تاريخ النشر2012 24 July ساعة 15:59
رقم : 103146

عذراً.. بورما

تنا - خاص
أين نحن من قوله (ص) "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ؟.. وماذا كان رد فعلنا إزاء هذه المذابح البشعة؟.. وأين مؤسساتنا ومنظماتنا الإسلامية؟
عذراً.. بورما

يعيش مسلمو ميانمار (بورما) أو ما يطلق عليهم بأقلية "الروهينجا" في إقليم راخين (أراكان سابقاً) منذ عدة أسابيع مأساة حقيقية تفوق كل التصورات، في واحدة من أبشع المجازر التى أودت بحياة المئات من مسلمي هذا البلد بعد أن تعرضوا لشتى ألوان البطش والتعذيب على أيدي المتطرفين البوذيين والتي كشفت عنها مؤخراً صور انتشرت على نطاق واسع في الصحف والفضائيات وصفحات الشبكة العنكبوتية.

وعلى الرغم من بشاعة الموقف إلا أن ما يجري ليس الأول من نوعه فى تأريخ بورما، فالمسلمون الذين يقيمون فى إقليم "راخين" يتعرضون منذ عقود لألوان التعذيب والاضطهاد، وقد بدأت هذه الممارسات ضد الروهينجا في عهد الاستعمار البريطاني حيث قام البوذيون في عام ۱۹۳۸ بمساعدة من المستعمر البريطاني بارتكاب مجزرة راح ضحيتها نحو ۳۰ ألف مسلم. وفي عام ۱۹۴۲ ارتكبت واحدة من أبشع المذابح في إقيم أراكان قتل على أثرها أكثر من ۱۰۰ ألف مسلم بتحريض من البريطانيين الذين أمدوا البوذيين بالسلاح، وهو ما وثقته عدة تقارير من جهات مختلفة. كما ارتكبت عدة مجازر أخرى في عام ۱۹۶۲ وذلك حينما استولى الجيش على الحكم في البلاد.

واستمر البطش والتنكيل بمسلمي بورما على أيدي البوذيين والحكومات المتعاقبة في بورما، بما فيها عمليات التهجير الجماعي إلى بنجلادش وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية وإجراءات تعسفية أخرى يطول الحديث عنها. وفي الأول من شهر يونيو/حزيران الماضي، تعرض عشرة من دعاة المسلمين لمذبحة شنيعة قضوا نحبهم فيها بعد مهاجمتهم من قبل جماعة بوذية، ثم ما لبث البوذيون أن قاموا بإحراق منازل ومزارع المسلمين وقتلوا العشرات بالأسلحة النارية. وفي ۱۰ يوليو تم فرض حظر التجول على المناطق التي تقطنها الأقلية المسلمة، وبعدها قامت الجماعات البوذية بتعاون من رجال الشرطة والجيش وقوات حرس الحدود بحملة تطهير عرقي وديني راح ضحيتها الآلاف من المسلمين الأبرياء بين قتيل وجريح، كما قام البوذيون بإحراق أكثر من ثلاثة آلاف منزل من منازل المسلمين.

إن هذه المذابح قد ارتكبت والعالم الإسلامي في غفلة عنها، إلى أن نشر منها مؤخراً صور المشاهد المقشعرة للأبدان، ويظهر في بعض هذه الصور المروعة عمال تتساقط على رؤوسهم جثث محترقة لمسلمين قام البوذيون بإحراقهم بعد تعليقهم بالحبال، بالإضافة إلى صور لأطفال قتلوا بشكل جماعي وبصورة مفجعة.

فأين نحن من قوله (ص) "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ؟.. وماذا كان رد فعلنا إزاء هذه المذابح الشنيعة وصور الأجساد المشوهة والمتفحمة التي شاهدناها جميعاً؟.. وأين مؤسساتنا ومنظماتنا الإسلامية؟.. اللهم سوى بيانات صدرت على استحياء من هنا أو هناك كبيان منظمة التعاون الإسلامي الذي حرص على إدانة أعمال القمع بشدة، وبيان رابطة علماء المسلمين الذي أوصى المسلمين في بورما بالصبر مذكراً إياهم بأن البلاء سنّة ماضية عاقبتها النصر والتمكين!!

ولا أجدني مضطراً لأن أتساءل عن دور أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم المتحضر الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لمجرد ارتفاع بسيط في درجة حرارة قطة أوباما، ناهيك عن من يسير في ركبهم من الحكام العرب وشيوخ النفط الذين لا همّ لهم في الوقت الحاضر سوى نصرة "إخوانهم المظلومين" في سوريا والذين يعقدون لهذا الموضوع بالخصوص المؤتمرات والإجتماعات تلو الأخرى ويجندون وسائل إعلامهم ويوظفون أموال البترول لزعزعة الأوضاع وإثارة النزعات الطائفية والجهوية تنفيذاً لأجندات أسيادهم في المنطقة.

محمد النائيني

https://taghribnews.com/vdceex8zpjh87zi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز