وكالة انباء التقريب (تنا) : في حلقة جديدة من مسلسل الحرب على الإسلام في بلاد العم سام, صوتت الأغلبية في ولاية أوكلاهوما الأمريكية على استفتاء يحظر الشريعة الإسلامية، لتصبح بذلك أول ولاية أمريكية تُقدِم على هذا الحظر.
وقد جاء الاستفتاء ضمن حزمة من القوانين طرحها بعض النواب الجمهوريين بموازاة إجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلسيْ النواب والشيوخ، وهو ما فسره بعض المحللين بأنه دعاية انتخابية، تستهدف شريحة كبيرة من الناخبين الواقعين تحت تأثير موجة الإسلاموفوبيا السائدة في الولايات المتحدة، والتي أطلت برأسها بشكل أوضح بعد الإعلان من مقترح لبناء مسجد في نيويورك بالقرب من موقع أحداث ١١ سبتمبر, وهو ما تؤكده نسبة الـ٧٠ في المائة التي وافقت على الاستفتاء.
ومن المقرر فور التصديق على نتائج الاستفتاء، يوم ٩ نوفمبر القادم, أن يمتنع القضاة عن الأخذ بعين الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية في فض النزاعات القضائية أو عقود الزواج أو غيرها من الأمور المتعلقة بالمسلمين، والاعتماد فقط على قوانين الولاية والقانون الفيدرالي الأمريكي.
وردًا على هذا الاستفتاء، أقام فرع مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) في ولاية أوكلاهوما دعوى قضائية استندت إلى أن هذا الاستفتاء معادٍ للإسلام، ويمثل انتهاكًا للدستور الأمريكي.
وفي إطار سعيه للحصول على حكم تقييد مؤقت لمنع التصديق النهائي على التعديل من قبل مجلس ولاية أوكلاهوما, حذر محامي (كير) "منير عوض" من أن هذا الإجراء سيمثل اعتداءً على الحقوق الدستورية لمواطني ولاية أوكلاهوما, بما فيها الحق في ارتداء الحجاب وإجراء عقود الزواج أو مراسم الدفن وفقًا للمعتقدات الإسلامية.
وقال عوض: "إن مشروع القانون يُشكل انتهاكًا واضحًا للدستور الأمريكي تجاه المسلمين في الولايات المتحدة"، متوقعًا أن تقوم المحكمة الفيدرالية برفضه على اعتبار أنه "يتعارض مع الدستور الاتحادي", مؤكدًا أن طرح هذا التصويت في هذا الوقت يهدف إلى تحقيق مآرب انتخابية محضة؛ لجذب انتباه الناخبين وكسب دعمهم، وتضليلهم وتخويفهم من الإسلام.
وعبر منير عوض عن أسفه للتصويت على مشروع القانون الذي أكد أنه سيعمل على "عزل المسلمين وتهميشهم في المجتمع الأمريكي، ويقدمهم على أنهم يشكلون تهديدًا لنمط الحياة فيها".
وقد زعم الراعي الرئيس لهذا الإجراء, النائب ريكس دنكان أنه ليس لديه علم بسابقة في تاريخ الدولة الأمريكية استخدمت فيها تطبيق الشريعة الإسلامية, وقد صرح أنه دعم هذا الإجراء باعتباره "ضربة وقائية" قائلًا: "نحن لا نرغب في أن تصبح الشريعة هي المسيطرة". وكان دنكان قد اقترح في مارس ٢٠٠٩, تشريعات لحظر ظهور صور الحجاب في رخص القيادة وبطاقات الهوية, لكنها قوبلت بالرفض من قبل ولاية أوكلاهوما.
يشار إلى أن بعض داعمي حملة "اعمل من أجل أمريكا" قد أطلقوا "الحملة الإعلانية" في ولاية أوكلاهوما لدعم الإجراء المعادي للإسلام (حظر الشريعة الإسلامية), وقد شملت الحملة الإعلانية, البث الإذاعي ومقالات الرأي في الصحف الرسمية.
وقد أثار الاقتراح حفيظة الفقهاء الدستوريين، فهاجموا الإجراء بشدة؛ على اعتبار أن الطريقة التي سيتم التصديق بها على حظر قوانين دين معين يعد مخالفة للدستور الأمريكي, حيث قال ريك تيبكر من كلية الحقوق جامعة أوكلاهوما: "لقد انتاب الكثير منا, ممن يفهمون القانون, الدهشة, وأخذنا نضحك بدلًا من البكاء على هذا الحال".
كما عارض ياري اسكينز, المرشح لمنصب الحاكم, هذا الإجراء, قائلًا : "أعتقد أننا بحاجة حقًا للتعامل مع هذه الأشياء, حيث إن معظم القوانين الأمريكية تستند على القوانين الإنجليزية, وهذا ما كنت قد طالعته في ملاحظاتي القديمة من كلية الحقوق".
كما هاجمت صحيفة ديلي أوكلاهوما هذا الإجراء, على اعتبار أنه يسِم جميع المسلمين بالتطرف، ويحاول تخريب قوانين الولايات المتحدة, ويسعى لتهميش المواطنين المسلمين في الدولة.
كما تبرأ "تشاك ثورنتون", نائب المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية الأمريكية في ولاية أوكلاهوما، من هذه الخطوة، مؤكدًا في مؤتمر صحفي مع المدير التنفيذي لـ (كير) "أن اتحاد الحريات المدنية لا يشارك في هذا الأجراء, بل ينبغي على لجنة الحريات مجابهته ومعارضته بقوة"، مضيفًا: "إنها محاولة لتشويه صورة المسلمين في أمريكا".
كما أيد ناثنيل باتشلدر, الرئيس المشارك لرابطة حقوق الإنسان في أوكلاهوما, ما ذهب إليه "ثورنتون"، واصفًا الإجراء بأنه "صفعة تهدف إلى تأجيج مشاعر الكراهية لدى الناخبين الأمريكيين ضد المسلمين في الولايات المتحدة".
وبين الدفاع والمعارضة، يبقى مسلمو أمريكا هم الضحية التي تُقَدَّم قربانًا على المذبح كلما اقتربت انتخابات أمريكية. حسن شعيب