنة الإنجيل و القرآن و تبيان الفوارق بينهما . وعند هذه اللحظة اجتاحت بريتا موجة من الاسئلة. فتوجهت بريتا مرة اخرى الى استاذها و"كان رجلاً منفتحاً منصفاً و معجب بذكائها و فطنتها، فاستعان الاخير بخبراء في علم اليتيولوجيا". 

قراءة القرآن: 
بعد ما اثار الاسلام فضولها و شعرت بالحاجة الى المعرفة قررت ان تكمل بريتا رحلة بحثها، فشرعت الى قراءة القرآن (النسخة المترجمة الى اللغة الفرنسية), علها تفهم ماهية هذا الدين و السر الذي يكمن في القرآن الكريم حتى يصان و يحفظ من تلاعب البشر و تحريفهم ، ورأت في ذلك نعمة ربانية. 

قرأت بريتا القرآن وقارنت الكتاب السماوي مع ما ينص عليه دينها و جمعت عدد كبير من الاسئلة حول الكثير من المواضيع التي يتناولها، بعدها توجهت نحو دكتور تونسي في علم التييولوجيا و كان هذا العالم ملما بالانجيل و القرآن و حافظاً لهما، مما مكنه عن الاجابة عن كافة اسئلتها دون تردد بالإستناد الى آيات القرآن الكريم. 
ذهلت بريتا و ايقنت عندها ان القرآن هو حقا كلام الله المنزّل،كما
تروي لوكالة أنباء التقریب "تنا" فهو "خازن المعارف و العلوم وفيه الاجابات الشافية و الوافية عن كل تساؤلاتها بالرغم من تنوع و عمق المواضيع". انهت بريتا اول سنتين لها في رحلة البحث عن الحقيقة و هي تدرك ان الرحلة لم تنته بعد، بعدما آمنت ان القرآن كتاب الله كان لا بد لها ان تتعرف على تعاليم الدين و تفهم حقوق و واجبات المسلمين و الاهم بالنسبة لها دور المرأة و مكانتها في الاسلام.

القرآن منبع السنن:
ما جعل بريتا تواصل بحثها هو قدرة القرآن على الاجابة عن كافة تساؤلاتها مهما اشتدت صعوبتها و هذا ما كانت تفتقده بمجتمعها، و ايقنت ان الاسلام يستند الى العقل و المنطق لترسيخ الايمان و انه لا بد من المرور بالعقل للوصول الى القلب. كانت بريتا مدركة ان الله يخاطب الانسان بعقله، فالانسان يتميّز عن سائر المخلوقات بالعقل. يضاف الى شمولية القرآن و منطق البيان، بساطة التعبير مع كل ماتحمله الآيات من مضامين و مفاهيم، و رأت بريتا ان الله يكلم عبده من خلال القرآن فلا بد ان يكون الكلام واضحا و مفهوما للجميع الى حدّ ما، و تقول بهذا الخصوص " بساطة القرآن و جمال تعبيره يجعل التواصل مع الله تواصلا مباشرا و متاحا للجميع".

اعتناقها للإسلام:
كانت بريتا و خلال رحلة البحث عن الاسلام تسافر باستمرار الى العاصمة الفرنسية باريس حيث المركز الاسلامي، لتتعرف اكثر على المسلمين كل ليلة الجمعة لتختلط بهم و تراقبهم عن كثب. و عند بلوغها الواحد والعشرين من العمر استقرّت في باريس و تزوجت من رجل لبناني الاصل.

ذات ليلة و حين كانت تتوجه نحو المركز توقفت قليلاً و شعرت بسكينة تملأ قلبها وبسرور داخلي عجزت عن وصفه، كانت اللحظة قد حانت لتعبر الجسر نحو برّ الامان، لحظة اشهارها لإسلامها . فأحسّت بنفسها جاهزة لتكون امرأة مسلمة، و ادركت انها تمشي خطوتها الاخيرة في رحلة البحث عن الحقيقة. وعند وصولها الى المركز اشهرت اسلامها و نطقت بالشهادتين، فتحول المركز في تلك الليلة الى عرس اسلامي وشعر كل من كان حاضرا بالسعادة لانضمام مسلمة الى طريق الهدى. وخرجت بريتا تلك الليلة من المركز مرتدية للحجاب
الاسلامي و اصرت بان تبدأ بالصلاة منذ ذاك الوقت. 

وصفت بريتا ذلك الحدث بكونه "خطوة منطقية و طبيعية بعد سلسلة الخطوات التي قامت بها للتعرف الى الدين، وقالت:" كنت اقتنع من خلال كل خطوة منها ان الاسلام هو الرسالة السماوية الحقة وهو الدين الحنيف آخر الاديان السماوية وان القرآن كتاب الله و علينا اتباعه..."

مكانة المرأة في الاسلام:
مكانة المرأة في الاسلام، دورها و اهميتها من المواضيع المهمة بالنسبة لبريتا فقد ارادت ان تعرف كيف ينظر الاسلام الى المرأة و ماهي حقوقها و واجباتها. فأجرت بحثاً معمقاً حول هذا الموضوع بالإستناد الى آيات القرآن والكتب. وخلال بحثها وصفت بريتا الممارسات الدينية الاسلامية بالـ"منطقية كالحجاب و الصلاة و الصوم و غيرهم خاصة انها تنحدر من عائلة متدينة تعطي اهمية كبرى للصلاة و الصوم"... 

كما خلصت بريتا بأن الاسلام يعطي اهمية كبرى للمرأة و يمنحها كامل حقوقها، يصونها، و يحترمها. فهي جزء فعّال من المجتمع و الاسلام يحثها على التعلم و المعرفة و يعطي دورها كأم و زوجة ...

حياتها العملية:
حب الله و رغبة الوصول اليه هو ما حث بريتا على اكمال مسيرتها التي دامت خمس سنوات من البحث المستمر للوصول الى قناعة راسخة تساعد من خلالها على تربية الاجيال الصالحة، فقد اعتمدت بريتا على التعليم كمهنة تنشر من خلالها تعاليم الاسلام و ثقافة التسامح و المحبة. بعد اعتناقها الدين الاسلامي كرّست الكثير من و قتها لخدمة الدين و مساعدة الفقراء.
تساند بريتا القضية الفلسطنية و تعتبر ان "الدولة الصهيونية" غاصبة للحق و الارض و عدوة المسلمين و الاحرار اجمعين. 

بريتا اليوم ، ام لثلاثة صبية و معلمة في مدرسة اسلامية، تعيش في لبنان منذ اكثر من عشرين عاما. حافظت على علاقة ودية مع اهلها مع انهم يعارضون الاسلام الاّ انهم يؤمنون بحرية المعتقد و اعطوها حرية الاختيار.
في نهاية اللقاء شددت بريتا على ان ما قامت به خلال السنوات الخمس من البحث المتواصل لفهم الدين، هي خطوات لا بد لكل انسان ان يقوم بها و ان كان مسلماً لمعرفة دينه حق المعرفة و للوصول الى القناعة الراسخة و السلام الداخلي.

س. الحسيني
https://taghribnews.com/vdchzznw.23nq6dt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز