تاريخ النشر2017 3 February ساعة 09:32
رقم : 258897

مشروع "المناطق الامنة"...خطة " لتقسيم سورية".

تنا-بيروت
ان من يدرس خريطة المناطق الامنة المزعومة ويراجع خريطة التقسيم التي سربتها المخابرات الأميركية في عهد اوباما او بالأصح سربها الصهاينة يومها يجد هناك شبه تطابق بين المشروعين. لكن تبدو خطة المناطق الامنة أكثر ذكاء واحتيالا من خطة التقسيم الصريح التي واجهت رفضا عنيفا في الميدان وفي السياسة.
مشروع "المناطق الامنة"...خطة " لتقسيم سورية".
العميد د. امين محمد حطيط
بدأت تتكشف اهداف ترامب الحقيقية في سورية انطلاقا من نيته بأنشاء مناطق امنة فيهابحجة إيواء المدنيين ومعالجة مشكلة النزوح والهجرة والتهجير في سورية المشكلة التي يقول ترامب بانها تؤرق العالم وتهدد الامن العالمي عامة والامن القومي الأميركي خاصة.وللمعالجة اتخذ ترامب قرارين يتصلان بالأمر الأول منع رعايا الدول التي تشهد اضطرابات ومواجهات مسلحة منعهم من السفر الى اميركا وأضاف إليهم إيران والثاني نيته بأنشاء المناطق الامنة في سورية واليمن والدول المجاورة.

لكن الأهم في خطة ترامب حول الناطق الامنة هو ما كشفته مصادر إسرائيلية عنها وهو امر يتطابق مع الهواجس القديمة الجديدة حول الخطة الأميركية ب والتي تقوم على أساس تقسيم سورية. فقد كشف مؤخرا بان ترامب لا يريد ارسال قوات برية الى سورية من اجل إقامة المناطق الامنة المزعومة بل انه يريد تكليف جهات محلية وإقليمية بالمهمة ويقدم الطيران الأميركي الدعم الجوي لها كما بقيم حظرا جويا فوق تلك المناطق.

اما في التفاصيل فان الخطة الأميركية – الإسرائيلية كما تسرب تقضي بأنشاء منطقه كردية امنة في الشمال الشرقي يولي امرها لقوات سورية الديمقراطية التابعة لأميركا و تمتد من منطقة الحسكة حتى الفرات و هي المنطقة التي يحلم الاكراد بإقامة كيانهم الذاتي فيها ،و المنطقة الثانية هي منطقة الشمال و تقع في شمالي حلب و تمتد من الحدود التركية الى مدينة الباب و بجبهة تصل الى 75 كلم و يولي امرها الى تركيا وهو بعض ما كانت تحلم به بعد سقوط مشروعها ، و المنطقة الثالثة هي المنطقة الجنوبية التي يولى الامر فيها للأردن ظاهرا و معها إسرائيل ضمنا و تكون مثابة منطقة امنية لإسرائيل تمتد من الجولان الى درعا فالسويداء اما المنطقة الرابعة فهي منطقة الساحل الى حمص و يولى امرها الى روسيا .

ان من يدرس خريطة المناطق الامنة المزعومة ويراجع خريطة التقسيم التي سربتها المخابرات الأميركية في عهد اوباما او بالأصح سربها الصهاينة يومها يجد هناك شبه تطابق بين المشروعين.  لكن تبدو خطة المناطق الامنة أكثر ذكاء واحتيالا من خطة التقسيم الصريح التي واجهت رفضا عنيفا في الميدان وفي السياسة. و تظن اميركا و الحقيقة تظن "إسرائيل" التي تتلاعب اليوم بترامب و بقراراته حتى بات أداة طيعة بيدها لا يتخذ قرارا الا ما يشير به عليه الصهاينة و اليهود الذين يحتلون المناصب الحساسة في إدارة ترامب ، يظنان– اميركا و إسرائيل- انه بالإمكان احتواء انتصارات سورية و الالتفاف عليها عبر تمرير خطة المناطق الامنة التي تمهد للتقسيم لان هذه الخطة تحفظ لكل من روسيا و تركيا و "إسرائيل" مصالحهم في سورية كما انها تدمر وحدة سورية ارضا و شعبا حيث انها تسلخ عن الدولة السورية المكون الكردي في الشمال الشرقي و المكون العلوي في الغرب الساحلي و المكون الدرزي في الجنوب و تعطي تركيا وجودا في الشمال قابلا للتمدد على المناطق المتبقية بعد ان تجرد سورية من دعم حلفائها  و يدير كل هذه المناطق حلفاء و أدوات لأميركا.

وامعانا في الامر وتحقيقا لأهداف إسرائيل واميركا نجد ان الخطة وفي أحد بنودها التي تسربت أيضا تقضي بعزل الحكومة السورية عن حلفائها في محور المقاومة عبر خروج كل من لا تقبل به القوة العسكرية المولجة بأمن المناطق الامنة برا وجوا وبالتالي تعني ببساطة خروج إيران وحزب الله والحلفاء الاخرون من خطهم السياسي، خروجهم من تلك المناطق (خاصة خروج المقاومة من منطقة الجنوب السوري لإراحة إسرائيل عبر إقامة منطقة امنية في الجولان معترف بها دوليا).

و لتمرير الخطة ،تظن اميركا ان بإمكانها رشوة روسيا بمنطقة نفوذ على الساحل السوري و الإقرار لها بمصالحها في كامل سورية و المنطقة بما في ذلك العراق من اجل تمرير قرار المناطق الامنة في مجلس الامن ، خاصة و ان عملا من هذه الطبيعية و الحجم لا يمكن ان يحصل الا بوجه من وجهين اما قرار من مجلس الامن يعطيه الشرعية الدولية ، او عمل عسكري تنفذه اميركا و حلفائها و يفرض المشروع بالقوة و يمنحه شرعية القوة و الغلبة  و طالما ان ترامب لا يريد او اقله حتى الان لا يريد اقحام جيشه في الميدان كما وعد فان السبيل الوحيد المفتوح امامه هو الاستحصال على قرار من مجلس لأمن الامر الذي يتطلب قبولا روسيا للتفلت من الفيتو فهل توافق روسيا ؟

لقد أعلنت روسيا بانها مستعدة لدرس الموضوع ولكنها اشترطت للموافقة عليه ان يتم التنسيق في تنفيذه مع الحكومة السورية، أي انها حتى الان تظهر التزاما بالموقف السوري،الموقف السوري جاء واضحا على لسان وزير الخارجية وليد المعلم عندما أعلن ان إقامة المناطق الامنة دون التنسيق مع الحكومة السورية له نتائج وخيمة ويعتبر خرقا للسيادة السورية، بمعنى ان سورية ترفض ان يتم أي عمل أجنبي على أراضيها الا بالتنسيق معها فأي تنسيق تريد سورية بالضبط؟

في البدء نقول ان المناطق الامنة الحقيقية والفعلية في سورية هي موجودة الان في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية وان السوريين لا يحتاجون الى مشاريع جديدة تؤدي الى المحافظة على حالة الحرب القائمة بل انهم بحاجة الى تطهير ارضهم من الإرهاب فيستعاد الامن والمعادلة واضحةوبكل دقةوتقول “ان الامن حيث الدولة والاخلال بالأمن لا يحصل الا على يد الإرهاب". فاذا كانت هناك نية بمعالجة جذرية لمشكلة النزوح فأنها تكون ببساطة بإعادة النازحين الى المناطق لتي تفرض الدولة الامن فيها وجل ما يطلب من "الغيارى" تهيئة الفرص وتقديم المساعدات المعيشية والإنسانية لهم بدل تقيم السلاح للإرهابيين الذين هجروهم.

 نقول هذا مع علمنا بان اميركا معها من قاد العدوان على سورية وأفسد امنها ليسوا بصدد تقديم خدمات للدولة السورية بشكل يعيد لها استقرارها ضمن وحدة الأرض والشعب،ولهذا جاؤوا بالخطة الشيطانية الخبيثة للتقسيم وتوزيع المغانم تحت عنوان مناطق امنة.

و لهذا ، و مع تأكيدنا على وجوب رفض مشروع المناطق الامنة لأنه طريق الى تقسيم يمهد له تقسيم فعلي ثابت بما يذكر بقرارات تقسيم فلسطين او تقسيم السودان او بالأمر الواقع في العراق ، فأننا نؤكد أيضا ان المشروع يستهدف محور المقاومة وجودا ودورا و فعالية في سورية و منها الى المنطقة و يمكن إسرائيل و اميركا من تحقيق بعض أهدافهما ضده ، مع معرفتنا و تأكيدنا لكل تلك المخاطر التي تدعو الى رفضه ، فأننا نرى ان الصيغة الوحيدة التي يمكن ان تقبل فيما خص تلك المناطق هو ان تكون أي منطقة بدارة و اشراف مباشر من الحكومة السورية و ان تتولى دول الجوار مهمة اقفال حدودها بوجه الإرهابيين و ان لا يوجد على الأرض السورية أي قوة عسكرية اجنبية من الجوار او الابعدين لا تعمل و بتعاون و تنسيق مباشر مع القيادة العسكرية السورية الشرعية .

اما روسيا فإنها مدعوة للتنبه لمخاطر الخطة الأميركية الخبيثة ومنع تمريرها في مجلس الامن حتى لا يصدر قرارا مقنعا بتقسيم سورية، كما اننا نرى بان محور المقاومة امام مرحلة جديدة من المواجهة إذا انه وبعد ان أسقط مشروع اسقاط سورية،وبعد ان أسقط مشروع التقسيم الصريح بعده، عليه ان يستعد لأسقاط مشروع التقسيم الخبيث المقنع الجديد،وان امر اسقاطه أسهل بكثير من السابق في ظل الإنجازات العسكرية الهائلة التي تحققت والتي تكللت في حلب،وفي ظل التشرذم الذي بات عليه معسكر العدوان.

اما خطة المواجهة الان فينبغي ان تكون مركبة في السياسة والميدان على حد سواء تبدأ برفض المناطق الامنة مهما كانت الضغوطات وتتوالى الى حشد المؤيدين لرفضها ثم تصل الى مواجهتها في الميدان والغلبة الاكيدة هي لمحور المقاومة الذي اثبت فعالية وقدرة على المواجهات القاسية والعنيفة مهما بلغت ضراوتها. فالمحور الذي قدم هذا الحجم من التضحيات وحقق تلك المكاسب لا يمكنه التفريط ابدا بما تحقق ولا يمكنه ابدا التفريط بدماء شهدائه والوقوع في الحيل الصهيونية الأميركية الخادعة.
 
 
https://taghribnews.com/vdci3varyt1awv2.scct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز