تاريخ النشر2017 6 June ساعة 16:15
رقم : 270582

جردة حساب مئة يوم من ولاية ترامب : أميركا إلى أين..؟

تنا-بيروت
انتھت فترة الأيام المئة الأولى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولم يحقق خلالھا الكثير من وعود حملته الانتخابية، علما أنه أكد مرارا قبل انتخابه وبعده أنھا ستكون حافلة بالإنجازات التاريخية داخليا وخارجيا.
جردة حساب مئة يوم من ولاية ترامب : أميركا إلى أين..؟
وعلى عكس وعوده فقد تميزت فترة الأيام المئة الأولى لترامب في البيت الابيض بالأزمات، والفوضى في عملية صنع القرار، والتعيينات المثيرة للجدل والاستغراب، والأوامر التنفيذية التي قوبلت بالمعارضة السياسية أو التعطيل القضائي، والاحتجاجات الشعبية، والمعارضة في الكونغرس لبعض طروحاته حتى من قادة الحزب الجمھوري.  
أضف إلى ذلك النكسات المحرجة التي مُني بها، ومنها:
-  القرار المفاجئ الذي اتخذه بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالية الـ"أف بي آي" جيمس كومي من منصبه، ما صدم الأوساط السياسية والقضائية في واشنطن، لأن كومي كان يشرف على التحقيق في احتمال ضلوع مقربين من ترامب ومسؤولين في حكومته بالتعاون مع روسيا للتأثير على الانتخابات الرئاسية، وسارع حقوقيون وبعض أعضاء الكونغرس الى مقارنة طرد ترامب لكومي بطرد الرئيس نيكسون للمحقق الخاص في فضيحة "ووترغيت" أرشيبالد كوكس، وھو القرار الذي عجل في إرغام نيكسون على الاستقالة عام 1974.
- عندما اضطر الى سحب مشروع قانون العناية الصحية الذي اقترحه لاستبدال قانون العناية الصحية الذي أصدره الرئيس السابق باراك أوباما والمعروف باسم "أوباماكير"، بعدما عارضته كتلة من النواب الجمھوريين المحافظين، كما أخفق في إقرار قانون جديد لخفض الضرائب، وغيرھا من الخطط والمقترحات الجذرية التي طرحھا خلال الحملة الانتخابية.
- عندما اضطر إلى سحب تمويل الجدار الذي وعد ببنائه على الحدود مع المكسيك، لتفادي أزمة الميزانية.
- عندما اضطر الى إقالة مستشاره لشؤون الأمن القومي الجنرال المتقاعد مايكل فلين.
- غير أن المرسوم الرئاسي الذي كانت له أوسع أصداء كان قرار حظر دخول رعايا دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، وقد جمده القضاء مرتين، وھو ما عدّه البعض أكبر انتكاسة لرئيس أميركي في التاريخ.
 
أما مواقفة المتقلبة في السياسة الأمريكية الخارجية فقد تجلت في:
- انتقاده حلف شمال الأطلسي قبل انتخابه معتبرا إياه منظمة عفا عليھا الزمن، لأنھا لا تقوم بمحاربة الإرھاب، ولكنه غيّر موقفه، خلال زيارة المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل مؤخراً، معتبرا إياه حلفا جيدا، معللا كلامه بأنه جديد في مجال السياسة، ولم يكن يعرف الكثير عن ھذه المنظمة.
- انتقاده للصين واتهامها  بأنھا تتلاعب  بالعملة، ثم تراجع قائلا:"عندما تتحدث عن خفض قيمة العملة، أظن أنھم أبطال العالم... ليسوا متلاعبين بالعملة"، ربما لأنه أدرك أنه لا يستطيع الضغط على كوريا الشمالية إلا من خلال الصين.
- عزز علاقاته مع  "الأوتوقراطيين" في المنطقة أمثال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي ھنأه الرئيس الأميركي بانتصاره الأخير في الاستفتاء (الذي يقول الخبراء إنه وضع تركيا على طريق التحول الى دولة سلطوية)، كما استقبل بحرارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من غير أن يثير معه علنا مسألة انتھاكات حقوق الإنسان في مصر.
- طلب من الرئيس السابق باراك أوباما البقاء خارج الحرب السورية، وفي خلال حملته الانتخابية تحدث عن محاربة تنظيم "داعش"، لا الحكومة السورية.."سوريا ليست مشكلتنا"، وبعد ذلك أمر بھجوم صاروخي على قاعدة الشعيرات.. وبالإجمال، بدا ترامب في أدائه الخارجي كأنه يريد إبلاغ العالم بأنه ليس أوباما، وكان ذلك جليا في أن الضربة الصاروخية على قاعدة جوية في سوريا نُفذت بسرعة وبلا تردد.
- وصف الاتفاق النووي مع إيران بأنه الأسوأ، وعدّه كارثة، حتى إنه لمّح إلى إلغائه، ولكن عاد وأشار الى أنه "من الصعب القول إننا سنمزق الاتفاق النووي، ولكن سأدقق في العقد كي لا يكون أمامھم فرصة... وسأعيد التفاوض مع إيران".
يقول مصد ر متابع لتطور العلاقة المتوترة بين أميركا وإيران والمنحى الجديد الذي سلكته بعد  "قمم الرياض"، "إن السياسة الرئيسية لإدارة ترامب نحو إيران ھي التصعيد اللفظي والسياسي والاقتصادي بھدف عزلھا"، فالاستراتيجية الأميركية لا تنطوي على اعتزام التصعيد عسكرياً ضد إيران في عقر دارھا، لكن الاستعدادات الأميركية تشمل  فقط  تسھيل التصدي لحلفاء إيران في سوريا والعراق، وربما لحزب الله في لبنان إذا برزت الحاجة، وھي لن تبرز إذا رجحت كفة التفاھمات مع طھران.
ومؤخراً ازداد الكلام عن ضربة عسكرية إسرائيلية ضد حزب الله لتدمير الصواريخ التي يمتلكھا، ويقول المسوّقون لھذه التوقعات أن في ذھن "إسرائيل" تدمير لبنان لأن مخابئ الصواريخ الإيرانية التي يملكھا حليف طھران في لبنان مخبأة تحت الأرض بصورة مذھلة.
ولكن محللين وخبراء يرون أن إدارة ترامب لا تدعم فكرة قيام "إسرائيل" بشن حرب على لبنان لتدمير حزب الله، وما تريده إدارة ترامب ھو ضمان حماية "إسرائيل" من خلال منع تواجد حزب الله أو أي تواجد إيراني في الجولان السوري.
في الختام، قطاع مھم في النخبة السياسية الأميركية خلص إلى أن تجربة دونالد ترامب في البيت الأبيض ليست حتى الآن ناجحة.. مظاھر الفشل واضحة، وأھمھا تراجعه عن التزامه قضايا كانت تحتل أھم محاور حملته الانتخابية.
تخضع إدارة ترامب اليوم في اميركا للكثير من النقد والمحاسبة في ما يتعلق بأدائھا خلال الأيام المئة الأولى التي مضت على توليه السلطة، وبخاصة مقارنة بالرؤساء الأميركيين السابقين.. فالتحديات الداخلية والدولية التي واجھت الإدارة الجديدة، واصطدامھا بالقضاء وبأجھزة الاستخبارات والكونغرس، فرضت إعادة حسابات وتغييرات داخل الفريق الرئاسي وصعود المعتدلين في مقابل إضعاف الخط المتشدد.
لكل ذلك.. الايام المئة القادمة قد تحمل لنا متغيرات أكبر.
 ​سركيس ابو زيد 
https://taghribnews.com/vdcdjz0xxyt05k6.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز